الإبل في تاريخ العرب

الإبل:

بلغ اهتمام العربي مبلغاً عظيماً في العناية والرعاية بالإبل لدرجة الخبرة العالية في تطبيعها وتربيتها، وذلك منذ أقدم الأزمنة، ولم يستطع أحد من العرب الاستغناء عن اقتنائه وتربيته، فكان لكل فرد من أفراد القبيلة عدداً من رؤوس الإبل، يعتمد عليها في حياته اعتماداً كبيراً، ولقد كانت بلاد غزة بيئة مناسبة تماماً لمثل هذه الحيوانات الصحراوية منذ قديم الأزمنة، حتى أنه يعتقد بأنها من مواطن الإبل الرئيسية، وكان أهل غزة والعريش من أكثر العرب قدرة وشهرة ومهارة في التعامل مع الإبل، وكانت أسواق غزة تنتج الأدوات اللازمة لهذه الإبل، مثل الغبيط الذي يصنع من الخشب ويوضع فوق سنامه، والهودج، وصناديق الخشب التي توضع على جانبيه، وغيرها من الاحتياجات اللازمة له ولصاحبه.
وقد أطلق العرب لقب سفينة الصحراء، على هذا الحيوان القوي الصبور، فكان جديراً بهذا اللقب وأهلا له بلا منازع، ويعتبر البدو الذين يقتنون الإبل، هم البدو الأقحاح[1]، ويعرفون بأنهم أهل الوبر لاقتنائهم الأبل، ويتميزون بعادات وتقاليد خاصة تميزهم عن غيرهم إذ يميلون إلى الزعامة وحب القيادة والحرية وتحمل الشدائد والفطنة والخبرة في أحوال الطقس ومسالك الطرق والقدرة على التملص من المواقف الحرجة، والتهريب، وإبل الشام من ذوات السنام الواحد، وهي تستطيع تحمل حرارة المناخ الصحراوي والسير فوق الكثبان الرملية والمسالك الصحراوية، وقد تمكن الشاميون من تهجين النوق الشامية من فحول إبل جبال فارس والأناضول ذوات السنامين، فأنتجت سلالة قوية من سنام واحد كأماتها وذات جلد على السير في الجبال والوعر كآبائها، وهي قصيرة القامة ورأسها صغير[2]، وتعتبر المراعي الصحراوية أنسب المناطق الملائمة للإبل والأغنام، وتوجد أوسع مناطقه في المملكة العربية السعودية، حيث تقدر مساحة هذه المناطق بنحو 85 مليون هكتار، وهو ما يعادل 13% من إجمالي مساحة المراعي الصحراوية في العالم الإسلامي[3]، ولوقوع بلاد غزة بين النطاق الصحراوي وشبه الصحراوي وتنوع المناخ المناسب لحياة هذه الحيوانات، كان لها حظاً وافراً في تربية الإبل، وكانت الحكومة العثمانية تجبي عن كل رأس من الإبل رسوم بلغت 20 قرشاً، و8 قروش عن كل رأس من الغنم والماعز[4]، بلغ سعر الجمل في حوالي القرن الثامن عشر 70 ريالاً مجيدياً من الفضة، وفي بداية القرن العشرين تراوح سعره من خمسة إلى عشرين جنيهاً[5]، وكلما ارتفع سعر الجمل كلما كان ذو جودة وأصالة ونقاء، ويحمل الجمل المصري ما بين 7- 8 قناطير، والجمل السيناوي يحمل 4 قناطير[6]، بسبب اهتمام البدوي بالسرعة أكثر من الحمل، للإبقاء محافظاً على سرعة الجمل ونشاطه فكلما خف حمله زادت سرعته وتقدر سرعة الجمل حوالي 17كم في الساعة، ويحمل البدوي على جمله المؤن التي تكفيه ستة أشهر[7]، وقدر عدد الجمال في غزة التي كانت تعمل في النقل حوالي 80 ألف جمل[8] في أواخر العهد التركي 1900- 1910م، والتي كانت تدفع ضريبة، بينما الجمال التي تعمل في حراثة الأرض معفاة من هذه الضريبة، وقد تقلصت أعداد الإبل بعد استخدام الوسائل الحديثة، وبعد خضوع غزة للاستعمار حيث قدرت عدد هذه الإبل في عام 1940م بحوالي 5000 رأس تقريباً[9]، أي حوالي 6% من عددها قبل 40 عاماً، وهو انخفاض شديد جداً.

أسماء الإبل القديمة والمشهورة :

1- المجدية: سميت بذلك نسبة إلى المجد والشرف لأصالتها وهي من اليمن.
2- الشدق وأصلها شدقم اسم فحل كان للنعمان بن المنذر، وعرفت إبل النعمان باسم عصافير النعمان[10]، وقد أهدى منها مائة ناقة للشاعر النابغة الذبياني.
3- الأموية: تنسب إلى سلالة الإبل التي ولدت زمن الأمويين، وهي في الغالب من إبل عرب اليمانية.
4- الأرحبية: تنسب إلى بني أرحب من همدان من كهلان بن سبأ من اليمن.
5- الأصهب: تنسب إلى موقع في اليمن يسمى صهاب.
6- الزريقي: ومؤنثه الزريقة، وجمعه الزرق، وهو قاعود من إبل العبابدة، له رواية أسطورية، يقال أنه هبت إعصار على ناقة من نياق العبابدة وهي ترعى فلحقت به، وأنجبته وسمي زريقان لأن لونه فيه زرقة ، وبعد أن شاع خبره وصيته، رغب أهل البادية تلقيح أبلهم منه ، واشتهرت فيما بعد سلالته في بادية سيناء[11]، لكني أعتقد بأنه منسوب إلى عرب زريق من ثعلبة طيء الذين كانوا في سيناء وغزة.
7- الوضيحان: ويقال أن أصله من إبل الشرارات ، وسمي بهذا الإسم لأن لون قوائمه الأربعة وأسفل بطنه أبيض وضاح، وباقي جسمه أصفر مشرب إلى حمرة.
8- إبل الحرة: وهي من أشهر إبل الشام، ويقتني عرب بني صخر وعرب الشرارات أكثر إبلهم من هذا النوع، وتوجد في البلقاء، ويعتمد الجيش على هذا النوع[12]، واعتقد بأن اسم هذه الإبل منسوب إلى الحرة وجمعها الحرات التي كانت في بلاد جذام وقضاعة.
9- الإبل العمانيات: أصلها من عُمان، وهي ذات رأس نحيف وقَدٌّ أهيف ومزاج عصبي، وجيش الهند يفضل هذا النوع.
10- الإبل التيهية: أصلها من السودان، وترد إلى فلسطين والبلقاء مع القوافل الآتية إلى مصر، وكان الجيش الانجليزي يستخدم هذا النوع في الحرب خلال الحرب الكبرى[13]، واعتقد بأن التيهية منسوبة إلى بلاد التيه في سيناء، أو لقبيلة التياها أول وأقدم من سكن بلاد التيه.
11- الإبل المهرية: وهي إبل ضامرة وسريعة، وهي مشهورة بالسبق، وتنسب إلى قبيلة مهرة بن حيدان من قضاعة.
وهناك أسماء أخرى مثل: الأكلف، والرداني، والعيس، والأرمك، والأشعل، الحمرة.
أسماء الإبل حسب أعمارها:-
مقتبس من كتاب تاريخ سيناء لنعوم شقير، ص95/ط1 لسنة 1991م.
1- المباري / الحوار وهو ولد الناقة قبل أن يفطم وتتراوح مدة الفطام من خمسة إلى ثمانية أشهر.
2- المفرود / الفصيل وهو ما بعد الفطام إلى السنة من عمره
3- اللبني عمره سنتين
4- المربوط 3 سنوات
5- الحق 4 سنوات
6- الجدع 5 سنوات
7- الرباع 6 سنوات
8- السداس 7 سنوات
9- القعود يطلق على كل من كان عمره أقل من خمسة سنوات
10- الجمل وهو كل من تعدى 6 سنوات واكثر
11- البكرة وهي الأنثى التي بلغت الخمس سنوات
12- الناقة وهي الأنثى التي بلغت 6 سنوات
13- الهجن وهو جمل الركوب المطبع ..

وسم الإبل :

تعريف الوسم :
هو عبارة عن علامة (سمة) تطبع على موضع واضح على جسم الإبل ، يمكن مشاهدته بوضوح، ويتم بواسطة الكي من خلال تسخين أداة حديدية، أو حلقة حديدية أو ما شابه، ويتم اختيار مكان مناسب لوضع الوسم فيه، وغالبا وعند أغلب القبائل يتم اختيار الفخذ أو الرقبة، والغرض من هذا الوسم، هو التمييز بين الإبل حتى يعرف كل قوم إبلهم، ومنعا للضياع أو فقدانها أو سرقتها كانت كل قبيلة تضع لها علامة معينة على إبلها حتى يتمكن الجميع من معرفتها.
أما أهمية الوسم وتتبعه عند القبائل، يفيد المهتمين والباحثين في تاريخ القبائل وأنسابها، فالوسم جزء لا يتجزأ من تراث القبيلة ، لأنه علامة وسمة طالما استخدمته القبيلة لوسمه على مقتنياتها من حيوانات الرعي والركوب ، فهو إذا يفيد في مجال التدقيق في علاقة الجوار أو النسب أو القرابة والصلة بين القبائل إذ أن هناك وسوم تتطابق وأخرى تتشابه إلى حد كبير، ومن المعلوم أن القبائل ترث هذا الوسم عن السلف منها، وقد ينتقل بين أبناء موقع جغرافي معين فيحدث عليه بعض التغيير بهدف التمييز بين وسم وآخر، كما ومن الممكن أن يكون لدى مجموعة من القبائل المتحالفة وسماً معينا يرمز إلى هذا الحلف بينما تضيف كل قبيلة علامة جانبية على وسم الحلف من أجل سهولة التمييز، وقد يشير الوسم أيضاً إلى العمق التاريخي للقبيلة.

أسماء وسوم الإبل عند بعض قبائل فلسطين:

وسم عشيرة الحناحنة الفاحج رقم ثمانية بالعربية.
وسم الدواعرة كرماله شكل حرف إكس
وسم السمكية خطام على الخد
وسم نجمات الترابين الحنك والخطام والمطرق[14] وبعضهم يستعمل القناع أو الشعبة
وسم غوالي الترابين الخدمة والمطرق
وسم الحققة (أبو حق) من السواركة زناد على الورك الأيسر
وسم الوحيدات (الوحيدي) المحجن
وسم أبو معيلق الخدمة وهي حلقة غير كاملة يتصل بأحد طرفيها مطرق
وسم الجرواين زناد
وسم السواخنة وهم من العزازمة الباب على شكل مستطيل ناقص الضلع الأسفل.
وسم السماعنة قيسية، المحلة وهو على شكل H.
وسم الرياطية الشعبة (7) والمطرق للإبل، والشعبة للغنم.
وسم العلامات من التياها الخطام والمطارق = واللدغة ا
وسم عيال عمري (تياها) المطارق
وسم الشلالية (تياها) الباب والخطام واللدغة
وسم بني عقبة الدبوس
وسم القديرات صليب ومطارق ، مطرق واحد لقديرات أبي رقيق، ومطرقان لقديرات أبي كف والأعسم.
قديرات الصانع مطرقين على الرقبة وواحد على الصدغ من الجهة اليمنى.
وسم الظلام من بلي المطارق وعددها 4 وبعض عشائرهم يسمون 5 مطارق
وسم الرماضين ثلاثة مطارق
وسم القريناوية الهلال على الرقبة اليمني والشاهد على الصدغ الأيمن
وسم القطاطوة الهلال على الرقبة اليمنى وفريق يسم الصليب
وسم القلازين المحجن
وسم البدينات ثلاثة مطارق أوسطها قصير ، وبعضم يسم الخطام
وسم عشيرة الدقس والرواوغة من الجبارات الباب
وسم الرتيمات ثلاثة مطارق
وسم الفقراء من الرتيمات باب والشاهد
وسم السواركة والمنايعة مطرق وشاهد
وسم العمارين بن عجلان مطرقين
وسم السعادنة الجابية
وسم السعيديين العامود على الفخذ الأيسر، والمطرق خلف الأذن اليسرى ، الشاهد على الصدغ الأيسر[15]
وسم الدلادمة العرادات من السواركة عامود على الورك الأيسر
وسم السراحين باب و شليق على الورك الأيسر
وسم الملالحة الربابة على الورك الأيمن
وسم الظلام الجنابيب على الخد الأيمن
وسم العرابين من الحناجرة المربع على الورك الأيمن وبين العين اليمنى والأذن
وسم الكعابنة " النجوم " على الخد الأيمن
وسم العوامرة تتبع الحسنات ترابين " راجح "
وسم الحمايطة من قبيلة السعيديين " مشلوق " على الفخذ الأيمن[16].
" نعتذر لعدم حصر الجميع، فالموضوع لمحة عن أهمية الإبل في تاريخ العرب"
الإبل في القوافل التجارية:
1- اللطيمة وجمعها اللطائم هي القافلة من الإبل التي تحمل تجارة نفيسة إلى الأسواق، وخاصة من الطيب[17].
2- الركائب أو ركابا وهي القافلة التي تخرج ليجلب عليها الطعام.
3- العسجدية، وهي القافلة التي تحمل المتاع الثمين كالذهب والجوهر، وهي ركاب الملوك وزعماء العرب.
4- الميرة، وهي قوافل القبائل التي تخرج إلى السوق للامتيار منه احتياجاتهم من اللباس والطعام.
5- السابلة والواطئة وهي القافلة المارة التي تطئي الطريق، أي عابرة سبيل.

المراجع
[1] ( البدو، ج1، ص12)
[2] ( خطط الشام، ج4، ص188)
[3] ( جغرافية العالم الإسلامي، ص230)
[4] ( خطط الشام، ج5، ص81)
[5] ( تاريخ سيناء، نعوم شقير، ص95)
[6] ( تاريخ سيناء، مرجع سابق، ص96)
[7] ( خطط الشام، مرجع سابق، ج4، ص188)
[8] ( تاريخ غزة، عارف العارف، ص193)
[9] ( تاريخ غزة، عارف العارف، ص306)
[10] ( المفصل في تاريخ العرب، ج7، ص114)
[11] ( تاريخ سيناء، نعوم شقير، ص93-94)
[12] ( خطط الشام، محمد كرد علي، ج4، ص188)
[13] ( خطط الشام، محمد كرد علي، ج4، ص188)
[14] ( تاريخ بئر السبع وقبائلها ، عارف العارف ،ص81)
[15] (تاريخ بئر السبع وقبائلها، عارف العارف ص81-154)
[16] (راجع كتاب البدو لأوبنهايم وآخرون الجزء الثاني )
[17] ( المفصل في تاريخ العرب، مصدر سابق، ج7، ص318)
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم