الدورة المناخية

الدورة المناخية
مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - هناك فرق بين الطقس والمناخ، والفرق الرئيسي بينهما، هو أن حالة الطقس عبارة عن نشرة أخبار تصف الظواهر الجوية في المنطقة لمدة قصيرة ما بين 3 أو 10 أيام، بينما المناخ يصف الظواهر الجوية السائدة في المنطقة لمدة أكثر من 30 سنة، ومن هنا فإن الدورة المناخية عمرها من 30 إلى 35 سنة، لأن هذه المدة هي التي يمكن أن تحدث فيها احتمالات الشذوذ في أحوال المناخ المختلفة، ويمكن من دراسة متوسطات الحالة الجوية لهذه الفترة أن نخرج بأحسن النتائج، وقد اقترح بروكنر Bruckner هذه المدة؛ لأنه وجد أن هناك دورة مناخية تحدث كل ٣٥ سنة تتعرض فيها المناطق المختلفة لجميع أحوال الظروف المناخية العادية منها والشاذة..

الدورة المناخية:

يرجح أن كلمة "المناخ" قد اشتقت من إناخة الإبل، إذ إن أساس المفاضلة بين الأماكن المختلفة التي كان البدوي ينيخ فيها إبله هو حالة الجو، ومن هنا أصبح العربي يقول مناخنا رطب أو ظليل أي أن مكان إناخة الإبل يتميز برطوبته أو ظله. ثم انتقل معنى المناخ إلى حالة الجو. ويطلق على المناخ في اللغة الإنجليزية Climate وقد اشتقت هذه الكلمة من الخطوط التي ابتكرها هيباركوس Hipparchus سنة ١٤٠ ق. م وأطلق على كل خط منها Klima، وقسمت هذه الخطوط العرضية الخريطة وكان الفرق بين كل خط وآخر نصف ساعة من حيث طول النهار في ٢١ يونيو "الانقلاب الصيفي".
وتعتمد دراسة المناخ على علم الأرصاد الطبيعية الجوية، ودراسة ومتابعة المغيرات في الظواهر الجوية، وعناصر المناخ ومتابعة خرائط المناخ المحلية والدولية لأنها توضح الحالة المناخية في منطقة على أساس متوسطات قياس الظاهرات المناخية خلال مدة طويلة تكون في الغالب ثلاثين عاما على الأقل. ومن ضمن عناصر المناخ التي تمثلها هذه الخرائط: المطر من حيث كميات ومواسم سقوطه، ودرجات الحرارة، واتجاهات الرياح ومناطق الضغط الجوي..
وهذه العناصر هي المسؤولة عن احداث التغييرات المناخية، لعلاقتها المباشرة بمجموعة من العوامل الأخرى التي تعمل جميعها على احداث متغييرات في المناخ والنبات والبيئة ..

الأمر الأكثر خطراً:

ليس للعوامل الطبيعية خطورة كبيرة، لأنها تبقى خاضعة للمعادلات الفيزيائية الطبيعية، ولكن الخطورة تكمن في العوامل البشرية التي ساهمت منذ نحو 200 سنة مساهمة فعلية بتغيير درجة حرارة الغلاف الجوي، بسبب الانبعاثات الغازية المستمرة الناجمة عن حرق الوقود الاحفوري كالنفط والفحم والغاز، والتي تسبب الاحتباس الحراري الذي يعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
وهناك مجموعة أخرى من النشاطات البشرية السيئة والخاطئة والتي تساهم في احداث تغييرات مناخية، منها القضاء على مساحات واسعة من الغابات الطبيعية مما يؤدي إلى اختلال النظام البيئي، وارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون بنسب اضافية لما تسببه المنشآت الصناعية الكبيرة وعوادم السيارات والصناعات النفطية والطاقة وغيرها، اضافة ايضا لارتفاع نسبة غاز الميثان وما شابه ذلك من غازات تسبب الاحتباس الحراري..
حيث نلاحظ الارتفاع المستمر لدرجة الحرارة عما كان سائداً في الدورات المناخية السابقة، مما ينذر بوجود تغييرات مناخية فعلية وحقيقية قادمة لا محال من ذلك ..

أهم الظواهر والعلامات المناخية التي تدل على وجود تغير مناخي :

1- انزياح موعد فترة سقوط الأمطار المعتادة عن موعدها الطبيعي بنحو شهر ، وتغير في كمية الأمطار اما بالزيادة أو النقصان، وكذلك حدوث تغييرات في الظواهر الجوية الخاصة بفصول السنة..
2- تغير فترة ازهار النباتات عن موسمها الطبيعي أو نضوج الثمار في غير موعدها، بالتقديم أو التأخير.. وانقراض بعض المحاصيل والنباتات السائدة..
3- ظهور أمراض وفيروسات ضارة بالنباتات والمحاصيل الزراعية..
4- وجود تغير في نشاط الكائنات الحية والطيور البرية السائدة..
5- تغير في اتجاه الرياح وسرعتها ومواعيدها .
6- ازدياد في مدة الجفاف وارتفاع في نسبة التصحر.
7- ارتفاع نسبة ذوبان المناطق الجليدية ..
8- ارتفاع منسوب مياه البحار، وتآكل الشواطئ..
9- ارتفاع نسبة ملوحة المياه الجوفية..
10- ظهور انشطة جديدة لحركات القشرة الأرضية..

هل نحن اليوم نعيش تغير مناخي حقيقي..؟!

1- نشرت الأمم المتحدة تقاريرا حول ذلك جاء في احداها ما يلي:

يكتشف أحدث تقرير علمي صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تغيرات في مناخ الأرض في كل منطقة من مناطق العالم وشاملا لكامل النظام المناخي. ولم يسبق لعديد هذه التغييرات مثيل في مئات السنين، إن لم يكن مئات الآلاف من السنين. وبعض تلك التغيرات — مثل الارتفاع المستمر في مستوى سطح البحر — هي تغيرات لا رجوع فيها لمئات وربما آلاف السنين.
يذكر التقرير بوضوح أن دور التأثير البشري في النظام المناخي لا جدال فيه. كما يُظهر أن الإجراءات البشرية لم تزل لديها القدرة على تحديد المسار المستقبلي للمناخ، مشيرًا إلى الخفض الكبير والمتواصل في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى للحد من تغير المناخ. وستتحقق فوائد جودة الهواء بسرعة، في حين أن درجات الحرارة العالمية ستستغرق من 20 إلى 30 عامًا لتستقر.
التقرير، الذي أصدرته مجموعة العمل الأولى التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ووافقت عليه 195 حكومة عضو، هو الأول في سلسلة ستسوق إلى تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2022. ويتضمن التقرير كذلك نظرة فاحصة على الأبعاد الإقليمية لتغير المناخ ويبني على التقدم المحرز في عزو ظواهر الطقس والمناخ المحددة إلى تغير المناخ..

2- الاحترار العالمي من 1.5 درجة مئوية:

في تشرين الأول/أكتوبر 2018، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريرا خاصا عن تأثيرات الاحترار العالمي البالغ 1.5 درجة مئوية، حيث توصلت إلى أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية سيتطلب تغييرات سريعة بعيدة المدى وغير مسبوقة في جميع جوانب المجتمع، حسبما ذكرت الهيئة في تقييم جديد. مع فوائد واضحة للناس والنظم البيئية الطبيعية، وجد التقرير أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية يمكن أن يسير جنبا إلى جنب مع ضمان مجتمع أكثر استدامة وعدالة. في حين ركزت التقديرات السابقة على تقدير الأضرار إذا ارتفع متوسط درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين ..
يسلط التقرير الضوء على عدد من تأثيرات تغير المناخ التي يمكن تجنبها عن طريق الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية أو أكثر. على سبيل المثال، بحلول عام 2100، سيكون إرتفاع مستوى سطح البحر العالمي أقل بمقدار 10 سم مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية.

3- الانعكاسات:

لا جدال في الأثر المدمر للتغيرات المناخية، فقد شهدت الأرض خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الـ21 ظواهر مناخية لم تشهدها من قبل في عنفها وتدميرها. ومكمن الخطر أن هذه الظواهر (براكين وفيضانات وأمطار غزيرة وأعاصير..) تقضي لدى مرورها على آلاف الأنواع من النباتات والحيوانات الدقيقة، وهو ما يمس بشكلٍ مدمر دورة حياة الأرض والتنوع البيئي.
وقد حذرت دراسات عدة من أن نصف الأنواع النباتية الموجودة على الأرض ستكون مهددة بالانقراض في 2080 إذا استمرت تغيرات المناخ على الوتيرة ذاتها.
وللتغيرات المناخية تأثير مدمر على البيئة البحرية، فالمد البحري (تسونامي) يُدمر البيئة البحرية بشكل شامل، ومعروفة هي هشاشة البيئة البحرية والمدة الطويلة التي تحتجاها للتجدد، كما أنّ تغير حرارة كوكب الأرض يُؤثر بشكلٍ حاد على الغلاف الجوي على مستوى المحيطات كما اليابسة، وقد أشارت دراسات إلى أن ما بين 20% و40% من الشعب المرجانية في العالم مهددة بعوامل عدة أبرزها التغيرات المناخية.
إن ارتفاع حرارة الأرض واحد من أوضح وأخطر انعكاسات التغيرات المناخية. فبعض أرجاء الكوكب لن تكون صالحة للسكن في العقود القادمة بسبب ارتفاع معدل حرارة الأرض.
نجد انعكاسات التغير المناخي في تلوث الهواء، وفي الأزمات الغذائية الناتجة عن عدم انتظام المحاصيل وتأثر الزراعة بالظواهر المناخية الفجائية، كما نجدها على المستوى الديمغرافي، فقساوة الطبيعة تُهجر الملايين عبر العالم وتتسبب في أزمات صحية متواترة.
أخبار ومعلومات عن أحوال الطقس
وفي خبر أوردته صحيفة معا، نشرته بتاريخ 8/ أغسطس/ 2023م
جاء فيه : حطم يوليو 2023 المستوى القياسي لأكثر الأشهر حرا على الإطلاق في العالم بفارق 0,33 درجة مئوية عن يوليو (تموز) 2019 على ما أعلن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ الثلاثاء.
وسجل الشهر الماضي الذي شهد موجات حر وحرائق غابات عبر العالم حرارة جو أكثر سخونة بـ0,72 درجة مقارنة مع أشهر يوليو في السنوات الممتدة بين 1991 و2020.
وكانت هذه النتيجة متوقعة جدا. فقد قال العلماء اعتبارا من 27 يوليو إنه من «المرجح جدا» أن يكون يوليو 2023 أكثر الأشهر حرا على الإطلاق.
وقد دفع ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى القول إن البشرية انتقلت من مرحلة الاحترار المناخي لتدخل «مرحلة الغليان العالمي».
وتشهد المحيطات أيضا على هذا التوجه المقلق مع حرارة سطح مياه مرتفعة جدا منذ أبريل (نيسان) ومستويات غير مسبوقة في يوليو. فقد سجل مستوى قياسي في 30 يوليو مع 20,96 درجة مئوية فيما كانت حرارة سطح المياه للشهر برمته أعلى بـ0,51 درجة مئوية من المعدل المسجل بين العامين 1991 و2020.

وفي خبر آخر نشرته قناة الجزيرة مباشر بتاريخ 14 اغسطس 2023و جاء فيه:
لأول مرة في تاريخ المغرب .. الحرارة تتخطى الـ 50 درجة
🌡 سجلت الأرصاد الجوية في #أغادير جنوبي المغرب درجة حرارة قياسية بلغت 50.4 مئوية وقد وصفت بأنها الأعلى في المملكة على الإطلاق وفقًا لما أعلنته المديرية العامة للأرصاد الجوية.
‌و صنفت المغرب شهر يوليو 2023 الرابع من بين أشهر يوليو الأكثر حرا في المملكة منذ عام 1961م..


- مصادر ومراجع
- منشورات وتقارير الأمم المتحدة
- مكتبة الجغرافية الطبيعية
- تقارير وجداول محطات الأرصاد الجوية
- الموسوعة - الجزيرة
- صحيفة معا الإخبارية
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم