يعني: وتصير البطون عمائر والافخاذ بطونا والفصائل افخاذًا والحادث من النسب بعد ذلك فصائل.
الثاني: قد ذكر الجوهري أن القبائل هي بنو أب واحد. (هذا أساس النشأة والتكوين، وليس أساسا التمدد والزحف والتوسع)
وقال ابن حزم: جميع قبائل العرب راجعة إلى أب واحد سوى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان فان كان كل قبيلة منها مجتمعة من عدة بطون وسيأتي بيان ذلك في الكلام على كل قبيلة من هذه القبائل الثلاث في موضعه إن شاء الله تعالى.
نعم الأب الواحد قد يكون أبًا لعدة بطون ثم أبو القبيلة قد يكون له عدة أولاد فيحدث عن بعضهم قبيلة أو قبائل فينسب إليه من هو منهم ويبقى بعضهم بلا ولد أو يولد له ولم يشتهر ولده فينسب إلى القبيلة الأولى.
الثالث: إذا اشتمل النسب على طبقتين فأكثر كهاشم وقريش ومضر وعدنان جاز لمن في الدرجة الأخيرة من النسب أن ينتسب إلى الجميع فيجوز لبني هاشم أن ينتسبوا إلى هاشم وإلى قريش وإلى مضر وإلى عدنان فيقال في أحدهم الهاشمي ويقال فيه القرشي والمضري والعدناني بل قد قال الجوهري: إن النسبة إلى الأعلى تغني عن النسبة إلى الأسفل فاذا قلت في النسبة إلى كلب بن وبرة الكلبي: استغنيت عن أن تنسبه إلى شيء من أصوله وذكر غيره أنه يجوز الجمع في النسب بين الطبقة العيا والطبقة السفلى ثم يرى بعضهم تقديم العليا على السفلى مثل أن يقال في النسب إلى عثمان بن عفان الأموي العثماني وبعضهم يرى تقديم السفلى على العليا فيقال العثماني الأموي.
الرابع: قد ينظم الرجل إلى غير قبيلته بالحلف والموالاة فينتسب اليهم فيقال فلان حليف بني فلان أو مولاهم كما يقال في البخاري الجعفي مولاهم ونحوذلك.
الخامس: إذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل في قبيلة أخرى جاز أن ينتسب إلى فبيلته الأولى وأن ينتسب إلى القبيلة التي دخل فيها وأن ينتسب إلى القبيلتين جميعًا مثل أن يقال التميمي ثم الوائلي أو الوائلي ثم التميمي وما أشبه ذلك.
السادس: القبائل في الغالب تسمى الأب الوالد للقبيلة كربيعة ومضر والأوس والخزرج ونحو ذلك وقد تسمى القبيلة باسم أم القبيلة كخندف وبجيلة ونحوهما وقد تسمى باسم خاص ونحو ذلك وقد تسمى القبيلة بغير هذا وربما وقع اللقب على القبيلة بحدوث سبب كغسان حيث نزلوا على ماء يسمى غسان فسموا به كما سيأتي بيانه عند ذكر قبيلتهم في حرف الغين المعجمة إن شاء الله وربما وقع اللقب على الواحد منهم فسموا به وقيل غير ذلك على ما سيأتي ذكره فيما يقال بلفظ الجمع في الألف واللام مع الراء المهملة إن شاء الله تعالى.
السابع: أسماء القبائل في اصطلاح العرب على خمسة أضرب: أولها: أن يطلق على القبيلة لفظة الأب كعاد وثمود ومدين ومن شاكلهم وبذلك ورد القرآن كقوله تعالى: " وإلى عاد وإلى ثمود وإلى مدين " يريد بني عاد وبني ثمود ونحو ذلك وأكثر ما يكون ذلك في الشعوب والقبائل العظام لا سيما في الأزمان المتقدمة بخلاف البطون والافخاذ ونحوهما.
وثانيهما: أن يطلق على القبيلة لفظ البنوة فيقال بنو فلان وأكثر ما يكون ذلك في البطون والافخاذ والقبائل الصغار لا سيما في الازمان المتأخرة.
وثالثهما: أن ترد القبيلة بلفظ الجمع مع الألف واللام كالطالبيين والجعافرة ونحوهما وأكثر ما يكون ذلك في المتأخرين دون غيرهم.
ورابعهما: أن يعبر عنها بآل فلان كآل ربيعة وآل فضل وآل علي وما أشبه ذلك وأكثر ما يكون ذلك في الأزمنة المتأخرة لا سيما في عرب الشام في زماننا والمراد بالآل الأهل.
الثامن: غالب أسماء العرب منقولة عما يدور في خزانة خيالهم مما يخالطونه ويجاورونه أما من الحيوان كأسد ونمر وأما من النبات كنبت وخنظلة وأما من الحشرات كحية وحنس وأما من أجزاء الأرض كفهر وصخر ونحو ذلك.
التاسع: الغالب على العرب تسمية أبنائهم بمكروه الأسماء ككلب وحنظلة وضرار وحرب وما أشبه ذلك وتسمية عبيدهم بمحبوب الأسماء كفلاح ونجاح ونحوهما والمعنى في ذلك ما يحكى أنه قيل لأبي القيس الكلابي لم تسمون أبناءكم بشر الاسماء نحو كلب وذئب وعبيدكم بأحسن الاسماء نحو مرزوق ورباح.
فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وعبيدنا لأنفسنا.
يريد أن الأبناء معدة للأعداء فاختاروا لهم شر الأسماء والعبيد معدة لأنفسهم فاختاروا لهم خير الأسماء.
العاشر: إذا كان في القبيلة اسمان متوافقان كالحارث والحارث وكالخزرج والخزرج وما أشبه ذلك واحداهما من ولد الآخر أو بعده في الوجود عبروا عن الوالد والسابق منهما بالأكبر وعن الوالد والمتأخر منهما بالأصغر وربما وقع ذلك في الأخوين إذا كان أحدهما أكبر من الآخر.
[ من كتاب نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب، القلقشندي]
أقرأ عن فوائد علم الأنساب
التسميات :
الثقافة