العرب والمراكب البحرية

 العرب والمراكب البحرية:

كان لمدينة غزة، سبق تاريخي عريق، في خوض غباب البحر المتوسط، وكان الفينيقيون من أسبق الأمم في ذلك وأعظم شعوب العالم القديم جرأة في السفر عبر البحار[1]، حيث كان في عهدهم سواحل الشام غنية بالأخشاب الصالحة لصناعة السفن والمراكب، والتي تستخرج من غابات عسقلان وغزة وطولكرم ولبنان وغيرها، ومن أسماء بعض القبائل العربية القديمة ما يدل على معرفتهم بالبحر وممارستهم للصيد، فقضاعة هو اسم لنوع من أسماك البحر يعرف بـ كلب الماء، ولخم اسم لنوع من الأسماك القوية الضخمة، والعنبر دابة من دواب البحر، وجري وهو نوع من الأسماك يعرف بـ الجريث أيضاً[2]، ومن أشهر قبائل سيناء في صيد الأسماك قبيلة الشرارات والعرينات، ومن أشهر قبائل غزة الجوارنة من جورة عسقلان، والعوامرة من بني عامر الذي نسب لهم مرج بن عامر وهم من القيسية، واللحاحمة والنجاجرة سكان خانيونس، والقرعان بدير البلح، و بكر من غزة، وغيرهم من العائلات والقبائل التي لها علاقة بركوب البحر ربما ورثوها عن السلف، وفي غزة ثمانية مواقع على ساحل البحر تشتهر بصيد الأسماك وهي من الشمال إلى الجنوب: حمامة، الجورة، هربيا، النزلة، جباليا، الشيخ عجلين، دير البلح، خانيونس[3]، بالإضافة إلى رفح، ومن أشهر أسماك غزة السردين والقنبار واللقس والبوري، والطرخون، والطوبارة، وقد بلغ وزن الأسماك التي صيدت ما بين عام 1933م – 1941م ما بين 50 إلى 150طناً[4]، ويفتقر شاطئ غزة لمرافئ جيدة ومجهزة للصيد.
وفي سالف الزمن :
وكان أول نزول للقوات العربية الإسلامية للبحر، في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما طلب منه معاوية بن أبي سفيان والي الشام آنذاك، بنزول البحر، وبعد موافقة عمر، صنع معاوية مراكبه في بيروت على شواطئ البحر المتوسط وجهز جيشه البحري إلى جزيرة قبرص[5]، وفي زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنشأ معاوية بن أبي سفيان أول أسطول إسلامي ليقود أول معركة بحرية، وبلغت سفن معاوية 1700 سفينة محملة بالأسلحة، وكانت تتم صناعة السفن في فلسطين ولبنان في عكا وصور وطرابلس، وكان لسكان ساحل الشام دوراً هاماً في تعليم القوات الإسلامية ثقافة البحر[6]، لأن العرب وخاصة البدو منهم في بادئ حياتهم كانوا يكرهون البحر ويحبون الصحراء، بينما كان أهل الشام سكان السواحل وخاصة أهل صيدا يحبون البحر و يقهرون أمواجه ويكرهون الصحراء[7]، إلا أن كثير من القبائل العربية الذين جاوروا البحر قد تعلموا ركوبه، وما زال أيضاً كثير من العربان ينظرون إلى العاملون في البحر نظرة ازدراء، لسبب تخليهم عن حياة البداوة.
ومن أسماء السفن والمراكب البحرية نذكر ما يلي:
البارجة وهي سفينة قتالية، القرقور وهي سفينة طويلة، والخلية وهي العظيمة من السفن، والخلج وهي سفينة كبيرة، والصلفة والزنبرية والقادس[8]، والعمائم وهي من العيدان المشدودة بعضها إلى بعض، والطوف من القرب ينفخ فيها ويشد بعضها إلى بعض، والرمث من الخشب المشدود، والبوصي، والعدولية، والزورق، والقارب، والركوة وهي صغيرة، والشراع وهو الذي يدفع السفينة وعرفت به[9]،  والمالكية  سفينة منسوبة إلى بني مالك[10]ومن أسماء المراكب التي تستخدم اليوم في غزة للصيد نذكر الحسكة واللنش وهما بأحجام مختلفة، 



[1] ( خطط الشام، محمد كرد علي، ج5، ص32)
[2] ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، ج7، ص120- 121)
[3] ( تاريخ غزة، عارف العارف، ص294)
[4] ( تاريخ غزة، عارف العارف، ص293)
[5] ( خطط الشام، مرجع سابق، ج5، ص35)
[6] ( خطط الشام، المرجع السابق، ج5، ص37)
[7] ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، ج7، ص245)
[8] ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، المرجع السابق نفسه، ص249)
[9] ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، المرجع السابق، ص250)
[10] ( بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج3، ص365)
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم