الشعراء الصعاليك

الشعراء الصعاليك

 تعريف الصعاليك : في اللغة 
"الصعلوك: الفقير الذي لا مال له، زاد الأزهري ولا اعتماد. وقد تصعلك الرجل إذا كان كذلك، وقال شمر: المصعلك من الأسنمة: الذي كأنما حد رجت أعلاه حدرجة، كأنما صعلكت أسفله بيدك، ثم مطلته صعدا أي رفعته على تلك الدملكة، وتلك الاستدارة، وصعاليك العرب: ذؤبانها. وكان عروة بن الورد يسمى عروة الصعاليك؛ لأنه كان يجمع الفقراء في حظيرة فيرزقهم مما يغنم"، فالصعلكة إذن -في مفهومها اللغوي- الفقر الذي يجرد الإنسان من ماله، ويظهره ضامرا هزيلا بين أولئك الأغنياء المترفين الذين أتخمهم المال وسمنهم، ولكن يبدو أن هذا المعنى لا يعبر عن المفهوم اللغوي للكلمة تعبيرا دقيقا كاملا..

 في الاستعمال الأدبي:

تتردد هذه المادة في أخبار العصر الجاهلي وشعره بصورة واسعة، وتقابلنا كثيرا على ألسنة شعرائه ورواة أخباره، فنراها أحيانا تدور في هذه الدائرة اللغوية التي تحدثنا عنها، ونراها أحيانا أخرى ترد في بعض المواضع، ولكن مفهومها الذي يتفق مع السياق لا يتفق تماما مع مفهومها اللغوي، وإنما هم أولئك المشاغبون المغيرون أبناء الليل الذين يسهرون لياليهم في النهب والسلب والإغارة بينما ينعم الخليون المترفون المسالمون بالنوم والراحة والهدوء. فالكلمة إذن قد خرجت من الدائرة اللغوية، دائرة الفقر، إلى دائرة أخرى أوسع منها هي دائرة الغزو والإغارة للنهب والسلب..

 ويتضج أن مادة "صعلك" تدور في دائرتين: إحداهما "الدائرة اللغوية" التي تدل فيها على معنى الفقر، وما يتصل به من حرمان في الحياة، وضيق في أسباب العيش، والأخرى نستطيع أن نطلق عليها "الدائرة الاجتماعية"، وفيها نرى المادة تتطور لتدل على صفات خاصة تتصل بالوضع الاجتماعي للفرد في مجتمعه، وبالأسلوب الذي يسلكه في الحياة لتغيير هذا الوضع.

 في المجتمع الجاهلي:

حين نرجع إلى أخبار هؤلاء الصعاليك نجدها حافلة بالحديث عن فقرهم، فكل الصعاليك فقراء، لا نستثني منهم أحدا، حتى عروة بن الورد سيد الصعاليك الذي كانوا يلجئون إليه كلما قست عليهم الحياة، ليجدوا عنده مأوى لهم حتى يستغنوا، فالرواة يذكرون أنه "كان صعلوكا فقيرا مثلهم"، وأخوه وابن عمه يقولان له -حين عرض عليه أهل امرأته التي أصابها في بعض غزواته أن يفتدوها: "والله لئن قبلت ما أعطوك لا تفتقر أبدا.. لكن يقول المؤلف : الصعاليك فيهم ممن لم يستسلم للفقر ولا قبل بالخنوع والرضوخ بل كافح بكل ما يملك مستعينا بفروسيته وتحديه لهذا الفقر بالحرب والغزو ليس من أجل الغنى فقط، بل من أجل أن يبرهن للمجتمع عن قدرته على أن يكون كريما سخياً معطاءاً، وقد أثبت كثير منهم ذلك.. وهذه الطائفة من الصعاليك أظهرت قوة خارقة للعادة في سرعة العدو والقوة الجسدية حتى أطلق عليهم أحياناً " اسم "العدائين"، أو"الرجليين" أو "الرجيلاء"، كأنما أصبحت سرعة العدو ظاهرة مميزة لهم، وصفة ملازمة يعرفون بها. والمثل يضرب بجماعة منهم في سرعة العدو، فيقال "أعدى من الشنفرى"، و"أعدى من السليك"، و"أمضى من سليك المقانب". وتصفهم مصادر الأدب العربي بأنهم "أشد الناس عدوا"، أو أنهم "لا يحارون عدوا"، أو "يُلحقون"، أو يعدون عدوا يسبقون به الخيل، أو لا تعلق بهم الخيل، أو لم تلحقهم الخيل.

ثم يقول: وكانت النتيجة الطبيعية لهذا كله أن فر هؤلاء الصعاليك من مجتمعهم النظامي ليقيموا لأنفسهم بأنفسهم "مجتمعا" فوضويا، شريعته "القوة"، ووسيلته "الغزو والإغارة"، وهدفه "السلب والنهب"، ووجدوا في الصحراء الفسيحة الواسعة التي لا تقيدها قيود، ولا تحد من حريتها حدود، ولا يستطيع قانون أن يخترق نطاقها ليفرض سلطانه عليها، مجالا لا حدود له يمارسون فيه نشاطهم العدواني، ويقيمون "دولتهم" الفوضوية، "دولة الصعاليك"، حيث يحيون حياة حرة متمردة، تسودها العدالة الاجتماعية، وتتكافأ فيها فرص العيش أمام الجميع.

وأخبار هؤلاء الصعاليك وأشعارهم تحفل بأحاديث هذا التشرد في أنحاء الصحراء الموحشة، ووديانها الرهيبة، حيث يحيا الوحش بعيدا عن البشر، وحيث يكمن الموت في كل رجء من أرجائها..

ثم قسم المؤلف أقسام طوائف الصعاليك حسب دراسته إلى : طائفة الخلعاء والشذاذ، وطائفة الأغربة السود، وطائفة الفقراء المتمردين..وهذه الطوائف الثلاث قطعت علاقتها بقبائلها.. (من كتاب الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، تأليف يوسف خليف وهو أديب ومؤرخ مصري (١٣٤١ - ١٤١٥ هـ = ١٩٢٢ - ١٩٩٥ م))..

تعليق حول كتابه نشر في مجلة جامعة أم القرى: جاء فيه " تناول المؤلف موضوع شعر الصعاليك تناولا كان أُفقيّاً وسحطياً ؛ بمعنى أنّه لم يتطرّق إلى الجانب الأهمّ في شعرهم الذي يمكنُ اعتباره القوّة التي تكمنُ وراء شعريّة شعرهم، وقوّة فنّهم، وتأثيره واستمراره حتى اليوم ٠ هذا الجانب هو الجانب التراجيدي ٠ وهو يمثّل النبضَ الحيّ الذي يحرّك فيه الخيوط الفنية والجمالية كافة.. وأن دراسته على الرغم من أهميتها إلا أنها لم تقترب من روح شعر الصعاليك.."

من هم الشعراء الصعاليك :

شِظاظ الضبي التميمي، ويضرب فيه المثل في ذلك وقالت العرب: ألصُّ من شِظاظ!

أبو خراش الهذلي، واسمه خويلد بن مرة. أشهر صعاليك هذيل شاعرٌ فحلٌ مخضرم أدرك الإسلام فأسلم وحسن إسلامه. قضى لدنا كبيرا من حياته قبل الإسلام ثائراً بدم إخوته بني لُبنى. توفي في خلافة عمر من لدغة حية.

عروة بن الورد، أشهرهم على الإطلاق وكان سيداً لهم يلجأون له وقت الحاجة. مات عام 596م.

السليك بن السلكة، من بني مقاعس من سعد بن زيد مناة من تميم، توفي نحو 605م؟

مرة بن خليف الفهمي وهو صعلوك من شياطين العرب قيل انه من فتاك العرب في الجاهلية

تأبط شرا: قدرت وفاته بين عامي 530م و535م.

البراض بن قيس الكناني، وهو من الفتاك وقالت العرب: أفتك من البراض. وهو قاتل عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب ما أجج حرب الفجار بين كنانة وقيس عيلان. 

الأحيمر السعدي: من بني تميم. شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان لصاً فاتكاً مارداً، من أهل بادية الشام.

الشنفرى الأزدي، وهو ثابت بن أواس الأزدي، توفي نحو 525م أي قبل الهجرة.

مالك بن الريب المازني التميمي: وهو أول من رثى نفسه في الإسلام وكان من أشهرهم وله في خراسان راوايات كثيرة وتوفي في مرو.

الحارث بن ظالم المري، توفي نحو 600م.

عبيد بن أيوب العنبري: من بني العنبر بن عمرو بن تميم، من شعراء العصر الأموي، كان لصاً حاذقاً، أباح السلطان دمه، وبرئ منه قومه، فهرب في مجاهل الأرض، واستصحب الوحوش..

حاجز بن عوف الأزدي، توفي قبيل الإسلام بفترة قصيرة.

الأطيلس الأعسر البقمي: وكان من العدائين.

أبو منازل السعدي، وهو فرعان بن الأعرف من بني تميم، قيل توفي في خلافة عمر بن الخطاب.

الخطيم بن نويرة العبشمي: من عكل من الرباب من تميم. شاعر أموي، من سكان البادية، وأحد لصوصها، أدرك جريراً والفرزدق ولم يلقهما، وهو من أهل الدهماء وحركته فيما بين اليمامة وهجر.

القتال الكلابي: من بني عامر بن صعصعة، توفي نحو 66 هـ.

فضالة بن شريك الأسدي، توفي عام 64 هـ.

صخر الغي، من هذيل، توفي في صدر الإسلام.

الأعلم الهذلي، وهو حبيب بن عبد الله الهذلي، وهو أخو الشاعر الصعلوك صخر الغي، وقد عاش حتى عصر صدر الإسلام.

مسعود بن خرشة المازني، من بني حرقوص بن مازن، من تميم. شاعر بدوي إسلامي، أحد صعاليك بني تميم

أبو الطمحان القيني.

أبو النشناش النهشلي الدارمي التميمي.

طهمان بن عمرو الكلابي، شاعر من صعاليك العرب وفتاكهم في العصر الاموي من بني عامر بن صعصعة

توبة بن الحمير، من شعراء العرب وصعاليكهم في العصر الاموي من بني عامر بن صعصعة: اشتهر بعشقه المتبادل مع ليلى الأخيلية وهم أبناء عمومه.

المراجع:

1- الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، يوسف خليف

2- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي

3- مجلة جامعة أم القرى

4- ويكيبيديا الموسوعة الحرة

6- لسان العرب لابن منظور..

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم