دفع الأوهام عن نسب بني عصفور وجبر الكرام


المقدمة :

كثُر في الآونة الأخيرة اللغط من بعض العوام ، حول نسب أسرتين كريمتين حكمتا شرق جزيرة العرب ردحاً من الزمن ، أولهما أسرة آل عصفور الذين ينسبون إلى جدهم ، عصفور بن راشد بن عميرة (جد قبيلة العماير) بن سنان بن غُفيلة بن شبانة بن قديمة (جد القديمات) بن نُباتة بن عامر (أهل إقليم البحرين) من بني عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من هوازن من قيس عيلان من مضر من عدنان ، وهذه الأسرة ورثت حكم إقليم البحرين بعد زوال مُلك العيونيين من عبدالقيس من ربيعة بن نزار سنة 636هــ ، واستمر حكمهم ما يقارب الـ 150 سنة ، وأما الأسرة الثانية فهم إخوة بني عصفور بالنسب وهم بني جبر الذين ينسبون إلى آل مضا من بني قيس أحد قبائل بني عامر من بني عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، والذين حكموا إقليم البحرين من قبيل منتصف القرن التاسع الهجري ، وحتى نهاية حكمهم في سنة 931هـ ، ومصدر ذلك اللغط والخلط في نسب تلك الأسرتين هو تبني أولئك العوام لرأي أحد العلماء المتأخرين وهو الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تعالى(ت 1421هـ) الذي تفرد في ذلك الرأي ، وهو قد اعتمد على قولٍ موهم فُهم على غير صورته الحقيقية قال به أحد المتقدمين عن بني عُقيل الذين تنحدر منه الأسرتين -موضع البحث- وصاحب ذلك القول وهو المهمندار(تعني صاحب ديوان الضيافة) يوسف بن زماخ الحمداني (ولد سنة 602هـ ، وتوفي سنة 700هـ) ، لذا قام الشيخ حمد الجاسر بتنسيب تلك الأسرتين الحاكمتين في قبيلة عبدالقيس من ربيعة بناءً على ذلك النص ، حيث قال في كتابه "جمهرة أنساب الأسر" ج1 ص192 ما نصه " ... لكن اتضح لي فيما بعد أن عُقيلاً هؤلاء من عامر ربيعة أي من العمور من عبدالقيس من بني أسد بن ربيعة بن نزار ، لا عُقيل بن عامر بن صعصعة ... " ، وقد قال قبل هذا القول بصفحتين أي في ص 190 ج1 ، وهو في سياق تعداده لفروع قبيلة بني خالد ما نصه " العماير ويدعون العمور أيضاً منهم الدواودة وآل حسن " ، وفي هذا خلطٌ واضح بين الفرعين يعرفه أبناء قبيلة بني خالد ، وغيرهم ممن لهم دراية ومعرفة بالأنساب .

أما الصحيح في نسب تلك الأسرتين هو ما ذكرناه سابقاً في سياقنا لنسبهما ، وهو ما وجدناه في المصادر الأصيلة والمتقدمة وسنزيد ذلك النسب إيضاحاً ، ولكن قبل ذلك سوف نتناول نص الحمداني بالدراسة والنقد لتتضح حقيقة نسب بن عصفور وبني جبر لكل طالبٌ للحق ، وللحقيقة والتاريخ فإن الشيخ الجاسر لم يطلع على أهم مخطوطتين لشرح ديوان ابن المقرب العيوني والتي عليهما قام مجموعة من الباحثين بتحقيق الديوان ونشره في سنة 1423هـ ، وتلك المخطوطتين هما نسخة برلين التي كتبت في الهند سنة 901هـ ، والتي لم يطلع عليها الشيخ الجاسر أبداً ، أما النسخة الثانية وهي النسخة الرضوية التي كتبت بالأحساء سنة 963هـ وقد اطلع عليها الشيخ الجاسر قبل وفاته ببضعة أشهر ، فلم يتمكن من الإفادة منها ، وذكرنا لشرح ديوان ابن المقرب الذي حقق على تلك المخطوطتين ، لأن في ذلك الكتاب الدليل الواضح والبرهان الساطع على نسبة بني عصفور -ومعهم فيما بعد إخوتهم بالنسب بني جبر- إلى بني عامر من بني عُقيل من بني عامر بن صعصعة من هوازن من مضر ، وهو ما سنورده في هذا البحث المختصر ، وإلا فإن كتاب شرح ديوان ابن المقرب العيوني قد ملئ بأخبارهم وأنسابهم ، وللفائدة لمن لا يعرف كتاب شرح ديوان علي بن المقرب العيوني العبقسي ، أقول : أنه عبارةٌ عن مجموعة كبيرة من قصائد علي ابن المقرب العيوني (المتوفى في عُمان سنة 630هـ) ، قام بشرح معظمها شخصٌ مجهول كان معاصراً للشاعر ، وقد حوى ذلك الشرح الفوائد العظيمة من أنساب وتاريخ وغيرها ، بل يعتبر الكشف عن ذلك الكتاب بمثابة إماطة اللثام عن تاريخ شرق جزيرة العرب من بداية دخول الإسلام إليه وحتى الثلث الأول من القرن السابع الهجري .



المبحث الأول : مناقشة قول الحمداني

نقل ابن فضل الله العُمري (ت749هـ) في كتابه مسالك الأبصار قول الحمداني فقال : " عُقيل : وهم من آل عامر ، قال الحمداني : وهي غير عامر المنتفق وغير عامر بن صعصعة ، قال : ومنهم القديمات ، والنعائم ، وقباث ، وقيس ، ودنفل ، وحرثان ، وبنو مطرف ، وذكر أنهم وفدوا في الأيام الظاهرية صحبة مقدّمهم محمد بن أحمد بن العقدي بن سنان بن عقيلة بن شبانة بن قديمة بن نباتة بن عامر ... (إلى أن قال) وكانت الإمرة فيهم في أولاد مانع إلى بقية أمرائهم وكبرائهم ودارهم الأحساء والقطيف ، وملح ، وانطاع ، والقرعاء ، واللهابة ، وجودة ومتالع ..." ص 151 ، 152 (مسالك الأبصار ، تحقيق دوروتيا كرافولسكي ) .

فمما يستفاد من هذا النص النقاط التالية :

1- أن الحمداني نسب بني عُقيل إلى آل عامر ، ثم قال أن عامر هؤلاء ليسوا عامر المنتفق ولا عامر بن صعصعة .

2- لم ينسب في ذلك النص بني عُقيل إلى عبدالقيس كما استنتج الشيخ حمد الجاسر ومن تابعه في رأيه ، بل اكتفى الحمداني بالنفي دون التنسيب ، وقد فعل ذلك مع الكثير من القبائل التي تعرض لذكرها ، كما نقل عنه القلقشندي (ت821هـ) بعبارته المشهورة " ولم ينسبهم في قبيلة " .

3- كان وفود بني عُقيل أهل البحرين إلى بلاد الشام ومصر أيام حكم السلطان المملوكي الظاهر بيبرس ، وهذا يستفاد من قول العُمري عندما قال : " وفدوا في الأيام الظاهرية " والظاهر بيبرس قد تولى حكم الشام ومصر من سنة 658هـ إلى سنة وفاته وهي سنة 676هـ ، مما يعني أن سنة الوفود لأول مرة قد حدث ما بين التاريخين المذكورين وهما 658هـ إلى 676هـ ، أي في خلال 18 سنة فقط والتاريخ الأول وهو 658هـ هو تاريخٌ لاحق لسقوط الدولة العيونية سنة 636هـ وتاريخٌ لاحق أيضاً لمقابلة المؤرخ ابن سعيد المغربي (ت685هـ) لأهل البحرين في المدينة المنورة سنة 651هـ .

4- سمى النص مقدّم بني عُقيل أي كبيرهم وذو الرئاسة فيهم وهو محمد بن العقدي بن سنان بن عقيلة بن شبانة بن قديمة بن نباتة بن عامر ، وقد صُحّف اسمين من الأسماء التي وردت في سلسلة النسب هذه ، وهما : (العقدي) وصحته (المفدى) والتصحيح من كتاب شرح ديوان ابن المقرب (ج2ص727) حيث قال الشاعر في أحد الأبيات التي يذكر بها عقب المفدى :-

سوى أن من نسل (المفدى) عصابة

أبوا أن يطيعوا في هواه العواذلا

أما الآخر فهو (عقيلة) وصحته (غُفيلة) قـــال الشـارح (ج2 ، ص1011) " ويعني بالبيت بيت غُفيلة بن شبانة شيخ عامر بادية البحرين " .

5- أفادنا نص العُمري أن الإمرة في بني عُقيل أهل البحرين الذين في زمانه وهو من أهل النصف الأول من القرن الثامن الهجري ، حيث ولد سنة 700هـ وتوفي في سنة 749هـ ، كانت في أولاد مانع ، ومانع هو ابن عصفور بن راشد بن عميرة بن سنان بن غُفيلة بن شبانة بن قديمة بن نباتة بن عامر ، وقد سمّت لنا المصادر ، والتي منها كتاب " التعريف بالمصطلح الشريف " للعُمري ، وكتاب "تثقيف التعريف بالمصطلح الشريف" لابن ناظر الجيش التيمي (ت786هـ) ، بعض أولاد مانع بن عصفور والذين كان من أبرزهم ( بدران ، محمد ، حسين ، راشد ، حسن ، زيد ، معمر ) .

إن المتأمل لقول الحمداني " وهي غير عامر المنتفق وغير عامر بن صعصعة " سيتبادر إلى ذهنه ، إلى أن عامر المنتفق ليس لهم أي علاقة نسبية بعامر بن صعصعة ، والصحيح الذي دلت عليه كتب النسب المتقدمة أن عامر المنتفق هو عامر بن المنتفق بن عامر بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، فتبين أن عامر بن صعصعة هو الجد الأعلى لعامر بن المنتفق ، لذا اتضح أن الحمداني لا يريد نفي نسبة عُقيل في عامر بن صعصعة ، بل أن عبارته تلك مضطربة نسبياً فكيف يكون عُقيل من عامر المنتفق حتى ينفيه هنا ؟ بينما عُقيل هو والد المنتفق وابنه عامر ، ولو كان يريد أيضاً نفي نسبة عُقيل في بني عامر بن صعصعة لقال : (ليسوا من عامر بن صعصعة) وحسب ، ولكنه كان يريد أن يبين للمتلقي أن عرب البحرين هؤلاء يقال لهم بني عامر ولكنهم ليسوا عامر المنتفق الذي يرجع بأصوله إلى عامر بن صعصعة ، وليسوا القبيلة القديمة المسماة بنو عامر بن صعصعة ، وسيتبين لنا من هم عامر الذي أراد الحمداني أن يخبرنا عنهم ولم يوفق في سياق نصٍ مفيد في ذلك أو أن النص قد حُرّف من قبل النُساخ ، وهذا يشهد له كثرة التحريفات والتصحيفات في كافة نسخ مخطوطات كتاب مسالك الأبصار الذي نقل لنا نص الحمداني مثير الجدل في نسب عامر أهل البحرين ، وقد ردّ وفنّد أحد علماء الأنساب الذين أتوا بعد الحمداني والعُمري ، قول الحمداني ، وهو النسابة المؤرخ أبي العباس أحمد بن علي القلقشندي الفزاري (ت821هـ) في كتابه " نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب " عندما قال : " ولا عبرة بقول الحمداني أنهم غير عامر بن صعصعة ، وعامر المنتفق بل هم من عامر بن صعصعة " (ص330) ، وقال عن القديمات : "بطنٌ من آل عامر ، عرب البحرين ، من عامر بن صعصعة من العدنانية" (ص155) .



المبحث الثاني :ممن هم عامر ربيعة أو عامر إقليم البحرين ؟

والجواب سنجده في نصين نفيسين لابن سعيد المغربي المؤرخ الرحالة المولود سنة 610هـ والمتوفى سنة 685هـ والذي نقلهما لنا كتاب تاريخ ابن خلدون وذلك لأن معظم تراث ابن سعيد العلمي يعتبر الآن في عداد المفقود للأسف الشديد ، وكذلك سنجد الجواب في كتاب شرح ديوان ابن المقرب العيوني ، ولكن سنبدأ بنصيّ ابن سعيد ومن ثم نذكر بعض النصوص التي وردت في شرح الديوان .

قال ابن خلدون (ت808هـ) في تاريخه ، وهو ينقل عن ابن سعيد المغربي الذي كان يعدد قبائل عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة حتى قال " ومن بني عامر بن عُقيل : بنو عامر بن عوف بن مالك بن عوف وهم إخوة بني المنتفق وهم ساكنون بجهات البصرة وقد ملكوا البحرين بعد بني أبي الحسين (يقصد العيونيين) ... إلى أن قال ، وملكوا أرض اليمامة من بني كلاب وكان ملكهم لعهد الخمسين من المائة السابعة عصفور وبنوه " ج2 ، ص 312 ، 313 .

كما قال ابن خلدون أيضاً في تاريخه " قال ابن سعيد سألت أهل البحرين حين لقيتهم بالمدينة النبوية سنة احدى وخمسين وستمائة عن البحرين فقالوا : الملك فيها لبني عامر بن عوف بن عامر بن عُقيل ، وبنو تغلب من جملة رعاياهم وبنو عصفور منهم أصحاب الأحساء " ج4 ، ص 92 .

قلت : لقد نسب هذين النصين النفيسين ، بنو عامر أهل البحرين ، إلى عامر بن عوف بن مالك بن [ربيعة] بن عوف بن عامر بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من هوازن من مضر ، وذلك للدلالات التالية المستنبطة من نصيّ ابن سعيد السالفين .

1- لقد صرح أن من بني عامر بن عُقيل : بنو عامر بن عوف بن مالك بن عوف ، وأنهم ملكوا البحرين ، إلا أنه سقط من سلسلة النسب الاسم ربيعة الذي هو الابن المباشر لعوف بن عامر بن عُقيل ، فليس لعوف بن عامر ابنٌ اسمه مالك ، والإضافة والتصحيح من كتاب " النوادر والتعليقات " لأبي علي الهجري (من أهل القرن الرابع الهجري) ج4 ص 1759 .

2- أفادنا النصين أن بنو عامر بن عوف أهل البحرين ، هم إخوة بني المنتفق ، مما يدل بشكلٍ قاطع لا لبس فيه ولا إيهام أنهم من بني عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وذلك لأن إخوتهم من بني المنتفق من بني عُقيل من بني عامر بن صعصعة يقيناً لا شك فيه .

3- لقد صرح ابن سعيد أن مُلك الأحساء في منتصف القرن السابع في عصفور وبنوه ، وهو عصفور بن راشد بن عميرة بن سنان بن غفيلة بن شبانة بن قديمة بن نباتة بن عامر بن عوف بن مالك بن ربيعة بن عوف بن عامر بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من هوازن من مضر ، وقد أفادنا نص العُمري الذي ذكرناه سابقاً أن إمرة بني عامر من عُقيل في زمانه لأولاد مانع بن عصفور ، مما يدل على استمرار حكمهم لإقليم البحرين إلى زمانه وهو قد توفي في منتصف القرن الثامن الهجري ، بل دلت النصوص التاريخية التي دونها علماء أتوا بعد العُمري على استمرار حكمهم إلى نهاية القرن الثامن الهجري مما يدل على صحة ما قلناه سابقاً أن حكم بني عصفور استمر إلى ما يقارب الـ 150 سنة .

4- إن الرفع في نسب عامر البحرين ، الذي ذكره ابن سعيد المغربي لم يكن اجتهاداً شخصياً منه ، بل هو ما استقاه مباشرةً من أهل البحرين الذين التقاهم بنفسه سنة 651هـ في المدينة النبوية ، ومن الطبيعي أن يكون فيمن التقاهم العديد من بني عامر ، إن لم يكن جُلهم من بني عامر ، ولقد نقل لنا فائدة أخرى عن أماكن سيطرة ونفوذ بني عامر أهل البحرين هؤلاء عندما قال في كتابه " الجغرافيا " ص 118 ما نصه " وعمروا (أي القرامطة) مدينة الأحساء ، وفيما بينها وبين اليمامة مجالات بني عامر لم يبقَ معهم لأحدٍ من العرب عزٌ في بلاد اليمامة والبحرين " .

وسوف نسوق الآن بعض النصوص من كتاب " شرح ديوان ابن المقرب العيوني " تدل بجلاء ووضوح على نسبة بني عامر أهل البحرين في بني عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، كما قال المؤرخ ابن سعيد المغربي .

1- قال ابن المقرب في قصيدته الرائية (ج1 ، ص 377 ، 378) التي يمدح بها أحد أمراء العيونيين ويتهدد بني عُقيل بن كعب الذين كانوا على عداءٍ دائم مع العيونيين ، يتخلله بعض الهدوء والتحالف في أحيانٍ أخرى .

فمن مبلغٌ عني عُقيلاً وقومــها

وإن بعدت دارٌ وشــطّ مزارُ

رويداً بني كعبٍ أفيقوا وارجعوا

حلومكم من قبل تضرم نارُ

قلت : فمن يكونون عُقيل بن كعب المذكورين في هذين البيتين ؟! إن لم يكونوا عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، فليس في قبائل ربيعة كلها قبيلة تسمى بنو عُقيل بن كعب ، فضلاً عن قبيلة عبدالقيس .

2- قال ابن المقرب في قصيدته الميمية التي يفخر بها بآبائه وأهل بيته (ج2 ص 958)

ثم انتحينا لـ عوفٍ بعدما ورمت

أنــــوفها ففششنا ذلك الـــورمــا

دسناهـــم دوســة مــرية جـمـعـت

أشلاهم وضباع الجو والرخما

قال شارح الديوان " انتحينا أي قصدنا ، وعوف : قبيلة وهي بيت عامر ربيعة ، وهو عوف بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار ، وكانوا أهل خفارة البحرين "

قلت : لقد أسقط الشارح من سلسلة النسب عُقيل بن كعب الذي هو جد عوف بن عامر ، وهذا لا يهم لأن المقصود هنا الشاهد من هذه السلسلة النسبية وهو نسبة عامر ربيعة إلى عامر بن صعصعة الهوازنية المضرية .

3- ذكر الشارح في ج2 من ص 1163 إلى 1165 خبراً طويلاً عن يوم صفواء فذكر أولاد شبانة بن غفيلة وذكر القديمات وذكر الجحاحفة وشيخهم عمران بن جحاف وذكر عميرة بن سنان جد العماير وغيرهم من بني عامر عُقيل الهوازنية ، ولولا خشية الإطالة لذكرت هذا النص وغيره من النصوص بتمامها ، ففي شرح ديوان ابن المقرب العيوني أخبارٌ كثيرة جداً عن هذه القبيلة الهوازنية التي ورثت حكم شرق جزيرة العرب أو البحرين كما كان يُسمّى من العيونيين العبقسيين .

وجديرٌ بالذكر أنه لا يوجد في قبيلة عبدالقيس الربعية أي بطن أو فخذ يقال لهم بنو عُقيل بن عامر وأما ما ذكره أحدهم أن ابن حزم الأندلسي ذكر في كتابه " جمهرة أنساب العرب " أن في بني النمر بن قاسط بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ، رجلٌ يقال له عقيل بن عامر ، فهو قولٌ لا يصح الاستدلال به لأن المذكور ما هو إلا رجلٌ في سلسلة نسب الصحابي الجليل صهيب بن سنان رضي الله عنه ، الملقب بـ الرومي ، فهو صهيب بن سنان بن مالك بن عبدعمرو بن عقيل بن عامر بن جندلة بن جذيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط (ص300 من كتاب الجمهرة لابن حزم) ، فابن حزم لم يُشر إلى أن عقيل بن عامر هذا قد كون بنوه بطناً أو حتى فخذٍ صغيراً ، فضلاً على أن بني النمر بن قاسط لم يسكنوا إقليم البحرين في أي وقتٍ مضى ، ومن قال بغير هذا وجب عليه تقديم الدليل ، وللتدليل أكثر على عدم وجود أي قبيلة من قبائل عبدالقيس ، تسمى بنو عُقيل بن عامر ، فقد نقل لنا صاحب كتاب "خريدة القصر وجريدة العصر" عماد الدين الأصبهاني الكاتب (ت597هـ) ، قصيدة لأحد شعراء قبيلة عبدالقيس ، وهو الشاعر النسابة الحسين بن ثابت بن الحسين الجذمي العبدي (ت 550هـ ، في عُمان) ، عدّد بها قبائل وبطون وأفخاذ قبيلة عبدالقيس ، لم يذكر من بينها قبيلة تسمّى عُقيل ، ومطلعها :

صح بالعشيرة من عبدٍ وصف وأعدِ

بدارهم واستغث أُسداً بهـــــــا نُجباً

واهتف أُبيرق واستنجد بـــــ خـــارجةٍ

ومن هُصيصٍ فكن للأسد منتخبا

الخاتمة :

لقد ناقشنا في هذا البحث المختصر مقولة الحمداني عن بني عُقيل أهل إقليم البحرين ، وقمنا برد الأوهام التي تعلق بها البعض في جعل نسب بني عُقيل ومنهم بنو عامر بن عوف ، في قبيلة عبدالقيس الربعية ، كما اوضحنا بالأدلة الصريحة القاطعة نسب بني عامر أهل إقليم البحرين أنهم ينحدرون من قبيلتهم الأم وهي قبيلة بني عامر بن صعصعة من هوازن من مضر ، وبالتالي تبين للجميع حقيقة نسب بني عصفور وبني جبر والقديمات ، أنهم ينحدرون نسباً من بني عامر بن عوف بن مالك بن ربيعة بن عوف بن عامر بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة .

والله أعلم وأحكم

وكتبه أفقر العباد إلى الله

أبوخالد علي بن سالم الصيخان

في 30/3/1433هـ
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم