قصة بني عامر مع النبي صلى الله عليه وسلم

هذه الحكاية تقص علينا ما وقع بين النبي صلى الله عليه وسلم مع قبيلة بني عامر بن صعصعة القيسية في بداية الدعوة للإسلام:

روى عبد الرحمن العامري، عن أشياخٌ من قومه، قالوا:
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن بسوق عكاظ، فقال ممن القوم:
قلنا من بني عامر بن صعصعة، قال من أي بني عامر؟ قلنا بني كعب بن ربيعة، قال:
كيف المنعة فيكم؟ قلنا لا يرام ما قبلنا، ولا يصطلى بنارنا! فقال: 
" إني رسول الله، فإن أتيتكم تمنعوني حتى أُبلغ رسالة ربي، ولم أكره أحداً منكم على شيء؟" قالوا:
ومن أي قريش أنت ؟ قال: من بني عبد المطلب، قالوا: فأين أنت من بني عبد مناف؟ قال: هم أول 
كذبني وطردني، قالوا: ولكنا لا نطردك ولا نؤمن بك، ولا نمنعك أن تبلغ رسالة ربك.
فنزل إليهم والقوم يتسوقون، إذ أتاهم بُجرة بن قيس القشيري، فقال من هذا الذي أراه عندكم أنكره، قالوا:
هذا محمد بن عبد الله القرشي، قال: وما لكم وله؟ قالوا:
زعم لنا أنه رسول الله ويطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلغ رسالة ربه، قال:
فماذا رددتم عليه؟ قالوا:
قلنا على الرحب والسعة؛ نخرجك إلى بلادنا، ونمنعك مما نمنع منه أنفسنا، قال بُجرة القشيري: 
ما أعلم أحدا من هذه السوق يرجع بشيء أشر من شيء ترجعون به، بدأتم لتنابذكم الناس، وترميكم العرب عن قوس واحدة،
قومه أعلم به، لو آنسوا به خيراً لكانوا أسعد الناس به، تعمدون إلى مرهق قد طرده قومه وكذبوه فتؤوونه! فبئس الرأي ما رأيتم!
ثم أقبل على رسول الله فقال: قمُ، ألحق بقومك، فوالله لولا أنك عند قومي لضربتُ عنقك!
فقام رسول الله إلى ناقته فركبها، فغمزها بجرة فقمصت برسول الله صلى الله عليه وسلم فألقته، وعند بني عامر يومئذ ضباعة بنت عامر بن قرط، وكانت من النسوة اللاتي أسلمنَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، جاءت زائرة إلى بني عمها، فقالت يا آل عامر: أيصنع هذا برسول الله بين أظهركم لا يمنعه أحدٌ منكم، فقام ثلاثة من بني عمها إلى بُجرة وثلاثة أعانوه، فأخذ كل رجل منهم رجلاً، فجلد به الأرض، ثم جلس على صدره، فقال رسول الله:
اللهم باك على هؤلاء، والعن هؤلاء.
فلما صدر الناسُ رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم، قد أدركته السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم الموسم، فكانوا إذا رجعوا حدثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلما قدموا عليه سألهم عمن كان في الموسم، فقالوا:
جاءنا فتى من قريش، ثم حدث أنه أحد بني عبد المطلب، يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه، ونخرج به معنا إلى بلادنا، فوضع الشيخ يده على رأسه، ثم قال:
يا بني عامر! هل لها من تلاف؟ هل لذناباها تطلب؟ فوالذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيليٌّ قط، ألا إنها الحق، فأين كان رأيكم!
المرجع/

قصص العرب، موسوعة تراثية جامعة لقصص ونوادر وطرائف العرب في العصر الجاهلي والإسلامي، ج3، ص447-448
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم