مصطلحات قانون البادية

  ﷽}محاكم الصحراء ⚖  

مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - كما يعلم الجميع بأن العربان في البوادي طبقة اجتماعية لها فكرها ومنهجها الخاص بها، والذي بدأ يتلاشى رويدا رويدا ويندمج مع المجتمع الحضري،  ليصبح مجتمعنا قريبا مجتمع مدني أو حضري، ولكن بقيت في البادية وبالرغم من هذا التغيير الكبير، بعض قوانينهم الخاصة والتي ايضا أصبح بعض البدو يجهلونه بسبب تركهم لحياة البادية وانتقالهم للمدن، وبالرغم من كل هذا فلا يزال المجتمع العربي متمسكا بقانونه الخاص في القضايا العشائرية ودعونا نتأمل المصطلحات العشائرية الخاصة بقضايا البادية، ونحن لن نتناول كل الموضوعات، ولكن نكتب عنها اختصارا، من أجل التذكير بها، ومن يرغب في معرفة المزيد فعليه البحث عنها فهي متوفرة الكترونياً..

النظام القضائي في مجتمع البادية، يقوم على أساس معاقبة السلوك الفردي الخارج عن ارادة المجتمع، وجرح المشاعر الجماعية، والمحافظة على التوازن، والالتزام بالنظام هو واجب وفرض على جميع سكان المجتمع، وعلى كل فرد فيه أن يلتزم بهذا القانون ونظامه ومنهجه، ويعتبر الخروج عنها هو جرم وعيب لا يليق بمن كان أصيلاً، والنظام القضائي هو من أهم صور وأشكال العرف والعادة أو العادات البدوية التي تميز هذا المجتمع عن غيره، فكلمة العوايد والطباع ودرب اهلنا دائما تذكر الفرد بأن يلتزم بنظام مجتمعه في الحياة وهي تلك النظم التراثية التاريخية التي تراكمت عبر تاريخ هذا المجتمع، الذي يدير نفسه بنفسه في شعاب الصحراء والبراري، فتعالوا بنا نلقي نظرة سريعة حول مصطلحات محاكم الصحراء:..

كبار العرب (الشيوخ والوجهاء ورجال الاصلاح والقادة والزعماء...) القاضي، القضوة، حق العرب، الشيخ، الديوان، الجاهة (مجموعة رجال) القصاص (البدوي الخبير بتتبع الأثر) والقصاص : قاضي العقوبات والجروح، القايف (الخبير بعلم القيافة)، المنشد الذي يحكم في القضايا الخطيرة مثل الشرف وتقطيع الوجه، والعقبي قاضي النساء والزيادي قاضي الابل، والضريبي ، والمبشع قاضي الجرائم المنكرة.

الصلحة، الجاهة، البدوة، العمار، العطوة، الملم، دفن الحصى، قرط الحصى، الخط، العدف، الشاهد، الكفل، كفيل وفا، وكفيل دفا، الحسيب، الوجه، تقطيع الوجه، تبييض الوجه، تسويد الوجه، الغريم، المثمن، التفويل، الصغية، الرزقة، الفلج والمفلوج، الدم، المنشد، لحس البشعة، عطوة صافية، عطوة فتاش، عطوة راس، عطوة فورة الدم، اللسان، الحجة، النكت (النقض)، اهل الديار، اهل الرسان، المحرم، حرمة البيت، منقع الدم، القلطة، المشية، الدية (الودي)، الحشم، حق البيت، حق الوجه، حق القصير، حق القذف، حق العرض، حق الدخيل، حق الملح، عاقبة السرح، التشميس، العرك، صايحة الضحى، الخطف، الغز، الجلوة، الطلوع، بعير النوم، شعث الدم، الغرة، الموضحة، الهاشمة، المنقلة، المأمومة، الدامغة، الخارصة، الدامية، الباضعة، الثار، الجيرة، القودة، الطنيب، الطلابة، الوساقة، الشهادة والوداعة، العداية، الحسنى، الحويش، الفزع، هوشة، الكونة، الصنيعة، النزالة، الخونة، البوقة، التهميل، البراوة، النصرة، الهدة، السرقة والنهيبة "النهب"، اللقيطة، اللقية، التدليس، الرهان، المراضاة، اليمين.

تقطيــع الوجــــه : ـ عندمــا تقوم الجاهـة بأخذ عطوة من المعتدى عليـه لصالــــح المعتدي ، فإن الإتفــاق بين الجاهة وهذه العشيرة بعدم الإعتداء على عشيرة المعتدي أو أحد أفرادها يعتبر ملزمــا ً، إلى أن يقوم القضـــاء العشـــائري بالنظر في الأمر، و يقال عـــادة " الجماعة بوجه فلان " أي بحمايــة ورعايــــة فلان. أمــا في حالة أن قام أحد أفراد العشيرة المعتدى عليها سابقــاً بخرق هذا الإتفاق وأعتدى بأي طريقـة على فرد من عشيرة المعتدي سابقـــاً فإن هذا الخرق يسمى بـــ " تقطــيع الوجـــــــه " أي أنه لم يحترم وجه الشخص الذي يرأس الجاهة التي تسعى للإصلاح، وبالتالي فهو لم يحترم العشيرة التي تنتمي لها الجاهــة . وهنا تبدأ مشكلــــــــــــــة جـــديدة ؛ إذ ستطـــالب عشيرة الجاهــــه بحقهـا المعنوي أمام أحد القضاة العشـــائريين من ذلك الشخـص الذي خــرق الإتفاقيـــة ومن عشيرته التي ينتمي إليها ، وهي من أصعــــب وأخطــــر ما يعرض على القضــــــاء لأن إجراءات القاضي في هذا المجـــال ستكون قاسية على الشخص وعشيرته ماديـا ً ومعنويـا ً وإجتماعيــًًا ، حتى لا يجــرؤ أحــد على خــرق أي إتفاقية مستقبلا ً و عدم السماح لأي كان بــ " تقطيع الوجـــه ".

دفن الحصى: هو الإتفاق على التقاضي بشأن قضية محددة للفصل فيها عشائرياً

وبحضور صاحب البيت (الملم) أي الذي يجتمعوا عنده، حيث يمسك الطرف المبدي "مدعي الحق"، حصاة من الأرض ويقول: ( وداعتك ياراعي البيت أنا متهم فلانا بالقضية الفلانية وهذه حصاتها) ثم (يدفن الحصاة في التراب أمامهم) ويقول:

 ودي " أريد" انه يسلمني رسنه حتى آخذ حقي منه عند أهل العلم والعرف.. وهي نقل القضية إلى الملم للتأكيد من أمر ما. ويكون صاحب البيت وهو الذي عنده مدفن الحصى أو مربط العلم. وقد يقول الطرف الثاني: هذا طرفي (ويمسك بطرف عباءته أو ثوبه أو عمامته) "في الحق الذي تلحقه علي بشأن القضية " الطلبة" الفلانية" ودفن حصاة كذلك للدلالة على حصر القضية في ما تحدث عنه فقط.

والأصل الحقيقي لهذا المصطلح "دفن الحصى" :

يعني المراد أن يظهر حقه فقط وتوضيح الحق لازالة الغموض والشك ويغلق الموضوع بعدها مباشرة، أي دفن الطلبة أو القضية بعد تداولها عند القاضي العشائري ومن هنا جاء استخدام تعبير كلمة دفن الحصى، والناس قديما كانوا أكثر ألفة ومحبة وتسامح.

حرمة البيت عند العرب فهي كما يلي:-

تحدد مسافة حرمة البيت بدائرة نصف قطرها أربعون خطوة تكال من طرف البيت, وقد كفل القانون العرفي الحماية للبيت ولمن فيه من بشر ومتاع, إذ لا يحق للرجل أن يلحق غريمه داخل حرمة بيته أو بيت آخر ويضربه, كما لا يحق للرجل أن يضرب أحد أبنائه أو زوجته داخل بيت أحد وإلا كلفه ذلك دفع ثمن انتهاك حرمة البيت..

وللبيت في العرف العشائري حرمة كبيرة وحق كبير سواء كان صاحب البيت حاضراً أم غائباً، ولا يجوز بأي حال اقتحام حرمة البيت حتى ولو لجأ إليه أي أحد مهما كانت فعلته أو جريمته فلا يجوز ولا يحق ملاحقته في البيت الذي لجأ إليه.. فالبيت آمن، ومن يدخله فهو آمن..

وهذه عادات أهل البادية يلتزم بها كل ذي عقل وذي ادراك وكل من يفتخر بأصله وباديته وتاريخه، ولا يخل بهذه الأسس إلا ذي عاهة أو قليل فهم بحسب تعبيرات أهل البادية.

العطوة: مصدر مشتق من أعطى يعطي اعطاء ، فهو عطوة ، واصطلاحا يفهم من اسمها انها مهلة أمنية من صاحب الحق  تعطى (تمنح) للمعتدي ، حتى يدبر امره دون التعرض له خلال فترة العطوة. وتأتي العطوة بناء على تدخل من شيوخ عشائر محايدة لا تمت للطرفين بصلة قربى. وتختلف مدة العطوة حسب الجرم ، ويمكن تمديدها.

صك العطوة: توثق العطوة بموجب صك عطوة ، هو عبارة عن محضر تفصيلي بالعطوة ، يحدد تاريخ العطوة ، ومكانها ، والأطراف المتخاصمة ، وتفاصيل الحادث المفضي للعطوة ، والعشائر والشخصيات الموقعة على العطوة ، وعدد نسخ الصك ، وتاريخ انتهاء العطوة ، ومع انتهاء تاريخ العطوة ، يصبح صاحب الحق في حل من العطوة ، وتصبح الأجواء مهيئة له بالثأر من اي شيء قد يملكه الجاني.

كفيل الدفا: هو الشخصية التي توقع على صك العطوة ، وهو الكفيل المتضامن الذي يمثل الجاني ، وكلمة الدفا مشتقة من دفأ يدفيء تدفئة بمعنى انه يحتضنه ويدفئه بمعنى يوفر له الحماية الكاملة طيلة تداول القضية ، واذا أعتدي على الجاني فيسمى ذلك تقطيع الوجه ، اي وجه كفيل الدفا. 

كفيل الوفا: هو الشخصية التي توقع على صك العطوة ، وتتكفل بتسديد ما يترتب على الجاني من التزامات ، وكلمة الوفا مشتقة من أوفى يوفي ايفاءة وتوفية ، ومنها الوفاء (الوفا)  ، اي ان كفيل الوفا متكفل بالإيفاء بكافة الإلتزامات التي تملى على الجاني مهما بلغت.

تقطيع الوجه: مصدر مشتق من قطع يقطع تقطيعا ، بمعنى مزق ، واصطلاحا يطلق على كفيل الدفا ، إذا اخل صاحب الحق بصك العطوة ، واعتدى على الجاني وهو لا يزال في حمى كفيل الدفا ، وهنا تتفاقم القضية فيتفرع منها قضية اخرى ، يقاضي بموجبها كفيل الوفا صاحب الحق.

العطوة الأمنية: وهي المهلة التي تعطى للجاني من قبل الجهات الأمنية ومدتها في العادة ثلاثة أيام.

عطوة الإعتراف: وهي المهلة التي تعطى للجاني بعد اعترافه بإرتكابه الجرم ، وتبدأ بعد انتهاء العطوة الأمنية ، ويترتب عليها التزام الجاني بكامل ما يفرض عليه من التزامات مالية وغير مالية ، يعني يدق على صدره ، كناية عن تحمل القضية.

عطوة الحق: وهي المهلة التي تعطى للجاني وذويه ، عند الإلتباس في وقوع الجرم،  او ان الجرم يشوبه تشويش في كيفية وقوعه ، حيث يتطلب الأمر التحقيق من قبل جهة رسمية ،  كالمحكمة بصدور قرار قطعي يحدد سبب الجرم واطرافه.

الجلوة: من الجلاء، هو ترحيل الجاني وذويه من منطقة وقوع الجرم الى منطقة بعيدة.

القضاء العشائري متفوق على القضاء النظامي:

يتميز القضاء العشائري بالسرعة لأنه قريب جدا من اصحاب القضية، ولأنه اجراءاته سهلة، وقليلة التكاليف، وأقل وقت وفترة زمنية، وأقدر على حل الخلافات، وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، ويحقق العدل ويراعي المساواة ويرد الاعتبار، ويعتبر القضاء العشائري عند البدو أهم من القضاء النظامي، فيرون الأول ممثل لحياتهم البدوية التي كانت تنأى عن أي علاقة بالمدن، بينما القضاء النظامي فيرونه ممثلا للحياة المدنية، وفي الحقيقة إن القضاء العشائري مكملا للقضاء النظامي ومساعدا له في الحفاظ على السلم المجتمعي..

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم