أسماء قديمة في دول المتوسط

 يشير مصطلح حوض البحر الأبيض المتوسط أو حوض البحر المتوسط إلى الأراضي التي تحيط بهذا البحر، وهي أراض ٍتتبع كل من قارات العالم القديم، أفريقيا وأوروبا وغرب آسيا ..

أسماء قديمة في دول حوض البحر المتوسط
من خلال مراجعة سريعة وخاطفة لتاريخ وجغرافية منطقة حوض البحر المتوسط القديمة، قررنا التوقف والتأمل في بعض أسماء المدن والبلدان الواقعة في سواحل البحر المتوسط إلى جانب التوغل في الصحاري مترامية الأطراف في منطقة شبه الجزيرة العربية لنقترب أيضاً من سواحل المحيط الهندي والخليج العربي، ففي هذه الأسماء ما يلفت الانتباه ويدعو للتأمل والتفكير والتحليل والبحث والدراسة الجادة، فهذه الأسماء منها ما أطلقت على قطع من الأراضي ومنها ما أطلقت على أجداد قدماء ومنها ما أطقلت على أقوام وأعراق، وهي في جملتها أسماء تاريخية قديمة بعض من هذه الأسماء وردت في القرآن الكريم وأخرى وردت في شرائع سماوية أخرى..

وهيا بنا نتأمل هذه الأسماء التي تتشابه في بنيتها اللغوية، مما يوحي أن أصلها اللغوي واحد بدون شك، لكن انتشارها واسع النطاق ومتواجدة في مناطق متباينة في لغاتها، إلا أنها تتقارب من حيث خصائص السلالات مع وجود صفات سلالية منفصلة لتميز كل مجموعة على حدة..

نبدأ من السواحل الشرقية للبحر المتوسط ففي فلسطين: نقرأ اسم عسقلان مدينة على البحر مباشرة، إلى الشرق منها وفي منطقة حول القدس ورد اسم آل عمران في القرآن الكريم وقرب القدس منطقة سلوان، وفي الشمال الشرقي وادي الباذان ، بالاتجاه شرقاً في منطقة الأردن نقرأ إسم معان وعمان ونقرأ اسم حضارة كنعان القديمة التي كانت منتشرة في هذه المساحة، وبالاتجاه شمالاً نمر على مدينة بيسان وإلى الشرق منها مدينة عمّان ثم نتجه شمالاُ لنبلغ سهل حوران ومن ثم الجولان ثم بلد لبنان وكانت بلاد سوريا تعرف ببلاد سريان، ولنتجه لأقصى الشمال قرب تركيا نجد مدينة حران أو حاران، واذا عدنا إلى الصحراء القريبة من جنوب الأردن وجنوب فلسطين نمر على قرية قريبة من صحراء بئر السبع تعرف بإسم عبسان تقع ضمن حدود قضاء غزة، وشمال السعودية نقرأ إسم مديان وحين نتوغل في شبه الجزيرة العربية نقرأ أسماء الظهران وفاران وجازان أو جيزان ونجران في الجنوب، وعجمان في الإمارات العربية، وكذلك عُمان قرب سواحل المحيط الهندي، وأما وفي العراق بارزان وسوران وبيرومان وجومان وهيران وخلكان وفي المناطق الواقعة شرق العراق فنقرأ إيران وطهران، وأما في مصر فنقرأ أسوان وحلوان وإلى الجنوب حيث بلد السودان، وفي ليبيا ودان وفزان وتمسان وصرمان وغريان، وفي تونس القيروان وبن قردان وفي الجزائر وهران وتلمسان، وتطوان في المغرب، ووادان في موريتانيا، وأما في الجانب الشمالي من حوض المتوسط أو في جنوب أوربا نقرأ اسم اليونان والرومان والبلقان، وبالعودة إلى أسماء الأجداد العرب في شبه الجزيرة العربية وفي الجنوب والشمال نقرأ أسماء قحطان وعدنان وغسان وذبيان وغطفان وزهران وحلوان وعمران وهمذان وكهلان وخولان وشيبان .. ونضيف إلى ذلك من الأسماء الأخرى القديمة التي وردت ضمن هذه الحدود الجغرافية التي نتحدث عنها، ولكنها جاءت في القرآن الكريم:

مثل قارون وهاورن وفرعون وذو النون، وفي نفس المنطقة الجغرافية أسماء قريبة من هذه الألفاظ مثل: النطرون واللطرون في فلسطين ومصر وليبيا، واللجون في فلسطين، وفي آسيا الوسطى سيحون وجيحون وفي اللغة الكنعانية اسم حبرون وحولون كمواقع كنعانية قديمة اندثرت، وقلمون وبرغون والبرتون في لبنان، وحريصون وبصرمون في سوريا.

وهناك مجموعة أخرى من الأسماء فيها تشابه مثال: مدينة عكا على سواحل فلسطين ومدينة مكة على سواحل السعودية، ثم مدن حيفا ويافا على سواحل فلسطين ..

وتبدو تلك المجموعة التي تحدثنا عنها أنها ترتبط بحضارة اجتماعية واحدة أو مشتركة كانت ممتدة يوما ما على كافة تلك المناطق، وأرجح أن تلك الحضارة لها علاقة وطيدة بحضارات ذات صلة بأجداد العرب القدماء والتي لم يصلنا عنها علم وافي وواضح، باختصار أنها تتبع حضارات بائدة لم يعرف عنها البشر شيء كاف..

ومجموعة أخرى من الأسماء القديمة في تلك المنطقة الجغرافية الواسعة تنتهي بحرف السين: مثل نابلس وعمواس وطوباس وأرطاس في فلسطين وطرابلس وشيمس وعرجس في لبنان وطرابلس في لييبا وطرطوس وبانياس ودريوس وجرابلس في سوريا، وطرسوس في تركيا، والسويس وبلبيس في مصر، وقابس وصفقاس في تونس، وغدامس في ليبيا، ومن أجداد العرب القدماء إياس وقابوس ويونس ومن العرب البائدة جديس ومن الأسماء اليونانية طاليس، وبيرغوس وبيلوس، وردوس في قبرص، ورغوس في إيطاليا، وفيرجوس في فرنسا، وبالاموس في أسبانيا، ولاغوس في البرتغال.. ويرجح أن هذه المدن ترجع لحضارة الرومان والإغريق واليونان ..أو ربما لحضارة الفينيقيين التي كانت مشهورة في شرق المتوسط أو هي نتاج تفاعل تلك الحضارات، ويقال بأن هناك قبيلة اسمها يبوس من القبائل الكنعانية التي كانت في جنوب الشام ولها دور في بناء مدينة القدس، ومن أسماء الفراعنة أحموس وتحتمس وحورس..

ومجموعة أخرى أيضاً من الأسماء مثل: بيرزيت في فلسطين وبيروت في لبنان والكويت في الكويت والكوت وتكريت في العراق وحضرموت وسيحوت في اليمن، وفي ليبيا نالوت وسرت، وتاغيت في الجزائر..

ومن المجموعات الأخرى والتي تنتهي بالألف والهمزة مثل إيلياء في فلسطين والسويداء في سوريا والبلقاء والبتراء في الأردن وتيماء والدهناء ورفحاء في السعودية وصنعاء في اليمن وسيناء في مصر وكربلاء والفيحاء وسامراء في العراق، وفي ليبيا تاجوراء/ تاورغاء..!

تاريخ

يعتبر هذا الحوض موطن العالم القديم. إذ على ضفافه ازدهرت الحضارة الفرعونية والإغريقية والبيزنطية، الفنيقية، القرطاجية، الرومانية، العربية الإسلامية..

تاريخ ومخاطر

ارتبط البحر المتوسط ارتباطا وثيقا بتاريخ الحضارات الإنسانية، فهو ملاصق لأرض مهبط الرسالات السماوية الموجودة إلى الشرق منه، كما أن أقدم الحضارات الإنسانية قامت حوله، مثل الحضارة البابلية والآشورية والمصرية والإغريقية ثم الفارسية والرومانية فالإسلامية، فالحضارة الغربية التي تقود العالم اليوم.

وهكذا ظل المتوسط قرونا طويلة مركز العالم والبحر الوحيد تقريبا المزدهر تجارياً وإستراتيجياً، نظرا لمحدودية التجارة العالمية وضعف وسائل النقل البحري في التاريخ القديم، وأيضا لتوسط هذا البحر قارات العالم القديم.

اكتسب البحر المتوسط أهمية إستراتيجية كبيرة منذ فجر التاريخ، وظلت مضائقه (جبل طارق والبوسفور والدردنيل) موضع صراع بين الدول والأمم الساعية للسيطرة على العالم، فكانت ممرات حيوية للجيوش وللهجرات عبر العالم، وهو ما يُفسر التنوع العرقي واللغوي والديني والثقافي والحضاري الهائل لحوض المتوسط، مما جعل مؤرخين وعلماء اجتماع يسمونه "مركز العالم".

ومع اكتشاف العالم الجديد (الأميركتان الشمالية والجنوبية) في نهاية القرن 15 الميلادي، زادت أهمية البحر المتوسط -رغم صغر مساحته- وصار "مركز العالم" بحق خاصة مع ازدهار التجارة الدولية لا سيما بعد إتمام حفر قناة السويس (عام 1869 ميلادي) التي ضمنت تواصلا بحريا بين المتوسط والبحر الأحمر.

ولا تزال أهمية المتوسط الإستراتيجية قائمة رغم تطور وسائل النقل وازدهار أرجاء العالم البعيدة مثل الأميركتين وآسيا وأستراليا. فأكثر من 30% من السفن الموجودة في بحار العالم تُبحر في حوض المتوسط و40% من حاملات النفط تمر عبره، بسبب جواره لمنطقة الشرق الأوسط التي تُصدر أكثر من 70% من النفط والغاز العالمي.

تستقطب الدول المتوسطية أكثر من 200 مليون زائر سنويا. وعلى المستوى الإستراتيجي تسعى كل القوى الكبرى لحيازة موطئ قدم لها في حوض المتوسط، سواء بإقامة قاعدة عسكرية أو مركز مراقبة فضائية أو مركز تنصت للتجسس.

يُعتبر حوض المتوسط من أكثر مناطق العالم تنوعا بيئيا، أما المناخ المتوسطي فهو أكثر مناخات العالم اعتدالا وملاءمة للأنشطة التجارية والإنتاجية، نظرا لحرارته المعتدلة وفصوله المتوازنة ومعدلات أمطاره المتوسطة.

إلا أن البحر المتوسط يُواجه خطر التلوث؛ إذ تُشير دراسة أنجِزت عام 2015 إلى أنه يحتوي أكثر من 250 مليار قطعة بلاستيك تتقاذفها الأمواج والتيارات البحرية وبعضها يجثم في أعماقه، وهو ما يُشكل تهديدا حقيقيا للبيئة البحرية نظرا لشدة تلويث البلاستيك للطبيعة وللفترات الطويلة التي يُقضيها فيها والتي تتراوح بين 400 و1000 سنة.

يُعاني المتوسط كذلك من التلوث الناتج عن مرور حاملات النفط، فهذه السفن الضخمة تُفرغ أكثر من 200 ألف طن من المحروقات في شواطئ المتوسط كل سنة.

الدول:

دول البحر الأبيض المتوسط متعددة. ومقسمة على ثلاث قارات:

 -أوروبا: إسبانيا - فرنسا - موناكو - إيطاليا - سلوفينيا - كرواتيا - البوسنة والهرسك - الجبل الأسود - ألبانيا - اليونان، ويضاف اليها مقاطعة جبل طارق الإنكليزية.

 - آسيا: تركيا - سوريا - لبنان - فلسطين.

- أفريقيا: مصر - ليبيا - تونس - الجزائر والمغرب. وهناك الدولتان الجزيرتان: قبرص ومالطا.

و تجدر الإشارة إلى أنه يمكن إضافة البرتغال والأردن إلى دول البحر المتوسط نظرا لعوامل سياسية أو اقتصادية أو تاريخية ربطتها بدول البحر الأبيض المتوسط لذلك لا داعي للتعجب إن وجدناها ضمن دول البحر الأبيض المتوسط في مقالة ما أو كتاب..

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم