حركات المسطحات المائية

مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - نتحدث عن حركة المياه في البحار والمحيطات من حيث التعريف بالمصطلحات والعوامل المؤثرة ..المرجع كتاب المدخل إلى علم الجغرافية والبيئة، محمد محمدين

١- التيارات البحرية:

وهي عبارة عن كتل مائية متحركة تختلف في خصائصها عن المياه المجاورة لها. وتنشأ التيارات البحرية العظمى في البحار والمحيطات نتيجة لفعل قوتين رئيسيتين مهمتين هما:
أ- دفع الرياح:

وهذه يمكن أن تجرف معها ماء البحر بكميات كبيرة إذا ساد هبوبها في اتجاه معين.
ب- اختلاف كثافة الماء:

وتختلف هذه الكثافة من مكان لمكان باختلاف الملوحة ودرجة الحرارة، وينتج عن اختلاف درجات الحرارة والملوحة حدوث تبادل بطيء بين المياه القطبية الثقيلة بسبب برودتها، والمياه الاستوائية القليلة الكثافة بسبب سخونتها فتتحرك المياه الاستوائية الساخنة في الطبقات العليا نحو القطبين، بينما تزحف المياه القطبية في الطبقات السفلى متجهة نحو خط الاستواء.

وجنباً إلى جنب مع هاتين القوتين هناك عامل آخر يؤثر في التيارات البحرية هو قوة كوريولس Coriolis وهي القوة الناشئة عن دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق، والتي بموجبها تنحرف الرياح والتيارات المائية إلى اليمين في نصف الكرة الشمالي، وإلى اليسار في نصف الكرة الجنوبي، وقد تنشأ التيارات أيضًا نتيجة لقوى المد والجزر.

وتنقسم التيارات البحرية إلى تيارات باردة تتجه نحو خط الاستواء مثل: تيار لبرادور، وتيار همبولت، وتيار غربي كاليفورنيا، وتيار جنوب غربي استراليا، والهواء فوق هذه التيارات يكون غالبًا في درجة حرارة منخفضة كثيرًا عن معدلها مما يؤدي إلى جفاف المناطق التي تمر بها.

أما النوع الثاني من التيارات البحرية فهي التيارات الدفيئة وهي التي تتجه من منطقة خط الاستواء نحو المناطق البعيدة عن خط الاستواء، ومن هذه التيارات: تيار الخليج الدفيء وتيار البرازيل، وتيار شرقي استراليا "شكل ٤٧"، ويكون الهواء الملامس لهذه التيارات مرتفع الحرارة مشبعًا ببخار الماء مما يؤدي إلى سقوط الأمطار إذا برد هذا الهواء.

وتوجد تيارات بحرية في البحر المتوسط بعضها سطحي مثل التيار الذي يسير من الغرب إلى الشرق في موازاة ساحل أفريقيا وبعضها عميق يسير من الشرق إلى الغرب.
٢- المد والجزر:

يتحرك سطح البحر حركة توافقية على السواحل صعودًا وهبوطًا في كل يوم بقدر معلوم، وتعرف هذه الحركة بالمد والجزر، وينجم عن هذه الحر كة تيارات مدية تندفع في القنوات الساحلية أو في مصاب الأنهار الضيقة بسرعة كبيرة. وقد يعلو سطح الماء في تلك المصاب أو في المضايق بتراكمه وتجمعه في مكان ضيق علوًا كبيرًا في بعض المناطق.

لاحظ القدماء بالمشاهدة والخبرة منذ زمن بعيد أن حركة المد والجزر على السواحل تتبع في شدتها أوجه القمر المختلفة في السماء أثناء الشهر القمري، وتبلغ هذه الحركة مداها أي يحدث أعلى ارتفاع وأقل انخفاض للماء على الساحل في منتصف الشهر، أي عندما يكون القمر بدرًا أو عندما يكون القمر محاقًا، وسبب ذلك أن قوة جذب القمر في ذلك الوقت تكون شديدة، والواقع أن هناك قوتين تنشأ عنهما حركة المد والجزر الأولى: هي قوة جذب القمر المذكورة، والثانية: هي القوة الطاردة المركزية الناشئة عن دوران الأرض. ومحصلة هاتين القوتين هي القوة النهائية التي تنجم عنها حركة المد والجزر، إضافة إلى تأثير الشمس.

ويختلف المد والجزر من منطقة لأخرى تبعاً لاختلاف أعماق المياه وأشكال الخلجان، وهناك نظرية تحاول تفسير المد والجزر تقول بتكوين موجة مدية كبرى في المسطح المائي الهادي والأطلسي والهندي. وهذه الموجة تندفع من الجنوب إلى الشمال متفرعة إلى ثلاث شعب في المحيطات المذكورة. وتتفرع الموجة التي تدخل المحيط الأطلسي في شماله إلى فرعين: أحدهما يدخل بحر الشمال، والآخر يواصل سيره إلى غرينلند. وعندما تصطدم الموجة المدية القادمة من الجنوب بسواحل فرنسا الشمالية ترتد ثانية إلى الشاطئ الإنجليزي، فتحدث على الشاطئ الجنوبي لإنجلترا موجتى مد عال مزدوجتين يفصل بينهما زمن قدره ساعتان وهذه حالة خاصة تعرف بالمد المزدوج.

وينشأ من الموجات المدية تيارات مدية مختلفة السرعة والمقدار في الجهات المختلفة كما سبق أن أوضحنا.

٣- الأمواج:

الأمواج هي اضطراب في الماء ينجم عنه تحرك جزيئاته ارتفاعًا وانخفاضًا في حركة توافقية منتظمة، ولكل موجة سرعة انتشار معينة واسعة وتردد معينين، وتسمى المسافة بين كل ارتفاعين ظاهرين بطول الموجة.

ولو لاحظنا نظام الأمواج في عرض البحر نجد أنه نظام معقد، فهو خليط من سلاسل أو مجموعات متتابعة من الأمواج المختلفة الأطوال يختلط بعضها ببعض وهي تتلاحق وتتتابع. وهذا الاختلاف مرده إلى اختلاف مكان نشأة الأمواج وسرعتها وخط سيرها، ويستدل على حالة البحر من شكل أمواجه، ولهذا نظام خاص يستخدم في التنبؤ بحالة البحر وله أهمية كبرى بالنسبة للسفن والملاحة والمصايد.
وقد تكون الأمواج سطحية أو قد تنشأ في الطبقات العميقة للمياه كما قد تنتشر في مسافات واسعة جدًّا، وتنشأ الأمواج السطحية في الغالب من حركات الرياح والعواصف والزوابع، كما قد تسببها حركة المد والجزر، وهناك الموجات العميقة والتي قد تنشأ من أثر الزلازل والبراكين على قاع البحر، وهذه الموجات تكون من الشدة والعنف بحيث يكون لها أثر مدمر، وتنتقل إلى مسافات تقدر بالآف الكيلو مترات في المحيطات، وحينما تصطدم بالسواحل قد يرتفع مستوى الماء إلى عشرات الأمتار ويطغى البحر على المدن المجاورة وتسمى مثل هذه الأمواج التي تنشأ من فعل الزلازل على قاع البحر باسم تسونامي وهي كلمة يابانية معناها موجة الميناء.

وهناك مصدران مهمان لمثل هذه الأمواج الزلزالية في المحيطات أحدهما منطقة شمال غربي المحيط الهادي والآخر شمال الأطلنطي، وتتعرض شواطئ اليابان وجزر هاواي تعرضًا مباشرًا لأثر هذه الموجات. ولا تزال ذكرى الأمواج المدمرة التى عصفت بسواحل جزر هاواي في يوم أول أبريل عام ١٩٤٦م ماثلة في الأذهان، فقد بلغ ارتفاعها نحو ٢٠ مترًا، وأودت بحياة كثيرين من السكان ودمرت منشآت ساحلية بأكملها.

وقد أقيمت لهذا السبب مراكز للتنبؤ بقدوم مثل هذه الأمواج لتنبيه السكان إلى ما قد يحدث من أخطارها.

والأمواج عامل مهم من عوامل النحت والترسيب على الشواطئ، كما أن الأمواج العميقة قد تكون سببًا في تكوين الأخاديد المغمورة على الإفريز القاري
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم