اجتماع بني عامر القيسية واليمانية

بقي اسم بني عامر سواء من قيس أم من قحطان، محفورا في ذاكرة أجيال كل منهما، أينما سافر الرجل وإلى أي وجهة رحل، رحل معه في ذاكرته الإسم الشهير تاريخيا "بني عامر" هكذا تماماً وكلما اختلط العرب في أي مكان جغرافي من هذا العالم مترامي الأطراف، سرعان ما يتعرف البدوي الفطن بهويته الشهيرة في تلك العصور الفريدة ألا وهي شهرة انتسابه، هي جواز سفره وبطاقته الشخصية ورايته وتراثه وسماته وملامحه وتاريخه، أيما نزل فسرعان ما يجعل سؤاله الأول معرفة أصل القوم أي هويتهم، فتراه يقول عامري أو قيسي أو هاشمي أو قحطاني أو جهني أو عذري أو عقبي أو جذامي إلى غيره من الأسماء.
ولشهرة إسم بني عامر وقوته وصيته واسع الانتشار في بلاد العرب شرقها وغربها، كان الرجل يكتفي بذكره لهذا النسب بـ عامري فكلما وجد رجلا أو رفيقا أو جماعة أو قوما قي طريق أو في بلدة أو في ساحلا أو صحراء ووجدهم ينتسبون لبني عامر استسر لهم وتقرب لهم، فيبادر بقوله على الرحب والسعة ببني عمي، توددا وتحننا وشوقا للجذور وشد القلوب نحو بعضها البعض، وعلى هذا النمط فعل كل العرب.
ونحن نعرف أن أقوام العرب كثيرة الترحل والتنقل بين الفينة والأخرى، ولذلك فمن الطبيعي جدا أن نجد عدة أقوام ممن يحفظون اسمهم "بني عامر" قد يجمعهم حدث أو صدفة أو تجارة أو أمر ما، في بؤرة جغرافية معينة ليشكلوا فيما بعد نسيجاً اجتماعيا قويا في تلك البؤرة، حيث يتم ذلك من خلال اسم بني عامر على الرغم من أن كل شخص منهم من عامر مختلف عن الآخر، لكن لعب هذا الاسم دورا في نسج العلاقة الاجتماعية بينهم.
ومن ناحية أخرى لقد سجل التاريخ أحداث بني عامر التي وقعت في كل منطقة باسم بني عامر فقط، لكن عملية الصياغة والتأليف التي قامت باعادة الشرح والجمع والإعداد هي السبب الذي أوجد عدة أنساب لبني عامر وهذا أمر قد ارتكبه المؤرخين الأوائل فزرعوه في صحائفهم بغير قصد منهم، سوى أنهم أرادوا الوصول لشمولية الجملة والموضوع وكماليتها، ظناً منهم أنهم على صواب في ذلك، وهم معذورون بسبب قلة وندرة التحقيقات وانعدام الوسائل المعينة على ذلك من زيارات ميدانية ورحلات استكشافية متعددة بجهد أقل ووقت أسرع مثلما توفره اليوم وسائل التكنولوجيا والمواصلات المتعددة.
وعليه فإن بني عامر في حد ذاته كان ولا يزال اسما يجمع القلوب لكل من يرث هذا الاسم، حتى أن الطلبة العرب من كافة الأقطار العربية اذا اجتمعوا في مجلس جامعي بأي مكان جعلوا هذا احدى وسائل التعارف بينهم مكتفين بالبداية ببني عامر، ولذلك فمن المؤكد أن بؤر وقرى عربية عديدة في الشرق والغرب قد جمعت عدة أناس عرب ووحدتهم بناء على نسبهم لبني عامر لأنه كما قلنا بطاقة تعارفية وكافية للألفة والمودة بينهم.
ومن أشهر قبائل بني عامر على الإطلاق قبيلة هلال بن عامر القيسية وقبيلة عامر بن عوف القضاعية، وبعد التحقق في الأنساب وجدنا أقدم ذكر لهما يجمع بينهما في القرابة وذلك لأن عامر بن صعصعة جد هلال بن عامر هو أخو لجد عامر بن عوف وفيما يلي نسبهما:
1- ذكرهما النسابة الكلبي وقال عامر بن صعصعة أخو عامرالأكبر بن عوف لأمه، أمهما عمرة بنت عامر بن الظَّرب بن عمرو بن عبَّاد ابن يشكُر بن عدوان [1]
2- عمرة بنت عامر بن الظرب العدواني، أبوها عامر هذا كان من المشاهير في الجاهلية وكان حكما يحتكم عنده الناس[2]
3- عامر بن عذرة الكلبي أخو عامر بن صعصعة لأمه، وأمهما عمرة بنت عامر العدواني [3]
وقبيلة بني عامر الأكبر بن عوف الكلبي هي بطن عظيم، وكذلك قبيلة بني عامر بن صعصعة هي بطن عظيم أي كثير الفروع والقبائل ومتعدد الانتشار الجغرافي والنفوذ.
وبكل صراحة وموضوعية نجد هناك اختلاط بتاريخ كل من هاتين القبيلتين، وتواجد جغرافي بنفس المكان، فالاختلاط هنا جد صعب ومندمج بسبب الاشتراك بزمن واحد وموقع واحد وظروف واحدة وحروب واحدة ايضا وقرابة مثبتة وكذلك تشابه إلى حد كبير من أسماء العائلات والقبائل وحتى الألقاب، وللتفريق بينهما نحتاج لمزيد من الصبر والجرأة والبحث والتنقيب والتركيز وقوة الفكر وكثرة الاطلاع والثقافة.
لكن يبدو أن الاختلاط حقيقة وقع بالفعل بينها، وهذا مثبت في التاريخ ومنها
ذكر ابن خلدون أن تغريبة بني هلال بن عامر ورحلتهم إلى بلاد المغرب ضمت كثير من قبائل العرب يمنها وقيسها ومنهم من قبيلة قضاعة، وذكر الهمداني أن العرب اليمانية والقيسية كل خال الثاني أي مرتبطين مع بعضهم البعض بصلة الأرحام نتيجة الزواج والمصاهرة وهذا كما هو مشهور عامل لزيادة القرابة، وقال صاحب كتاب عشائر الشام أن الخؤولة سببا كافيا للعصبية والترابط والتحالف بين القبائل، وذكر المقريزي صاحب كتاب البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب أمثلة عديدة للتحالفات العربية بين قبائل من قيس ويمن، وذكر القلقشندي والعمري أن الحلف اليمني "القحطاني" ضم عدة قبائل من أصل قحطاني وقيسي في آن واحد، وذكر صاحب خطط الشام بعض الحروب اليمنية القيسية وجاء فيه عدد من قبائل قيس دخلت الحرب مع قبائل قحطانية ضد القبائل القيسية والتي كانت تضم أيضاً من هم من جذور يمانية، اذا الأمر فيه تداخل واختلاط لا محال من ذلك، وهنا يظهر دور وأثر عامل المصاهرة والجيرة في تشكيل القبائل وهذا أمر يجب التسليم به، مع ملاحظ هامة في هذا الصدد وهي:
أن قبيلة بني عامر بن صعصعة هي الأكثر ذكرا في كتب التاريخ والتراث لما لها من دور كبير وواسع في ربوع الوطن العربي في العراق والشام ومصر وافريقيا ودول الخليج العربي وهذه حقيقة لا مناص منها..

ومن الأماكن التي وجدناها حملت اسماء لها علاقة ببني عامر نذكر ما يلي:

  1. العوامرة هي قرية ساحلية مغربية شمال غرب البلاد. تقع العوامرة بإقليم العرائش الساحلي. تضم العوامرة 35.161 نسمة (إحصاء 2004م).
  2. قرية بنى عامر هي إحدى القرى التابعة لمركز الزقازيق في محافظة الشرقية في جمهورية مصر العربية. حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في بنى عامر 18202 نسمة، منهم 9400 رجل و8802 امرأة.
  3. قرية بني عامر هي إحدي القرى التابعة لمركز العدوة بمحافظة المنيا في جمهورية مصر العربية. حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في بني عامر 6349 نسمة، منهم 3238 رجل و3111 امرأة.
  4. قرية عامرية الفيوم هي إحدى القرى التابعة لمركز الفيوم في محافظة الفيوم في جمهورية مصر العربية. حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في عامرية الفيوم 16303 نسمة، منهم 8516 رجل و7787 امرأة.
  5. قرية العوامر الغربية هي إحدى القرى التابعة لمركز أبو تشت في محافظة قنا في جمهورية مصر العربية. حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في العوامر الغربية 3779 نسمة، منهم 1660 رجل و2119 امرأة.
  6. قرية العوامر قبلي هي إحدى القرى التابعة لمركز جرجا بمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية. حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في العوامر قبلي 2987 نسمة، منهم 1497 رجل و1490 امرأة.
  7. قرية العوامر بحري هي إحدى القرى التابعة لمركز جرجا بمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية. حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في العوامر بحري 10143 نسمة، منهم 5173 رجل و4970 امرأة.
  8. قرية بني عامر : بفتح العين وكسر الميم .. قريه من قرى قبيلة بلجرشي بسراة غامد .. تقع شمال غربي مدينه بلجرشي .. دار السوق .. بمسافة كيل واحد .. ويقدر سكانها باربعمائة نسمه وهي الان ضمن النطاق العمراني لمحافظة بلجرشي جنوب الباحة بحوالي 30 كيلومتر بالمملكة العربية السعودية.
  9. العامرية قرية سوريّة تتبع إداريّاً لمحافظة حلب منطقة جبل سمعان ناحية تل الضمان، بلغ تعداد سكانها 1,198 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2004م.
  10. العامرية مزرعة في ناحية عين النسر التابعة لمنطقة حمص في محافظة حمص في سورية.
  11. قرية كتير العوامرة تقع في ولاية الجزيرة بين الخطوط 14.959794,ق 32.849261 ش وهى من أكبر قرى ولاية الجزيرة بعد قرية الولى وتبعد من العاصمة الخرطوم حوالى 80 كيلو متر ومن عاصمة الولاية ود مدنى حوالى 120 كيلو مترا وتبلغ مساحتها حوالي 750م*750م وتعتمد كتيرالعوامرة على مصدر دخلها من الزراعة والرعى نسبة لموقعها الممتاز وسط مشروع الجزيرة واضافة للموظفين والمقيمين بالخارج وبقرية كتير العوامرة اربع مدارس اساس ومدرسة ثانوية للذكور واخرى للاناث ومركز صحى وحوالى عيادتين خاصتين وعدد اثني عشرمسجد واغلب سكانها من قبيلة العوامرة.
ومن الدويلات التي حملت اسم بني عامر نذكر:


  1. الدولة العامرية في الأندلس (978م- 1080م)[4]
  2. الدولة العامرية في العراق وسوريا (996م -1062م)[5]
  3. إمارة بني عامر في الإحساء (1200 -1600م)[6]

المراجع والمصادر التي تم الاستعانة بها
[1] نسب معد واليمن الكبير، أبو المنذر الكلبي المتوفي سنة 204هـ/820م
[2] جمل من أنساب الأشراف، البلاذري المتوفي سنة 279هـ/892م
[3] جمهرة أنساب العرب، لابن حزم الأندلسي المتوفي سنة 456هـ/1064م
[4] ويكيبيديا الموسوعة الحرة
[5] الدول الإسلامية، الزيني دحلان، ص38-40
[6] موسوعة تاريخ الخليج، ج1، ص157

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم