حي وادي الربابة

  

وادي الربابة في بلدة سلوان، إلى الجنوب من المسجد الأقصى في القدس المحتلة، ويتربع وادي الربابة على مساحة تبلغ نحو 210 دونمات، يتحدى سكانه ببقائهم سياساتِ الاحتلال ومستوطنيه الرامية لطردهم من أراضيهم، فهو في الجنوب والغرب من مدينة القدس، يفصل بين جبل صهيون وجبل المكبر (تل أبي ثور) ينحدر من باب الخليل وهو مدخل غربي في سور المدينة القديمة، ممتدا جنوبا ثم شرقا، ويلتقي بوادي جهنم عند بئر أيوب، التي تنخفض 350 قدماً عن الحرم القدسي. يمتد هذا الوادي من مكان بالقرب من ماملا إلى بركة السلطان، ويلتقي بوادي سلوان و يمثل جزئيا الخط الفاصل بين شرق المدينة وغربها.

وعن أم عبيدة بنت خالد بن معدان عن أبيها أنه قال: زمزم وعين سلوان التي ببيت المقدس من عيون الجنة وفي رواية عنها عنه قال من عيون الجنة في الدنيا زمزم وعين سلوان وعنها أيضا عن أبيها أنه قال من أتى بيت المقدس فليأت محراب داود المشرف وليصل فيه ويسبح في عين سلوان فإنها من الجنة. (إتحاف الأخِصّا بفَضَائل المسجد الأقصى، الأسيوطي الشافعي المتوفي سنة 880هـ)

حدثنا الوليد ابن حماد، حدثنا هارون ابن سعيد، حدثنا بشر ابن بكر عن أم عبد الله، عن أبيها، أنه قال: من أتى بيت المقدس فليأت محراب داود، فليصل فيه وليسبح في عين سلوان فإنها من الجنة. ( فضائل بيت المقدس، الجوزي المتوفي سنة 597هـ)

إنّما عين سلوان عين نضّاخة يتبرّك بها ويستشفى منها بالبيت المقدس، قال ابن البنّاء البشّاري: سلوان محلّة في ربض بيت المقدس تحتها عين عذبة تسقي جنانا عظيمة وقفها عثمان ابن عفّان، رضي الله عنه، على ضعفاء بيت المقدس تحت بئر أيّوب، عليه السلام، ويزعمون أن ماء زمزم يزور ماء سلوان كل ليلة عرفة. وسلوان أيضا: واد بأرض بني سليم القيسية. (معجم البلدان، ياقوت الحموي)

منطقة وادي الربابة تلاصق الجزء الغربي من مدينة القدس وتشكل همزة الوصل بين الجزء الشرقي والجزء الغربي، وتعتبر منطقة حيوية وحساسة وذات موقع استراتيجي، ولا تبعد سوى 400 متر عن الجنوب الغربي للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، وتنتشر أشجار الزيتون المعمرة منذ ما يزيد عن الألف عام في أراضي وادي الربابة وهي أراضي ملك خاص للعائلات المقدسية العربية منذ الأزل، وهي من أجمل مناطق سلوان ولوفرة المياه فيها وخصوبة أرضها فهي من هذه الناحية تشبه سهل مرج بني عامر الذي كان يتعبر سلة غذاء فلسطين بلا منازع.

ومن تاريخ سلوان 

يعتقد المؤرخون أن نشوء بيت المقدس يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوان، وقد تطرق المؤرخون والجغرافيون لبلدة سلوان عند بحثهم لبيت المقدس، ومن هؤلاء: ياقوت الحموي والإدريسي والمقدسي.

يحاذي سلوان من الشمال المسجد الأقصى المبارك وسور البلدة القديمة من القدس الشريف وحي المغاربة الذي دمره الاحتلال بعد حرب 1967، ومن الغرب حي النبي داؤود وحي الثوري، ومن الجنوب أراضي بيت صفافا والتي أقيم عليها معسكر الجيش البريطاني وجبل المكبر، وعرب السواحرة الغربية، ومن الشرق قرى أبو ديس والعيزرية والطور.

اتخذ النساك والعباد موقع قرية سلوان صوامع لنساكهم ومعابد لعبادتهم ففيها عيون شهيرة تجري مياهها في هدوء وسكون، يستعملها الأهالي؛ لسقاية البساتين والشرب، ويشبه الناس مياهها بماء زمزم في الطعم، وذكر عن أبي العلاء المعري قوله:

وبعين سلوان التي في قدسها طعم يوهم أنه من زمزم

وقد أتبعت سلوان لمحافظة القدس وبلديتها منذ نهايات العصر العثماني، وكانت من بؤر الثورة الفلسطينية في زمن الانتداب البريطاني وشارك أهالي القرية في ثورة عام 1936م، والإضراب العام الذي شهدته الأراضي الفلسطينية احتجاجاً على الهجرة اليهودية والقمع البريطاني للنزعة الاستقلالية عند عرب فلسطين، وعند اندلاع حرب عام 1948م، بين العرب وإسرائيل شارك أهالي القرية في المعارك وتحملوا حصاراً خانقاً من قبل القوات الصهيونية؛ لوقوع سلوان على مدخل باب المغاربة الذي يؤدي إلى حارة الشرف وحارة المغاربة في البلدة القديمة لمدينة القدس، وتعرض العديد من أبنائها لنيران القناصة الصهاينة، ولكنها لم تسقط وأصبحت جزء من الضفة الغربية للأردن بين عامي 1948م و1967م، واستقبلت العديد من المهجرين من قرى غرب القدس، والكثير منهم كان يرتبط بعائلات سلوان بصلات القربى والنسب، من قرى عين كارم، لفتا، قالونيا، المالحة، دير ياسين وغيرها الكثير. في عام 1967 وقعت كما بقية أراضي الضفة الغربية في قبضة الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب الأيام الستة.

كانت مع القرى المجاورة لها (وهي أكبرهم) مركزاً لتجمع ما يعرف "بصف الوادية" وهو حلف عشائري مناطقي لقرى منطقة شرق القدس المشرفة على وادي الأردن، وساهم هذا الحلف في القضاء على قطاع الطرق الذين هددوا القوافل التي تتحرك بين فلسطين وشرق الأردن.

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم