قوافل قبيلة بني عامر

قوافل بني عامر
قبيلة بني عامر التي كانت قد تمركزت في شمال فلسطين هي جزء أصيل من عموم قبائل بني عامر بن صعصعة والتي تكونت لهم عدة ممالك وامارات في الخليج والعراق والشام ومصر، حيث نزلوا في أفضل وأخصب السهول الداخلية والذي عرف نسبة لهم، وذلك في القرن السابع الميلادي، أي قبل 1300 سنة من الآن. وبذلك فهو عمق تاريخي عربي فخر لكل شعب فلسطين والأمة العربية والإسلامية، وكان هذا السهل المهم واقع على أهم الطرق التجارية البرية التي تربط شمال فلسطين بجنوب سوريا..
وكانت قوافل بني عامر تسير ليل نهار، إذ كانوا من أكثر قبائل العرب اقتناءاً للأبل، وقبيلة بني عامر بن صعصعة بالذات كانت من أقدم قبائل العرب قاطبة وأخبرهم علماً وأكثرهم خبرة وترويضاً للأبل، وذلك كونها أول وأقدم القبائل العربية تحركاً في صحراوات العرب حيث جابت شبه الجزيرة العربية من جنوبها وحتى شمالها، وكان من أهم محطات سيرها :
" اليمن، حضرموت، صحار، عمان، البحرين، الحيرة والأنبار، دمشق والبلقاء وتدمر ومعان وغزة ويافا وتبوك وإيلة والعريش في سيناء ومصر في الصعيد والجيزة ودمياط والبحيرة والاسكندرية والقاهرة وبلبيس وعيذاب وحلوان والمنيا وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والأندلس"
كانت قبيلة بني عامر منذ العام 715م في فلسطين بمرج بني عامر والرملة واللد وسهل البقاع وحمص وحلب في سوريا، وكانت قوافلها تسيرعبر تلك المناطق مسافات طويلة، ويقتضى التنويه هنا بأن الاسم العام هم بني عامر بن صعصعة، لكنها تنقسم إلى قبائل متعددة منها خفاجة والمنتفق وبني عامر، يعني اسم بني عامر مكرر فهو فرع من الأصل، أو بطن من القبيلة الأم..
وقد عملت قبيلة بني عامر في زمن القرامطة على حماية دولتهم من خلال توليهم حراسة الإحساء والطرق المؤدية إليها وكانوا يتقاضون لقاء ذلك تعويضاً من الحبوب والتمور [ كتاب البدو، ج3، ص193] وفي عام 1090م هاجمت قبيلة بني عامر منطقة البصرة ونهبتها وذلك بسبب ما تعرضت له من مضايقات، وفي العام 1192م هاجمت البصرة مرة أخرى وتصدت لها القوات الحكومية لكنها لم تتمكن من الصمود في وجه قبيلة بني عامر فانهزمت وسيطرت القبيلة على البصرة ثم خرجت لها قبيلة خفاجة وقبيلة المنتفق لقتال بني عامر وكان النصر فيها حليف بني عامر، وفي العام 1212م قاتلت بني عامر في القطيف ضد الأمير محمد بسبب مواقفه من قبيلة بني عامر، وفي العام 1253م كانت قبيلة بني عصفور من بني عامر تحكم منطقة الإحساء، وفي العام 1270م لمع صيت قبيلة آل شيبانة والقديمات من بني عامر، وفي العام 1272م أرسلت قبيلة بني عامر وفدا إلى السلطان الظاهر بيبرس في القاهرة من أجل البقاء على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ من قبل قطعان المغول، وفي أعوام 1293م - 1340م كانت قوافل بني عامر تهبط مصر وتنزل القاهرة لأغراض تجارية، وكانت قبيلة عرب الفضل من بني ربيعة تساند قبيلة بني عامر وتعمل في حماية هذه القوافل، وفي بعض الأحيان كانت تحدث مشاحنات بين قبيلة بني عامر وعرب الفضل ومن  أمثلتها ما وقع سنة 1318م [ ص194-196 البدو ج3]
حوادث بني عامر الأخيرة التي وقعت قبل اختفاء دورها:
كانت قوة بني عامر قد ازدهرت في القرن الرابع عشر، لينتقل بعدها الدور الأهم لبني جبر احدى بطون بني عامر وأصبح الجبور حكام الإحساء وحكم أحد الجبور البحرين فترة قصيرة  ايضاً.
استيلاء العثمانيون على أقليم الإحساء الذي كانت فيه إمارة قبيلة بني عامر وكان آخرها إمارة بني جبر من عام 1416م - 1548م، ثم تولت بعدهم بني خالد وكان زعيمهم من الحميدات [ 2- موسوعة مقاتل من الصحراء]
اختفاء دور قبيلة بني عامر سنة 1591م  وبعد هذا التاريخ ساندت قبيلة بني عامر التي كانت متواجدة في جنوب غرب سوريا، ساندت آل طرباي زعماء عرب الحوارث في السهل الساحلي الفلسطيني حتى  عام 1677م
محطات قوافل بني عامر
كانت قوافل بني عامر في الشام تسير في هذه المحطات:
طبريا والمرج ثم تعبر قلنسوة ثم تدخل إلى الرملة ثم أسدود ثم تدخل غزة ثم العريش ثم الواردة ثم أم العرب ومنها تعبر الفرما وثم موقع يقال له جرير ثم القاصرة ثم مسجد قضاعة ومنه إلى بلبيس ثم الفسطاط، وقد كانت القافلة المتجهة إلى دمشق تنطلق من اللد لتصل دمشق خلال 4 أيام، ومن دمشق إلى حلب 10 أيام، وكانت قطية في سيناء من أهم المواقع القديمة التي كانت مقرا لقوافل بني عامر والتي عرفت في زمن المماليك بدرب قوافل المغاربة نظراً لوجودها في مغارب البلاد، وكانت قوافل بني عامر التي تسير في الجهات الشرقية تعرف بقوافل المشارقة.
حمولة القوافل:
كانت قوافل بني عامر التي تنطلق من سواحل الخليج العربي تحمل معها اللؤلؤ والأقمشة والجلود والمصنوعات اليدوية والخيول الأصيلة والأحجار الكريمة والتمر، أما القوافل التي تنطلق من مرج بني عامر فكانت تحمل القمح والشعير والسمسم وزيت الزيتون  والمجففات والجلود والأخشاب، وكانت القوافل القادمة إلى الشام والعائدة إلى الخليج تشحن من مصر بالأسلحة كالسيوف والخناجر والملبوسات والمصنوعات النحاسية والذرة والفول والبخور والبن، وكانت هذه القوافل تجلب الكثير من الأموال والأرباح لذا يعتبر العاملون فيها من الطبقة الغنية عند العرب، كما كان عدد رؤوس الإبل هو المعيار الوحيد الدال على مستوى دخل الشخص أو القبيلة، فالقبيلة التي تمتلك عددا هائلاً من رؤوس الإبل هي القبيلة الغنية بالطبع مما يؤهلها للدور السياسي والاقتصادي وكانت قبيلة بني عامر صاحبة الباع الطويل في هذا المجال في كل من الخليج العربي والشام ومصر وكانت مواقع مضاربها دائماً تحتل أهمية استراتيجية.
وكانت القافلة الواحدة تتكون من الإبل والبغال والحمير وكلاب السلق ويسير مع القافلة خيالة وهجانة وخدم ولكل منهم دوره الخاص في هذه الرحلات التجارية والتي تصل بعضها إلى نحو 20 يوماً وأكثر، وتسمى القافلة التجارية " الميري" وهي التي تخرج لجلب البضائع من الأسواق، أما القافلة التي تخرج من أجل التزود بالمواد الغذائية تسمى الركابا، ويطلق العوامرة عدة أسماء على الإبل ومنها: الذلول، الركائب "الركوبة"، القلوص، المطايا، والشول.
  1. أقرأ أيضاً قصة بني عامر في جباية الرسوم
  2. وإقرأ أيضاً المكوس والرسوم التي كانت في العهد الأخير من تاريخ قبيلة بني عامر
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم