الإنباه على قبائل الرواة
ابن عبدالبر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
قال الشيخ الإِمام أبو عُمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النّمري، رحمه الله: الحمد لله ذي القدرة والآلاء، والعظمة والكبرياء، فاطر الأرض والسماء، الذي خلقنا من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبَث منهما رجالا كثيرا ونساء، وجعلهم شعوباً وقبائل، وباين بينهم بالفضائل، وتعبَدهم بالأقوال والأعمال، ليبلوهم أيكفرون أم يشكرون، لا لحاجة إليهم، إن الله لغَني عن العالمين. وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وعلى آله أجمعين.
أما بعد. فإني ذكرت في كتابي هذا أمهات القبائل التي رَوت عن رسول الله )، وقربت ذلك واختصرته وبيّنته، وجعلته دليلا على أصول الأنساب، ومدخلاً إلى كتابي في الصحابة، ليكون عوناً للناظرين فيه، ومنبهاً على ما يُحتاج إليه من معرفة الأنساب، فإنه عِلْمٌ لا يليق جهلُه بذوي الهمم والآداب، لما فيه من صلة الأرحام، والوقوف على ما نَدب إليه النبي ) بقوله: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم.
وروى أنس بن عياض، عن عبد الملك بن عيسى الثقفي، عن عبد الله بن يزيد، مولى المُنبعث، عن أبي هريرةِ، عن النبي )، قال: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل.
وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم، ولا تكونوا كنَبط السواد إذا سُئل أحدهم: ممن أنت? قال: من قرية كذا، فوالله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء لو يَعلم الذي بينه وبينه من دِخلةٌ الرحم لَردَعه ذلك عن انتهكه. ولعمري ما أنصف القائل: إن عِلْم النسب عِلْم لا يَنفع، وجَهالة لا تضر، لأنه بيَّن نفعُه لما قدّمنا ذكره، ولما رُوي عن النبي، )، أنه قال: كُفْرٌ بالله تبرُّؤ من نسب وإن دق، وكفر بالله آدعاء إلى نَسب لا يُعرف.
وروي عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه مثلُه.
وقال ): من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صَرفاً ولا عدلاً.
فلو كان لا منفعة له لمَا اشتغل العلماء به، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان اعلم الناس بالنسب، نسب قريش وسائر العرب، وكذلك جُبير بن مطعم، وابن عباس، وعقيل بن أبي طالب، كانوا مِن أعلم بذلك. وهو عِلم العرب الذي كانوا به يتفاضلون، وإليه ينتسبون. وقد ذكر أبنُ وهب، عن مالك بن انَّس، أنه قال: كان أبن شهاب مِن أعلم الناس بالأنساب، وكان أخذ ذلك من عبد الله بن ثَعلبة بن صُغير العذري، وغيره، قال: فبينما هو يوماً جالس عند عبد الله بن ثعلبة يتعلّم منه الأنساب إذ سأله عن شيء من الفقه، فقال له: إِن كنت تريد هذا الشأن فعليك بهذا الشيخ، يعني سعيد بن المسيِّب.
قال: وسمعت مالكاً يقول: لم يكن مع أبن شهاب كتاب إلا كتاب فيه نَسب قومه، يعني قريشاً.
وقد روي عن النبي ) من الوجوه الصحاح ما يدل على عِلْمه بأنساب العرب، منها الحديث الذي قدمناه في هذا الباب، وغيره.
أخبرنا عبد الوهاب، ثنا قاسم، قال: نا أحمد بن زهير، قال: نا منصور بن أبي مزاحم، قال: نا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: )وجَعلناكم شُعوبا وقبائل(، قال: الشعوب: البطون الجُماع، والقبائل الأفخاذ.
قال أحمد بن زهير: وأما محمد بن بكار، قال: نا أبو معشر، عن محمد بن كعب، في قوله تعالى: )وفَصيلته التي تؤْويه(، قال: قبيلته التي يُنسب إليها.
قال: وأنا منصور بن أبي مزاحم، ويحيى بن معين، قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: )وإنه لَذِكْر لَك ولِقَوْمِك(، قال: يقال: ممن الرجل? فيقال: من العرب، فيقال: مِن أي العرب? فيقال: من قريش.
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان، قال: نا قاسم بن اصبغ، قال: نا محمد بن عبد السلام الخشني، قال: نا نصر بن علي الجهضمي، قال: نا الأصمعي، قال. نا يحيى بن طلحة، قال: جئت سعيد بن المسيب فسلّمت عليه، فرد عليّ، فقلت: علمني النسب، فقال: أنت تريد أن تُساب الناس، ثم قال لي: مَن أنت? فقلت: أنا يحيى بن طلحة، فضمني إليه وقال: أنت محمداً ابني، فإن عنده ما عندي، إنما هي شعوب وقبائل وبطون وعمائر وأفخاذ وفصائل. وقال أبو عمر: قال الخليل: العمارة أكبر من القبيلة. قال: والفصيلة: فخذ الرجل وقومه.
وقال المفسرون في قول الله عز وجل: )وفَصيلته التي تُؤْويه(: عشيرته الأدنون.
وقال أهل النسب: الشعوب: الجماهير، والجراثيم التي تفرقت منها العرب، ثم تفرقت القبائل من الشعوب، ثم تفرقت العمائر من القبائل، ثم تفرقت البطون من العمائر، ثم تفرقت الأفخاذ من البطون، ثم تفرقت الفصائل من الأفخاذ، وليس دون الفصائل شيء.
فصيلة الرجل: رهطه الأدنى وبنو أبيه.
وقد قيل بعد الفصيلة: العشيرة، وليس بعد العشيرة شيء، فهي عندهم شعوب وقبائل، ثم ما دون القبائل عمائر وبطون، ثم ما دون البطون أفخاذ وقبائل.
وفي قول الله تعالى: )شُعُوباً وقَبَائِل لتعارَفُوا( دليل واضح على تعلم الأنساب، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو عمر، رضي الله عنه: هذا كتاب: أخذته من أمهات كتب العلم بالنسب وأيام العرب، بعد مطالعتي لها ووقوفي على أغراضها، فمن ذلك: كتاب أبي بكر محمد بن إسحاق، وكتاب أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وكتاب أبي عبيدة معمر بن المثنى، وكتاب محمد بن سليمان، وكتاب محمد بن حبيب، وكتاب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد العدويّ في نسب قريش، وكتاب الزبير بن بكار في نسب قريش، وكتاب عمه مصعب بن عبد الله الزبيري في ذلك، وكتاب علي بن كيسان الكوفي في أنساب العرب قاطبة، وكتاب علي بن عبد العزيز الجرجاني، وكتاب عبد الملك بن حبيب الأندلسي، إلى فِقَرٍ قيّدتها من الحديث والآثار، ونوادر اقتطفتها من كتب أهل الأخبار وأخذت من ذلك كلّه عُيونه، وما يجب الوقوف عليه، ويجمل بأهل الأدب والكمال معرفته والانتساب إليه.
والله المعين، لا شريك له، وهو حسبي ونعم الوكيل.
قال محمد بن عَبدة بن سليمان النسّابة في كتابه: أجمع النسابون جميعاً، العدنانية والقحطانية والأعاجم، على أن إبراهيم خليل الله، عليه السلام، من ولد عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح، عليه السلام.
عدنان
قال محمد بن عبدة: وأجمعوا أن عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام، إلا أنهم اختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل من الأباء، فذكر عن طائفة: سبعة آباء بينهما، وعن طائفة: مثل ذلك، إِلا أنها خالفتها في بعض الأسماء، وعن طائفة: تسعة آباء، مخالفة أيضاً في بعض الأسماء، وعن طائفة: خمسة عشر أبا، بين عدنان وإسماعيل عليه السلام.
ثم قال: وأما الذين جعلوا بين عدنان وبين إسماعيل أربعين أبا، فإنهم استخرجوا ذلك من كتاب رخيا، وهو يوْرخ، كاتب أرميا عليه السلام، وكانا قد حملا معد بن عدنان من جزيرة العرب ليلا إلى بُخت نصر، فأثبت رخيا في كُتبه نسبة عدنان.
فهو معروف عند أخبار أهل الكتاب وعلمائهم، مثبت في أسفارهم.
قال: وقد وجدنا طائفة من علماء العرب تحفظ لمعد أربعين أباً بالعربية إلى إسماعيل، وتحتج في أسمائهم بالشعر، من شعر أمية بن أبي الصلت وغيره، من علماء الشعر بأمر الجاهلية ومطالعة الكتب، وكل الطوائف تقول: عدنان بن أدد، إلا طائفة قالوا: عدنان بن أدّ بن أدد.
قال أبو عمر: الاختلاف فيما بين عدنان وإسماعيل، صلوات الله عليه، من عدد الأباء، كثير جدا، تذكر منه في كتابنا هذا ما يقف به الناظر فيه على البُغية منه، وحسبه أن يعلم أنه لا خلاف بين جماعة أهل العلم بالنسب وأيام العرب: أن عدنان، من ولد إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام، وإنما اختلفوا في قحطان، وسنذكر الاختلاف في قحطان في موضعه من هذا الكتاب.
وقد روى موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زَمعة الزمعي، عن عمته، عن أم سلمة، قالت: سمعت النبي ) يقول: معد بن عدنان بن أدد بن زيد بن براء بن أعراق الثري.
قالت أم سلمة: فريد، هو الهميسع، وبراء هو نبت، وأغراق الثري هو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
فهذا أرفع ما روي في ذلك، وأولى ما قيل به فيه، والله أعلم.
وروي عن داود بن أبي هند: أنه قال: حفظت العرب أنسابها إلى أدد.
وروي ابن لهيعة، عن أبي الأسود: أنه سمع عروة بن الزبير، يقول: ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء معد بن عدنان.
قال: وقالت عائشة، رضي الله عنها: ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء معد بن عدنان، ولا وراء قحطان، إلا تخرما.
وقال أبو الأسود، يتيم عروةِ: سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة، وكان أعلم قريش بأشعارهم وأنسابهم، يقول: ما وجدنا أحداً يعلم ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر، ولا علم عالم. وروى أبو الأسود أيضاً، عن عروة وغيره: أن عمر بن الخطاب، قال: إِنما تنتسب إلى عدنان، وما وراء ذلك لا أدري ما هو? وقال العدوي: لا أعلم أحداً من الشعراء بلغ في شعره عدنان إلا لَبيد بن ربيعة، وعباس بن مرداس السلمي، قال لبيد:
فإن لم تَجد من دون عَدنان والداً ودُون معد فَلْتزعك العَـواذِلُ
وقال عباس بن مرداس:
وعك بن عدنان الذين تلقبوا بغسّان حتى طُردوا مُطرِد
قال ابن هشام: غسان: ماء بسد مأرب في اليمن، كان بنو مازن بن الأزد بن الغوث
نزلوا عليه فسُمّوا به.
ويقال: غسان: ماء بالمشلل، قريب من الجحفة، والذين شربوا منه فسُموا به قبائل من
ولد مازن بن الأزد.
قال أبو عمر: يشهد لهذا قول حسان بن ثابت:
إما سألت فإنّا مَعشر نُجُبٌ الأزْدُ نِسْبتنا والماء غسّانُ
وقال قيس بن الخطيم:
يوم بُعاث أسلمتنَا سـيوفـنـا إلى نَسب في جِذم غسّان ثاقبُ
وسيأتي ذكر من انتسب إلى غسان من بني جفنة وغيرهم، عند ذكر الأنصار في موضعه من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى.
وقد روى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: كان النبي، )، إذا انتهى في النسب إلى معد بن عدنانَّ، قال: كذب النسابون، قال الله عز وجل: ) وقرونا بين ذلك كثيراً( .
وليس هذا الإسناد بالقوي.
وقال آخرون: لم يتجاوز النبي، )، في النسب، النضر بن كنانة.
وهذا لو صح كان معناه في نسبة قريش خاصة، لا في علمه بأنساب العرب، وقد جاء عنه من وجوه ما يدل على ما تأولناه عليه في ذلك.
وكان قوم من السلف، منهم: عبد الله بن مسعود، وعمرو بن ميمون الأودي، ومحمد بن كعب القرظي، إذا تلوا )والذين مِن بَعدهم لا يعلمهم إلا الله( قالوا: كذب النسابون.
ومعنى هذا عندنا، على غير ما ذهبوا إليه، وإنما المعنى فيها، والله أعلم: تكذيب من ادعى إحصاء بني آدم، فإنه لا يحصيهم إلا الذي خلقهم، فإنه هو الذي أحصاهم وحدَه لا شريك له، والله أعلم.
وأما أنساب العرب
فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها، واختلفوا في بعض فروع ذلك، وسترى في كتابنا هذا ما أجمعوا عليه، وكثيراً مما اختلفوا فيه، إن شاء الله.
والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنَّان، قالوا: عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارح، وهو آزر بن نأحور بن ساروح بن أرغو بن فالغ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ، وهو إدريس النبي، فيما يزعمون، والله أعلم.
وكان أول نبي أُعطي النبوةِ بعد آدم وشيث، وخط بالقلم: ابن يرد بن مهليل بن قينان بن يانش بن شيث بن آدم، ).
قال ابن هشام: حدثتا زياد بن عبد الله البكافي، عن محمد بن إسحاق المطلبي بهذا الذي ذكرت من نسب عدنان إلى آدم، وما فيه من حديث إدريس وغيره.
قال ابن هشام: وحدثنا خلاد بن قرة بن خالد السدوسي، عن شيبان بن زهير بن شقيق بن ثور، عن قتادةِ بن دعامة، أنَّه قال: إسماعيل بن إبراهيم خليل الله بن تارح، وهو ازر بن ناحور بن أشرع نجن ارغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، عليه السلام.
وقال خليفة بن خياط، عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بين معد بن عدنان إلى إسماعيل ثلاثون أبا.
وبإسناده عن ابن عباس قال كان النبي ) إذا انتهى إلى عدنان أمسك، ثم يقول: كذب النسابون، قال الله تعالى: )وقروناً بين ذلك كثيراً(.
وقال ابن جريج، عن القاسم بن أبي برة، عن عكرمة، قال: ألت نزار نسبها من عدنان.
ومن احسن ما جاء في ذلك أيضا ما نظمه أبو العبامر عبد الله بن محمد الناشئ في قصيدة يمدح بها رسول الله )، وهي قوله:
مدحتُ رسول الله أبغي بمَـدْحـه وفُور حُظوظي من كريم المَآرِبِ
مدحت امرأً فات المديحَ مُوحـداً بأوصافه عن مُبْعَـد ومُـقـارِبِ
نبياً تسامَى في المشـارق نـوره فلاحت هواديه لأهل المَغـارب
أتَتْنا به الأنبـاءُ قـبـلَ مَـجـيئه وشاعت به الأخبارُ في كُل جانِبِ
وأصبحت الكُهّان تَهتف بآسـمـه وتَنْفي به رَحْم الظنون الكَـواذبِ
وأنطقت الأصنامُ نُـطْـقـاً تَـبـرّأت إلى الله فيه مـن مَـقـال الأكـاذِبِ
وقالت لأهل الكُفـر قَـوْلاً مُـبـيِّنـاً أتاكم نبيٌّ مـن لُـؤي بـن غـالـبِ
ورام استراق السَمع جـنٌّ فَـزيَّلـت مقاعدَهم منها رجـومُ الـكَواكـبِ
هَدانا إلى ما لم نَكُن نَـهْـتـدِي لَـهُ لطُول المعَمَى مِن واضحات المَذاهِبِ
وجـاء بـآياتٍ تُـبِّـين أنـهـــا دلائلُ جَبـارٍ مُـثـيب مُـعـاقِـبِ
فمنها انشقاق البَدر حين تَـعـتـمـت شعوبُ الضِّيا منه رءوسَ الأخاشِـبِ
ومنها بنُوعُ الـمـاء بـين بَـنـانِـه وقد عَدم الوُرَّادُ قُرْبَ الـمَـشـارِبِ
فروَّى به هِمّا فـقـيرا وأَمـهـلـت بأعناقه طوعـاً أكُـن الـمـذانِـبِ
وبِئرٌ طَغت بالماء من مس سَهـمـه ومنْ قَبلُ لم تسمح بـمُـذقة شـارِبِ
وضَرْعٌ مَرَاه فاسْـتـدَر ولـم يكُـنْ به دِرَّةٌ تُصْغِي إلى كَـف حـالـبِ
ونُطْقٌ فَصِـيحٌ مِـن ذِراع مُـبِـينَةٍ لكَـيْدِ عـدوَّ لـلـعَداوة نـاصِـبِ
وإخبارُه بالأمر مـن قَـبـلِ كَـوْنِـه وعند بَواديه بماَ فـي الـعـواقـبِ
ومِن تِلْكـم الأياتِ وحـيٌ أتـى بـهِ قريب المآتِي مُسِخـم الـعـجـائبِ
تَقَاصرت الأفكارُ عنـه فـلـم يُطِـعْ بليغاً ولم يَخْطُرعلى قَلب خـاطـبِ
حَوى كلُ عِلْمٍ واحتوى كُلَّ حِـكْـمةٍ وفاتَ مَرام المُستِـمـرِّ الـمُـوارِبِ
أتـانـا بـه لا عَـن رؤية مُـرْئيء ولاصُحْفِ مُسْتَمْلٍ ولاوصْف كاتِـبِ
يواتـيه طـوراً فـي إجـابة سـائلً وإفتاءِ مُسْتَفْتٍ ووعْط مـخـاطـبِ
وأتيانِ بُـرْهـان وفُـرْضَ شـرائعً وقـصّ احـاديثٍ ونـصّ مـآربِ
وتَصريف أمثـالٍ وتَـثـبـيت حُـجَّةٍ وتَعرِيف ذي جَحْدٍ وتوقـيفِ كـاذِبِ
وفي مَجْمع النادي وفي حَوْمة الوغَى وعند حُدوث المُعضلات الـغـرائبِ
فيأتي على ما شِئْتَ من طُـرَقـاتـه قويمَ المَعافي مُستـدرَّ الـضَّـرائبِ
يُصدِّق منه البعضُ بعضـاً كـأنـمـا يُلاحظ مَعناه بـعَـيْن الـمُـراقـبِ
وعَجَزُ الوَرَى عن أن يجيئوا بمثل مَـا وَصفناه مَعْلُوم بطُول الـتـجـارِبِ
تَأبَّـى بـعـبد الـلـه أكـرمِِ والـدٍ تبلَج منه عن كَـريم الـمَـنـاسِـبِ
وشَيبة ذي الحَمد الذي فـخَـرت بـه قُريش على أهل العُلا والمَنـاصِـبِ
ومَن كان يُسْتَسْقَى الغَمامُ بـوَجْـهـه وَيصْدر عـن آرائه فـي الـنَّـوائِبِ
وهاشمُ البانِـي مَـشِـيد آفـتـخاره بغُرّ المَساعي وامتنان الـمَـواهِـبِ
وعَبد مَناف وهو علَّـم قَـومَـه اشْ تطاط الاماني واحْتكـام الـزَّغـائبِ
وإنّ قُضَـياَّ مـن كـريم غِـراسـه لَفي مَنْهل لم يَدْنُ من كفِّ قـاضِـبِ
بِه جَمع الله القـبـائلَ بـعـدمـا تَقسَمها نَهْبُ الأكفِّ الـسـوالِـبِ
وحَلَّ كلابٌ من ذُرَى المجد مَعْقِلاً تَقاصَرَ عنـه كـلُّ دانٍ وغـائبِ
ومُرَّةُ لم يَحْلُلْ مَـريرةَ عَـزْمِـهِ سِفاهُ سَفِـيه أو مَـحـوبة حـائِبِ
وكَعْبٌ عَلا عن طالب المَجْد كَعْبُهُ فنال بأدْنَى السعْي أعلى المَراتـبِ
وألْوَى لُؤَي بالعُـداة فـطُـوِّعـتْ له هِمَمُ الشُّمِّ الأنـوف الأغـالـبِ
وفي غالبٍ بأسٌ أبى البَأسُ دونهـمْ يُدافع عنهم كُلً قِرْنٍ مُـغـالِـبِ
وكانت لِفِهْرٍ في قُريش خـطـابةٌ يَعوذ بها عند آشْتجار المُخـاطـبِ
وما زال منهمْ مالكٌ خيرَ مـالـك وأكرمُ مَصحوب وأكرمُ صاحـبِ
وللنَضْر طولٌ يَقْصُر الطَّرْفُ دونه بحيثُ التقى ضَوء النُّجوم الثواقبِ
لَعَمْري لقد أبْدَى كنـانةُ قَـبْـلَـه محاسنَ تأبَى أن تَطُوعَ لـغَـالِـبِ
ومِن قَبله أبْقى خـزيمةُ حَـمْـدُه تَلِيدَ تُراثٍ عن حَـمـيد الأقـارِبِ
ومَدْركةٌ لم يُدرك الناسُ مـثـلَـه أعفُ وأعلى عن دَنىء المَكالـبٍ
وإلياسُ كان اليَأسُ منه مُـقـارنـا لأعدائه قبلَ اعتـداد الـكـتـائبِ
وفي مُضَرٍ يَسْتجمع الفخرُ كـلُـه إذا اعتركت يوماً زُحوف المَقانِبِ
وحلَّ نـزازٌ مِـن رياسة أهـلـه محلا تسامَى عن عُيون الرَّواقِـبِ
وكـانَ مَـعـدُّ عُـدًة لـولِّــيه إذا خاف مِن كَيد العدوّ المُحـاربِ
وما زال عدنانٌ إذا عُدَّ فـضـلُـه توحَّد فيه عَن قَرينٍ وصـاحـبِ
وأذ تأدى الفضلُ مـنـه بـغـايةٍ وإرْث حَواه عن قُـرومٍ أشـايِبِ
وفي أدَرٍ حِلْمٌ تـزيَّن بـالـحِـجَا إذا الحِلم أزْهاه قطوبُ الحَواجِـبِ
وما زال يَستعلي هَمَيْسَعُ بالـعُـلا وَيتْبع آمالَ البَعـيد الـمُـراغـبِ
ونَبْتٌ بَنَتْه دَوْحة العِز وَابْـتَـنَـى معاقِلَه في مُشمخرّ الاهَـأضِـبِ
وحِيزت لِقَنذَارٍ سَـماحة حـاتِـمٍ وحِكْمَة لُقْـمان ويئة حـاجِـبِ
هُمُ نَسْلُ إسماعيل صـادق وَعْـدِه فما بَعده في الفَخر مَسْعًى لذاهِبِ
وكان خليلُ الله أكرمَ مَن عَـنَـتْ له الأرض من ماشٍ عليها وراكبِ
وتـارَحُ مـا زالـت لـه أرْيَحـيَّة تُبيِّن منْه عن حَميد الـمَـضـارِبِ
وناحُور نَحَّار العِدَى حفِـظـت لـه مآثرُ لما يُحْصِهـا عـدُّ حـاسـبٍ
وأشْرع في الهَيجاء ضَـيْغـم غـابةٍ يَقُدّ الطُّلَى بالمُرْهَفات القـواضـبِ
وأرْغُوُ نابٌ في الحروب مُـحـكَّـمٌ ضنِينٌ على نَفْس المُشِحِّ المُغالـبِ
وما فالغ في فَضْله تِـلْـوَ قـومـه ولا عابِرٌ مِن دونهم في المَـراتـبِ
وشالَخْ وارْفَخْشَذَ وَسام سَمَتْ بـهـم سَجايَا حَمَتهُـم كُـلَّ زارٍ وعـائبِ
ومازال نوحٌ عند ذي العرش فاضلاً يُعدِّده في المُصطـفـين الأطـايبِ
ولَمْكٌ أبُوَه كان في الـروع رائعـاً جَريئاً على نفس الكميّ المُضـارِبِ
ومن قبُل لَمْكٌ لم يَزل مَتـوشَـلَـخٌ يَذُود العِدَى بالـذائداتِ الـشـواربِ
وكانت لإدريسَ النـبـي مـنـازل من الله لم تُقْرَن بـهـمة راغِـبِ
ويارَدٌ بَحْر عـنـد أهـل سَـرَاتِـه أبن الخَزايا مُسْـتـدِق الـمـارِبِ
وكانت لِمْهلائيل فـهـم فـضـائلٌ مهَذبة من فاحشات الـمَـثـالِـبِ
وقَيْنان مِن قبلُ اقْتنى مجدَ قَـومـه وفاتَ بشَأوِ الفَضل وَخْد الركـائبِ
وكان أنُوشٌ ناشَ للمَجد نَفْـسَـه ونَزهها عن مُرْدِيات المَطالِـبِ
وما زال شِيثٌ بالفَضائل فاضـلاً شريفاً بريئاً من ذَميم المـعـايِبِ
وكُلّهـم مـن نُـور آدم أقْـبَـوُا وعَن عُوده أجْنَوْا ثمارَ المَناقِـبِ
وكان رسول الله أكرَم مُنْـجَـبٍ جَرَى في ظُهور الطِّبين المَناجب
مُقـابَـلة آبـاؤه وأمـهـــانة مُبرأة من فاضحات المَثـالـبِ
عليه سلامُ الله في كُـلِّ شـارقٍ ألاحَ لنا ضَؤْاً وفي كلُ غـارب
قال أبو عمر، رضي الله عنه، الذي أجمعوا عليه من ولد عدنان: معد، وكثير منهم يقول: وعك، واختلفوا فيما سواهما.
فأما معد، فذكر بعضهم له ثمانية من الولد، منهم: قضاعة، وإياد، وحَيدان أبو مهرة، وقَنَص بن معد، ونزار بن معد.
وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون لمعد ولد غير نزار، وأجمعوا كلهم على أن كل معدَي وعدناني اليوم، نزاري، ولا يعلمون لمعد ولداً غير نزار، فنزار صريحُ ولد معد بن عدنان بإجماع. وغير ذلك مختلف فيه على ما نذكره بعدُ، إن شاء الله تعالى.
قحطان
وأما قحطان، فالاختلاف فيه كثير، على ما اصف لك، إن شاء الله تعالى.
قال محمد بن عبدة بن سليمان النسّابة: اختلف النسابون جميعاً في نسبة قحطان، على ثلاث مقالات، تفرّق اهلُ كل مقالة منها على ثلاث مقالات، فنسبته طائفة إلى إرَم بن سام بن نوح، وقالت فيه ثلاث مقالات، ونسبته طائفة إلى إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام وقالت في ذلك ثلاث مصالات.
فاما الذين نسبوه إلى: إرم.
فقالت الفرقة الأولى منهم: هو قحطان بن هود بن عبد الله بن الجلود بن عاد بن عوصهر بن إرم بن سام بن نوح.
وقالت الفرقة الثانية منهم: هو قحطان بن هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.
وقالت الفرقة الثالثة منهم: هو قحطان بن هَميسع بن تيمن بن قحطان بن هود بن تيمن بن إرم بن سام بن نوح.
ولا أظن هذه الفرقة صنعت شيئاً
وأما الذين نسبوه إلى عابر.
ففالت الطائفة الأولى منهم، وهم جل أهل اليمن اليوم: قحطان، هو يقطان، وهو يقطون، وهو يقطن، ويقطن، ابن عابر، وهو هود بني الله، ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
وقال الزبير بن بكار: قحطانِ، بالعربية، وهو يقطن بالعبرانية، ويقطان بالسريانية: ابن نبت، وهو تابت بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك، وهو لامك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس بن يارد، وهو يرد بن قين، وهو قينان بن أنوش بن شيث بالعربية، وهو شاث بالسريانية، وشيث بالعبرانية، وهو هبة الله بن آدم، وإليه أوصى آدم، ).
قال علي بن كيسان: أنوش بن شيث، هو بالعربية: أنس بن شيث.
وقالت الطائفة الثانية: قحطان، ويقطان، أخوانِ، وهما ابنا عابر وهو هود بني الله،ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
وقالت الطائفة الثالثة: قحطان بن هميسع بن تيمن بن يقطان بن عابر وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
وأما الذين نسبوه إلى إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام.
فقالت الطائفة الأولى منهم: قحطان، ابن هميسع بن تيمن بن نبت وهو نابت، ابن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وقالت الطائفة الثانية: قحطان، ابن هميسع بن تيمن، وبه سميت اليمن، ابن نابت بن إسماعيل.
قال أبو عمر، رضي الله عنه: يشهد لقول من جعل قحطان وسائر العرب من ولد إسماعيل، عليه السلام، قولُ رسول الله ، ) لقومٍ مِن أسْلم والأنصار: ارموا بن إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً، وقول المنذر بن حرام، جدّ حسان بن ثابت حيث يقول:
ورَثنا من البُهلول عَمرو بن عامر وحَارثةَ الغِطريف مجداً مؤثَّـلا
مآثَر من نَبْت بن نَبْتِ بن مالـك ونَبْتِ بن إسماعيل ما إن تَحـولا
وقالت الطائفة الثالثة: قحطان، ابن هميسع بن أصاف بن هود بن شروان بن الميثان بن العامل بن مهران بن بحير بن يقظان بن نباوت، وهو نابت، ابن تيمن بن النبيت بن إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام.
وأما الذين قالوا هذه المقالة التاسعة فهم الذين جعلوا بين عدنان وإسماعيل نيفا وثلاثين أبا.
قال: ووجدت أكثر أهل اليمن يقولون: قحطان بن عابر، وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، ويقولون: نحن العرب العاربة، نحن أقدم من إبراهيم.
وقال الزبير: طسم و واميم، وعمليق، بنو لوذ بن سام بن نوح، وجديس وثمود ابنا جاثر بن إرم بن سام بن نوح.
وأما هشام بن الكلبي، فقال: العرب العاربة، هم عاد، وعبيل، ابنا عوص بن إرم بن سام بن نوح، وطسم أخوه عمليق، وأميم، ويقطون بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح. فهؤلاء هم العرب العاربة.
تال هشام: ومن زعم أن قحطان ليس من ولد إسماعيل فإنه يقول: قحطان، هو يقطون بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
قال أبو عمر: هكذا قال ابن الكلبي في العرب العاربة، ورأيت بخط أبي جعفر العقيلي، قال: نا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا سلام بن مسكين، قال: نا عون بن ربيعة، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس، قال: العرب العاربة: قحطان بن الهميسع، والامداد، والسالفات وحضرموت.
وهذا حديث حسن الإسناد، وهو أعلى ما روي في هذا الباب وأولى بالصواب، والله أعلم.
قال ابن الكلبي: قول الناس: إن هوداً هو عابر، باطل، لأن هودا، ابن عبد الله بن الجلود بن عاد بن عوص بن إِرم بن سام بن نوح.
وأما وهب بن منبه فقال في هود: هود بن عبد الله بن رياح بن حوبا بن عاد بن عوبر بن إرم بن سام بن نوح.
قال وهب بن منبه: وليس هو بأب لليمن، لأن اليمن من ولد قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
قال وهب: وإنما ادعت اليمن هودا أبا حين وقعت العصبية بين اليمن ومضر، ففخرت مضر بابيها إسماعيل، فادعت اليمن عند ذلك هودا.
واحتج وهب بقول الله تعالى: )وإلى عاد أخاهم هودا(، يعني: أخاهم في النسب.
قال: و[نما اليمن من ولد أرفخشذ بن سام بن نوح.
قال أبو عمر: لا خلاف بين أهل العلم بالنسب أن العرب كلها بجمعها جِذمان، والجذم: الأصل، فأحدهما عدنان، والأخر قحطان، فإلى هذين الجذمين ينتهي كل عربي في الأرض، ولا يخلو أحد من العرب من أن ينتمي إلى أحدهما، ولا بد أن يقال: عدناني، أو قحطاني.
ولهذين الجذمين خمسة شعوب، وإن شئت قلت: ثلاثة شعوب، تفرقت منها قبائل العرب، فالخمسة: مضر بحشوتها من أياد، وربيعة بحشوتها من أنَّمار، وقضاعة شعب، وسبأ شعب، وحضرموت شعب، والثلاثة: نزار، وسبأ، وحضرموت.
وإن شئت قلت: عدنان وربيعة ومضر، وإن شئت قلت: نَّزار، وإن شئت قلت: اليمن: قضاعة وسبأ وحضرموت وقحطان، وإذا قلت: سبأ، لم تحتج إلى ذكر حمير بن سبأ.
قضاعة
قال أبو عُمر: فأما قضاعة فالاختلاف فيها كثير، والأكثر على أنها من معدّ بن عدنان، وأن قُضاعة بكرْ ولدَ مَعدّا، وبه كان يكنى.
ورُوي هذا من حديث هشام بن عروة، عن عائشة، إنها قالت: سمعت رسول الله، )، يقول: قضاعة من معد، كان بكر ولَدَه وأكبرهم، وبه كان يكنى.
وليس دون هشام بن عروةِ من يُحتج به في هذا الحديث.
وقد روي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وجُبير بن مطعم، مثل ذلك، وهو قول عبد الملك بن هشام، ومصعب بن الزبير، والزبير بن بكار.
ومما آحتج به من قال هذه المقالة قولُ زهير:
إذا لَقحت حَربٌ عوان مُـضـرِّةٌ ضَروسّ تُهِرُ الناسَ أنيابُها عُصْلُ
قُضاعّية أو أختـهـا مُـضِـرِيّة يُحرق في حافاتها الحَطب الجَزْلُ
فجعل قُضاعة من معد بن عدنان، اخا لمُضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وقال غيره:
قُضاعة العُنصر مَن لا لَها أبٌ بِه تُعْرَفُ إلا مَـعَـدَّ
وقال لبيد:
فلا تسألينا واسألي عن بلائنا إياداً وكَلْباً مِن. مَعَد ووائلا
ولا خلاف أن كلباً في قضاعة.
وقال الشرقي بن القُطامي بر: لم تزل قضاعة على نسبها في معدّ في الجاهلية وأول الإسلام، إلى أن أحدثت حِلْفاً بينها وبين أهل اليمن، أيام ابن الزبير وبني مروان، وذلك في غارات عُمير بن الحُباب السلمي على كلب، وغارات حُميد بن حُريث بن بَجدل الكلبي على فزارةِ، فلم تزل كلب واليمن يشدون ذلك الحلف، ويحتجون بحديث عَمرو بن مُرة الجهني، وكانت له صُحبة وسابقة في الإسلام، وطاعة في قومه، فمالوا إلى قوله قال أبو عُمر، رضي الله عنه.
ومثل حديث عَمرو بن مُرة الجهني حديثُ عقبة بن عامر الجهني، رواه جرير بن حازم، عن ابن لهيعة، عن معروف بن سويد، عن أبي عُشًّانَة المَعافري، عن عُقبة بن عامر الجهني، في حديث ذكره، قال: قلت: يا رسول الله، أمَا نحن من معد? قال: لا. قلت: مَن نحن? قال: أنتم قضاعة بن مالك بن حمير.
فعلى هذا قضاعة في اليمن، في حمير بن سبا.
ولا يختلفون أن جُهينة بن زيد بن سَود بن اسلم بن عمران بن الحاف بن قضاعة، قَبِيل عُقبة بن عامر الجهني.
قال الشرقي: فإن يكن رسول الله ) قال: فقد صدق رسول الله ).
قال الشرقي: وما لأهم على ذلك خالد بن يزيد بن معاوية، خلافا على بني مروان، ثم استحكم ذلك، فلم تزل قضاعة في اليمن إلى اليوم مختلفين في أنسابهم.
وقال محمد بن حبيب: إنما فسد نسب قضاعة بالحرب التي كانت بالشام أيام حميد بن حريث وعمير بن الحباب، وذلك أن خالد بن يزيد قال لأخواله من كلب، وكان مطاعاً فيهم، وهم سادة قضاعة: أطيعوني وحالفوا اليمن و آنتسبوا إليها، فإنكم تُدالون بذلك بني مروان، ومن أنحط في أهوائهم من قيس وغيرها، فأطاعه بعضهم وعصاه آخرون، فكان بعضهم يقول: حالفنا اليمن، وبعضهم يقول: بل نحن منهم.
وكان أول من انتسب من قضاعة إلى مالك بن حِمير الأفلح بن يعقوب، حيث يقول:
يأيها الداعي ادْعنـا وأبْـشِـرِ وكُنْ قضـاعـيّا ولا تَـنَـزَّرِ
نحن بنو الشيخ الهِجان الازْهري قُضاعةَ بن مالك بن حِـمْـيَرِ
الـنـسـبُ الـمَـعــروف غَير الـمُــنْـــكَـــرِ
وأما ابن اسحاق، في غير رواية ابن هشام وابن الكلبي وطائفة من أهل النسب، فذهبوا
إلى أن قضاعة في حمير.
قال ابن إسحاق: قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال ابن الكلبي: هو قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير.
وقد قيل: إن قضاعة كانت امرأة من جرهم، فتزوجها مالك بن حمير، ثم خلف عليها بعد، مالك معد، فولدت له قضاعة على فراش مالك، وقد كانت العرب تنسب الرجل إلى زوج أمه، ألا ترى أنها قالت، في بني كنانة: بنو علي، وذلك أن أم كنانة كانت قبل كنانة تحت عليّ بن مسعود الأزدي، فنسبهم العرب إلى علي، وذلك موجود في أشعارها.
وأما سعد هذيم، فهو سعد بن زيد من قضاعة، حضنته هذيم، فنُسب إلى حاضنته، وعكل، امرأة حضنت بني عوف بن قيس بن وائل بن عوف بن عبد مناةِ بن أد، فنسبوا إليها، وسنذكر خبرها في موضعه من هذا الكتاب.
وغُصينة، وسودان، وثعلبة، بنو عمر بن الغوث، من طيء، نسبوا إلى حواضنهم أيضاً.
فأما غصينة، ويقال: غصين، فحضنه يولان، فغلب على اسمه، وثعلبة، حضنته امرأة يقال لها: جرم، فغلبت على اسمه.
هذا كله ذكره الزبير وغيره.
ولأعشى بني تغلب، وقيل: إنها لبعض بني تيم اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب، يخاطب قضاعة.
أزنتيم عَجوزكمُ وكانـت عجوزاً لا يُشمّ لها خِمارُ
عَجوز لَوْدَنا منها يَمـانٍ لَلاقَى مثل ما لاقى يَسارُ
يعني: يسار الكواعب، وكان زنى في غير قومه، فأخذ فخُصى.
وقال أعشى بني تغَلب:
أبلغْ قُضاعة في القِرطاس أنًـهـمُ لولا خلائفُ دين الله ما عًتِـقُـوا
قالت قضاعة إنّا مـن ذوي يَمَـنٍ والله يَعلم ما برُّوا وما صَـدَقُـوا
قد ادعوا والداً مـا مَـسَّ أمَـهـمُ قد يَعلمون ولكنْ ذلـك الـفَـرَق
ما ضَرَّ شيخُ نِـزَار أنْ يُفـارِقَـه مَن لا يَزين إذا أبناؤُه اتَـسـقُـوا
معدّ شيخٌ بَنَى للمـجـد قُـبًـتـه فالمجدُ منه، ومِن ابنـائه خُـلُـقُ
لو جاهلوا الناسَ بَزت جاهليّتَـهـم أو سابَقوا الناسَ عن أحسابهم سَبَقُوا
الوارثون نَبِـيّ الـلـه سُـنَّـتـه في دِينه وعـلـيه نُـزَل الـورَقُ
تزداد لَحم المَنايا في مَـنـازلـنـا طيباً إذا عَزَّ في أعدائنا الـمَـرَقُ
قال بعضُ شعراء مُضر في قضاعة:
مَرَرْناعلى حَيّ قُضاعة غُدوةً وقد أخذوا في الزَّفن والزَّفَنَانِ
فقلتُ لهم ما بالدزَفْنكم كذا لعُرْسٍ نرى ذا أو لِخِتانِ
فقالوا ألا إنا وجدنـا لـنـا أبـاً فقلتُ لِيَهْنئكـمْ بـأي مَـكـانِ
فقالوا وجدناه بِجَرْعاءِ مـالـكٍ فقلتُ إذا ما أمَّكم بِـحَـصَـانِ
فما مَسَّ خُصْيَا مالكٍ فرجَ أُمَّكم ولا بات مِنه الفرجُ بالمُتدانـي
فقالوا بَلى والله حتى كـأنـمـا خُصَيّاه مِن تحت استها جُعَلاَن
وقال الكميت، يُعاتب قضاعة في تحولهم إلى اليمن:
علامَ نزلتُمُ مِن غير فَقْرٍ ولا ضرَاء منزلَة الحَمِيلِ
وقال عبد الملك بن حبيب: سمعت محمد بن سلام البصري النسابة، يقول: العرب ثلاث جراثيم: نزار، واليمن، وقضاعة: قلت له: فنزار أكثر أم اليَمن? فقال: ما شاءت قضاعة أن تَمَعْدَدت فنزارُ اكثر، وإن تَيمنت فاليمن اكثر، فما هي عندك? قال: معدية لا شك فيه، واحتج بحديث هشام بن عروة، الذي قدمنا ذكره. في أول باب قضاعة.
وروي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: إن قضاعة، ابن معد.
قال أبو عمر، رضي الله عنه: فهذه الثلاثة الأصول في أنساب العرب التي لا يوجد عربي اليوم إلا منتسب إلى أحدها، وهي: معد بن عدنان، وقضاعة، وقحطان، مجماع عدنان: نزار بن معد بن عدنان، وكل عدناني اليوم نزاري.
نزار
فأمّا نزار، فولد: مضر، وربيعة، وأنمارا، وإيادا، وهو إياد الأصغر، وفيهم صار إياد الأكبر، ابن معد بن عدنان، فيما ذكر اكثرهم.
واما أنمار، فأكثر أهل النسب يقولون: إنه ولَد،: خثعم، وبجيلة، وقد اختُلف في ذلك، على ما نذكره بعد، إن شاء الله تعالى.
فالصحيح الصريح من أنساب معد، الذي لا اختلاف فيه، أنه ولد نزار، والمجتمع عليه في نزار: ربيعة، ومضر، وذلك أن إيادا وأنمارا لحقا بأرض اليمن، فانتمى أكثرهم إلى اليمن، وهذا حين أفضى بنا القول إلى تفريع القبائل المنتسبة إِلى تلك الأصول.
مضر
فأول ذلك: مضر، إذ هي شَعب النبي )، ولا خلاف بين العلماء أن الصريح من ولد إسماعيل، عليه السلام: مضر، وربيعة، ابنا نزار بن معد بن عدنان.
وقد رُوي أن رسول الله )، قال: إن الله، عز وجل، اختار من العرب هذا الحي من مضر?.
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان: نا قاسم، نا أحمد بن زهير: نا ابن الأصبهاني نا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن المثني بن الصباح، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ): إذا اختلف الناس فالعدل في مضر.
وذكره ابن سنجر، قال: حدثنا محيد بن سعيد بن الأصبهاني، بإسناده مثلَه.
ورُوي عنه، ) أنه سمع رجلاً ينشد:
إنيَ امرؤ حميريٌّ حين تَنسُبني لا مِن ربيعة آبائي ولا مُضَرِ
فقال: ذلك أبعد لك من الله ورسوله.
خندف
امرأة، ينسب إليها بنوها، وهم، الياس بن مضر، و عيلان بن مضر.
و مضر، جِذْمان: خندف، وقيس، و المقدم منهما: خندف، لأنها جِذم رسول الله )، وأصل قريش.
قريش
فأول ما ينبغي أن نبدأ بذكره من ذلك مَن سبق له الفضل من الله، وهم قريش قوم رسول الله )، قال الله عز وجل: )وإنه لَذِكْرٌ لَك ولقَوْمك(.
يقال: قريش: عمارة رسول الله )، وكنانة: قبيلته، وعبد مناف بطنه.
أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ، رحمه الله، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي بمكة، قال: نا أبو احمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري بنيسابور، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، وشُعيب بن إسحاق، قالا: حدثنا الأوزاعي، قال: نا شداد أبو عمار، قال: نا واثلة بن الأسقع، قال: قال النبي ): إن الله اصطفى كنانَّة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى هاشماً من قريش، واصطفاني من بني هاشم.
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: ثنا قاسم بن أصبغ، قال: نا عبد الرحمن بن زهير، قال: نا منصور بن أبي مزاحم، قال: ثنا يزيد بن يوسف، عن الأوزاعي، عن أبي عمار شداد، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله ): إن الله اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.
وحدثنا سعيد بن نصر، قال: نا القاسم بن، أصبغ، قال: نا وضاح، قال: نا اخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: نا محمد بن مصعب، قال: نا الأوزاعي، عن أبي عمار، عن واثلة، قال، قال رسول الله ): إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.
وذكر ابن سنجر في مسنده، قال: حدثنا قاسم بن محمد، قال: ثنا خالد بن سعد، قال ثنا احمد بن عمرو بن منصور، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سنجر، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا الحسن بن علي أبو جعفر، قال: ثنا أبو الصهباء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: قال: قال رسول الله ): مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، مَن ركب فيها نجا ومن تخلف هلك.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: قَدِّموا قريشا ولا تُقدِّموها.
وروي الحسن، عن الأحنف بن قيس، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قريش رءوس الناس ليس أحد منهم يدخل من باب إلا دخل منه طائفة من الناس.
وقد اخْتُلف في قريش، فقال أكثر الناس: كل من كان من ولد النضر بن كنانة فهو قرشي، وحجتهم في ذلك حديث الأشعث بن قيس الكندي، قال: قدمت على رسول الله ) في وفد كندة، فقلت: ألستم منا يا رسول الله? فقال: لا، نحن بنو النضر بن كنانة، لا نفقو أمنا ولا نَنتفي من أبينا.
وقال مصعب الزبيري: كل من لم ينتسب إلى فهر فليس بقرشي.
وقال علي بن كيسانَّ: فهر هو أبو قريش، ومن لم يكن من ولد فهر فليس من قريش.
وهذا أصح الأقوال في النسبة لا في المعنى الذي من أجله سُميت قريش: قريشا، والدليل على صحة هذا القول انه لا يُعلم اليومَ قرشيُ. في شيء من كُتب أهل النسب يَنتسب إلى أب فوق فهر، دون لقاء فهر، ولذلك قال مصعب، وابن كيسانِ، والزبير بن بكار، وهم أعلم الناس بهذا الشأن، وأوثق من يُنسب علم ذلك إليه: إن فهر بن مالك جماع قريش كلها بأسرها.
وذكر أبو عبد الله أحمد بن محمد العدوي في كتابه في نَسب قريش، قال: جماع قريش كلها فهر، والحارث ابنا مالك بن النضر بن كنانة، وزعم أن الصلت بن النضر بن كنانة ليس من انتسب إليه بقرشي، وذكر قول كثير عزة، وهو خزاعي:
أليس أبِي بالصَّلت ام لَيس إخْوتِـي لكُلَ هِجانٍ من بني النضر أزهرَا
في أبيات ذكرها.
قال أبو عمر: قد اختلف في خُزاعة، وسنذكر ذلك في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
قال العَدوي: ولد كنانةُ النَّضْر، ونضيرا ومَلكاً، وملكان.
قال: وأهل الحجاز يَفتحون الميم من، ملكان، وابن الكلبي يكسرها.
قال: وولد النضر: ملكاً، وتملكاً ومخلداً، والصلت، بني النضر بن كنانة.
وقال علي بن كيسان: ولد النضر بن كنانة: ملكاً، والصلت، ومخلداً، أمهم إمرأة من جرهم.
وقال ابن الكلبي: ولد كنانة بن خزيمة: النضر، وهم قريش، ثم ذكر سائر بني كنانة أكثر من عشرة.
واختلفوا فيما سُميت له قريش: قريشاً? فقال قوم. إنما سميت بذلك لتجمعهم بمكة والتجمع: التقرش، دليل ذلك قول أبي جلدة اليشكري:
إخوةُِ قُرَشُوا الذُّنوب عَلينـا في حَديث مِن دَهرنا وقَديم
وقال حُذافة بن غانم العدوي: أبوكم قُصي كان يُدْعَى مُجمِّعاً=به جَمع الله القّبائلَ مِن فِهْرِ قال أبو عمر بن عبد البر: قصي، اسمه: زيد، وإنما قيل له: قصي، لأنه كان قاصياً عن قومه في قضاعة، ثم قدم مكة وقريش متفرقون، مجمعهم إلى الكعبة، فسمي مجمعا.
وقد قيل غير هذا، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع.
وقال بعض قريش: إنما سميت قريش قريشاً، بقرش بن الحارث بن مخلد بن النضر بن كنانَّة، وكان دليل بني النضر وصاحب ميرتهم، فكانت العرب تقول: قد جاءت عِير قريش، وقد خرجت عير قريش.
قال: وابنه بدر بن قريش، به سميت بدر، التي كانت بها الواقعة المباركة، وهو الذي احتفرها.
وقال آخرون: النضر بن كنانة، كان يقال له: القرشي.
وقال آخرون: قصي كان يقال له: القرشي.
وذكر الواقدي: إن عبد الملك بن مروان سأل محمد بن جبير بن مطعم: لم سُميت قريش قريشا? فقال: لتجمعها إلى الحَرم من تفرقها. فقال عبد الملك: ما سمعت بهذا، ولكني سمعت أن قصيا كان يُقال له: القرشيِ، ولم تُسَمَ قريش قبله.
وذكر الواقدي أيضاً، بإسناد له عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: لما نزل قصيٌّ الحرم وغلب عليه، فعل أفعالاً جميلة، فقيل له: القرشي، فهو أول من سُمي بذلك.
وقال الواقدي: وحدثني أبو بكر بن أبي سَبرة، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم، قال: كان النضر بن كنانة يُسمَّى القرشي.
وقال أبو اليقظان: سميت قريش قريشاً لأنهم كانوا يقترشون في البياعات.
وعن أبي اليقظان أيضاً: أنه قال: بل جاء النضر بن كنانة في ثوب، فقالوا: تقرش في ثوبه.
وعنه أيضاً: إنه قال: بل جاء النضر بن كنانة إلى قومه: فقالوا: جاء كأنه جَمل قَرش، والقرش: الشديد.
وقال العدوي: التجمع أصحّ ما فيه عندنا.
قال أبو عمر: هذا هو المعول عليه، والله أعلم.
قال أبو عمر: المقدم من قريش بنو هاشم، وهم فصيلة رسول الله ) وعشيرته الأقربون، وآله الذين تُحرم عليهم الصدقة.
قال أهل العلم، في معنى قول رسول الله ): لا تحل الصدقة لمحمد ولا لأل محمد، قال: بنو هاشم آل العباس، وال أبي طالب، وبنو أبي لهب، وبنو الحارث بن عبد المطلب، وآل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وكل بني عبد المطلب، وسائر بني هاشم.
وقيل أيضاً: بنو عبد المطلب فصيلته، وبنو هاشم فخذه، وبنو عبد مناف بطنه، وقريش عمارته، وبنو كنانة قبيلته، ومضر شعبه. ومنهم من لا يفصِّل هذا التفصيل.
وروى حمادُ بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، رفعه، قال: قال رسول الله ): إن الله عز وجل اختار العرب، ثم اختار منهم النضر بن كنانة، ثم اختار منهم قريشاً، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم.
قال أبو عمر: هو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وهاشم اسمه: عمرو، وعبد مناف اسمه: المغيرة، وقصي اسمه: زيد، فهؤلاء بنو هاشم بن عبد مناف بن قصي، ثم بنو عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي، رهط عبيدة بن الحارث، و ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب.
وولد المطلب خمسة بنين: هاشم بن المطلب، والحارث بن المطلب، وأثاثة بن المطلب، ومخرمة بن المطلب،.ونبقة بن المطلب، و نبقة بن مخرمة بن المطلب.
ومن بني المطلب بنو شافع، رهط الشافعي الفقيه، وهو شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف.
والشافعي، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع.
ثم بنو نوفل بن عبد مناف، منهم: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل.
ثم بنو عبد شمس بن عبد مناف، وهم أفخاذ وبطون، منهم: ربيعة بن عبد شمس، والد شيبة، وعتبة، وابنه أبو حذيفة بن عتبة.
ومنهم: حبيب بن عبد شمس، منهم: عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس.
ومنهم: عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس.
ومنهم: عبد العزي بن عبد شمس، منهم أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزي بن عبد شمس، وأمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى، فيهم بطون أيضاً وأفخاذ، منهم: آل أبي سفيان بن حرب بن أمية، وآل سعيد بن العاص بن أمية، والد خالد وعمرو وأبان.
وآل أبي العاص بن أميهَ، -منهم: عثمان بن عثمان بن أبي العاص، وعمه الحكم بن أبي العاص، والد مروان، وما أعلم له رواية.
وآل أبي العيص بن امية، منهم: عتاب بن أسيد بن أبي العيص، وأمية الأصغر ولا أعلم فيهم من يروي عن النبي )، ويعرفون بالعبلات.
ثم بنو أسد بن عبد العزي بن قصي، منهم: خديجة بنت خويلد بن أسد، زوج النبي )، والزبير. بن العوام بن خويلد بن أسد، وحكيم بن حزام بن خويلد.
ثم بنو عبد الدار بن قصي، منهم: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة.
ومنهم: سويبط بن سعد بن حرملة.
ثم بنو عبد بن قصي بن كلاب، منهم طليب بن عمير.
ثم بنو زهرةِ بن كلاب، منهم: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومخرمة بن نوفل ابنه.
ثم بنو تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، منهم: أبو بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله.
ثم بنو مخزوم بن يقظة بن مرةِ بن كعب، وهم أفخاذ، منهم: خالد بن الوليد بن المغيرة، والحارث بن هشام، وابن أخيه عكرمة بن أبي جهل بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وأم سلمة بنت أبي أمية، وأفخاذ كثيرة.
ثم بنو عدي بن كعب بن لؤي، رهط عمر بن الخطاب، وسعيد بن زيد، ونعيم بن النحام.
ثم بنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، منهم: بنو مظعون عثمان، وقدامة، وعبد الله، ومنهم: صفوان بن أمية.
ثم بنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، منهم: عمرو، وهشام، ابنا العاصي بن وائل.
ثم بنو عامر بن لؤي بن غالب، منهم: سهيل بن عمرو.
ثم بنو فهر بن مالك، منهم أبو عبيدة بن الجراح، والضحاك بن قيس، وجماعة.
انقضت قريش، وذكرنا منهم بعض الرواة، لأنهم مذكورون في كتابنا في الصحابة.
كنانة وهذيل والقارة وأسد بن خزيمة
فأما كنانة، فهو ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأما خزيمة، فهو اسمه.
وأما مدركة، فقيل: اسمه عامر، واسم أخيه طابخة: عمرو.
وقيل: اسم مدركة: عمرو، واسم طابخة: عامر.
وقيل: بل عامر طابخة، وعمرو مدركة.
فالله اعلم، والأول أكثر.
أمهما خندف، ابنة عمران بن الحاف بن قضاعة، اسمها ليلى.
وعند أهل العلم بالنسب خبر مشهور فيه ذكر السبب الذي له سُمي عامر: مدركة، وعمرو: طابخة، ولِم قيل لأمهما: خندف? قد ذكرته في غير هذا الموضع.
وقال بعض أهل العلم بالنسب: إن لمدركة وطابخة أخا يدعى قَمعة، اسمه عمير، وأمهم خندف.
وأنكر أكثرهم ذلك، وقالوا: ليس لإلياس بن مضر ابن غير عمرو )طابخة(، وعامر مدركة، ولا لخندف من بعلها إلياس بن مضر غيرهما.
قال أبو عمر: نسل مضر كلها المنتسبون إليه جذمان، أحدهما خندف، وهم ولد إلياس بن مضر، ويعرفون بأمهم، والثاني قيس، ويأتي ذكره بعدُ، إِن شاء الله تعالى.
ويعود القول إلى معنى ترجمة الباب.
فولد مدركة بن إلياس بن مضر: هذيلا، وخزيمة.
قال علي بن كيسان: أمهما هند بنت وبرة، أخت كلب بن وبرة.
وولد خزيمة، كنانة، أمه هند بنت عيلان بن مضر، وأسداً، والهون، وهو القارة، أمهما برة بنت مر، أخت تميم بن مر.
وفي القارة بطون، وكذلك في هذيل وخزيمة بطون كثيرة.
ومنهم من يقول: ولد خزيمة: كنانة والهون، وأسدا، و أسدة.
فأما أسدة فذهبت.
قال مصعب الزبيري: يزعمون أن روح بن زنباع، من أسدة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
قال مصعب: وقد انتسب بعض بني أسدة في جذام بن عدي، أخي لخم بن عدي.
وزعم بعض من ذهب إلى أن العرب كلها من ولد إسماعيل بن أسدة هذا، هو أبو جذام، لحق بالشام وانتسب إلى اليمن.
واكثر أهل العلم ينكر ونَّذلك ولا يعلمون لخزيمة ولداً غير أسد، والهون، هو القارة، وكنانة. وذكر أبو عبيدة، عن ابن الكلبي، قال: قال الكميت يعاتب جذام، على انتقالهم بنسبهم من خزيمة بن مدركة، وكان يقال: إنه جذام بن أسدة بن خزيمة، أخي أسد بن خزيمة، فانتقلوا إلى اليمن، فقال الكميت:
وأين ابنها مِنكم ومنا وبَعْلهـا خُزيمة والأرحام وعْثاً جُئوبها
قال أبو عمر: في خزيمة، وأسد، وكنانة، والقارة: صحابة لهم روايات.
فمن بني أسد بن خزيمة: بنو جحش بن رئاب، منهم: عبد الله بن جحش، وأبو أحمد الأعمى أخوه، وزينب زوج النبي )، وأختاها حمنة وأم حبيبة، كلهم بنو جحش.
وفي بني أسد بن خزيمة: بنو سعد بن الحارث وفيهم جرى المثل في كل واد: بنو سعد بن الحارث، وبنو ثعلبة بن مالك بن دودان، وبنو غنم بن دودان، وجوه بني أسد.
وفي هذيل بطون، منهم: لحيان بن هذيل، ومنهم ة صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وصاهلة فخذا بن مسعود، رحمه الله تعالى.
وفي كنانة: بنو ليث، وهو ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، منهم: أبو واقد الليثي.
وفي ليث بطون، منهم، جندع بن ليث، وسعد بن ليث وعتوارة بن ليث، وبنو مدلج في كنانة، ثم الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ثم بنو ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
ومن بني ضمرة: عمرو بن أمية الضمري، وفيه قال رسول الله ) لعمرو بن الغفواء: أخاك البكري ولا تأمنه.
نسبة إلى بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهو أكبر بطن في كنانة.
ثم غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، رهط أبي ذر الغفاري، رحمه الله.
ثم بنو مدلج في كنانة، منهم: سراقة بن مالك بن جعثم المدلجي، ومجزر المدلجي، وهو مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة.
وفي كنانة فقيم، إليه ينسب كل فقيمي، وهو فقيم بن عدي بن مالك بن كنانة.
وفي فقيم أشراف كنانة، وفيهم كان النسيء، ومنهم القَلَمس، وهو سدير بن ثعلبة بن مالك بن كنانة، وهو القائل:
ألسنا النَّاسئين على مَـعَـدَّ شُهور الحِلِّ نَجعلها حَراما
انقضى نسب كنانة من الرواة.
ثم القارة
وهو الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
قال ابن الكلبي: إنما سموا القارة، لأن يعمر بن عوف بن الشداخ، أحد بني ليث، لما اراد أن يفرقهم في بطون كنانة، قال رجل منهم:
دَعونا قارة لا تُنفـرونـا فنُجفل مثل إجفال الظلِيمِ
فسموا: القارة.
وقال الزبير: عضل والقارة ابنا يثيع بن الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، يقال لهم: القارة. وقال أبو عبيدة: هو أثيع بن الهون، بالألف.
وقال محمد بن حبيب: هو يثيع بالياء، كما قال الزبير.
وقال ابن الكلبي، يثيعع بن مليح بن الهون بن خزيمة، وهو القارة، قيل لهم: القارةِ، لأنهم قالوا: )دعونا قارة لا تَنفرونا( وفي بني أسد بن خزيمة بطون، منهم: فقعس، وبنو نصر بن قعين، وبنو الصيداء وغيرهم، وشرفهم في بني غنم بن دودان. وفي بني أسد جماعة من الصحابة.
تميم
وأما تميم، فهو تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وفيهيم يقول الشاعر:
فأما تَميم تَميم بـن مُـر فألفاهم القومُ رُوبى نياما
وقال آخر:
أيها المُدعي تَميم بـن مُـرِّ لستَ منها ولا قُلامة ظُفْرِ
أنت منها إذ تَدّعيهـا كـواو ألصقوها ظُلْماً بآخر عَمْرِو
وفي هذين البيتين وقائلهما اختلاف.
ففي تميم: أسيد بن عمرو بن تميم، رهط هند وهالة ابني أبي هالة التميمي، أمهما خديجة بنت خويلد، زوج النبي )، ورهط حنظلة الكاتب الأسيدي، وهو حنظلة بن الربيع بن رياح، والعنبر، ويقال: بلعنبز، ابن عمرو بن تميم، وبلهجيم بن عمرو بن تميم، رهط أبي تميمة الهجيمي، وفي صحبته نظر، ومالك والحارث، وهو الحبط، كلهم بنو عمرو بن تميم، يعرفون بالحبطات.
ومازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وشقرة بن معاوية بن الحارث بن عمرو بن تميم.
قال ابن الكلبي: لإنما سمي شقرة، لبيت قاله، وهو:
وقد أحمل الرُمْح الاصمّ كُعوبه بِه من دِماء القوم كالشَّقِراتِ
وقيل: شقرة نفسه، هو معاوية، وشقراة بن معاوية بن الحارث بن عمرو بن تميم، وزيد مناة بن تميم، منهم: البراجم، بنو حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
وقال محمد بن سلام: قال لي واصل بن شبيب: من بني دارم: البراجم، خمس قبائل، وإخوتهم أكثر منهم، وقيل لهم: البراجم، لأنهم تجمعوا كالأصابع، فسموا البراجم، ببراجم الأصابع، وهم: عمرو، وقيس، وغالب، وكلفة، بنو حنظلة بن مالك بن زيد ممناةِ بن تميم بن عمرو.
قال أبو عمر: في البراجم من الرواة: خارجة بن الصلت البرجمي، وبنو دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
وفي دارم بطون وعمائر، منهم نهشل بن دارم، ومجاشع.
ومن مجاشع: صعصعة بن ناجية، جد الفرزدق، والأقرع بن حابس، رَويا عن النبي ).
وفي حنظلة: بنويربوع، ومن بني ثعلبة بن يربوع: متمم بن نويرة.
وفي زيد بن مناة بن تميم: سعد بن زيد مناة بن تميم، وفي سعد. منقر، رهط قيس بن عاصم المنقري، وهو منقر بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ومرة بن عبيد، رهط الأنف بن قيس، وعبشمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم، منهم: بنو طهية نسبوا إلى أمهم.
ومن بني سعد بن زيد مناة بن تميم: الأسود بن سريع، له صحبة ورواية، قال جرير:
يعد الناسبون بنـي تـمـيم بيُوت المجد أربعةً كِبـارَا
يَعدون الرباب وآل سَـعـد وتيماً ثم حَنظلة الـخِـيارا
ويسقط وسطها المرئي لغواً كما ألغيت في الدية الحِوارَا
قوله: تيما، يريد: تيم الرباب.
ومن الرواة من تميم: يعلى بن أمية، له صحبة ورواية، وامه منية، وربما نسب إِليها فقبل: يعلى بن منية، وهي منية بنت جابر، من بني مازن بن منصور.
قال أبو عمر: روي عن ابن عباس، قال: مات تميم بن مر، وأسد بن خزيمة، وضبة بن أد، على الإسلام، فلا تذكروهم إلا بما يذكر به المسلمون.
ذكره الدارقطني: عن القاضي المحاملي، عن عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا إبراهيم بن يحيى، قال: حدثني أبي، عن عبد الملك بن عبد العزيز، عن أبيه، عن ابن عباس، رضي الله عنهما.
مزينة والرباب وضبة
وأما مزينة، فهم عثمان، وأوس، ابنا عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر، ينسبان وولدهما إلى أمهما مزينة بنت كلب بن وبرة، إليها ينتسب كل مزني، غلب عليهم اسم أمهم مزينة، ولدت لعمرو بن أد.
وفي مزينة من الرواة جماعة، منهم: بنو مقرن: النعمان بن مقرن، وإخوته سبعة، روى منهم عن النبي ) خمسة: وسويد، ومعقل، وسنان، وعقيل.
ويروي أنهم قدموا على رسول الله ) في أربعمائة من مزينة، منهم: قرة، جد إياس بن معاوية بن قرة المزني، وبلال بن الحارث المزني.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: ثنا قاسم بن إصبغ، قال: ثنا أحمد بن زهير، قال: ثنا عمرو بن مرزوق، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله ): مزينة وجهينة وأسلم وغفار خير من بني تميم وأسد وغطفانِ ومن بني عامر بن صعصعة.
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: ثنا قاسم، قال: ثنا محمد محمد بن عبد السلام الخشني، قال: ثنا محمد بن بشار، قال: ثنا غندر، عن شعبة، عن سعد بن ابراهيم، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ): أسلم وغفار ومزينة وجهينة، أو قال من كان من جهينة، خير من بني تميم، ومنِ بني عامر بن صعصعة، ومن الحليفين: أسد وغطفان.
قال أبوعمر: هذان الحديثان من حديث شعبة صحيحان لا مطعن لأحد فيهما من جهة النقل.
وأما ضبة
ابن أد، أخو عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس، فمنهم: سلمان بن عامر الضبي، وعتاب بن شمير الضبي.
ولم يرو عن النبي ) من بني ضبة غيرهما، والله أعلم.
وأما الرباب
فهم: تيم، وعدي، وعوف، وعكل، بنو عبد مناة بن أد بن طالخة بن إلياس بن مضر.
ومنهم من يجعل ضبة بن أد في الرباب.
وإنما قيل لهم: الرباب، لأنهم غمسوا ايديهم في الرُّب حين تحالفوا.
وقال ابن الكلبي، عن أبيه: الرباب، هم تيم، وعدي، وعوف، وثور، وعكل، وضبة بن أد، سموا الرباب لأنهم غمسوا أيديهم في الرب إذ تحالفوا على بني تميم.
قال: وخصت تيم بالرباب.
وقال أبو عبيدة: تيم الرباب: ثور، وعدي، وعكل، ومزينة، بنو عبد مناة بن أد وضبة بن أد، وإنما سموا الرباب لأنهم ترببوا، أي تحالفوا على بني سعد بن زيد مناة بن تميم.
قال: و إلى عدي بن عبد مناةِ بن أد بن طابخة ينتسب كل عدوى ليس من عدي قريش.
منهم: أبو قنادة العدوي، يعد في التابعين.
وإلى عوف هذا ينتسب كل عوفي، ومنهم: عطية العوفي.
وأما عكل فكانت أمة لامرأة من حمير، يقال لها: بنت ذي اللحية، تزوجها عوف بن قيس بن وائل بن عوف بن عبد مناة بن أد بن طابخة، فولدت له جشما، وسعدا، وعليا، ثم هلكت الحميرية، فحضنت عكلٌ ولدها، فغلبت عليهم ونشبوا إليها، ولخلف الأحمر يهجو قوما:
إذا انتسبوا فقومٌ من قُريش ولكن الفِعال فِعال عُكْـلِ
وانشد اهل اللغة:
يأيها المُشتكي عُكْلا وما جَرَمت إلى القبائل من قتـل وأبـآسِ
وفي ضبة بن أد بن طابخة: شقرة بن ربيعة بن سعد بن ضبة بن أد بن طابخة،فيما ذكر محمد بن حبيب، وذلك خلاف ما تقدم ذكره عن ابن الكلبي وغيره في باب، تميم، من هذا الكتاب.
وأنشد أيضاً محمد بن حبيب البيت الذي أنشده ابن الكلبي:
وقد أحمل الرُمح الأصمّ كُعوبه بِه من دماء القَوم كالشَقراتِ
قال: والشقرات: شقائق النعمان.
قال: وإنما قيل لها: شقائق النعمان، لأن النعمان بن المنذر بنى مجلسا وزرعها فيه.
وقال محمد بن حبيب: ضبة: ابن أد بن طابحة بن إلياس بن مضر.
وفي قريش: ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك.
وفي هذيل: ضبة بن عمرو بن الحارث بن سعد بن هذيل.
وأما ضنة، بالضاد المكسورة والنون، ففي قضاعة: ضنة بن سعد بن هذيم بن يزيد بن ليث بن سويد بن أسلم بن الحاف بن قضاعة.
وفي عذرة: ضنة بن عبد بن عذرة.
وفي بني أسد بن خزيمة بن الحاف بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة.
وفي الأزد: ضنة بن العاصي بن عمرو بن مازن بن الأزد.
تقضت خندف.
قيس بن عيلان في مضر
وقيل: قيس عيلان بن مضر.
قال أبو عمر: فقد اختلف في أبيه على ما نذكره بفضل الله وعونه في هذا الموضع، وذلك أنهم اجمعوا على ان مضر بن نزار لم يكن له ولد ممن أعقب إلا ابنان، احدهما إلياس بن مضر، لا خلاف في اسمه ولا في انه ولد مضر لصلبه، وان إلياس بن مضر ولد طابخة ومدركة. وزاد بعضهم: وقمعة.
أمهم خندف، اسمها ليلى، تنسب في قضاعة، وتنسب في الأزد، وقد تقدم ذلك.
والثاني: الناس بن مضر.
قيل: إنه عيلان بن مضر، وأن عيلان ولد قيسا.
وهذا قول أكثر النسابين العرب.
قال ابن كيسان: ولد مضر بن نزار: الياس وعيلان، أمهما امرأة من جرهم.
كذا وجدته لأبن كيسان، وهو خلاف ما تقدم في خندف.
وقال غيره: إن عيلان لم يكن بأب لقيس، ولا ابن لمضر، وإنما هو قيس بن مضر، ولد مضر لصلبه.
وعيلان، اسم فرس لقيس مشهور في خيل العرب مفضل وكان قيس بن مضر يسابق عليه، وكان رجل من بجيلة، يقال له: قيس كبة، لفرس كان له يقال له: كبة مشهور ايضاً، وكانا متجاورين في دار واحدة قبل أن يلحق بجيلة بأرض اليمن، وهذا على مذهب من جعل بجيلة هو ابن أنمار بن نزار، وكان فرساهما مشهورين مذكورين، فكان الرجل إذا سال عن قيس، أو ذكر قيسا، قيل له: أقيس عيلان تريد، أم قيس كبة? فصار قيس لا تعرف إلا بقيس عيلان، وهو قيس بن مضر بن نزار.
قال أبو عمر: قد قيل إن قيسا سمي عيلان بغلام كان له وقيل: سمى عيلان، بكلب كان له، يقال له: عيلان.
وقال الزبير: ولد مضر: إلياس بن مضر، والناس بن مضر، فأما الناس، فهو أبو قيس عيلان بن مضر، ولد قيسا، فهو قيس بن عيلان بن مضر، وقيس بن الناس بن مضر، لأن الناس كان يقال له: عيلان.
وقال الزبير: وقد قيل إن عيلان كان حاضنا لقيس فنُسسب إليه مما نسب غير واحد من العرب إلى الحضان، منهم: سعد هذيم، حضنه هذيم، فنسب إليه.
وذكر جماعة كذلك.
قال أبو عمر: أكثر الناس على أن قيسا هو ابن عيلان بن مضر، وأن الناس هو عيلان، وهو ابن مضر لصلبه، ويشهد لذلك قول زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان المُري:
إذا آبتدرت قيسَ بن عيلان غايةً من المجد مَن يَسبق إليها يُسْبَقِ
وقال العباس بن مرداس:
فإنْ يَك في سَعْد العَشِيرة يَلْـتـقـي إلى الغِرُّ من قيس بن عيلان مَوْلِدِي
وهذا كثير في أشعارهم، وليس قول من قال: ان الشاعر اضطر إلى هذا بشيء، والله أعلم.
ومن الياس بن مضر، وهم خندف، والناس بن مضر، وهم قيس: تفرعت وتشعبت مضركلها، فقف على ذلك.
وقد تقدمت بطون خندف وأفخاذها وشعوبها.
وهذا ذكر بطون قيس وأفخاذها وشعوبها
قال. أبو عمر: لا أعلم خلافا في أن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار ولد ثلاثة رجال: عمرو بن قيس، وسعد بن قيس، وخصفة بن قيس، أمهم عاتكة بنت قضاعة.
إلا أن ابن الكلبي قال في موضع: خصفة بن قيس، وعكرمة بن قيس.
وقال: خصفة أم عكرمة، غلب اسمها على بنيها فنسبوا إليها، فقالوا: عكرمة بن خصفة، كما قيل في خندف، وهي امرأة، على ما تقدم، من ذكرنا لها.
وقد قيل: إن قيس بن عيلان ولد أربعة رجال: خصفة، وسعد، وعمرا، و برا.
فجعل قائل هذا القول )بر بن قيس( ولد طوائف من البربر.
وسأذكر ما بلغني عن أهل العلم بالأنساب والأخبار من الأقاويل في البربر وأنسابهم واختلافهم في ذلك عند ذكري لما دخل من العجم في العرب، ومن العرب في العجم، في آخر كتابنا هذا بعد الفراغ منه، إن شاء الله.
وأنكر أكثر أهل العلم بالنسب وأيام العرب أن يكون لقيس بن عيلان ولد، يقال له: أبر، ولم يعرفوا لقيس ولدا إلا الثلاثة المذكورين، ومنهم تشعبت شعوب قيس وقبائلها كلها، فمن ذلك:
جديلة قيس
ويقال لها: جديلة هوازن، وهم عدوان وفهم، ابنا عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر، نسبوا وبنوهم إلى جديلة أمهم، وهي بنت مر بن أد، آخت تميم بن مر، تزوجها عمرو بن قيس فوُلد لها منه عدوان وفهم.
وقد قيل في جديلة هذه أنها جديلة بنت مدركة، أو طابخة.
قال أبو عمر: في ربيعة جديلة أيضاً، وفي طيئ جديلة، وفي تميم جديلة.
واسم عدوان الحارث بن عمرو بن قيس، وإنما قيل له: عدوان، لأنه عدا على أخيه فهم فقتله.
وفي عدوان بطون وأفخاذ، منهم يشكر ودوس.
وقد قيل: إن دوسا هذا هو دوس الذي في الأزد، ولا يصح، والله أعلم.
ورَوى عن النبي )، مِن فَهم، أبو ثور الفهمي.
وفي قيس: غني بن يعصر بن سعد بن قيس، إليه ينسب كل غنوي، رهط أبي مرثد الغنوي، رحمة الله عليه.
وقيل في يعصر: أعصر، وباهلة، ابن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان.
وقيل: ان باهله امرأة، بنت صعب بن سعد العشيرة، أخت بجيلة بن مذحج، ولدت لمعن بن مالك بن يعصر، فنسب ولدها إليها.
وقيل: إن باهلة ولدت سعد بن مالك بن يعصر، ومعن بن مالك بن يعصر، فغلبت جمليهم ونسبوا إليها.
ورَوى عن النبي )، مِن باهلة، أبو أمامة الباهلي.
وفي باهلة: سلمان بن ربيعة الباهلي.
وفي قيس بن عيلان: أشجع، رهط كل أشجعي، وهو أشجع بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس.
روى عن النبي )، مِن أشجع: معقل بن سنان الأشجعي، ونعيم بن مسعود الأشجعي.
وعبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس، رهط حذيفة بن اليمان العبسي.
وفي عبس بطون.
وانمار بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس، منهم: أبو كبشة الأنماري.
وقد قيل: إن ابا كبشة الأنماري من أنمار مذحج. والله أعلم.
وفزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس إليه ينسي كل فزاري.
ورَوى عن النبي ) من فزارةِ، سمرةِ بن جندب، وعيينة بن حصن.
ومرةِ بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان إليها ينسب كُل مري، فيما أحسب.
وفي تميم أيضاً: مرة بن عبيد، رهط الأحنف بن قيس.
وفي بني ضبيعة: مرةِ بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.
وفي عامر بن صعصعة: مرة بن عامر بن صعصعة.
ثم عاد القول إلى قبائل قيس.
وفي قيس: سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، منهم: عباس بن مرداس السلمي، وعمرو بن عبسة، ومجاشع بن مسعود، وغيرهم.
وفي سليم بطون، منهم: بهز بن سليم، رهط الحجاج بن علاط البهزي، وذكوان رهط صفوان بن المعطل الذكواني السلمي، وأبو الأعور السلمي، وهو ذكواني أيضا.
وذكوان، هو ابن ثعلبة بن بهثة بن سليم، ورعل، وعصية، ولا أعلم فيهم صاحبا له رواية، وإنما قال رسول الله ): عصية عصت الله ورسوله، لأنهم ممن قتل أصحاب رسول الله ) ورضي عنهم ببئر معونه.
وعصية، هو ابن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، وهوازن بن منصور، أخو سليم بن منصور، وسعد بن بكر بن هوازن بن منصور، رهط حليمة السعدية، أم رسول الله ) من الرضاعة، ونصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور، رهط مالك بن عوف النصري، الذي كان صاحب راية الكفار يوم حنين، ثم أسلم فحسن إسلامه، ورهط مالك بن أوس بن الحدثان النصري، وجشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، رهط دريد بن الصمة.
وفي جشم صحابة.
ومازن بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان.
وقال غيره: سلول، هي أم بني مرةِ، إليها ينسبون وبها يعرفون.
وقد نسب قوم من النسابين سلولا في خُزاعة، ولم يقولوا إنهم ينسبون إلى أمهم.
وقال الزبير بن أبي بكر، واسم أبي بكر بكار، وهو من ولد الزبير بن العوام، وهو ابن أخي مصعب الزبيري. سلول ابنة شيبان بن ذهل بن ثعلبة، ولدت بني مرةِ بن صعصعة، أخي عامر بن صعصعة.
قال: وأم سلول من بني يشكر.
قال أبو عمر: سلول رهط أبي مريم السلولي، وأما عامر بن صعصعة فرهط لبيد بن ربيعة الشاعر، وهو معدود في الصحابة، ورهط علقمة بن علاثة العامري، أحد المؤلفة قلوبهم.
وفي عامر بن صعصعة بطون كثيرة، منهم: هلال بن عامر بن صعصعة، رهط ميمونة، وزينب بنت خزيمة، أم المساكين، زوجي النبي )، وحميد بن ثور الهلالي الشاعر، قال لبيد العإمري:
سَقَى قومي بني مَجْد وأسقى نميراً والقبائل مِن هِـلاَلِ
ومَجد، هي أم كلاب، وكليب، وكعب، بني ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهي بنت تيم بن مرةِ بن غالب بن فهر، وهي التي جعلت بني عامر خمساً.
هذا كله عن ابن الكلبي 0 ونمير بن عامر بن صعصعة، وسواءة بن عامر بن صعصعة.
وفي كعب بطون، منهم: عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، منهم: أبو رزين العقيلي.
وبنو الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، منهم: عبد الله بن الشخير الحرشي أبو مطرف.
وبنو جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، النابغة الجعدي.
وبنو قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وبنو أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، واسم أبي بكر: عبيد بن كلاب، منهم: ذو اللحية الكلابي.
وبنو كليب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وبنو جعفر بن كلاب بن ربيعة، وبنو ضباب بن كلاب بن ربيعة، منهم: أشيم الضبابي، وذو الجوش الضبابي.
قال الزبير: الضباب، هم ولد معاوية بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وإنما سموا:
الضباب، لأن عمرو بن معاوية كان ولده، ضبا، ومضبا، وضبابا، وحسيلا، بنو عمرو بن معاوية بن كلاب، فسموا: الضباب لذلك.
ورؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
وفي كلاب وكعب، ابني ربيعة، شرف عامر بن صعصعة، وعددهم وإياهم عني جرير بقوله:
فغُضَّ الطَرف إنك من نُمير فلا كعباً بلغت و لا كِلابـا
وهو نمير بن عامر بن صعصعة. فهؤلاء بنو عامر بن صعصعة.
ذكر أبو حاتم السجستاني، عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن كعب الأسدي، عن مروان بن الحكم، قال: أُتي كعب بن ربيعة في منامه فقيل له: كبرت سنك، ورق عظمك، وحضر أجلك، فقل لولدك فليتمنوا، فإنهم سيعطون أمانيهم. قال: فجمعهم، وقال: تمنوا، فقال الحريش: أتمنى النعظ والقوة على النساء، فهم أنكح بني عامر، وقال لقشير: تمن، فقال: أتمنى البقاء والجمال، فهم أجمل بني عامر وأطولهم أعماراً، منهم ذو الرقيبة، ومنهم حيدة، أدرك الجاهلية، وأدرك امارةِ بشر بن مروان على الكوفة، وهو جدبهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، وقال لجعدة: تمن، فقال: أتمنى اللبن والتمر، فهم أكثر بني عامر لبنا وتمرا، وقال لعقيل: تمن، فقال: الإبل والعز والشدةِ، قليس في بني عامر أشد ولا أعز منهم، وهم أكثرهم إبلا.
انقضت قيس إلا ما كان من ثقيف، فإنا نفرد لثقيف بابا لما فيها من التنازع. وانقضت مضر بن نزار، إلا ما قيل في خزاعة على ما نذكره، إن شاء الله تعالى.
روي إسماعيل القاضي، قال: نا نصر بن علي، قال: نا الأصمعي، قال: نا أبو عمرو بن العلاء، عن قتادة، قال: قيس اكثر من تميم، وقيس أكثر من بكر.
ثقيف
فأما ثقيف، فاختلف أهلُ العلم بالأنساب فيهم، فزعم قوم أنهم من إياد، ومن زعم ذلك قال: ثقيف، هو قسي بن منبه بن منصور بن يقرم بن أفصى بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان.
ومن زعم أن ثقيفا من إياد، زعم أنهم حلفاء قيس، وإنما صار حلف ثقيف إلى قيس، لأن أم قسي بن منبه، هي ابنة عامر بن الظرب العدواني، فكانت قيس أخوالهم، فحالفوهم لأن دارهم مع دارهم، فكانت ثقيف قد نزلت دارا لم ينزل أحد من العرب افضل منها، وحموها في الجاهلية، ممن رامها من جميع العرب.
وممن قال إن ثقيفا من حلفاء قيس: ابن إسحاق، وغيره.
وروي أن عبد الملك بن مروان حرّش بين الححاج بن يوسف وبين كثير بن هراشة الكِلابي، فقال: يا كثير، ممن ثقيف? فقال: يا أمير المؤمنين، العلماء بالنسب يزعمون انهم من إياد، وقد قال شاعرهم:
قَوْمِـي إيادُ أنـهـم أمَـمُ أوْ لَو أقاموا فتُهزل النَّعَـمُ
قومي لهم ساحةُ العِراق إذا سارُوا جميعاً والخطُّ والقَلَمُ
فقال الححاج: معاذ الله يا أمير المؤمنين: نحن من قيس، ثابتة أصولنا، باسقة فروعنا، يعرف ذلك قومنا، وقد قال شاعرنا: وإنّا مَعشر مِن جِذْم قَيسٍ=فنِسْبتهم ونِسْبتنا سَواءُ
همُ آباؤنا وبَـنَـوْا عـلـينـا كما بُنيت على الأرض السماءُ
وقيل: إن ثقيفا كان عبداً لصالح النبي )، فهرب منه واستوطن الحرم.
وقد قال جماعة: إن أبا رغال هو أبو ثقيف قال أبو عمر: جماعة من النساب يقولون: إن ثقيفا في قيس، ومن زعم ذلك قال: ثقيف، هو قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر.
وقد قيل: إن ثقيفا من بقايا ثمود، وكان الحجاج ينكر هذا ويتلو )وثمود فما أبْقَى(.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: جرهم من بقايا عاد، وثقيف من بقية ثمود، وأصبح من حمير في تبع.
قال أبو عمر: أصح شيء في ثقيف من جهة الإسناد، عن النبي )، وما قاله، فهو الحق ما حدثنا خلف بن قاسم، قال: نا عبد الله بن محمد بن ناصح، قال: نا أحمد بن علي بن سعيد، قال: نا يحيى بن معين، قال: نا هشام بن يوسف، عن معمر، عن ابن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر: إن النبي )، خطب الناس في غزوة تبوك، وهو بالحجر، فقال: يا أيها الناس، لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت تَرِد الناقة عليهم من هذا الفج فتشرب من مائهم، ويحتلبون من لبنها، مثل الذي كانت تشرب من مائهم يوم وِردها، وتَصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فوعدهم الله ثلاثة أيام، وكان وعدا غير مكذوب، فأخذتهم الصيحة، فأهلك الله من تحت السماء منهم في مشارق الأرض ومغاربها، إلا رجل كان في حرم الله، فمنعه حرم الله، قالوا: يا رسول الله، ومن هو? قال: أبو رغال? قالوا: ومن أبو رغال? قال: هو أبو ثقيف.
ومن حديث ابن عباس: إن ِرسول الله ) لما انصرف من الطائف مرّ بقبر أبي رغال، فقال: هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف، كان إذ أهلك الله قوم صالح في الحرم فَمنعه الله، فلما خرج من الحرم رماه الله بقارعة، و أية ذلك أنه دُفن معه عمود من ذهب، فابتدر المسلمون قبره فنبشوه واستخرجوا العمود منه.
وروى عبد الله بن عمرو بن العاصي، عن النبي عليه السلام، مثله.
أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: نا محمد بن بكر بن داسة، قال: اخبرنا أبو داود.
وحدثنا خلف بن قاسم، قال: نا عبد الله بن محمد بن ناصح، قال: نا أحمد بن علي بن سعيد القاضي، قال: نا يحيى بن معين، قال: نا وهب بن جرير، قال: نا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث، عن إسماعيل بن أمية، عن بجير بن أبي بجير، قال: سمعت عبد الله بن عمر، يقول: سمعت رسول الله ) يقول، حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر، فقال رسول الله ): هذا قبر أبي رغال، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عليه أصبتموه معه، فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن.
وروي عن الحسن أنه قال: لم يبق من ثمود غير ثقيف في قيس عيلان، وبنو لحاء في طيء، والطفاوة في بني أعصر.
قال: وقبائل تنتمي إلى العرب وليست من العرب: حمير من تبع، وجرهم من عاد، وثقيف من ثمود.
وفي ثقيف وأصلها أخبار يطول ذكرها.
وروي عن النبي ) أنه قال: كل العرب من ولد إسماعيل إلا جرهم، فإنهم من عاد وثقيف، فإنهم من ثمود، وقبائل من حمير، فإنهم من تبع.
وقد روي عنه عليه السلام انه قال: العرب كلها من ولد إسماعيل إلا السلف وثقيف والأوزاع وحضرموت.
وهي آثار كلها ضعيفة الأسانيد، لا يقوم بشيء منها حجة، والله أعلم بصحة ذلك.
وقال حسان:
إذا الثَّقفي فاخَركم فقُولُوا هَلُمَّ نَعُدّ أمْر أبي رِغَالِ
أبوكم أخبثُ الأحياء قِدْماً وأنتمْ مُشْبهوه على مِثَالِ
والذي عليه أكثر أهل العلم بالنسب أن ثقيفا في قيس، ومنهم من ينسبهم في إياد.
وفي ثقيف بطون كثيرة.
وقد رَوي عن النبي ) من ثقيف جماعة، منهم: المغيرة بن شعبة، وعثمان والحكم، ابنا أبي العاصي بن بشر الثقفي، وغيلان بن سلمة، ويعلى بن مرةِ، وابو محجن، وأبو بكرة، وكان أفضلهم، أو من أفضلهم.
وأكبر صحابي في ثقيف وأجلهم: عروة بن مسعود بن معتب، بعثه رسول الله ) إلى ثقيف يدعوهم إلى الإسلام، فقتلوه، فقال فيه رسول الله ): هو كصاحب ياسين.
خزاعة
اختلفوا في خزاعة بعد إجماعهم على انهم ولد عمرو بن لحي، فقال ابن إسحاق، ومصعب الزبيري: خزاعة في مضر، وهم من ولد قَمعة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، واسم قمعة: عمير بن إلياس بن مضر، على ما مضى في كتابنا هذا.
قال ابن إسحاق: خزاعة هو كعب بن، عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف.
وقد ذكرنا أن ولد إلياس بن مضر ينتسبون إلى أمهم خندف.
وروي من حديث أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن النبي )، قال: عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف، هو أبو خزاعة.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثني: خزاعة: كعب، ومليح، وسعد، وعوف، وعدي، بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر.
وقال آخرون: خزاعة، هم ولد عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر.
قالوا: وعمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، هو عمرو بن لحي، ولحي، اسمه: ربيعة بن حارثة بن عمرو، أو هو مزيقياء بن عامر، وهو ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن النبيت بن ملك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
هذا قول ابن الكلبي.
قال ابن الكلبي: عمرو بن لحي هو أبو خزاعة كلها، منه تفرقت.
ثم نسبه كما ذكرنا.
فعلى هذا القول، خزاعة قحطانية في اليمن، وعلى القول الآخر، خزاعة مضرية في عدنان.
واحتج من جعل خزاعة في مضر، بما رواه محمد بن إسحاق وغيره عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أنه سمعه يقول: سمعت رسول الله )، يقول لأكثم بن أبي الجون الخزاعي: يا أكثم، رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قُصبة في النار، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به. فقال أكثم: يضرني شبهه يا رسول الله? قال: لا، إنك مؤمن وهو كافر، وإنَّه كان أول من غير دين إسماعيل عليه السلام، فنصب الأوثان، وسيب السائبة، وبحر البحيرة، ووصل الوصيلة، وحمي الحامي. حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: نا قاسم بن أصبغ، قال: نا أحمد بن زهير، قال: نا الفضل بن غانم، قال: نا سلمة، عن أبي إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: إن أبا صالح حدَثه: انه سمع أبا هريرةِ يقول: سمعت رسول الله ) يقول لأكثم، فذكر الحديث.
وذكر مصعب الزبيري حديث أبي هريرة هذا دون إسناد، ثم قال: وما قال رسول الله ) فهو الحق، إن كان قاله.
قال: وخزاعة تأبى ذلك، واحتجوا أيضاً بقول كُثَيِّر، وهو خزاعي:
أليس أبي بالصَّلت أمْ لَيس إخوتي لكُل هِجَان مِن بني النَّضر أزْهَرا
إذا ما قَطعنا من قُـريش قـرابةً فأي قسي تحفز النَّبل مَـيْسـرا
تهوان التي قد سُمتني فأبـيتُـهـا إذا شمتها يوما قبـيصةَ أنـكـرا
وميسرة المذكور، هو ابن أم حدير، من خزاعة.
يقول: إذا قطعنا قرابتنا من قريش فبمن نستعين على عدونا، وضرب القسي مئلًا لأنها تَحفز النبل وتُعينها على الذهاب آ وقبيصة المذكور، هو قبيصة بن ذؤيب الخزاعي.
قال ابن الكلبي: فولد عمرو بن ربيعة، يعنى عمرو بن لحي، كعبا، بطن، ومليحا، بطن، وعديا، بطن، وعوفا وسعدا.
وكل من ولد ربيعة بن حارثة فهم خزاعة، وإنما قيل لهم، خزاعة، لأنهم تخزعوا من بني عمرو بن عامر، أي تخلفوا عنهم وفارقوهم، وكذلك يقال أيضاً لبني أفصى بن حارثة، لأنهم تخزعوا من بني مازن بن الأزد في إقبالهم معهم من اليمن ثم تفرقوا في البلدان.
وفي خزاعة بطون كثيرة.
وقال محمد بن عبدة بن سليمان النسابة: افترقت خزاعة على أربعة شعوب، فالشعب الأول ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، إلا أربعة شعوب.
وهم: ربيعة بن حارثة، وهم بنو جفنة، ويقال: جفينة، الذين بالشام في غسان.
والشعب الثاني: أسلم بن أفصى.
والشعب الثالث ملكان.
والشعب الرابع مالك بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر.
قال: وإنما قيل لها: خزاعة، لأنها تخزعت عن عظم الأزد، والانخزاع: التقاعس والتخلف، فأقامت بمر الظهران بجنبات الحرم، وولوا حجابة البيت دهرا، وهم حلفاء بني هاشم.
قال أبو عمر: لنزول خزاعة الحرم ومجاورتهم قريشا.
قال ابن عباس: نزل القرآن بلغة الكعبين: كعب بن لؤي، وكعِب بن عمرو بن لحي، وذلك إن دارهم كانت واحدة.
ويقال لخزاعة: حلفاء رسول الله ) معه في كتاب القضية عام الحديبية، حين قاضى مشركي قريش، فأدخل خزاعة معه، وأدخلت قريش بني بكر، فأعان مشركو قريش حلفاءهم بني بكر، ونقضوا بذلك العهد، فكان ذلك سبب فتح مكة، لنصر رسول الله ) خزاعة حلفاءه، يريد حلفاء بني هاشم.
وروي عنه عليه السلام أنه قال يومئذ لسحابة رآها: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب.
وأعطاهم النبي ) منزلة، لم يعطها أحداً من الناس، إذ جعلهم مهاجرين بأرضهم، وكتب لهم بذلك كتاباً.
وفي خزاعة من الصحابة جماعة، منهم: بديل بن ورقاء، وبنوه، وأبو شريح الكعبي، وعمران بن حصين.
وأما بنو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وبنوه أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، وسائر بطون بني ملكان بن أفصى، وأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، فسيأتي ذكرهم في قبائل اليمن بعد ذكر الأنصار في هذا الكتاب، إِن شاء الله تعالى.
ربيعة بن نزار
وأما ربيعة، فإن العرب وجميع أهل العلم بالنسب أجمعوا على أن اللباب والصريح من ولد إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام: ربيعة ومضر، ابنا نزار بن معد بن عدنان، لا خلاف في ذلك.
ويقال لربيعة: ربيعة الفرس، ولمضر: مضر الحمراء، وذلك فيما يزعمون أنه لما مات نزار بن معد بن عدنان تقسم بنوه ميراثه، واستهموا عليه، وكان لنزار فرس مشهور فضله في العرب، فأصاب الفرس ربيعة، فلذلك سميت: ربيعة الفرس، وكان لنزار ناقة حمراء مشهورة الفضل في العرب، فأصاب الناقة مضر، فلذلك سميت: مضر الحمراء، وكانت لنزار أيضاً جفنة عظيمة يُطعم فيها الطعام، فأصحاب الجفنة إياد، وكان له قدح كبير يسقي به إذا أطعم، فأصاب القدح أنمار، فيما يذكرون، والله أعلم.
والقبائل التي رَوت عن رسول الله ) من ربيعة: ضبيعة بن ربيعة بن نزار، وبكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
وفي بكر بن وائل بنو شيبان بن ثعلبة بن عِكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
وفي شيبان بطون، منهم: بنو ذهل بن شيبان، وبنو سدوس بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وبنو محلم بن ذهل بن شيبان، وبنو مازن بن مالك بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
وفي ثعلبة بن عكابة بنو رقاش، وبنو ضنة.
ومنهم من يجعل ضنة في عذرة، وتلك عندي غير هذه.
وقال الزبير: رقاش بنت طبيعة بن قيس بن ثعلبة ولدت لشيبان بن ثعلبة ثلاثة بنين: مالكاً، ومرة، وزيد مناة.
قال أبو عمرو بن العلاء: جاء الإسلام وأربعة أحياء قد غلبوا على الناس كثرة: شيبان بن ثعلبة، وجشم بن بكر بن تغلب، وعامر بن صعصعة، وحنظلة بن مالك، فلما جاء الإسلام خمد حيان وطما حيان، طما بنو شيبان وعامر بن صعصعة، وخمد جشم وحنظلة.
قال أبو عمر: وفي ربيعة بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
قال الزبير: حنيفة امرأة نسب إليها ولدها، وهي حنيفة بنت كاهل بن أسد، وبنو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وبنو يشكر بن بكر بن وائل وبنو تغلب بن وائل بن قاسط، كان أكثرهم نصارى، وعنزة بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
ومن أهل العلم بالنسب من يقول: أفصى بن جديلة، يسقط )دعميا(.
وضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صهمعب بن علي بن بكر بن وائل ثم عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة.
وفي عبد القيس بطون، منهم: عصر، وعوق، والعوقة، منسوبون إلى عوق، وعوق في الأزد أيضاً ينسبون إليها.
ومن بطون عبد القيس: دهن بن عذره بن منبه بن نكرة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس، وليس دهن هذا فخذ عمار الدهني، إِنما فخذه دهن، التي في بجيلة 0 ثم النمر بن قاسط بن هنب بن افصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، منهم: صهيب بن سنان، المعروف بالرومي، وقد ذكرنا خبره في كتابنا في الصحابة.
قال هشام بن محمد الكلبي: أول بيت كان في ربيعة بن نزار كانت فيه الرياسة والحكومة واللواء والمرباع يكون ذلك كابرا عن كابر، ويتوارثونه لا ينازعون فيه: ضبيعة بن ربيعة بن نزار، فذكر من كان يلي ذلك منهم، وقال: ثم تحولت الرياسة والحكومة من ضبيعة بن ربيعة إلى عنزة بن أسد بن ربيعة، واسم عنزة: عامر بن أسد، ثم تحولت إلى عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
قال: ثم خرج ذلك كله عنهم إلى النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، فكانت فيهم الرياسة واللواء والحكومة والمرباع.
قال: فلما تحولت الرياسة إلى النمر بن قاسط وليها منهم الضحيان، واسمه عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط، فكان صاحب مرباعهم، فذكر القصة في أخذهم المرباع، ثم قال: وإنما سمي الضحيان، لأنه كان يقعد للقوم في الضحاء ويحكم بينهم.
قال: وقال شاعرهم في عامر الضحيان:
بَنى الله للضخَيان بيتاً ورُتـية وفي النمر أبيات كرام وسُودد
قال: وقال أيضاً:
ومالكُ كالضَّحيان شَيخ تـعـده ولا كأيى حَوط الحظائر أو بِشْرِ
قال: وأبو حوط هذا، هو ابن زيد مناة بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن الضحيان بن سمعد بن الخزرج بن تيمالله بن النمر.
قال: وبشر المذكور، هو بشر بن قيس بن عقبة بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن الضحيان، وكان رديف الملك.
قال: وقوله: أبو حوط الحظائر، كان قوم في حظائر أسارى، فاشتراهم أبو حوط فأعتقهم، فسمي أبا حوط الحظائر.
قال: وحوط بن أبي حوط، أخو المنذر بن ماء السماء لأمه، أمهما جميعاً ماء السماء بنت عوف بن جشم بن هلال.
قال ابن الكلبي: فغبر عامر الضحيان في ذلك من رياسته وحكومته دهره الأطول حتى قتلته عبد القيس، فذكر سبب قتله، وأنه ودي بألف بعير اصطلحوا عليها، وهي كانت دية الرئيس الكاملة، فقبلت النمر الدية، وقبضت منها خمسمائة بعير، ثم وثبت النمر على أربعة نفر كانوا عندهم رهينة من عبد القيس في باقي الدية، فقتلوهم، فهذا كان سبب الحرب بين النمر وعبد القيس حتى كان فيهم الهلاك والفناء.
قال: وانحازت النمر إلى قبائل ربيعة وانضمت إليهم، وصاروا يداً واحدة معهم على عبد القيس، وكانت أول حرب وقعت بين ربيعة بن نزار.
قال أبو المنذر هشام بن محمد الكلبي: اجتمع جرير والأخطل يوماً عند بشر بن مروان بالكوفة فجعلا يتناشدان، فقال جرير للأخطل، وعلى الأخطل كساء خز:
ياذا العَباءة إنّ بِشْراً قد قَضـى ألاَّ تَجَوز حُكومة الـنَّـشْـوانِ
فدَعُوا الحكومة لستمُ مِن أهلهـا إن الحكومة في بني شَـيْبـانِ
كان الفواضلُ مِن مَعَدِّ كُلـهـا يَرْضَون إن يَلْقَوا ندى الضحيان
والنمر حيٌّ ما ينال قديمَـهـم ورماحهم في الحَرب كالأشطان
قال: وكان الذي قتل عامر الضحيان كعب بن الحارث بن عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن افصى بن عبد القيس.
قال أبو عمر: قد قبل: إن النمر بن قاسط في حمير، ويقال لنمران، قاسط، عند من قال هذا القول، وهو غير صحيح، والصحيح ديوان جرير الذي عِليه جماعة أهل العلم بالأنساب أن النمر بن قاسط في ربيعة، على ما ذكرت، وفي قضاعة، النمر بن وبرة، أخو كلب، ووالد خشين، وليس من النمر بن قاسط في شيء.
انقضى ذكر الرواة من ربيعة.
بجيلة وخثعم
واختلف في خثعم وبجيلة، وأكثر أهل النسب بقولون: إنهما ابنا أنمار بن نزار بن معد بن عدنان، وإنَّهما لحقا باليمن وانتسبا عن جهل منهما إلى أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وروي عن ابن عباس باختلاف عنه، وعن جبير بن مطعم: إن خثعم وبجيلة، ابنا أنمار بن نزار بن معد بن عدنان.
وهو قول ابن إسحاق، ومصعب الزبيري.
وذكر بعض من يذهب إلى ذلك قول جرير بن عبد الله البجلي يخاطب الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، وهما من مضر بن نزار:
أبنِي نِزار انصرا أخاكما إن أبِي وجدتُه أباكمـا
لا تخـذُ لا اليوم أخـاً والاكـمـا
وقال الزبير: بجيلة امرأةِ، وهي ابنة صعب بن سعد العشيرة، ولدت لأنمار بن إِراش بن عمرو بن الغوث.
قال: وعمرو بن الغوث، أخو الأزد بن الغوث.
قال: وخثعم، اسمه افتل بن أنمار، سمي باسم جمل يقال له: خثعم، كان لأل أنمار، أو لآل أفتل بن أنمار، فكانوا إذا ارتحلوا عليه، يقال: قد جاء خثعم، وارتحل خثعم، ونزل خثعم.
قال هشام: وكان أبي يقول هذا، ويقول أيضاً: تخثعموا بالدم.
قال: والقول الأول أحب إلي.
وقالت طائفة من أهل العلم بالنسب: إن خثعم وبجيلة، هما ابنا أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا، وإن خثعم هو افتل بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، أخي الأزد بن الغوث، وبجيلة، هو عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث أخي الأزد بن الغوث وذلك إن أنمار بن إراش، ولد عبقر، والغوث، وصهيبة، أمهم: بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة، فنسبوا إليها وعرفوا بها، وولد أيضاً أنمار خثعم، واسمه أفتل، أمه هند بنت الغافق.
هذا كله قولي ابن الكلبي، وتابعه جماعة.
واحتج من قال بهذا القول بما رُوي عن النبي ) مِن حديث فَروة بن مسيك الغطيفي، وتميم الداري، وعبد الله بن عباس، وأثبتها كلها وأتمها حديث فروةِ بن مسيك، وهو ما حدثنا به أبو عثمان سعيد بن نصر، قال: نا قاسم بن أصبغ، قال: نا محمد بن وضاح، قال: نا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: نا أبو أسامة، قال: نا الحسن بن الحكم، قال: نا أبو سبرة النخعي، عن فروة بن مسيك الغطيفي.
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: نا أحمد بن زهير، قال: نا ابن نمير، عن أبي جناب الكلبي، عن أبي هانيء المرادي، عن فروة بن مسيك، واللفظ لحديث أحمد بن زهير، قال: قلت: يا رسول الله، أأقاتل من أُدبر من قومي بمن أقبل منهم، وأقاتل أهل سبأ? قال: نعم، قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن سبأ ما هو: أجبل أم واد? وفي حديث ابن أبي شيبة: أرجل هو أم امرأة، أم أرض? فقال رسول الله ): ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب، تيامن منهم ستة وتشاءم أربعة، فأما الذين تشاءموا: فلخم، وجذام، وغسان، وعاملة، وأما الذين تيامنوا فالأزد، وكندة، وحمير، والأشعرون، ومذحج، وأنمار، التي فيها بجيلة وخثعم.
وفي حديث ابن أبي شيبة: فقال رجل: يا رسول الله، أي انمار? فقال النبي ): التي فيها بجيلة وخثعم.
قال أبو عمر: هذا أولى ما قيل به في ذلك، والله أعلم.
واحتج أيضاً من قال بهذا القول بقول رسول الله ): يطلع عليكم رجل من خيرذي يَمن، عليه مسحة مَلك، فطلع جرير بن عبد الله البجلي.
قال أبو عمر: هو جرير بن عبد الله بن الشليل، من ولد سعد بن نذير بن قسر بن عبقر.
وقد أوضحنا نسبه، وطرفا من خبره في بابه من كتاب الاستيعاب للصحابة.
وفي بجيلة: أحمس بن الغوث بن أنمار، وقيس كبة بن الغوث بن أنمار بن إراش، بطون.
وفي بجيلة بطون غير هؤلاء.
ومن بطون ِبجيلة: دهن بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار، ومن دهن هذا: عمار بن أبي معاوية الدهني، وقد مضى دهن في عبد القيس.
ومن بطون بجيلة: قسر بن عبقر، بطن، وهو رهط خالد القسري، وعرينة بن نذير، بطن، ومنهم النفر الذين أغاروا على لقاح رسول الله ) حتى فعل بهم ما فعل، مما قد نقل في حديث أنس وغيره.
هذا قول ابن الكلبي في الذين أغاروا على لقاح رسول الله ).
وقال ابن إسحاق: الذين أغاروا على لقاح رسول الله ) من قيس كبة، وقيس كبة، من بجيلة، على ما ذكرنا.
ولا أعلم في خثعم بطنا غير كود بن عفريت بن خلف بن أفتل، وهو خثعم، وقيل كود بن ناهس بن عفريت، وشهران بن عفريت، وإلى شهران وناهس عدد خثعم وشرفهم، وبيت خثعم كله في بني قحافة، وإليه عددهم، وهو قحافة بن عامر بن ربيعة في خثعم.
وقال الزبير بن بكار وغيره: تحالف افتل بن أنمار وجماعة معه على جبل، يقال له: خثعم، فسموا: خثعم.
عاملة
وأما عاملة، فقيل: هو الحارث بن مالك بن وديعة بن قضاعة.
وقيل: إن عاملة أم الزهر، ومعاوية، ابني الحارث بن عدي، أخي لخم بن عدي، نسبوا إليها، وهي عاملة بنت مالك بن وديعة بن قضاعة.
وقال آخرون: عاملة بنت سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، على ما تقدم في باب خثعم، ورووا بذلك الحديث الذي قدمنا ذكره، عن النبي ) في سبأ، من رواية فروة بن مسيك، وهو أولى ما قبل به في ذلك وأعلاه.
وقد قيل: عاملة بن عامر بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فأنكر ذلك عدي بن الرقاع وتبرأ منه، فقال يخاطب الراعي:
وإذا اطعتُك يا عُبيد كَسَوْتـنـي في كُل مُجمعة رداء صَغـارِ
أنَبِيع والدنا الذي نُـدْعَـى لـه بأبي قبائل غائبٍ مُـتـواري
تلك التجارة ما رأينا مثـلَـهـا ذَهَبٌ يُباع بـآنُـكٍ وتَـبَـارِ
أضلالُ لَيْلٍ سـاقـط أرْواقـه في الناس أَعْذر أم ضلال نَهار
إنا إذاً كالعَود يُدْعى مـغـزلاً يكسو القبائل وهو أجْر دَعَـارِ
قَحطان والدنا الذي نُدْعَـى لـه وأبو خُزيمة خِندف بن نـزار
قال أبو عمر: رَوي عن النبي، ): من القبائل: غامد، وجيشان، ومتع، وغبر، وفي عنصرهما وجذمهما نظر.
وفي جيشان: أبو سالم الجيشاني، وفي متع: أبو سيارة المتعي، روى عن النبي ) في زكاة العسل.
لخم وجذام
اسم لخم: مالك بن عدي.
واختلف في لخم وجذام، فقال قوم: هما ابنا عدي بن عمرو بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال ابن إسحاق، وأكثر أهل النسب: لخم وجذام ابنا عدي بن عمرو بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال ابن الكلبي: لخم وجذام، ابنا عدي بن عمرو بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال آخرون: لخم بن عدي بن الحارث بن مرة بن مهسع بن عمرو بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وكل هؤلاء قد أجمعوا على أن لخما وجذاما في قحطان، وإن كانوا قد اختلفوا في نسق النسب كما ترى حسب ما قدمت لك من الاختلاف في قحطان، هذا والله أعلم.
وقال الزبير، وغيره: لخم وجذام كانا أخوين فاقتتلا، فجذم أحدهما إصبع صاحبه، ولطمه الآخر، فسمي: جذاما، لأن إصبعه جذمت، وسمي الأخر لخما، لأن أخاه لطمة، واللخمة: اللطمة.
ولا يختلفون أن اسم جذام: عامر.
وقد روي عن النبي ) من حديث محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي )، بإسناد ليس بالقوي: الإيمان يمان، آل لخم وجذام، صلوات الله على جذام، يقاتلون الكفار على رؤوس الشعاف، ينصرون الله ورسوله.
رواه سعيد، عن عمار بن نوح، عن عمران القطان، عن قتادة، عن مطر، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي ).
وقالت فرقة: إن قنص بن معد بن عدنان، وهو أبو لخم، واحتجوا بحديث رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنة أتي بسيف النعمان بن المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة، وعنده جبير بن مطعم، فقال له عمر: يا جبير، ممن كان النعمان بن المنذر? فقال: كان النعمان من أشلاء قنص بن معد بن عدنان، يعني من بقايا قنص.
قالوا: وجيير بن مطعم نسابة علامة لا يدفع علمه بذلك.
ومن قالع يقول جبير بن مطعم هذا فإنه يقول: إن أسدة بن خزيمة، أخا أسد بن خزيمة بن مدركهَ بن إلياس بن مضر، هو أبو جذام، وإن جذاما لحقت بأرض الشام فانتموا إلى. سبا ولحقوا باليمن، واحتج من ذكر ذلك بقوَل امرئ القيس:
ألم تَرنا وَريْب الدهر رَهْـنٌ بتَفْريق العشائر والـسَّـوَامِ
صَبرنا عَن عشائرنا فبـانُـوا كما صَبرت خُزيمة عن جُذام
وفي لخم بطون قبائل، أكثرها ينسب إلى نمارة بن لخم، منهم: بنو راشدة، ويقال: راشد، ابن ملك بن نمارة بن لخم، وبنو أرش بن إراش بن جديلة، ومنهم بنو مَنارة.
وفي لخم: الداريون.
قال ابن إسحاق وغيره: هم بنو الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم بن عدي.
وقد ذكرنا قول من قال: إن جذام في مضر، وإنه ولد أسدة بن خزيمة، أخي أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
وفي جذام بطون كلها تخرج إلى غطفان بن سعد بن زبيل بن إياس بن حرام.
وقد قيل: إن غطفان هذا، هو غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، والله أعلم.
قال أبو عمر: أكثر الاختلاف المذكور في كتابنا هذا وفي غيره عن أهل النسب تولّد من اختلافهم في نسبة جميع العرب إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، على ما قدمنا ذكره في كتابنا هذا في باب قحطان وغيره.
جماع قبائل اليمن وشعوبها من الرواة
فأول ذلك الأزد، وهي جرثومة من جراثيم قحطان.
قال ابن إسحاق، وابن الكلبي: الأزد بن الغوث بن النبت بن زيد بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وافترقت الأزد، فيما ذكر ابن عبدة وغيره من علماء النساب، على نحو سبع وعشرين قبيلة، فمنهم: الأنصار، وهم حيان: الأوس والخزرج، وكل الأوس والخزرج غساني إلا ما كان منهم بعمان من الأوس، بنو عامر بن النبيت بن مالك بن الأوس.
ومن الخزرج بنو السائب بن قطن بن عوف بن الخزرج.
فهؤلاء من الأوس والخزرج أزديون بعمان وَقد شذ عن الخزرج قبيل من قبائلها كانت دارهم الشام، فهم غسانيون وليسوا في الأنصار، إلا رجلين منهم كانا بالمدينة فأسلما وَنصرا مع قومهما من الأنصار، أحدهما: أبو الدرداء، وأما القبيل نفسه فغساني، وهو عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
ومنهم: عاصم بن عتبة الغساني.
ومن غسانَّ: بنو محرق، وهو الحارث بن عمرو بن عامر، منهم: أهل بيت في الأنصار في بني النجار.
قال ابن إسحاق: الأنصار هم ولد حارثة بن ثعلبة، وهو العنقاء بن عمرو بن عامر وعمرو بن عامر، هو مزيقياء، وأبوه عامر هو المعروف بماء السماء، اسمه عامر بن الغطريف، والغطريف اسمه حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: نا قاسم بن أصبغ، قال: نا أحمد بن زهير، قال: نا عفان، وموسى ابنا إسماعيل، قالا: نا مهدي بن ميمون، قال: سمعت غيلان بن جرير، قال: قلت لأنس بن مالك: أرأيت اسم الأنصار، أكنتم تتسمون به في الجاهلية أم هو اسم سماكم الله به في القرآن? فقال: بل اسم سمانا الله به.
قال أبو عمر: قال حسان بن ثابت الأنصاري في انتسابه في الأزد:
يا بِنت آلِ مُعاد إِنّـي رجـلٌ مِن معشر لهمُ في المجدِ بُنْيانُ
أما سألت فإنّا معشر نُـجُـبٌ الأَزد نسبتُنا والماءُ غَـسّـان
وقال أيضاً:
فمن يَك عَنّا معشر الأْزِد سـائلاً فنحن بنو الغَوث بن زيد بن مالِكِ
وزيدُ بن كهلان الذي نال عـزه قديما دراري النجوم الشـوابـك
إذا القوم عدٌّوا مجدهم وفَعاُلـهـم وأيامَهم عند التقاء المـنـاسـكِ
وجدنا لنا فضلاً يُقر لنا به إذا ما فَخرنا كلُ باقٍ وهالكِ وقال حسان أيضاً:
ألم ترنا أبناءَ عَمْرو بن عـامـرٍ لنا شرف يُرْبِي على كُلّ مرتقي
رُسَا في قَرار الأرض ثم سَمَت له فروعٌ تسامَى كلُ نجم مُحلَّقِ
ملوك وأنباء الملوك كـأنـهـم سَواري نُجوم تالياتٍ ونـفّـقِ
كجفنة والقَمقام عمرو بن عامر وأبناء ماء المُزن وابني محرِّقِ
وحارثة الغِطريف أو كابن مُنذر ومثل أبي قابوسَ ربً الخَورنقِ
وقال آخر:
ومنا ابُن ماء السًـمـاء الـذي بَنى المُلْك في الشرق والمَغْربِ
في ثعلبة العَنقاء: يقول الشاعر أيضاً:
ومنا بنوَ العَنقاء وابـنـا مُـحـرًقٍ مُلوك ملوك الناس في ساعة الذعْرِ
وقال أوس بن الصامت الأنصاري، أخوَ عبادةِ بن الصامت: أنا ابن مُزيقيا عَمرو وجَذِّي= أبوه عامرٌ ماءُ السماءِ وقال كعب بن ملك الأنصاري: وغسان أصلي وَهُم مَعقلي=فنِعْم الأرومة والمَعْقلُ وقال ابن الكلبي: مازن بن الأزد إليه جماع غسان، وغسان اسم ماء شربوا منه.
قال أبو عمر: والأنصار كلهم من الأوس والخزرج، والأوس والخزرج أخوان، أبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
قال ابن إسحاق: أمهما قيلة، ابنة كاهل بن عذرة، من قضاعة، كانت تحت حارثة بن ثعلبة.
قال ابن الكلبي: حارثة بن ثعلبة، وهو العنقاء بن عمروَ، وهو مزيقياء بن عامر،وهو ماء السماء بن حارثة، وهو الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن لا الأزد.
قال أبو عمر: قد يكون من غسان من ليس أنصاريا كثير، ويكون من مازن من ليس غسانيا.
وقد تقدم ما يدلك على ذلك، وإنما أراد ابن الكلبي أن مازن إليه جماع نسب غسان من بين سائر ولد الأزد، كما أن كل من انتسب إلى عمرو بن عامر مزيقياء، من غير ولد حارثة بن ثعلبة، فليس من الأنصار، وولد حارثة بن ثعلبة: الأوس والخزرج، وَهم الأنصار.
فمن الأوس: بنو خطمة، واسم خطمة عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وإنما قبل له: خطمة، لأنه خطم رجلاً بسيفه على خطمه، فسُئي: خطمة.
وفي الأوس بطون كثيرة، منهم: بنو عوف بن مالك بن الأوس، وَمنهم: بنو ضبيعة، وبنو عمرو بن عوف بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، وهم أهل قباء، وفيهم بطون كثيرة، منهم: بنو جحجيا بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف، وبنو ثعلبة بن عمرو بن عوف، وبنو الحارث بن الخزرج بن عمرو، وَمنهم: بنو عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمروَ بن ملك بن الأوس.
وفي بني عبد الأشهل بطون، منهم: بنو زعور بن عبد الأشهل، وغيرهم، الأوس وَبنو حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن ملك بن الأوس.
ثم في الخزرج بن عمرو بن ملك بن الأوس: بنو امرئ القيس بن مالك بن الأوس، فهؤلاء كلهم من الأوس.
وأما الخزرج، فمن بطونهم النجار، واسمه: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج.
وفي النجار بطون كثيرة، منهم: بنو غنم بن مالك بن النجار، وبنو مازن بن النجار.
ومازن في العرب كثير، فمازن، المعروفة في زبيد، من مذحج، ومازن بن النجار في الأنصار، ومازن بن مالك بن عمرو بن تميم، ومازن بن صعصعة، أخو عامر بن صعصعة، ومازن بن منصور أخو هوازن وسليم.
ومن بطون النجار بنو دنير بن النجار، وبنو عدي بن النجار، وبنو ملك بن النجار.
وفي الخزرج أيضاً بطون كثيرة، منهم الحارث بن الخزرج، وكعب بن الخزرج، وعوف بن الخزرج، وسلمة بن سعد بن الخزرج، وبنو أدي، ويقال: أدن بن سعد، أخي سلمة بن سعد بن الخزرج، رهط معاذ بن جبل، ولم يبق من بني أدي، أحد، وعدادهم في بني سلمة، وآخر من مات منهم عبد الرحمن بن معاذ بن جبل، وبنو غنم بن عوف، وبنو مالك بن زيد مناة، وَبنو بياضة، وبنو زريق بن عامر، وأفخاذ كثيرة يطول ذكرها، قد ذكرها واستوعب أكثرها محمد بن إسحاق، ومحمد بن عمارة.
وفي كل قبائل الأنصار صحابة رَوى أكثرهم عن النبي )، ومنهم من مات قبل أن يدرك ذلك، وسترى ذلك في كتاب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
ومن غسان أيضاً: بنو جفنة بن عمرو بن عامر، ملوك الشام.
قال الزبير: ملوك غسان كلهم من بني الحارث بن معاوية.
قال: وقد ملك منهم ثلاثون ملكاً.
قال: والحارث بن معاوية، هو الحارث الأكبر بن جبلة بن جفنة بن عمرو، والحارث بن أبي شمر، هو الحارث الأعرج من بني عوف بن عمرو بن مزيقياء، أخي جفنة بن عمرو.
قال: وحليمة، التي ذكرها النابغة في قوله:
تورّثن من أزمان يوم حليمة
هي حليمة بنت الحارث الأكبر، وهو ابن مارية بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة بن عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء.
قال: وقول حسان:
قبر لا بن مارية الكريم المُفضل
هي مارية، أم الحارث الأكبر بن جبلة، والحارث هذا هو أبو حليمة.
ومارية، يقال في نسبها قولان: يقال: مارية بنت الأرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، وتنسب في كندة، فيقال: إنها مارية بنت ظالم بن وهب الأكبر بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع، وهو عمرو بن ثور، وهو كندة، وجبلة بن الأيهم بن جبلة الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبه بن عمرو بن جفنة.
وقال ابن عبدة النسابة: ومن غسان قائل دخلت في مراد، مثل: غطيف، وسلمان، وكدارة، فكل هؤلاء في مراد، وأصلهم الأزد.
ويقال: الحارث بن كعب في مذحج، وأصلهم الأزد، ووادعة في همدان، وأصلهم الأزد، ومنهم: بنوَ مالك بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، ومنهم: بنو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وبنو عامر بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وَبنو كعب، وعمرو، وعدي، بنو مازن بن الأزد، فهذه كلها قبائل غسان.
قال: وغسان: ماء بالمشلل، فمن شرب منة، من الأزد في تفرقهم بعد سيل العرم فهو غساني.
وأما القبائل التي قعدت عن الأزد، واكتفت بأسمائها دون الأزد في النسبة، وهم من الأزد والأنصار، كما ذكرنا، وخزاعة، وغسان، وبارق، ودوس، وما عدا هذه القبائل من الأزد فلا تنسب إلا إلى الأزد لا،. ليس لها من تنتمي إليه إلا الأزد.
وفي هذه الجمل التي ذكرنا اختلف كثير والأصل ما ذكرت لك.
وأما بارق، فماء بالسراة، فمن نزله أيام سيل العرم كان بارقيا، ونزله سعد بن عدي بن عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر، وابنا أخيه: مالك، وشبيب، ابنا عمرو بن عدي بن حارثة، فسموا بارقا.
وأما الحارث بن كعب، فمن جعلهم في الأزد قال: هو بلحرث بن كعب بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر، ومن جعلهم في مذحج قال: بلحرث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد.
ومذحج، في قول الشرقي بن قطامي، ليست بأم ولا أب، وإنما هي أكمة حمراء باليمن اجتمعوا إليها فقالوا: تعالوا نجعل مذحجا أمًّا، فتمذحجوا، فكل أزدي باليمن مذحجي، فبطون مراد كلها منهم، غير أن الذي يجمع مذحجا وتجتمع عليه: مالك بن أدد، وقع عليه مذحج، فلا يوجد اليوم مذحجي إلا وهو منتسب إلى مالك بن أدد.
وأما أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، فقد تقدم ذكره في باب خزاعةْ.
وفي أسلم بطون، منها: سلامان، وهوزن وسهم، وقيل: هوزن، وحراز في حمير، وعدادهم في همدان.
وقد روى عن النبي ) جماعة من أسلم، منهم: بريدة الأسلمي، وعبد الله بن أبي أوفي، وغيرهما.
وأما غبشان، فهو غبشان بن ملكان بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، منهم: ذوَ الشمالين المقتول ببدر، ثم دوس.
قال ابن إسحاق: هو دوس بن عبد الله بن زهران بن الأزد بن الغوث، منهم: أبو هريرة، والطفيل بن عمرو.
وفي الأزد: العوقة، نسبوا إلى عوق في الأزد، وثمالة في الأزد، رهط عبد الله بن عابد الثمالي، وغافق في الأزد، وهو غافق بن العاصي بن عمرو بن دهمان بن الأزد بن الغوث.
وقيل: غافق، في قضاعة، وقد ذكرناه هناك.
وطاحية في الأزد، وهو طاحية بن سود، قبيلة سميت به.
انقضى الأزدْ
ثم أحمس بن الغوث أخو الأزد بن الغوث
واختلف في أحمس، فمنهم من نسبه كما ذكرنا، ومنهم من يقول: أحمس بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، ومنهم من يقول: أحمس بن الغوث بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث.
وعمرو بن الغوث، أخو الأزد بن الغَوث، ولا خلاف أن أحمس في بجيلة، وَقد تقدم أن بجيلة امرأة، وهي ابنة صعب بن سعد العشيرة، ولدت لأنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، أو للغوث بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، فنسب ولدها إليها.
وقد ذكرنا ما في ذلك من التنازع في باب بجيلة، وخثعم، من هذا الكتاب، وروينا عن علي رضي الله عنه انه كان ربما حلف، لا والذي جعل عبسا خير قيس، لا والذي جعل أحمس خير بجيلة، لا والذي جعل همدان خير اليمن، لا والذي جعل عبد القيس خير ربيعة.
ثم كندة
واسمه. ثور بن عفير بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
هذا قول ا بن الكلبي.
وقال ابن هشام: كندي، ويقال كندة بن ثور بن مرخ بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرةِ بن أدد بن زيد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وقال ابن إسحاق: كندة، هو ثور بن مرتع بن ملك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وقال ابن إسحاق: كندة، هو ثور بن مرتع بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وقال الزبير: ثور بن مرتع بن كندة، من ولد معاوية بن الحارث الأصغر بن معاوية بن الحرث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرخ بن كندة. قال: وفي معاوية. قال الأعشى:
وإنْ معاوية الأكرمين حِسا ن الوُجوه حِسان اللحَـمْ
وفي كندة جماعة من الصحابة الرواة، منهم.: الأشعث بن قيس، وحجر بن عدي، صاحب علي، والعرس بن عمير، وجماعة.
وكندة أرهاط وبطون وأفخاذ يطول ذكرها، ليس كتابنا موضعاً.
ثم الصدف
وأما الصدف، فنسب نسبتين. إلى كندة وإلى حضرموت، فمن نسبه إلى كندة قال: الصدف، هو مالك بن مرتع بن كندة، وَقيل: اسم الصدف عمرو بن مالك بن أشرس، أخي الكون بن أشرس بن كندة، وهو كندةِ.
ومن نسبه إلى حضرموت قال: الصدف، هو شمال بن عمرو بن دعمي بن حضرموت.
وكان ابن الكلبي يقول: في قول الأعشى:
وكان الزمان أبا مالك
قال: يقال: هو مالك الصدف بن مرتع بن كندة، ويقال: هو مالك بن الصباح، أخو أبرهة بن الصباح.
قال: والصدف، بكسر الدال، وينسب إِليه الصدفي بالفتح، كما يقال: الشقري، والنمري والسَّلمي، في شَقِرة، وَالنمِر، وبني سَلِمة، في الأنصار.
ثم السكون
وهو السكن بن أشرس بن ثور بن كندة، وأحوه السكون.
السكاسك
ويقال: اسم السكون: سكسك بن أشرس بن ثور بن كندة، والسكون هو ابن أشرس بن ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
روى عن النبي ) من السكون معاويةُ بن حديج السكوني.
وقال ابن إسحاق: السكاسك بن واثلة بن حمير بن سبأ.
قال احمد بن الزهير: والناس يخالفون ابن إسحاق في كندة، وفي مذحج، وفي السكاسك.
ثم تجيب
قال الزبير وغيره: تجيب: امرأة، وهي ابنة ثوبان بن سليم بن رها بن مذحج، نسب إليها ولدها، وولدها: عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، وعفير بن عدي، بنو عم خولان يجمعم الحارث بن مرة بن أدد.
ولدت تجيب في السكون من كندة، فهم أشراف السكون.
خولان
هم ولد عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زبد بن كهلان بن سبأ.
وقد قيل: إن خولان في قضاعة.
وقد ذكرناه في قبائل قضاعة.
وفي خولان من الرواة: أبو عِنبة الخولاني.
الأشعرون
اختلف فيهم، فمنهم من يقول. إنهم من ولد الأشعر بن سبا، على ما ذكرنا في حديث فروة بن مسيك، عن النبي )، في سبأ.
ومنهم من يقول: إنهم من ولد الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
واسم الأشعر: نبت ين أدد.
هذا قول ابن الكلبي، قال: وإنما قيل له: الأشعر، لأنه ولدته أمه أشعر.
في الأشعريين من الرُّواة عن النبي ): أبو عامر، وأبو بردة، وأبو موسى.
طيئ
اختلف في طيىء، هل هي من مذحج، ام لا? فقال ابن الكلبي: طيىء بن أدد بن زيد،، أخو مالك بن أدد بن زيد، أمهما مذحج، ولليها جماع مذحج.
وقال غيره من أهل النسب: طيىء أخو مذحج، ومن انتسب إِلى طيىء فليس بمذحجي.
وفي طيىء بطون، منها: جديلة، وبحتر بن عتود، وبنو ثعل، وبنو نبهان، وبنو خنيء إليها ينسب البحتري، والثعلبي، والنبهاني، والهنائي.
من وجو رواة طيىء عدي بن حاتم.
مذحج
وأما مذحج، فكل من انتسب إلى مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ فهو مذحجي، ومن لم ينتسب إلى مالك بن أدد فليس بمذحجي.
ومالك بن أدد هو جماع مذحج.
وقال ابن إسحاق: مذحج بن يحابر بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
ولم يتابع ابن إسحاق في ذلك.
واختلف في معنى مذحج، فقيل: هي أم مالك بن أدد، نسب إليها ولدها، وقيل: بل هي أكمة حمراء ولد عليها مالك، فعرف بها ولده، وقيل: بل اجتمعوا إلى الأكمة باليمن، والأكمة تسمى: مذحج، فقالوا: تعالوا نجعل مذحج أمًّا، فتمذحجوا.
وجنب، في مذحج.
قال أبو عمر: رُوي عن النبي ) انه قال: أكثر القبائل في الجنة مذحح.
ثم النخع بن عمرو
ابن علة بن جلد ين مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
قال أبن الكلبي: النخع، اسمه: جبير، بفتح الجيم، ابن عمرو، وسمي: النخع، لأنه ذهب عن قومه.
وقال ابن دريد: سمي: النخع، لأنه انتخع عن قومه، أي بعد عنهم.
وقال ابن إِسحاق: النخع بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج بن عامر بن زيد بن كفلان بن سبا.
وفي النخع بطون.
ثم بنو الحرث في كب
ابن عمروَ بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد، فيهم من الصحابة: مالك بن مرارة الرهاوي، ويزيد بن شجرة الرهاوي.
وصداء
وهوَ يزيد بن حرب بن علة بن ملك بن أدد.
وقد روي عن النبي ) مِن صُداء: زياد بن الحارث الصدائي 0
وسعد العشيرة
ابن مالك بن أدد.
وفي سعد العشيرةِ بطون، منهم: الحكم بن سعد العشيرة، وجعفي بن سعد العشيرة، إليهما ينتسب كل حكمي وجعفي.
وأود
ابن صعب بن سعد العشيرة، إِليه ينسب كل أودي.
وزبيد
واسمه: منبه الأكبر بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد.
قال ابن الكلبي: وإنما قيل لبني منبه الأكبر: زبيد، لأن منبها الأصغَر، ابن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد قال. من يزيد بن رفدة فأجابه إلى ذلك أعمامه، كلهم بنو شبه الأكبر، فقيل لهم جميعاً زبيد.
قال: ومن بني منبه الأصغر: عمرو بن معدي كرب الزبيدي، ومحمية بن جزء الزبيدي، والحارث بن جزء الزبيدي.
وهذه كلها في مذحج.
وقال الزبير بن بكار: مازن، المعروفة في زبيد، من مذحج.
ومعافر بان يعفر
ابن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن هميسع بن عمرو بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وفي معافر بطون كثيرة.
ومرا د
واسمه: يحابر بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
هذا قول ابن الكلبي.
وقال ابن إِسحاق: مراد بن مذحج بن يحابر بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
على ما ذكرناه من مذهب ابن إسحاق في مذحج، وأن غيره يخالفه.
وفي مراد جماعة من الصحابة.
وفي مراد بطون، منهم: جمل بن كنانة بن ناجية بن مراد، رهط هند بن عمرو الجملي عمرو بن مرة الجملي، شيخ الأعمش، وشعبة، والثوري.
وغطيف بن ناجية بن مراد، رهط فروة بن مسيك الغطيفي المرادي ولغروة هذا صحبة ورواية.
وسلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد، رهط عبيدة السلماني، وعبيدة، جاهلي إسلامي من كبار التابعين.
وبنو قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد، رهط اويس القرني.
وفي عداد مراد تجوب.
قال ابن الزبير: تجوب، رجل من حمير كان أصاب دما في قومه فلجأ إلى مراد، فقال: جئت إليكم أجوب البلاد لأحالفكم، فقيل له: أنت تجوب، فسمي به، وهو اليوم في مراد، رهط عبد الرحمن بن ملجم المرادي، ثم التجوبي، وأصلهم من حمير.
وعنس
بالنون، هو: عنس بن مالك بن أدد.
وقد تقدم أن مالك بن أدد هو أصل مذحج.
ومن الصحابة في عنس: ياسر، وابنه عمار بن ياسر، وأمه سمية، كلهم عُذب في الله، ولهم قدم في الصحبة وسابقة.
وعنس، رهط الأسود العنسي المتنبئ الكذاب، عليه لعنة الله، كتب النبي ) إلى من قتله فقتلوه.
وقد ذكرت خبر في غير هذا الموضع.
همدان
هو همدان بن مالك بن زيد بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وقال ابن إِسحاق في نسب همدان: ابن خيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وقال أبو عثمان بكر بن محط المازني، قال لنا أبو عبيدة معمر بن المثني، همدان اسمه: أوسلة بن خيار بن نبت بن كهلان.
قال أبو عمر: أظن أبا عبيدة أصاب، والله أعلم.
وفي همدان بطون كثيرة، منهم: السبيع، رهط أبي إسحاق السبيعي، ويام، رهط زبيد اليامي، وأرحب، إليه ينسب كل أرحبي، وأرحب ومرهبة أخوان، ابنا دعام بن بكيل من همدان.
والهان
ابن مالك، أخو همدان بن مالك إليه ينسب كل ألهاني، وهم قليل.
الأوزاع
وهو مرثدة بن زيد، عدادهم في همدان، وهم من حمير، حَمير بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان وفي حمير بطون وأفخاذ كثيرةِ، منهم: يحصب بن مالك بن حمير، ومنهم: إحاطة بن سعد، رهط ذي الكلاع.
ومنهم: بنو حيدان، رهط الشعبي.
ومنهم: بنو عريب.
وبنو غيدان، منهم: عبد كلال.
وَمنهم: شيبان بن غوث، رهط يحيى بن أبي عمرو الشيباني.
ولا أعلم في بطون حمير وقبائلها رواة عن النبي ) إلا قليلاً.
وكثير من بطون حمير تُعد في همدان.
وهوزن ين ذي الكلاع من حمير.
وحراز، أخو هوزن، ذكر ذلك الزبير في الموفقيات.
وفي حمير. ذو رعين، وهو شراحيل بن عمرو، وذو أصبح بن ملك بن حمير، وقبائل كثيرة.
وأما حضرموت
فاختلف فيه، فقيل: حضرموت، من ولد حمير بن سبأ.
وقال ابن وهب، عن ابن لهيعة، قال: أهل الكتاب يزعمون أن حضرموت بن قحطان بن عابر.
قال ابن لهيعة: عابر، وهو هود ).
هكذا قال ابن لهيعة، وقد تقدم في كتابنا هذا من قول وهب بن منبه وغيره في هود عليه السلام ما فيه كفاية.
مهرة
واختلف في مهرة في جرهم.
وروى قائل هذا، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سأل رجلاً: ممن أنت? فقال: من مهرة، فقال رضي الله عنه )واذْكُر أخا عاد إذ أَنْذَر قومه بالأحقاف(.
ورووا أن قبر هود ) في مهرة.
وقيل: إن مهرة في قحطان.
وقيل: بل مهرة هو حيدان بن معد بن عدنان، أخو إياد وقضاعة وقنص ونزار.
هذا قول من زعم أن لمعد نجين عدداً.
وقال ابن الكلبي: مهرة، هو مهرة بن حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعه.
قبائل قضاعة وبطونها
قد تقدم القول في قضاعة، والاختلاف فيها، وفيمن تصح إليه نسبتها، فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله.
وأما ولدها ومن انتسب إليها، فإن قضاعة ولد إلحاف بن قضاعة، وولد الحاف رجلين: عمران بن الحاف، وعمرو بن الحاف.
هذا ما لم يختلف فيه.
ومنهما تشعبت بطون قضاعة كلها.
وفي قضاعة من القبائل التي روت عن النبي ): جرم بن زبان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وفي جرم بطون.
وكلب بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
وخشين بن تيم بن نمر بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
وقال ابن الكلبي: خشين وتيم، ابنا نمر بن وبرة، اخوان.
قال: وخشين بن النمر بن وبرة بطن.
قال ابن الكلبي: وولد النمر بن وبرة التيم بن النمر، وخشين بن النمر، وغاضرة بن النمر، وعاتية بن النمر بن وبرة، إلا أن غاضرة وعاتية ابني النمر بن وبرة دخلا في بني سليم، فقالوا: غاضرة وعاتية ابنا سليم بن منصور.
قال أبو عمر: في خشين أبو ثعلبة الخشني، روى عن النبي ).
وتنوخ بن مالك بن تيم بن نمر بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
فهؤلاء ولد عمران بن الحاف.
ومن ولد عمرو بن الحاف بن قضاعة:
بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، منهم كعب بن عجرة البلوي.
وبنو العجلان، وبنو أنيف، وبنو غصينة، وهم كلهم حلفاء الأنصار.
قال الزبير: هؤلاء كلهم أصلهم من بلي، وهم حلفاء بني عمرو بن عوف من الأوس، وهي قبائل بأسرها من بلي في الأنصار، منهم: المجذر بن ذياد، وطلحة بن البراء، ولم يكن عشائر هؤلاء حلفاء، وأبو بردة بن نيار، بلوي حليف للأنصار.
وقيل: إن غافق في قضاعة.
وقيل: إن غافق في عك.
واختلف في عك، فقبل: عك بن عدنان، أخو معد بن عدنان.
وقيل: عك بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن الأزد.
وبهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، منهم المقداد بن الأسود بن عبد يغوث، وهو المقداد بن عمرو.
وإنما قيل له: المقداد بن الأسود، لأن الأسود بن عبد يغوث الزهري تبناه لحلف كان بينهم، فنسب إليه.
وفي بهراء بطون.
وخولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
وقيل: في خولان. إنه خولان بن عمرو بن ملك بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد، على ما ذكرنا فيما تقدم.
وأسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
وقد اختلف في أسلم، فقيل: أسلم في خزاعة.
وقيل: إنما هو أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر.
وقد تقدم ذكر ذلك كله.
وجهينة بن زيد بن سود بن أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، رهط عقبة بن عامر الجهني.
والحرقة في جهينة، هم بنو حميس بن عامر بن مودعة بن جهينة.
وعذرة بن سعد بن زيد بن سود بن أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
وقيل: إنما هو عذرة بن سعد هذيم بن ليث بن سود بن أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
وقال ابن الكلبي: عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن كلب بن وبرة.
وفي عذرة بطون، منهم من لحق بيشكر بن بكر بن وائل.
وقيل:سلمان بن سعد، لا أخو عذرة بن سعد.
وقيل: سلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد.
وقد تقدم ذلك.
ونهد بن زيد بن سود بن، أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، رهط أبي عثمان النهدي.
وفي نهد بطون.
بنو القين بن جسر بن شيع اللات بن أسد بن وبرة.
قال: وفي قضاعة: سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
قال: واسم سليح: عمرو.
وقال ابن الكلبي أيضاً: ومهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
قال ابن الكلبي: ومهرة وتزيد،. لخوان، ابنا حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
قال: وإلى تزيد تنمب الثياب التزيدية.
قال: وفي مهرة بطونَّ، فذكرها.
وضنة بالنون، قد تقدم أيضاً في باب ضنة.
قال ابن الكلبي: هو ضنة بن عبد كبير بن عذرة بن سعد هذيم.
وقد تقدم ذكر مهرة في غير قضاعة في اليمن، وذكرنا الاختلاف في ذلك.
تم كتاب الإنباه والحمد لله كثيرا وصلى الله على محمد نبيه وأهله وسلم تسليما.
التسميات :
التاريخ