حضارة فلسطين القديمة

حضارة فلسطين القديمة

س كيف برزت أهمية فلسطين منذ الأزمنة القديمة:
1) برزت أهمية فلسطين منذ الأزمنة القديمة؛ حيث سكنها الإنسان منذ أقدم العصور وهذا بسبب:
أ‌) خصوبة أرضها.     ب)اعتدال مناخها. ج) موقعها المتوسط.
2) عُثر في أريحا على آثار الحضارة النطوفية التي تعتبر أهم مراحل الانتقال نحو إنتاج الطعام والاستقرار.
3) تعتبر فلسطين وبلاد الشام حلقة اتصال بين مصر والعراق، حيث تحدها الحضارات العراقية من الشرق والمصرية من الجنوب.
4) ونجد أن الحضارات التي نشأت في فلسطين هي من صنع سكانها الذين تأثروا بالعناصر الحضارية والسياسية المجاورة لها في مصر والعراق والأناضول.  وتأثرت فلسطين في المجالات المادية والفكرية وأدى ذلك إلى نشوء المدن المستقلة وتحصينها بالأسوار القوية تدعيماً للاستقلال الذاتي وحماية من الأخطار الخارجية.
س اذكر أهم المواقع الاثرية في فلسطين؟
5) من أهم المواقع الأثرية في فلسطين: مجدو وبيسان والتل ورأس العين وتل بيت مرسيم وتل العجول وغيرها.
والآن سنبدأ بالعصور الحجرية التي انتهت في الفترة البيزنطية:
العصور الحجرية القديمة حوالي 1500000 – 3200 ق . م :
1) بدأت هذه الفترة منذ أن بدأ الإنسان بصنع أدواته من الحجارة وتنتهي بمعرفة الإنسان للكتابة في الألف الرابع قبل الميلاد، وكان ذلك في بلاد الرافدين ومصر.
2) إن الاهتمام بدراسة مخلفات الإنسان ما قبل التاريخ في فلسطين بدأ خلال النصف الأول من القرن العشرين على يد علماء آثار أوروبيين أميركان مثل : دوروثي غارود. من أشهر الحفريات التي قاموا كل من F. Turville Petre D. Garrod, في الجليل و الكرمل.
س اذكر أهم ما يميز فترة العصور الحجرية القديمة؟
3) إن أهم ما يميز هذه الفترة هو أن الإنسان عاش متنقلاً جامعاً لقوته الضروري للبقاء حياً.
4) كان الإنسان غالباً بلا أمان وبلا وقاية؛ إلا أنه لجأ إلى الكهوف ليحتمي بها من البرد ومن الحيوانات الضارة، من أشهر هذه الكهوف كهوف جبال الجليل والكرمل في فلسطين، وكهف الطابون في حيفا وكهف إم قطفة بالقرب من بيت لحم.
س أين تم اكتشاف أقدم الادوات الصوانية؟
5) أقدم الأدوات الصوانية في فلسطين تم اكتشافها في موقع العبيدية في الجزء الشمالي لغور الأردن قرب جسر بنات يعقوب.
6) لكن من الصعب وضع رقم دقيق لبداية العصور الحجرية في فلسطين.
7) من خلال دراسة عظام الحيوانات في موقع العبيدية اتضح أنها تضم وأصدافاً وعظاماً وفقاريات وأسماك وزواحف، أما البقايا العظمية الإنسانية فكانت عبارة عن قطع سميكة جداً وسنيّن، وبينت الدراسة أن التاريخ المعدل لهذه الفترة يعود الى 50.000 سنة.
س اذكر أهم المواقع التي عثر فيها على مخلفات انسانية؟
8) من أهم المواقع التي عثر فيها على خلفات إنسانية في فلسطين: مغارة القفزة بالقرب من الناصرة ، وكهف الأميرة في جبال الجليل ومواقع عرق الأحمر والخيام في بيت لحم والجليل، وكهوف الواد وكبارا في الكرمل.
9) باختصار فإن هذه الفترة تمثل بداية التجمعات البشرية، التي أصبحت تشكل أنماطاً معيشية متطورة، رغم أنها كانت تعيش على الصيد وجمع القوت وتستعمل أدوات صوانية ورثتها عن مجموعات بشرية سبقتها.
المرحلة الانتقالية من جمع القوت إلى إنتاج الطعام (19.000-17.000 ق.م):
1) ظهر اسم Epi-Paleolithic ؛ أي المرحلة الانتقالية من الجمع إلى الإنتاج أي من جمع الطعام إلى إنتاجه خلال الفترة بين 19.000-17.000.
2) تميزت هذه الفترة بتغيير في الأحوال المناخية لتصبح قريبة من الأحوال الجوية السائدة حالياً في بلاد الشام.
3) رافق هذا التغير المناخي نقصاً في الموارد الحيوانية التي كان يصطادها الإنسان لهذا بحث عن مصادر أخرى فجمع بذور الأعشاب البرية مثل القمح والشعير... التي أصبحت تكون عنصراً هاماً في غذاء الإنسان .
س اذكر الادوات التي عثر عليها الانسان في فترة المرحلة الانتقالية 19000 الى 17000 ق.م؟
4) عثر المنقبون في هذه الفترة على أدوات الطحن، والمدقات وشفرات المناجل والأدوات الصوانية التي كانت تستخدم لقطع الأخشاب البرية؛ ووجدت أيضاً صنارة صيد السمك المصنوعة من العظم.
وعثر عالم الآثار F. Turville petre على أدوات صوانية صغيرة في مغارة الكبارا عام 1931م، ويعتقد أن هناك تشابه مع الأدوات الصوانية الناطوفية التي كانت قد اكتشفت سابقاً.
5) هذه المرحلة التي تمتد من 19.000-17.000 أي فترة الألفين سنة وجد بها ثقافتين:    أ) الكبارا ب) الناطوفية.
أولاً: مرحلة الثقافة الكبارية:
س ما هي الادوات التي استخدمها الانسان في مرحلة الثقافة الكبارية؟
استخدم الإنسان في هذه المرحلة الأجران والمدقات البازلتية لطحن الحبوب البرية وهذا يدل على تطوير كيفية تناول الطعام. 
وما زال الغموض يكتنف نوع الحبوب البرية التي أكلها الإنسان في هذه المرحلة مع العلم بأنه لم يعثر على حبوب قمح في موقع وادي الفلاح في فلسطين.
س بماذا تميزت فترة مرحلة الثقافة الكبارية؟
تميزت هذه المرحلة باستخدام الأدوات الصوانية الصغيرة ذات الأشكال الهندسية مثل شبه المنحرف والمثلث والمستطيل والمثاقب والمناكيش.
س أين وجدت المواقع الاثرية للحضارة الكبارية؟
انتشرت مواقع الحضارة الكبارية في بلاد الشام أهمها عين جيف "خربة العاشق" على الساحل الشرقي لبحيرة طبريا، وادي زين في النقب وفي رأس النقب، والحرانة في الأردن.
ثانياً: مرحلة الثقافة الناطوفية:
تعتبر الخطوة الأولى للتجمعات الزراعية في الشرق الأدنى القديم، وما زال بعض العلماء يطلق عليها اسم "العصر الحجري الوسيط"، وتعتبر هذه المرحلة مرحلة انتقالية بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، أي ما بين التنقل والتجوال وحياة مستقرة حيث أصبح الإنسان منتجاً لقوته اليومي.
س بماذا سميت الصناعة في مرحلة الثقافة الناطوفية؟
سميت الصناعة في هذه المرحلة بالناطوفية حيث تم التعرف عليها لأول مرة في كهف شقبة في وادي الناطوف بالقرب من القدس.
س أين عثر على البقايا الاثرية لمرحلة الثقافة الناطوفية؟
عثر على بقايا من هذه الثقافة في فلسطين مثل: عين الملاحة في سهل الحولة ومغارة الواد ومغارة كبارا ووادي الفلاح في جبل الكرمل، ومغارة الحمام في الجليل الأعلى وغيرها.
س اذكر أهم ما يُميّز مرحلة الثقافة الناطوفية؟
ما يميز هذه الثقافة أن الإنسان خرج من الكهف الحجري وبنى لنفسه كوخ أمام الكهف.
جاءت المساكن الناطوفية دائرية الشكل بقطر يتراوح ما بين 4-9 متر كما هو الحال في موقع الملاحة شمال بحيرة الحولة.

مرحلة القرى الزراعية وبداية الاستقرار ومرحلة الإنتاج:
العصر الحجري الحديث Neolithic Age 8.000-4.000 ق. م:
1) أصبحت هذه المرحلة من حياة الإنسان محطاً لأنظار علماء ما قبل التاريخ مثل وود  wood وميلرت Mellaret وغيرهما، فمثلاً العالمة كاثلين كنيون، التي نقبت في تل السلطان قرب أريحا قسمت هذه المرحلة إلى مرحلتين:
الأولى: ما قبل الفخارى الفخاري
2) يمكن تقسيم المرحلة كلها إلى:
(أ‌) الفترة من حوالي 8.000 – 7.000 ق. م:
كانت البيوت مبنية من لبني طيني ومستديرة الشكل على أساسات حجرية كما أريحا، وفي وادي الفلاح بالقرب من حيفا.
تدل البقايا المعمارية التي تم اكتشافها على وجود مجتمع منظم في ذلك الوقت.
وتعتقد كنيون أن موقع أريحا ثم هجرة مدة من الزمن قبل أن يعاد سكناه في حوالي000 7  ق.م.
تميزت الفترة في عدد من النواحي العمرانية والاقتصادية، وكانت البيوت مبنية على شكل مربع أو مستطيل.
اعتمد الإنسان على الصيد والزراعة، وظهرت في أريحا بوادر الحيوانات المدجنة كالماعز والكلاب والخنازير، وظهرت بذور نباتات مثل القمح والشعير والبازيلاء.
وكان للصيد دور كبير في حياة الإنسان خاصة الغزلان، والدليل وجود عظام.

(ب‌) الفترة من حوالي 7000-6000 ق. م
تميزت هذه الفترة بحدوث تغير واضح في وسائل المعيشة والإنتاج.
توصل الإنسان في هذه الفترة إلى تدجين الحيوانات.
حدث تغير في أنماط البناء والأدوات، حيث أخذت البيوت أشكال منظمة أو مربعة أو مستطيلة وأحياناً مغطاة بطبقة من الدهان الأحمر

(ت‌) الفترة من حوالي 6000 – 4000 ق. م:
بعض العلماء يعتقد أن تغيير حدث مفاجئ عام 6000 ق. م .  أدى إلى هجران مجموعة من المواقع الأثرية الفلسطينية لمدة تقارب 500 عام. ثم جاءت مجموعات بشرية من شمال سوريا وسكنتها، وجلبت هذه المجموعات معها صناعة الأدوات الفخارية.
س اذكر أهم المواقع الاثرية التي تم اكتشافها في الفترة 6000 _ 4000 ق.م؟
في هذه الفترة ظهرت مواقع أثرية أخرى مثل: الشيخ علي وأريحا وتل إيلات والبطاشي وغيرها.
س بماذا تميّزت الفترة من 6000 _ 4000 ق.م؟
وتميزت الفترة ما بين 5000 – 4000 ق. م بظهور أنواع متعددة من الأواني الفخارية والأدوات الصوانية، واعتمد الإنسان الفلسطيني على الزراعة وتربية الحيوانات وصيد الأسماك والحيوانات.
في حوالي 4500 ق.م أخذ الإنسان يبني لنفسه منازل منظمة الشكل.
ويمكن القول أن منطقة بلاد الشرق الأردني القديم شهدت معظم الابتكارات والاختراعات الأساسية خلال فترات ما قبل التاريخ، ونرى هذا التطور بشكل واضح في الفترة اللاحقة "العصر الحجري النحاسي" حيث استطاع سكان فلسطين تصنيع أدوات لهم من خامات النحاس في بداية الألف الرابع قبل الميلاد.

مرحلة القرى الزراعية الحرفية "العصر الحجري النحاسي":
Chalcolithic Age 3200-4000 ق. م :
1) وجدت بعض المتغيرات في بعض المكتشفات الأثرية مثل الأواني الفخارية والأدوات الصوانية والعظمية، والحدث الأهم في هذه المرحلة هو استخدام مادة النحاس في تصنيع الأدوات والأواني.
2) وجدت قرى في هذا العصر على الأغلب حول الأودية والأنهار ومصادر الحياة الدائمة في المناطق الخصبة، ومناطق أخرى كان من السهل على السكان استغلالها وجلب المياه إليها.
3) في هذه الفترة لم تكن المجتمعات في فلسطين متجانسة إذ أثر في كل منها عوامل بيئية ومقومات اقتصادية متنوعة، إلا أنهم كانوا يشكلون وحدة حضارية يكمل بعضها بعضاً.
س ما هو الاسم الذي أُطلق على الحضارة في مرحلة القرى الزراعية 4000_ 3200 ق.م؟
4) أطلق على هذه الحضارة اسم الحضارة الغسولية Chassul culture نسبة إلى تليلات شمال شرق البحر الميت.
س اذكر المواقع التي عُثر عليها في حضارة هذه المرحلة؟
5) تم كشف عدة مواقع من هذه الحضارة في بئر السبع "خربة البيطار، وبئر الصفدي وتل أبو مطر".
6) اعتمدت هذه الحضارة على اقتصاد الزراعة والرعي وربما الاستغلال الجزئي للنحاس، بالإضافة إلى التجارة مع المواقع المجاورة، ولكن أهلها لم يمارسوا الصيد.
7) أبرز مكتشفات تليلات الغسول: تصنيع أدوات نحاسية تعتبر من أقدم ما عُثر عليه من معدن مُصنّع حتى الآن، وهذا ما يبرر تسمية هذه الفترة بالعصر الحجري النحاسي.
8) أهم ما يميز القرى في منطقة النقب خلال الألف الرابع ق.م حفر مساكنهم في الصخر تحت سطح الأرض، ومجموعة التماثيل الآدمية الصغيرة المصنوعة من العاج في بئر الصفدي.
9) يُعتقد أن الإنسان مارس نوعاً من الطقوس الدينية، حيث عُثر في موقع عين جدي في الضفة الغربية للبحر الميت على بقايا مبنى يُعتقد أنه كان معبد.
10) دفن الناس موتاهم داخل توابيت أو جرار فخارية، وحرقوا بعضهم أحياناً.
11) ومع نهاية الألف الرابع ق.م شهدت فلسطين تغيراً حاسماً في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والمعمارية، وسبب ذلك وجود أقوام جديدة قضت على الحضارة السابقة، ويعتقد بعض العلماء أن سبب التطور هو محلياً باتساع القرية وتطور المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ أي التطور إلى ما يُعرف باسم "المدينة".
12) ولكن أهم تطور حصل في حياة الناس هو التواصل لمعرفة الكتابة وبداية تدوين التاريخ، وبهذا تبدأ الفترات التاريخية وتنتهي عصور ما قبل التاريخ.
13) ويجزم العلماء أن ساكني فلسطين خلال الألف الرابع ق.م وما بعده كانوا من الكنعانيين.

العصور البرونزية Bronze Ages (ظهور دويلات المدن) 3200- 1200 ق. م:
العصر البرونزي القديم 3200 – 2000 ق. م
يقسم هذا العصر إلى أربع مراحل:
أ‌- المرحلة الأولى 3200 – 3000 ق. م :
1) أطلق على هذه المرحلة، المرحلة الانتقالية بين القرية والمدينة مصطلحات وتسميات مختلفة، وذلك من خلال تفسير المكتشفات الأثرية أو للشواهد التي أشرفوا على التنقيب فيها.  لهذا قال عنها الأب رولاند ديقو: هي مرحلة متأخرة من العصر الحجري النحاسي، معتمداً في ذلك على حفرياته في تل الفارعة قرب نابلس.
2) ظهر في هذه المرحلة نوعين من الفخار إحداهما في شمال فلسطين والوسط وهو من النوع الرمادي المصقول، والآخر في الجنوب من النوع الأحمر المصقول.
3) نسبت كنيون كل نوع إلى مجموعة بشرية جاءت إلى فلسطين في أواخر القرن الرابع ق.م.
4) يعتقد الباحثين أن أشكالاً فخارية معينة تطورت عن تلك التي كانت معروفة في العصر الحجري النحاسي.
5) أمكن تمييز ذلك في عدد من المواقع مثل: تل المتسلم وبيسان والعفولة وتل أبو زريق وتل الأساور وخربة الشيخ ميصر وخربك الكرك وتل إم حماد الشرقي وتل أبو العلايق وباب الذراع وتل الفارعة الشمالي ويازور.
6) يميز هذه المرحلة في فلسطين ظهور أعداد كبيرة من المدافن المقطوعة في الصخر استعملت للدفن الجماعي.
7) وتشير الدراسات المقارنة التي أجريت حتى الآن إلى وجود علاقات وطيدة بين فلسطين والمناطق المجاورة؛ "مصر، وأواسط الأناضول وشرقه، والساحل السوري قرب طرطوس، وبلاد ما بين النهرين" في نهاية الألف الرابع ق. م.
8) تزايد سكان فلسطين وطوروا مساكنهم تدريجياً حتى أصبحت مدن محصنة مستقلة، وبهذا التطور تشكلت المرحلة الثانية من العصر البرونزي القديم.
9) واستطاع سكان فلسطين الكنعانيين خلال الألف الثالث ق.م تأسيس عدد من المدن الكنعانية، كونت على امتداد العصور البرونزية أحلافاً بينها عندما يهددها الخطر، وعثر على عدد من المعابد في تل المتسلم وتل الفارعة الشمالية.

ب‌- المرحلة الثانية 3000-2700 ق.م :
1) تتميز هذه المرحلة من العصر البرونزي القديم بتأسيس الكثير من  المدن المسورة، ويلاحظ انتشار هذه المدن المحصنة في جميع المناطق الفلسطينية وما جاورها، ومنها المنطقة الساحلية ومرج بن عامر وسلسلة الجبال الغربية ووادي الأردن.
2) وأصبحت المدن الرئيسية تمثل وحدات سياسية مستقلة أشبه بدويلات المدن التي يتبعها عدد من القرى الزراعية.
3) ويحتل عدد من هذه المدن هضابا استراتيجية ولكنها ليست بالضرورة فوق المرتفعات، أهمها: تل المتسلم، وتل تعنك، وبيسان، والعفولة، ومرج بن عامر وغيرها.
4) وتتميز هذه المرحلة باستعمال عجلة الفخار على نطاق واسع واستخدام نوع من الفخار يسمى "فخار أبيدوس".

ت‌- المرحلة الثالثة 2700 – 2300 ق. م:
1) لم تشهد هذه المرحلة تغييراً حاسماً في الإنتاج أو العمارة.
2) أكثر ما يميز هذه المرحلة فخار يعرف باسم "فخار خربة الكرك" جنوب غرب طبريا.
3) أما المساكن فكانت مؤلفة من عدة غرف.
4) وعثر على عدد من المعابد مثل: معبد التل "عي" بالقرب من القدس، وتل المتسلم "مجدو" في سهل ابن عامر.

ث‌- المرحلة الرابعة 2300 – 2000 ق. م:
1) يكتنف هذه المرحلة كثير من الغموض.
2) من الصناعات التي كانت معروفة في السابق واستمرت خلال هذه المرحلة بشكل أفضل صناعة الفخار.
3) أصبح النحاس والبرونز في هذه الفترة يُنتجان على نطاق واسع في مواقع عديدة مثل: كفار مناش الذي يقع بين حيفا وتل أبيب حيث وجدت 35 قطعة؛ خناجر وفؤوس.
4) يعتقد بعض العلماء أن المدن الكنعانية قد دمرت مع بداية هذه الفترة على يد أقوام جديدة دخلت المنطقة تتصف بالبداوة، وقد يكون هم الأموريين.
5) والشاهد الرئيسي على هذه المرحلة مستمد من كثرة المدافن.
6) وبوجود هذه المجموعات تبدأ فترة جديدة يطلق عليها اسم "العصر البرونزي الوسيط".

العصر البرونزي الوسيط 2000 – 1550 ق. م:
1) في بدايته عادت المدن الكنعانية مثل: تل السلطان وتل المتسلم ورأس العين وتل الفارعة، تنشط وتأخذ مكانتها من جديد في فلسطين، وظهرت معها أنماط عمرانية وأنواع فخارية جديدة.
2) تميزت الفترة بعلاقات تجارية وسياسية واسعة مع بلدان الشرق الأدني القديم وبشكل خاص مصر وبلاد الشام.
3) تمثل هذه المرحلة بداية التغلغل السياسي والعسكري المصري في فلسطين في عهد الأسرتين 12 و 13 ، ويظهر التأثير المصري واضحاً على المكتشفات الأثرية في فلسطين في تل العجول وأبو شوشة جنوب فلسطين، وتل المتسلم في شمالها.
4) في نهاية هذا العصر أصبحت المدن المحصنة بأنواع جديدة من التحصينات.
5) تم العثور في كثير من المواقع الفلسطينية على قبور ومعابد.
6) تعتبر مدافن العصور البرونزية متطورة من حيث نوعية المرفقات الجنائزية التي توضع مع المتوفي، وهو ما عثر عليه في تل عين السلطان بأريحا.

العصر البرونزي الأخير "الحديث" 1550 – 1200 ق. م:
1) تتصف هذه المرحلة بالسيطرة المصرية شبه التامة على بعض بلاد الشام.
قسمها العلماء إلى عدة مراحل:
أ‌) العصر البرونزي المتأخر الأول 1550 – 1400 ق. م
ب‌) العصر البرونزي المتأخر الثاني (1)  1400 – 1300 ق. م.
ت‌) العصر البرونزي المتأخر الثاني (2) 1300- 1200 ق. م.
2) تميز العصر البرونزي المتأخر الأول ببداية تأسيس الامبراطورية الفرعونية زمن الأسرة 12 والحملات العسكرية المصرية على بلاد الشام.
3) المرحلة (1) من العصر البرونزي المتأخر الثاني تميزت برسائل تل العمارنة 400 رسالة، لها أهمية خاصة في هذه الحقبة من التاريخ الفلسطيني حيث تعكس هذه الرسائل الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة بلاد الشام لأنها موجهة من ملوك دويلات المدن في بلاد الشام إلى فرعون مصر الذين يخضعون لولائه.
4) زودتنا هذه الرسائل بالمواقع الأثرية الفلسطينية للحقب البرونزية المتأخرة تدل على التقدم والتطور الذي وصل إليه سكان فلسطين "الكنعانيين" في ذلك الوقت.
5) فقد عُثر على مبان فخمة تشبه القصور في تل المتسلم وتل العجول ودير البلح وتل الفارعة الجنوبية وتل الشريعة، وعًثر في موقع تل القدح على عدد من المسلات.
6) وفي بيسان وتل الهدروس عُثر على معابد مكونة من مجموعة من الغرف بها دُمى تمثل الآلهة التي أظهرت الفكر العقائدي لدى سكان فلسطين خلال العصور البرونزية المتأخرة.
7) وعُثر على قطع عاجية في تل المتسلم وتل الدوير وتل الفارعة الجنوبية.
س اذكر العوامل التي أثّرت في الازدهار الحضاري في بلاد كنعان – فلسطين - في 1200ق.م؟
8) هذا الازدهار الحضاري في بلاد كنعان "فلسطين" حوالي 1200 ق.م تأثر بعدة عوامل منها:
أ‌) هجوم الليبيين وشعوب البحر على مصر.
ب‌) هجوم شعوب البحر على الساحل الجنوبي من فلسطين.
ت‌) سقوط الامبراطورية الحثّية في بلاد الأناضول.
9) هذه العوامل وغيرها أدت إلى رسم خارطة سياسية جديدة لبلاد الشام.
10) وفي هذه المرحلة توصل الإنسان إلى معرفة استخدام "الحديد" في تصنيع أدواته وأسلحته، لهذا أطلق على الفترة اللاحقة اسم العصور الحديدية، وفيها تأسيس عدد من الممالك في المنطقة الجنوبية من بلاد الشام "فلسطين".

العصر الحديدي Iron Age عصر المماليك 1200 – 586  ق.م :
1) بدأ الإنسان الكنعاني حوالي عام 1200 ق.م باستخدام أدوات مصنوعة من الحديد عُثر على بعضها في المواقع الفلسطينية.
2) يُقسم العصر الحديدي إلى ثلاثة أقسام رئيسية، اعتماداً على دراسات وتفسيرات اللاهوت للتوراة أو المتأثرين بهذه التفسيرات من علماء الآثار المعنيين بالآثار الفلسطينية.
3) اعتبر هؤلاء عام 586 ق.م نهاية هذه الفترة، حيث تمثل هذه السنة:
أ‌) سقوط القدس على يد نبوخذ نصر البابلي.
ب‌) انتهاء حكم مملكة يهودا.
4) في أواخر الألف الثاني ق.م كانت فلسطين مسرحاً للصراعات الداخلية، وكذلك كان الصراع بين القوى الكبرى في مصر وفي بلاد ما بين النهرين وآسيا الصغرى، أخذت هذه القوى تسعى من أجل السيطرة على هذه المنطقة.
5) حالة الضعف هذه وصلت ذروتها في القرنين 12 و 13 ، وهذا سهل لقوى جديدة الدخول إلى المسرح السياسي، وأهم هذه القوى شعوب البحر مثل قبائل: الشردان والزكالا والشكلس والدانينو والبلست.
6) هذه الشعوب لم تكن متجانسة أو مترابطة لكنها شكلت خطراً مباشراً على مصر الفرعونية وعلى سواحل شرق المتوسط، حيث تمكن رمسيس الثالث 1198-1166 ق.م. من تحقيق نصر كبير عليها في معركة بحرية صُوّر تفاصيلها على جدران المعبد الجنائزي في مدينة "هابو".
7) وبهذا تمكن رمسيس الثالث من إبعاد شعوب البحر عن مصر وعن أجزاء من فلسطين التي كانت تابعة لمملكته، وهذا لم يدم طويلاً إذ فقدت مصر سيطرتها على فلسطين وبلاد الشام في منتصف القرن 12 ق.م.
8) وفي ظل هذه الظروف ظهرت قوى محلية كنعانية وآرامية امتزجت مع شعوب البحر.
9) رغم ذلك بقيت الاستمرارية للسكان المحليين "الكنعانيين" مميزة للعصر الحديدي الأول، أو نهاية القرن 12 ق. م.
والآن سنتناول أهم الممالك والقوى السياسية التي تكونت في فلسطين وهي: الكنعانيون – الفلستينيون – العبرانيون.
أولاً: الكنعانيون:
من هم أول الاقوام الذين استقروا في فلسطين وأسسوا حضارة فلسطين القديمة؟
الكنعانيون هم أقدم الأقوام الذين استقروا في فلسطين وإليهم يعود تأسيس حضارة فلسطين القديمة.
س اذكر انجازات الكنعانيين في فلسطين مع ذكر أعظم عمل قاموا به؟
وترجع حضارة الكنعانيين إلى عصور موغلة في القدم.
نمت هذه الحضارة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والفكرية.
وكان الكنعانيون أول من اكتشف النحاس الطري.
ثم اهتدوا إلى الجمع بين النحاس والقصدير في إنتاج البرونز.
وبذلك كانوا السباقين في استخدام صناعة التعدين مما أعطاهم أدوات وأسلحة فتاكة.
وقد أصبح استعمال البرونز شائعاً في المدن الكنعانية منذ أواسط الألف الثالث ق.م.
وبدأ الكنعانيون يستخدمون الحديد منذ أواخر القرن الثاني عشر ق.م.
وكانت الكروم والتين من أهم المزروعات القديمة في كنعان.  وكان يوجد لديهم النبيذ بكثرة يفوق الماء.
وتقدم الكنعانيين في الصناعة: صناعة العاج، الزجاج، النسيج الصوفي والقطني، وصناعة الأصباغ، القرمز والأرجوان.
ظهر تقدم الكنعانيين في صناعة التعدين من خلال الفراعنة الذين وصفوا ذلك بعد حصولهم على الغنائم التي حصلوا عليها أثناء فتوحاتهم للشرق.
وتشير مدونات توحتمس الثالث إلى خصوبة أرض كنعان مؤكدة أن النبيذ كان عندهم بكثرة.
وكرس الكنعانيين جهودهم في سبيل إتقان الأساليب الحربية بسبب النزاعات التي كانت منتشرة في البلاد وبسبب الغزوات الخارجية. وبرعوا في إنشاء القلاع.
ولحاجتهم إلى الماء قاموا بأعمال هندسية ضخمة لإيصال الماء إلى داخل حصونهم.
واقتبسوا فن البناء من البابليين وخاصة بناء الأقواس.
وهم الذين اخترعوا السفينة وعمل الزجاج ووضعوا "نظام الحساب".
وأعظم عمل قاموا به هو اختراعهم "الأبجدية الهجائية" التي تعتبر من أهم الاختراعات في العصور القديمة بل في تاريخ الحضارة البشرية.
وكانت لدى الكنعانيين المدارس أسوه ببقية أجزاء الشرق القديم مثل العراق ومصر. (هنا نشرح رسالة الاستاذ لولي أمر طالب بسبب عدم قيام ولي الامر بدفع الاجرة وتعود الرسالة الى بداية القرن 14 ق.م).
سميت المدينة "يبوس" نسبة إلى جد اليبوسيين؛ واليبوسيون هم بطن من بطون العرب البائدة. (هنا نوضح للطلبة من هم أول من بنى القدس)
ويمكن القول بأن الكنعانيين العرب المهاجرين من الجزيرة العربية منذ أكثر من 5000 عام ق.م. كانت لديهم المديّنة وبنوا مدن محصنة واستعملوا العجلات الحربية والصناعات الحديدية، واشتغلوا بالتجارة والزراعة، وكانت أبرز سلعهم الأخشاب والزيت واستخدموا الدولاب في صناعة الفخار والخزف.
ووجد على جدران معبد الكرنك أسماء 119 مدينة كنعانية.
عُثر على لوح مهم يعود إلى بداية القرن 14 ق.م وهو عبارة عن رسالة إلى ولي أمر طالب من معلمه، تبيّن الرسالة أنه كان للمعلم كثير من الطلبة، وأن أولياء الأمور كانوا يدفعون حبوباً أو زيناً وخمراً، وتظهر الرسالة مدى اهتمام المعلم بتلاميذه، وأن ولي الأمر لم يدفع الأجرة.
ثانياً : الفلستينيون :
يختلف العاملون في الآثار الفلسطينية وتاريخها حول أصول الفلستينيين.
البعض يعتبرهم مجموعة من شعوب البحر، ويعتبرهم آخرون من سكان فلسطين أصلاً امتزجوا بمجموعات شعوب البحر، الذين أثروا في حضارتهم وأدخلوا عليها مواد وعادات جديدة.
ويؤكد أحد المصادر أنهم من الأقوام الايجية "أهل السواحل" كانوا قد احتلوا بعض السواحل السورية في أوائل القرن 12 ق.م وهاجموا مصر في عهد رمسيس الثالث 1198-1166 ق.م وتمكن من هزيمتهم في  معركة بحرية في 1191ق.م فاتجهوا إلى الساحل الفلسطيني الجنوبي، ومنهم جاءت تسمية فلسطين الحالية.
ورد ذكر الفلستينيين في عدد من المصادر المصرية خاصة اللوحات الجدرانية لمدينة هابو.
ما زال النقاش محتداً حول موطنهم الأصلي، مع الاعتبار أن الرأي الأول أي هم من شعوب البحر، هم غالباً من التوراتيين.
وسماهم المصريين بلست وذكروا في السجلات الآشورية بِلستو، وبَلستو.
س اذكر أسماء المدن التي أسسها الفلسطينيون في فلسطين؟
اعتبر الفلستينيون أنفسهم حلفاء للمصريين وسيطروا على معظم أجزائها، وغالباً هم سكان الساحل حيث أسسوا عدة مدن في فلسطين مثل: غزة، وعسقلان، وأسدود، وعقير، وتل الصافي.
كانوا يحتكرون صناعة صهر الحديد واستخدامه، هذا مكنهم من الانتصار على العبرانيين عام 1050 ق.م.
ينسب إليهم أنواع من الفخار عليها رسومات وأشكال هندسية، وطيور، وتوابيت فخارية على شكل إنسان، عُثر عليها في فلسطين والأردن ومصر.
ظهرت التأثيرات الكنعانية على مخلفاتهم من أسماء آلهتهم عشترون وداجون إله الغلة الذي عبده الكنعانيون.
كانت منازلهم من غرفتين أو أربعة مبنية من الحجارة أو الطين أو كليهما، وهي مستمدة من التقليد المعماري للعصر البرونزي والوسيط.
مدنهم مثل "بيت مرسيم وأسدود" لها أسوار ذات طابع دفاعي، واستمر بناء هذه الأسوار الدفاعية طوال القرن 12 ق.م حتى حوالي القرن السابع ق.م .
اندمجوا مع الكنعانيين.
بالإضافة إلى أن الكنعانيين السكان الأصليين لفلسطين والفلسطينيين الذين اندمجوا مع السكان الأصليين تكنعنوا ودخلت فلسطين قبائل من العبرانيين.

ثالثاً : العبرانيون :
دخلوا فلسطين في مطلع العصر الحديدي فوجدوا فيها الكنعانيين "العرب" في مدن مسورة زاهرة.
فلم يستطيعوا أن يغزو إلاّ المدن الضعيفة.  حتى أورشليم هزئت من حملات العبرانيين بضعة قرون.  هذه المدن التي عجز المهاجمون عن احتلالها، كانت ذات حضارة نشأت قبل قدوم العبرانيين إليها بـ 1500 سنة.
وكان للكنعانيين منازل متقنة ومريحة وحكومة وصناعة وتجارة وعلم وكتابة وديانة.
اقتبس العبرانيون الحضارة من الكنعانيين، لأنهم لم يستطيعوا العيش بدون هذه المدن الصناعية والتجارية.
فصار بعضهم يسكن الخيام إلا أنهم شرعوا يبنون بيوتاً كالكنعانيين، وخلعوا عنهم الجلود التي كانوا يلبسونها وهم في البادية ولبسوا الثياب الكنعانية المصنوعة من منسوجات صوفية زاهية.
احتدم الصراع بينهم وبين السكان الأصليين ونتج عن ذلك تأسيس دولة لهم حوالي 1030 ق.م.
ولا يمكن الجزم فيما إذا كانت هذه الدولة أسسها العبرانيون لعدم توفر وثائق أصلية غير التوراة تشير إلى هذا.
وذكرت التوراة: "أن القبائل العبرية الاثنتي عشرة قد اجتمعت وعقدت تحالفاً فيما بينها تحوّل فيما بعد إلى مملكة بقيادة "شاؤول" ومن بعده حكم داود" الذي تذكر التوراة بأن أول عمل عسكري قام به هو مهاجمة القدس اليبوسية ومن بعده ابنه سليمان الذي تنسب إليه المشاريع الصناعية والعمرانية الكبيرة، لكن عهده اتصف بالبذخ والترف مما أرهق الدولة، وبعده انقسمت مملكته إلى مملكتين: إسرائيل في الشمال وعاصمتها السامرة ويهودا في الجنوب عاصمتها القدس، تصارعتا فيما بينهما إلى أن سقطت المملكتين الأولى إسرائيل على يد سرجون الثاني الآشوري 722 ق.م والثانية يهودا على يد بنوخذ نصر الكلداني 586 ق.م وسبى سكانها "السبي البابلي" وأصبحت كل فلسطين مع سائر بلاد الشام في أيدي البابليين.

فترة الحكم الفارسي 332-539 ق. م:
لم يدم حكم الدولة البابلية طويلاً في فلسطين، فبعد أن توفي بنوخذ نصر 562 ق.م وسقطت الدولة البابلية بيد الفرس 539 ق.م بعد أن انتصر الفرس على الملك "نابونيدس".
المعلومات الموثقة التاريخية عن فلسطين في العهد الفارسي قليلة ومبعثرة والمعلومات المتيسرة مستمدة من التوراة.
لم يكن للنظام الفارسي تدخلات مباشرة في الأوضاع السياسية والدينية في فلسطين وهدفه فقط مراقبة الأوضاع في بلاد الشام وضمان ولاء هذه المقاطعة له، رغم أن أسماء الحكام فارسية.
قسمت فلسطين في العهد الفارسي إلى عدة مقاطعات أذكرها: الجليل – والسامرة – والقدس - وأدوم – وكنعان – وفلسطين.
وكانت اللغة الآرامية هي اللغة الشائعة في فلسطين كغيرها من بلاد الشام.
ومن مدن العهد الفارسي في فلسطين تل الدوير، التي هُجرت بعد تدمير البابليين للموقع وثم رممت.
وظهرت المخلفات المعمارية للعهد الفارسي في عدد من المواقع الفلسطينية منها: تل أبو الحوام، وتل مبارك وتل زرور ويافا وأسدود وعسقلان وتل الصافي وتل الفارعة الجنوبي ومواقع أخرى في فلسطين.
كان الفخار في هذا العهد أقل تنوعاً وأكثر خشونة من العهود السابقة، وكانت الزخرفة فيه أقل، وكانت الأواني الفخارية مرتبطة بالاستعمالات الزراعية؛ فكثرت الجرار، وظهرت الدمة الفخارية والتماثيل الحجرية.
من الصناعات في العهد الفارسي صناعة ما يسمى "بالمذابح" وهي صغيرة الحجم مصنوعة من الحجر الكلسي تحمل زخارف متنوعة بأشكال هندسية وآدمية وحيوانية ونباتية محفورة في الحجر أو مدهونة بطلاء أحمر أو بني أو أسود، وظهر قليل منها عليها نحت بارز.
ولقد ظهرت النقود في فلسطين في هذا العهد مثل التي عُثر عليها في القرن 6 ق.م في القدس وتل بلاطة، في القرن 5 ق.م في تل المتسلم وعتليت وسبسطية وغيرها، ويعود أقدم النقود الشامية للقرن 14 ق.م، وتنوع هذه المسكوكات التي تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتصنيف لأهميتها التاريخية، وهذه المسكوكات أفضل شاهد على الانتقال من العهد الفارسي إلى العهد اليوناني أو المرحلة الهلينستية اللاحقة.

الفترة الهلينستية 63 – 332 ق. م:
انتصر الاسكندر المقدوني على الملك الفارسي داريوس "دارا" الثالث في معركة أيسوس عام 333 ق.م.
ودخلت قواته مدينة غزة في خريف عام 332 ق.م، وبعد أن زحف عبر الساحل الفينيقي تجاه مصر صمدت غزة من 2-4 شهور في وجه حصار الاسكندر، ودخلها بعد أن قتل عدد من رجالها ودمرها وبيع الكثير من سكانها رقيق.
وتوفي الاسكندر 323 ق.م وانقسمت أملاكه إلى قسمين: السلوقيين في بلاد الشام والبطالمة في مصر.
- الذي يهمنا هنا هو ما أصاب بلاد الشام ومصر لأن تاريخ فلسطين ارتبط بتاريخهما ارتباطاً عضوياً في الفترة التالية لمدة ثلاث قرون على الأقل.
- وشُنت خمس حروب بين الدولتين في القرن الثالث بهدف السيطرة على بلاد الشام، عرفت هذه الحروب باسم الحروب السورية.
بسبب هذه الحروب أصاب فلسطين الضرر إلاّ أنها لم تتأثر مباشرة بالحروب الثلاثة الأولى.
هذا أتاح لها نوع من الاستقرار النسبي على مدار 80 سنة في القرن 3 ق.م، أفادت منه في تطوير اقتصادها.
أما في العصر السلوقي فلم يتح لفلسطين مثل هذا الاستقرار والهدوء.
لأن أنطيخوس الثالث الكبير 187-223 ق.م انتزع فلسطين من البطالمة.
وبعد وفاة أنطيخوس الثالث عانت الدولة مشكلات عديدة منها الحروب التي كانت تشنها ضد الفرثيين في إيران.
وقامت في فلسطين حرب المكابين ضد السلوقيين استمرت 40 سنة من135 – 175 ق.م.
انتهت هذه الحرب بقيام الأسرة الحشمونية التي قضى عليها بومبي سنة 63 ق.م واحتل القدس وأصبحت فلسطين جزءاً من الدولة الرومانية شأنها في ذلك شأن بلاد الشام.
وأنشئت في فلسطين في العصر الهلنستي مدن تختلف عن المدن السابقة لهذا العصر.
كانت الأبنية القديمة طرقها وشوارعها أزقة وبيوتها متراصة ومساكنها مزدحمة.
أما المدن الجديدة فقد نُسقت على نظام تقاطعي استنه "هيبو دراموس"؛ مهندس المدينة الهلينسية، شوارعها عريضة تركت فيها مساحات فسيحة للتجمعات وأُقيمت فيها هياكل فخمة للآلهة، وأنشئت فيها نافورات أنيقة للحوريات المقدسة.
وحمل العنصر البشري اليوناني الذي سكن أفراده كجنود في المدن الهلنستية عناصر حضارية ليفيد منها العالم.
وعملوا على نشر آرائهم وأفكارهم وفلسفتهم عبر المؤسسات المدينة والثقافية وكان السلوقيون هم بناة المدن في الدرجة الأولى من العصر الهلينستي، يشجعون جماعات من سكان البلاد على السكنى في المدن، لأن المهتمين في نشر الحضارة الهلينستية كانوا يرون أن المعايشة داخل أسوار المدينة الواحدة، هي السبيل إلى ذلك، إلاً أنهم لم يصبحوا جزءاً عضوياً من مجتمع المدينة؛ بل كانوا جماعة خاصة كان يطلق عليها اسم: "بوليتويما"، ولم يشاركوا في الحياة في الحياة السياسية ولا في الجيش وكان دورهم في الحياة الاقتصادية كبير.
ومن أشهر المدن الهلنسية في فلسطين: عكا – جبع – دورا – أرسوف – يافو "يافا" – يبنا "يمينا" – أسدود وعسقلان وغزة ورفح والسامرة وصفورية وبيسان.
ومن المصادر الرئيسية للحياة الاقتصادية في فلسطين في هذا العصر "زينون" في أواسط 13 ق.م اليوناني الذي هبط مصر سعياً وراء الرزق والمنصب وزار فلسطين واهتم بزيارة الموانئ وذكر أن الثروة الرئيسية للبلاد هي الأرض والزراعة وكانوا يعتبرون المُلك كرماً أو غابة زيتون أو بيتاً.
وكانت الضرائب تدفع عيناً حبوباً أو زيتوناً أو خمراً أو بقراً أو غنماً أو طيوراً.
أما النقود فكان دورها ثانوياً.
وكان رضى الله عن الشعب أو غضبه عليه يُعبر عنه بالخير في الحالة الأولى والقحط والجفاف في الحالة الثانية، وكانت الفترة 

الهلينية هي فترة تمدّن فقد اقتبس الناس أساليب المعايشة اليونانية، واللغة اليونانية أصبحت لغة المثقفين لا في المدن التي أنشئت لليونانيين فقط بل في مدن فينيقيا القديمة بما فيها القدس. والمخطوطات التي عثر عليها في البحر الميت في قمران وكهوف باركوسيبا ومسعدة خلال الفترة من 1947 – 1961 م تشكل مصدراً هاماً للتطور الفكري والحضاري في فلسطين..
الفترة الرومانية 63 ق.م – 324 م.
في عام 65 ق.م دخلت الجيوش الرومانية كليكيا في طريقها إلى سوريا وفلسطين، وكان هم القائد الروماني "بومبي" هو القضاء على الدولة السلوقية وتنظيم منطقة غرب آسيا.
وفي فلسطين تعرضت الأسرة الحشمونية للانحطاط نتيجة الصراع على الزعامة الدينية في القدس.
إلاً أن "بومبي" دخل القدس عام 63 ق.م منهياً بذلك حكم الأسرة الحشمونية.
ووضع تنظيماً إدارياً جديداً وكوّنت سوريا وفلسطين على أثره ثقافة رومانية.
في سنة 57 ق.م تولى غابينوس ولاية سوريا فقسم منطقة القدس إلى خمسة أقضية كل منها مستقل عن الآخر:
1) قضاء بيت المقدس ويتبعه جبال القدس والخليل وأدوم.
2) قضاء أريحا وكان يضم السفوح الشرقية لجبال القدس وعقربة.
3) قضاء جازر وكان يضم السفوح الغربية لمنطقة القدس – رام الله.
4) قضاء صفورس "صفورية" وكان يشمل الجليل الشرقي.
5) قضاء أماتوس "عمّاتا" وهو بيريا سابقاً "أكثره إلى الشرق من نهر الأردن"
تمت هزيمة بومبي في معركة فرسالوس 48 ق.م وتوجه إلى مصر حيث تم اغتياله هناك.
ثم جاء حدث آخر أزعج الدولة الرومانية هو اغتيال "يوليوس قيصر" في مارس 44 ق.م.
وفي معركة فيليبي عام  42 ق.م انتصر أنطونيوس وأكتافيوس على من تبقى من قتلة يوليوس قيصر.
وأُوكل أمر إدارة المشرق لأنطونيوس الذي نصب هيرودوس ملكاً على فلسطين، وقد نجح هيرودوس في تحقيق طموحه بسبب التأييد الروماني له ولأسرته.  وكان أنطونيوس يرعى هيرودوس منذ انتصاره في معركة فيليبي 42 ق.م.
وكان هيرودوس نصيراً لأنطونيوس كلياً.
وبعد معركة أكتيوم 31 ق.م انهزم أنطونيوس فأصبح هيرودوس موالياً طيلة حياته لخصمه أكتافيوس سيد العالم الروماني "أغسطوس فيما بعد".
س: اذكر إنجازات هيرودوس في فلسطين في الفترة من
37 – 4 ق.م ؟
حكم هيرودوس فلسطين من 37 _ 4 ق.م وكانت كل البلاد باستثناء المدن الهلنستية تحت حكمه.
كان هيرودوس بناء من الدرجة الأولى، فبنى هيرودوس أول ميناء بحري كبير مكان حصن ستراتون وأحاط الميناء بمدينة كبيرة سماها قيصرية نسبة إلى أغسطوس قيصر "وهي قيسارية الحالية".
وبنى مدينة جديدة حيث كانت تقوم مدينة السامرة سماها سبسطية باسم الامبراطور أيضاً.
وبنى مدينة رأس العين عند منابع نهر العوجا الذي يصب شمال يافا.
وبنى فصايلس وهي خربة فصايل الواقعة إلى الشمال من أريحا حالياً إحياء لذكرى أخيه الأكبر.
وقد شيد قلعة في أريحا سماها سيبروس على اسم أمه.
ولم تقتصر أعمال هيرودوس العمرانية على المدن الواقعة تحت حكمه بل امتدت إلى المدن المجاورة، أبنية ضخمة وشوارع معبدة وهياكل ومسارح ومن هذه المدن: بيروت وأنطاكية وجبيل وطرابلس ودمشق واللاذقية وصور وصيدا، وكان هيرودوس قد أدخل المدنيّة على المدن التي بناها فأدخل المسارح والجمباز اليوم وميدان السباق وأدخل الثقافة الجديدة، وكان في بلاطة فئة من أهل المعرفة مثل "نقولا الدمشقي" الذي أرّخ الفترة نفسها.
وكان هيرودوس يحيط نفسه بمجلس استشاري يدعوه للمشاورة عندما تدعو الحاجة إلى ذلك.
هيرودوس كان أدومي الأصل "والآدميون عرب".
وبعد وفاته توزعت أملاكه على أبنائه الثلاثة.
بعد موت "أغريبا" حفيد هيرودوس أصبحت فلسطين كلها ولاية رومانية بعد عام 44 م.
وفي سنة 66 م اندلعت في فلسطين حركة عصيان "قام بها اليهود" ضد الحكم الروماني قضى عليها تيطس عام 70 م.
بعد القضاء عليها أصبحت القدس لا تعدو معسكراً للفرقة الرومانية العاشرة من الجيش الروماني.
وعندما تولى الامبراطور الروماني "هادريان" 130 م أقام مدينة جديدة مكان المدينة القديمة وضمن مخططها هيكل روماني وجميع المؤسسات الرومانية وأسماها "إيليا كابيتولينا".
هذا أدى إلى ثورة باركوخيا 132- 135 م وكان نتيجتها أن قضى الرومان نهائياً على آخر وجود لليهود في فلسطين.
تلى ذلك فترة هدوء خلال الأعوام 135 – 324 م وسلام وطمأنينة في جميع فلسطين.
ونشطت فيها أعمال البناء من مسارح ومعابد وشوارع وجسور.

الحياة الفكرية والتعليم في فلسطين خلال فترة الحكم الروماني في فلسطين:
أتيحت الفرصة لفلسطين لأن تكون مدارسها في مقدمة مدارس الامبراطورية.
وُجد بها مكتبات كبيرة في القدس وقيصرية وغزة، وكانت في قيصرية مدرسة تعد الطلاب في شئون البلاغة والآداب القديمة ومعهد لتعليم المسيحية، وكان أفضل التدريب موجوداً في غزة.
ومن شخصيات غزة العلمية "بروفوريوس" و "زوس يموس" 395-420 م الذي كان معاصراً للإمبراطور "نيرون".
وكان آخر رجال غزة "يوحنا" الذي عاصر الامبراطور "جستنيان" 527-565 م، وغيره مثل العسقلاني الذي وضع معجماً لاتينياً وألف كتاباً في النحو.
وكان أمام الشباب الفلسطيني المثقف عدة مدارس يتوجه إليها: مدارس في أثينا والقسطنطينة وبيروت وأنطاكية والإسكندرية وغزة، وكانت غزة تعتبر بنت الإسكندرية علمياً.
إذ أن العلماء أنشأوا لغزة تقليداً علمياً قوياً وجعلوا منها مركزاً فكرياً ويسرت الامبراطورية حرية التنقل لطلاب الرزق والعلم والمتعة.
وكانت فتوح الإسكندر لفلسطين وغيرها منطلقاً جديداً من حيث أن عناصر حضارية جديدة نسبياً قد دخلت فلسطين بشكل وآخر ومثّل مجيء الرومان من الناحية الحضارية استمراراً للعمل الهلينستي لأن الهلينية ثم الرومانية كانتا حلقتين في سلسلة حضارية أفادت منهما فلسطين.  وتبقى القاعدة الأساسية في التطور بسبب التلاحم بين التقاليد المحلية وما يأتي من الخارج، وكان هذا أيام الكنعانيين والفلستينيين أقل من أيام الأشوريين والكلدانيين والفرس.
الفترة البيزنطية 324 – 636 م:
بدأت الفترة البيزنطية باعتراف الملك قسطنطين الأكبر بالديانة المسيحية ديناً رسمياً للدولة الرومانية 324م.
بنى عاصمته الجديدة فوق قرية تقع على مضيق البوسفور تعرف باسم بيزنطة.
زارت والدته هيلانة القدس وأمرت ببناء كنيسة القيامة وكنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة البشارة في الناصرة.
بعد وفاة قسطنطين حتى عام 527م تولى حكم الامبراطورية 17 امبراطور منهم 4 كانوا مغتصبين للعرش.
واعتبرت بيزنطة نفسها الوريثة للامبراطورية الرومانية لهذا تمكنت بيزنطة من السيطرة على البلاد العربية، ثم أخذت هذه الامبراطورية تتسم بطابع خاص لها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً.
ولم يتوقف الصراع والتنافس بين بيزنطة وفارس حول البلاد العربية وخاض الطرفان حروباً مستمرة.
كان لهذا أثره الكبير في إضعاف الامبراطوريتين وإضعافهما وانهيارهما.
هذا انعكس على البلاد العربية فأصابتها حالة من الضعف والتراجع.
أما فيما يخص فلسطين تحت الحكم البيزنطي فقد قسمت إلى ثلاثة أقسام إدارية، بالإضافة إلى تطور الإدارة في الفترة الأخيرة من العهد البيزنطي.
وازدادت المراكز الكنسية بحيث أصبحت 15 مركزا في فلسطين.
خلال السنوات من 610 – 622م قام الفرس بهجمات على الامبراطورية البيزنطية فنهبوا أنطاكية ودمشق، واستطاعوا بمساعدة من اليهود احتلال القدس 614م، وإشعال النار في عدد من الكنائس.
لكن هرقل قام بعدة حملات عسكرية على الساسانيين انتصر على الساسانيين الفرس وحاصر عاصمتهم المدائن عام 627م وخلع ملكها وعقد معهم صلح ولكن هرقل لم يدم طويلاً إذ أنه لم يستطع الثبات أمام الجيوش الإسلامية.
وقضت الجيوش الإسلامية على الدولة الساسانية "الفرس" واستولوا على بلاد الشام بما فيها فلسطين ومصر من أيدي البيزنطيين وذلك بعد انتصارهم في معركة اليرموك عام 636م.
استفادت فلسطين من هذا الفتح، واكتسب الفاتحين من خلال تجربتهم الطويلة الكثير من البيزنطيين؛ فالتنظيم الإداري الأول للبلاد كان أشبه بما كانت بيزنطة انتهت إليه، وسك النقود وسار فيه الحكام الأوائل كما كان معروفاً من قبل.
إلى أن تبدل أيام الملك عبد الملك بن مروان وبنيه.
واستخدم العرب الوسائل نفسها التي كانت مستعملة لحفظ القيود والسجلات و خاصة المالية منها.
وبهذا فإن العقود الأخيرة للبيزنطيين في فلسطين قد هيأت البلاد "فلسطين" لأن تقبل بالقادم الجديد، حيث أنه كان وثيق الصلة بأهل فلسطين عرقياً وتجارياً وتنقلاً نحو فلسطين.
لهذا يمكن القول أن العرب القادمين لم يجدوا صعوبة في التحدث إلى أكثر السكان في فلسطين شرقاً وجنوباً وعلى الساحل بلغتهم العربية.

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم