من فنون الربابة وآلات العزف

من فنون الربابة وآلات العزف
 أجزاء الربابة:

الهيكل

عصا طويلة هي عنق الربابة التي يركب عليها الوتر الوحيد ومثبت أسفلها طارة الربابة وفي أعلاها مجرى يثبت بها الكراب الذي يعمل على شد الوتر من أسفل العصا لأعلاها ماراً بطارة الربابة.

طارة الربابة

وظيفتها تكبير الذبذبات الناتجة عن الوتر المشدود عليها. وهي عبارة عن كتلة خشبية مفرغة يتم شد جلد ماعز أو غزال من جهة والجهة الأخرى تثقب. وأفضل الجلود التي تصنع منها جلد الذئب.

السبيب

أي الوتر وهو مجموعة من شعر ذيل الحصان ويصنع منه وتر الربابة ووتر القوس ويجمع ويثبت بواسطة خيوط متينة.

الكَراب

هو قطعة خشبية تثبت بأعلى العصا يتم بها شد وتر الربابة إلى الدرجة المطلوبة.

القوس

يصنع في الغالب من عود الرمان أو الخيزران لمرونته ويشد عليه وتر آخر.

الغزال

قطعة خشب رفيعة توضع تحت الوتر من أسفل لترفعه عن الطارة حتى لا يلامسها عند العزف والضغط عليه.

المخدة

قطعة قماش صغيرة توضع تحت الوتر من أعلى لترفع الوتر عن ساق الربابة ووظيفتها كوظيفة الغزال في الجهة المقابلة. 

المجموعات التي تصاحب الآلة

تلك الآلة تقتصر على مصاحبة الصوت البشري سواء الغناء أو الإنشاد أو السيرة الشعبية. وأحياناً تقوم بالعزف يصاحبها آلات أخرى مثل الرق أو السلامية أو الدربوكة أو آلات ربابة أخرى متباينة الحجم.

وللربابة أنواع من (الجرّات) وأهمها:

الهلالي – المسحوب – المنكوس – الهجيني – الصخري – الفراقي.

  -    أما أشهر ألحان وجرّات الربابة التي أدّيت في البحرين فهي الهلالي والمسحوب والصخري والفراقي.

فالهلالي هو الذي تستخدم فيه القصائد ذات القافية الواحدة التي أكثر من استعمالها ونظمها شعراء بني هلال أصحاب التغريبة الشهيرة، فنسب إليهم هذا النمط من الشعر .

أما المسحوب فهو من الشعر ذي القافيتين،  في كل مصراع قافية، ومن أشهر قصائد المسحوب التي تستعمل في البحرين قصيدة (يا جر قلبي جر لدن الغصوني) التي تنسب للشاعر الدجيما.

أما الصخري فينسب إلى قبيلة بني صخر في بادية الأردن لأن عازفي الربابة فيها يكثرون من استعمال هذه الجرة. ويستعمل فيها الشعر الحزين الذي يؤثر في العواطف فيثير الشجن.

وبالنسبة للفراقي فهو قريب من الصخري، بيد أن الشعر المستعمل فيه ينصب على موضوع الفراق وفقد الأحباب، والصخري والفراقي يستخدم فيهما الشعر ذو القافيتين وإن تفاوتت الأوزان الشعرية

وقد عرف العالم الإسلامي سبعة أشكال لتلك الآلة الوترية:

1.    المربع          2.    المدوّر

3.    القارب        4.    الكمثريّ

5.    نصف الكُروي    6.    الطنبوري

7.    الصندوق المكشوف...

 سهرة الربابة تراث عربي في البادية مشهور أكثر من أي بيئة أخرى، وكان يجتمع الرجال في ديوان القبيلة أو العشيرة بعد العصر يسامرون فيه ويتناقشون ويتحدثون ويقصون القصص والحكايات والروايات والسواليف وكل يدلو بدلوه حول موضوع معين من موضوعاتهم وحواديثهم الكثيرة، والتي لها أول وليس لها آخر.. 

ون بين تلك القصص والسواليف لابد من سماع الربابة، والتي تتناول قصة أو موضوع فيه من المدح للرجال والفرسان والأبطال الأكارم والأجاويد، وفيه من ذم أهل الغدر والخيانة والبخل، وفيها من الفخر والاعتزاز، وفيها من الهجاء وفيها من الرثاء والتذمر والاستياء، وفيها من الكلمات والمصطلحات العربية التراثية، وفيها من الطرب والسرور وفيها من الحب والعشق وفيها من النصائح والحكم وقصص العبرة والعظة..


أكثر جلسات وسهرات الربابة تكون في فصل الربيع والصيف والليالي القمراء في بوادي العرب الجميلة، وفي المناسبات الخاصة والعامة كالأفراح والاحتفالات بختان الصبيان والإحتفالات بالنجاح والإنجازات والعودة من الحج والسفر، والأعياد الرسمية الدينية كعيد الفطر وعيد الأضحى، ومواسم الحصاد والرعي والمناسبات القومية والوطنية..


عازف الربابة شاعر متمرس محنك قوي ولبق ذو شخصية وهيبة لديه ثقافة واسعة، يحترمه الجميع ويمنحونه الثقة والمحبة والتقدير فهو قد يكون فارساً من فرسان القبيلة أو وجيها من وجهائها أو شيخاً من شيوخها، وصاحب نخوة وشهامة وكرم، يهابه الجميع داخل قبيلته وفي خارجها فهو اضافة لما سبق سفير بين القبائل ورجل إعلام في عصره يخبر عن وقائع وأحداث الناس فما تستحق المدح يمدحها ويشيد بها، وما تستحق الذم والهجاء يذمها ويهجوها ويندد بها، ولذلك يحرص الجميع على أن يظهروا محاسن أخلاقهم وجمال طبائعهم وصورهم ومظاهرهم ومخافة اللوم وانكاس الهيبة بين الناس وبين القبائل..


الجميع يستمع باصغاء وتفاعل مع قصائد وأشعار الربابة باعتبارها إرث وتراث ثقافي وتاريخي مشهور له صيت واسع بين قبائل العرب جميعها، والكل يعمل على تعلمها من صغرهم ومحاولة اتقانها ففي ذلك العصر القديم تقام جلسات لتعلمها على أيدي الخبراء في ديار العشيرة ويكاد لا يخلوا بيت من البيوت منها، كما أنها ترافقهم في رحلاتهم القريبة والبعيدة يطربون أنفسهم بسماعها ويرسلون رسائلهم من خلالها، حيث ينقلها كل من سمع منها مقاطع إخبارية أو إعلامية فتصل إلى غايتها، إنها محطة إذاعية في ذلك الوقت بلا منازع، ومحطة ثقافية أيضاً حيث يقال فيها قصائد ذات طابع ثقافي عظيم مثل غزوات الجهاد والحروب والوقائع والسيرة والقصص الدينية وقصص الأنبياء والصحابة والصالحين، وقصص العرب العظيمة القديمة منها والحديثة مثل قصص الحروب الجاهلية (أيام العرب) كقصص كليب وجساس والزير سالم وعنترة بن شداد وإمرؤ القيس وكذلك قصص العصر الأيوبي والفاطمي مثل دلهمة والبطال والسيرة الهلالية وما بها من أبطال وفرسان وحوادث وما شابه ذلك من قصص قديمة وحديثة ..

ويحافظ الشعراء دائما وأبداً من خلال أغاني الربابة على نشر التوعية والنصائح وبناء الشباب والفتية لخوض معارك الحياة وتذليل العقبات وبلوغ المقاصد والأهداف وتعزيز القيم والمبادئ العالية والنبيلة ..

آلات العزف التراثية الآخرى المشهورة في التراث الشعبي :

اليرغول: هو آلة موسيقية قديمة كان يستخدمها المصريون القدماء ومازال استخدامها شائعاً في مصر والشام ويختلف شكلها حسب المناطق. تعد هذه الآلة من الآلات الهوائية، أي يعزف عليها بواسطة النفخ بها لإصدار صوت جميل. تُصنع هذه الآلة من نبات الغاب. يتكون الأرغول في الغالب من قصبتين مربوطتين واحدة بجانب الأخرى.

المقرون: هو نايٌ ذو أنبوبتين يُصنع من عيدان البوص المجوفة، وهاتان الأنبوبتان متوازيتان ومقرونتان الواحدة منهما بالأخرى بخيوط متينة تُلَفُّ على القصبتين من الأسفل والأعلى، وقد جاء اسم المقرون من قَرْنِ القصبتين ببعضهما كما ذكرنا.

وللمقرون كما للشبّابة ستة ثقوب في كل قصبة من قصباته، تبعد عن بعضها بمقدار ما يبعد الإصبع عن الآخر أو أكثر بقليل.

أما أجزاء المقرون فهي:

1- القَصَبَات: وهما الأنبوبتان الطويلتان المثقوبتان والمقرونتان ببعضهما كما ذكرنا.

2- العَزَبَات: وهما أنبوبتان قصيرتان رفيعتان بطول 6 أو 7 سم، تُثبّتان في أعلى القصبتين، وتسمى الواحدة منهما عَزَبَة، والجمع عَزَبَات، والعَزَبَة في لغة العامة هي المرأة الثيّب التي لا زوج لها.

3- البُنَيَّات: هما زمّارتان رفيعتان من نفس عود القصب تُقْطع الواحدة منهما من فوق عقدة العود فتكون مغلقة من الأعلى ومُجوّفةً من الأسفل، وتُشقّ في طرفها من الأعلى فيما يشبه اللسان، وتوضع أحياناً شعرة تحت أعلى هذا اللسان حتى تسمح بمرور الهواء وخروج الصوت والصفير.

والبْنَيَّات جمع لكلمة بْنَـيَّة وهي البُنَيَّة، وهي هنا تصغير لكلمة بنت، وتُربط كلّ واحدة من الزمارتين بخيط يُشْبكُ في قصبتي العزبات للحفاظ عليهما من السقوط والضياع.

ويتم العزف على المقرون بإدخال الزمارتين إلى داخل الفم والنفخ فيهما، والتبديل بالأصابع وتحريكها حتى يستقيم اللحن ويصل العازف إلى النغمة التي يريدها.

 والعازف على المقرون بحاجة إلى نَفَسٍ طويل، أما من يستطيع أن يتنفّس أثناء النفخ ودون أن يقطع العزف فيقال عنه إنه "يعرف يَرُدّ على المقرون"، وهناك نغمة تشبه تكرار كلمة "بِلْ بِلْ" كان أبي عندما يسمعها يقول لي: انتبه انه الآن يَرُدّ على المقرون أي يتنفس أثناء النفخ.

 ونغمة المقرون أقرب إلى الطرب منها إلى الألحان الأخرى، ولذلك نراهم يستعملونه في مناسبات السَّمَر والأعراس، وإن كانت لا تخلو بعض ألحانه من مسحة حزن ينتزعها العازف من أعماقه ويذيبها في ألحان المقرون الهادئة.

الشبابة: آلةٌ موسيقية نفخيّة عبارة عن أنبوبةٍ مُجَوَّفة من القصب أو المعدن، وطولها نحو نصف متر أو أقلّ بقليل، ولها ستة ثقوب تبعد عن بعضها بمقدار ما يبعد الإصبع عن الآخر أو أكثر بقليل.

تشبه الناي في شكلها وعرفت باسم «القصيبة» في شمالي «الجولان» وعند البدو والتركمان، كما عرفت باسم «الكعيبة» أو «الشعيبة» عند التلاوية في منطقة «البطيحة»

السمسمية: هي آلة وترية ذات خمسة أوتار معدنية رفيعة، يُضرب عليها بريشة كما يضرب على العود ويبدّل عليها بالأصابع حتى يخرج اللحن الذي يريده العازف. صوتها رقيق وملائم للأعراس والمناسبات السعيدة.

والسمسميّة أكثر ما تستعمل عند البدو في سيناء، ولم تكن تستعمل في النقب، ولكنها انتشرت بعد ذلك حيث جاءت مع القبائل الذين يعود أصلهم إلى سيناء. وما زال بعضهم يصطحبها في سيارته ويخرج بها إلى الخلاء ويعزف عليها حتى تروق نفسه ويهدأ باله مبتعداً عن هموم المادة وضغوط الحياة المختلفة.

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم