علم الفلك عند العرب |
علم الفلك هو من أوَّل ما اعتُنِيَ به في بغداد، ولم يدرُس العربُ وحدهم مسائله، بل سار على طريقهم وارثوهم أيضًا، ولا سيما حفيدُ تيمورلنك، أولوغ بك، الشهير بزِيَجه، والذي يمكن عَدُّه المثلَ الأخير لمدرسة بغداد التي دام زمن ازدهارها سبعة قرون (٧٥٠ م-١٤٥٠ م).
وكانت بغداد مركزاً مهماً لمباحث علم الفلك، ولكنها لم تكن مركزَ هذه المباحثِ الوحيدَ، فالمراصدُ التي كانت قائمة في البلاد الممتدة من آسية الوسطى إلى المحيط الأطلنطي كثيرة، ومنها ما كان في دمشق وسمرقند والقاهرة وفاس وطليطلة وقرطبة ... إلخ.
وأهم مدارس الفلك ما كان في بغداد والقاهرة والأندلس، ولنَقُل كلمةً عن كل واحدة منها: أخذ خلفاء بني العباس، منذ اتخاذهم مدينةَ بغداد، التي أقُيمت سنة ٧٦٢ م، عاصمةً لدولتهم، يحثُّون على دراسة علم الفلك والرياضيات، وعلى ترجمة ما ألَّفه إقليدس وأرشميدس وبطليموس، وترجَمةِ جميع كتب اليونان في تلك العلوم، ويستدعون العلماء الذين كانوا على شيء من الشهرة إلى بلاطهم.
وأدَّت مدرسة بغداد الفلكية في زمن هارون الرشيد، وفي زمن ابنه المأمون (٨١٤ م-٨٣٣ م) على الخصوص، إلى أعمال مهمة، وأدُمَجِت مجموعة الأرصاد التي تم أمرها في المراصد ببغدادَ ودمشق في كتاب «الزيج المصحَّح» الذي نأسف على ضَيَاعه، ومع ذلك يمكننا أن نعلم صحة الأرصاد التي اشتمل عليها هذا الكتاب من الدقة العظيمة التي عُيِّن بها انحرافُ سمت الشمس في ذلك الزمن، فقد كان رَقْمُ الانحراف، كما حُقِّق فيه، ٢٣ درجةً و ٣٣ دقيقةً و ٥٢ ثانيةً، أي ما يَعْدِل الرَّقم الحاضر.
ونشأ عن رصد العرب للاعتدال الشمسي تعيينُهم مدة السنة بالضبط، وأقدم العرب على قياس خط نصف النهار الذي لم يُوَفق له إلا بعد مرور ألف سنة، وأنجزوا هذا القياسَ بحسابهم المسافة الواقعة بين نقطة البُداءة التي سار منها الراصدون ونقطة النهاية التي ظهر فيها اختلافٌ في ارتفاع القطب درجةً واحدةً، ولم نعلم النتيجة؛ لجهلنا المقدار الصحيح لوَحْدةِ الطول التي اصطلحوا عليها، ونستبعد، مع ذلك، أن يكون الرَّقْمُ الذي توصلوا إليه صحيحاً تماماً بعد النظر إلى قِصَر ذلك الخط ونذكر من أعمال فلكِيِّي مدرسة بغدادَ الأخرى ما وضعوه من التقاويم لأمكنة الكواكب السيارة، وتعيينِهم بالضبط مبادرة الاعتدالَيْن.
وقد انتهت إلينا أسماءُ بعض علماء الفلك في ذلك الزمن، ومن أشهرهم البَتَّانِيُّ الذي عاش في القرن التاسع وتوفيَّ سنة ٩٢٩ م، والذي كان له من الشأن بين العرب ما لبطليموس بين الأغارقة، وقد احتوى كتابه «زِيجُ الصابي» على معارف زمنه الفلكية كما احتوى كتاب بطليموس، ولم يصل إلينا النصُّ الأصلي لأزياجه التي لم تعرفها أوربة إلا من ترجمتها اللاتينية المحرَّفة مع الأسف، ووضع لالاند الشهير البتاني في صَفِّ الفلكيين العشرين الذين عُدُّوا أشهر علماء الفلك في العالم.
وألف أماجور وابنه، اللذان قاما برصد بين سنة ٨٨٣ م وسنة ٩٣٣ م، أزياجاً، وذهب هذا الأخير إلى تحول حدود أكبر دائرةٍ من دوائر عرض القمر، خلافاً لمن تقدَّمه من علماء الفلك، ولا سيما بطليموس، فأدى درسُ هذا الشذوذ في دوائر عرض القمر إلى اكتشاف اختلافٍ قمريٍّ ثالث.
واشتهر أبناء موسى بن شاكر الثلاثة، الذين عاشوا في القرن التاسع من الميلاد، بأنهم من علماء الفلك أيضاً، فقد عيَّنوا بضبطٍ لم يكن معروفاً قبلهم مبادرةَ الاعتدالَين، ووضعوا تقاويمَ لأمكنةِ النجوم السَّيَّارة، وقاسوا عرض بغداد في سنة ٩٥٩ م، وقيَّدوه ٣٣ درجة و ٢٠ دقيقة، أي برَقْم يصحُّ بعشرِ ثوانٍ تقريباً.
وأشهرُ علماء الفلك الكثيرين الذين ظهروا بعد أولئك هو أبو الوفاء المتوفى ببغداد في سنة ٩٩٨ م، ومما عَرَفه هذا العالمُ الفلكيُّ هو الاختلافُ القمريُّ الثالث الذي أشرنا إليه آنفاً، وذلك كما ظهر من كتابه العربي الخطي المهم الذي عَثَر عليه سيديُّو منذ بضع سنين، وذلك أنه استوقف نظره ما في نظرية بطليموس من النقص في أمر القمر فبحث في أسبابه فرأى اختلافاً ثالثاً، غيرَ المعادَلة المركزية والاختلاف الدَّوري، يُعرف اليوم بالاختلاف.
والحقُّ أن هذا الاكتشاف، الذي عُزِي بعد أبي الوفاء بستمائة سنة إلى تيخو براهه، عظيمٌ إلى الغاية، فقد استدلَّ مسيو سيديو به على وصول مدرسة بغداد، في أواخر القرن العاشر، إلى أقصى ما يُمكن علمَ الفلك أن يَصِل إليه بغير نظَّارة ومِرْقَب.
وكان أبو الوفاء مُجَهَّزاً بآلات مُتقنة، فقد شاهد انحراف سَمْت الشمس بربْع دائرة يبلُغُ نصفُ قطرها إحدى وعشرين قدماً، أي يبلغ من الاتساع ما يُعَدُّ كبيراً في المراصد الحديثة.
والحوادث التي أدت منذ أواخر القرن العاشر إلى انحطاط سلطان الخلفاء السياسي ببغداد أوجبت فتوراً في الدراسات، ونشأ عن انقسام الدولة ومغازي السلجوقيين، والحروب الصليبية، وغارات المغول ــ اضطرابُ البلاد، وقيامُ القاهرة وجامعات الأندلس العربية العظيمة مقامَ بغداد في زعامة الإسلام العلمية.
ومع ذلك لم تكُفَّ بغداد عن مزاولة العلوم، وكان حبُّ العرب للعلوم من القوة بحيث لم تمنعهم الحروب والفتن الأهلية وغارات الأجنبي من الاهتمام لها، وبَلَغ العرب من سعة المعارف ما أثَّروا معه تأثيراً كبيرًا في قاهريهم، وما صار معه هؤلاء الغالبون حُماةً لهم من فورهم.
ولا شيء، يُورِث العجب أكثر من انتصار حضارة العرب على همجية جميع الغُزاة، ومِن تَخَرُّجِ هؤلاء الغزاة، من فورهم، على مدرسة العرب المغلوبين، فقد دام عمل العرب في حقل الحضارة إلى ما بعد زوال سلطانهم السياسي بزمن طويل، وقد دام بفضل ذلك تقدم بغداد العلمي بعد أن صارت قبضة الأجانب، وقد داومت مدرسة بغداد الفلكية على ازدهارها إلى أواسط القرن الخامس عشر من الميلاد، ولم تنقطع عن نشر رسائل مهمة في الفلك، ومن ذلك أن نشر البيرونيُّ، والذي كان مشيراً للسلطان محمودٍ الغزنوي (سنة ١٠٣٠ م)، مقالته في «تصحيح الطول والعرض لمساكن المعمور من الأرض»، والبيروني هذا زار بلاد الهند وعلَّم الهندوس ما انتهت إليه مدرسة بغداد، ومن ذلك أن أمر السلطان ملكشاه السلجوقي، في سنة ١٠٧٩ م بالقيام بأرصادٍ أسفرت عن إصلاح التقويم السنوي بما هو أفضل من التقويم الغريغوريِّ الذي تم بعد ستمائة سنة، وذلك لأن التقويم الغريغوريَّ يؤدي إلى خطأ ثلاثة أيام في كل عشرة آلاف سنة، مع أن التقويم العربي لا يؤدي إلا إلى خطأ يومين في مثل ذلك الزمن.
ولم يكن المغول أقلَّ اعتناء بالعلماء من السلجوقيين، فقد استدعى هلاكوخان في سنة ١٢٥٩ م أفضلَ علماء العرب إلى بلاطه، وأقام في مراغة مرصداً كبيراً نموذجياً، ولم يلبث كوبلاي خان، الذي هو أخٌ لهلاكو، أن نقل إلى بلاد الصين التي افتتحها كتبَ علماء بغداد والقاهرة في علم الفلك، واليومَ نعلم أن فلكيي الصين، ولا سيما كوشو كنغ (١٢٨٠)، استنبطوا معارفَهم الفلكية الأساسية من تلك الكتب، ولذا نقول: إن العرب هم الذين نشروا علم الفلك في العالم كله بالحقيقة.
ولما استقر تيمورلنك بسمرقند، التي اتخذها عاصمة دولته العظمى المشتملة على التركستان وبلاد فارس والهند، جمع حوله فريقاً من علماء العرب، ولما آل سلطان سمرقند إلى حفيده أولوغ بك الذي عاش في القرن الخامس عشر من الميلاد أقبل على علم الفلك بنشاط عظيم، وأحاط نفسه بعدد غير قليل من علماء المسلمين، واستطاع، بما لديه من الغِنَى، أن يصنع آلاتٍ رصديَّةً كانت غير معروفة قبل ذلك التاريخ، فزُعم أنه أنشأ ربعَ دائرة يبلغ نصف قطرها ارتفاع كنيسة أياصوفية في القسطنطينية، ويمكن عَدُّ أولوغ بك، الذي لا يفصله عن كيبلر سوى قرن ونصف قرن، آخرَ ممثل لمدرسة بغداد الفلكية، أي أداة وصلٍ بين القدماء والمتأخرين؛ لما قام به من الأعمال المهمة.
ويُعد الكتاب الذي نشره أولوغ بك، سنة ١٤٣٧ م، صورةً صادقةً عن المعارف الفلكية التي انتهت إليها المدرسة العربية في أواسط القرن الخامس عشر من الميلاد، وقد بحث المؤلف في القسم الأول من هذا الكتاب في مسائل علم الفلك، ودرس فيه أقسامَ الوقت، وموضوعَ التقويم، ومبادئَ علم الفلك العامة، ثم موضوعاتِ هذا العلم العملية كحساب الكسوف والخسوف وتأليف الأزياج واستعمالها ... إلخ، وتشتمل هذه الأزياج على فهارس الكواكب، وحركات القمر والشمس والكواكب السيارة، وطولِ أهم مدن العالم وعرضها، ومن هذه المدن مدينة سمرقند التي ذكر أن عرضها ٢٩ درجة و ٢٧ دقيقة و ٢٨ ثانية، فلم أجده في كتب المعاصرين.
وخُتم هذا الكتاب بمباحث فن التنجيم الخيالي الذي كان معتبراً كثيراً في زمن أولوغ بك.
وأدى اشتغال أولوغ بك بفن التنجيم إلى قتله، وذلك أنه تخيل، من اقترانات بعض الكواكب السيارة، أن ابنه البكر سيقتله، وأنه جَرَّد ابنه هذا من مناصبه، وأن هذا الابن ثار على أبيه من فَوْرِه وغَلَبَه، وأن أباه أولوغ بك، هرب إلى التركستان، ثم رجع إلى سمرقند على الرغم من نبوءة النجوم فقتله ابنُه.
ومع ذلك فإن جميع علماء الفلك اعتقدوا صحة فن التنجيم، ومنهم فَلَكِيُّو أوربة إلى زمن قريب، حتى إن كِيبلِرَ العظيم نفسه كان على هذا الاعتقاد فألف تقاويم نَبَوِية.
ونذكر، بجانب مدرسة بغداد الفلكية: مدرسةَ القاهرة التي أخذت ــ بعد أن فُصِلت عن بغداد في أواخر القرن العاشر من الميلاد ــ تُنافسها في ميدان العلم، فقد اعتنى ولاة أمورها بعلم الفلك اعتناء ولاة أمور بغداد به، وقد أصبح المرصد الذي أنشأوه على جبل المقطم، القائمة عليه القلعة في الوقت الحاضر، من الطراز الأول، وفي مرصد القاهرة وضع ابنُ يونس، المتوفى سنة ١٠٠٧ م، وذلك في عهد الحاكم (٩٩٠ - ١٠٢١ م)، الزيج الكبير الذي سمَّاه «الزيج الحاكمي» والذي حل محل الأزياج التي وُضعت قبله، واستُنْسِخ الزيج الحاكمي في جميع كتب علم الفلك ومنها الكتاب الذي ألفه كُوشو كنغ في الصين سنة ١٢٨٠ م.
وروى ابنُ السنبدي، الذي كان يقيم بالقاهرة سنة ١٠٤٠ م، أن مكتبة هذه المدينة كانت تشتمل ــ في القرن الحادي عشر من الميلاد ــ على كُرتين فلكيتين، وستة آلاف كتاب في الرياضيات وعلم الفلك.
ولم تكن آثار العرب الفلكية في الأندلس أقلَّ أهميةً من آثار المسلمين الفلكية في المشرق، ولكنه لم يبقَ منها سوى القليل؛ لإبادة جميع مخطوطاتها تقريباً إبادة منظَّمَةً، ولم تُتَرجَم هذه الآثار القليلة التي نَجَت من التحريق، ونُرَجِّح أنها لن تترجم؛ لما تقتضيه من معرفة تامَّة للغة العرب، وللاصطلاحات الفنية التي لا يَعْلَمها غير المتخصصين.
ولا نعرف عن أكثر فلكيي العرب في الأندلس شيئاً غير أسمائهم، ولا نعلم عن كتبهم غير إشارات موجزة تكفي لبيان أهميتهم، ومن ذلك أن ولد الزرقيال، الذي كان حياً حوالي سنة ١٠٨٠ م، قام بـ ٤٠٢ رصدٍ؛ ليُعيِّن البعد الأقصى للشمس، وأنه عَيَّن مقدار حركة المبادرة السنوية لنقطتي الاعتدالين بخمسين ثانية، أي ما يَعْدِل ما جاء في أزياجنا الحديثة بالضبط، وأنه كان يرقب الأفلاك بآلاتٍ اخترعها بنفسه، وأنه صنع ساعاتٍ دقاقةً أعُجِبَ بها الناس في طليطلة أيما إعجاب.
وإذ لم تكن كتب عرب الأندلس في علم الفلك موجودةً، أمكن الاستدلال على ما احتوته بما جاء في كتب نصارى ذلك الزمن، ومن ذلك ما تَوَصَّل إليه سيديُّو (الذي درس رسائل الملك الأذفونش العاشر القشتالي الفلكية وما ماثلها) من النتائج القائلة: إن العرب سبقوا كِيبلر وكوبرنيك في اكتشاف حركات الكواكب السيارة على شكل بَيضِيّ، وفي نظرية دوران الأرض، وإن أزياجَ الأذفونش العاشر المسماة «الأزياج الأذفونشية» مأخوذةٌ عن العرب.
وكان علماء الفلك في إفريقية، ولا سيما طنجة وفاس ومراكش ينافسون علماء الفلك في الأندلس، ولكننا نجهل آثارهم جهلنا لآثار علماء الأندلس، ونعلم، مع ذلك، أن أبا الحسن المراكشي، الذي كان يعيش في القرن الثالث عشر من الميلاد، عَيَّن، بضبط لم يسبقه إليه أحد، العرضَ والطولَ لإحدى وأربعين مدينة إفريقية واقعة بين مراكش والقاهرة، أي ما مسافته تسعمائة فرسخ، وأنه قَيَّد مشاهداتِه في كتابه «جامع المبادئ والغايات في علم الميقات» الذي اشتمل على معارفَ ثمينةٍ لآلات الرصد العربية، فترجم سيديُّو بعضه.
ولم يعرف العرب سوى الِمزْوَلَة لتعيين الوقت بالضبط، ولم تكن ساعاتهم صالحة للمباحث الفلكية الدقيقة؛ لعدم تطبيقهم الرَّقَّاص عليها.
وكان العرب يُعَيِّنون الزوايا بأرباع الدائرة والإسطُرلاب، وقد وصل إلينا عددٌ غير قليل من الإسطرلابات، ويوجد في مكتبة باريس الوطنية وحدها ثلاثة أسطرلابات، فنشرنا صورةً لأحدها في هذا الكتاب، فمن ينعم النظر في تركيبها يعلم أنها دالةٌ على حِذْق كبير، وأنه يَصعب صنعُ ما هو أحسن منها في الوقت الحاضر.
ويسهل بيان تركيب الإسطرلاب؛ فهو مؤلَّف من قرص معدني مقسم إلى درجات، ويدور على هذا القرص عدادٌ ذو ثَقبَين في طرفيه، ويُعلق الإسطرلاب من حَلْقَته تعليقاً عموديٍّا، ثم يُوَجَّه العداد نحو الشمس، فمتى مرت أشعة الشمس من ذينك الثقبين قُرئ ارتفاع الكوكب من الحد الذي وقف العداد عليه.
وكانت أرباع الدائرة كبيرةً في المرصد أحياناً، ولا فائدة من استعمالها في الوقت الحاضر بعد اختراع آلة فرْنِيه الدقيقة التي نتمكن بها من معرفة الدقائق والثواني في أصغر الآلات، ولكن بما أن حيازة دائرةٍ مشتملة على تقسيم الدرجات إلى دقائق والدقائق إلى ثوانٍ، تتطلب نصفَ قطرٍ كبير بحكم الطبيعة كان من عادة فلكيي العرب أن يكتفوا بتقسيم الدقيقة إلى اثني عشر قسماً، فيدل كل قسم من هذه الأقسام على خمس ثوانٍ.
وكذلك كان العرب يقيسون ارتفاع الشمس بامتداد ظلِّ مِيلٍ على سطح أفقي، ويكون مثل هذا القياس دقيقاً عندما تكون الآلة المنصوبة عالية.
وتُلخَّص اكتشافات العرب الفلكية بما يأتي: إدخال المماس إلى الحساب الفلكي منذ القرن العاشر من الميلاد، ووضع أزياجٍ لحركات الكواكب، وتعيينٌ دقيق لانحراف سمت الشمس ونقصانه التدريجي، وتقدير مبادرة الاعتدالين بالضبط، وتحديدٌ صحيح لمدة السنة، وتحقيق لشذوذ أعظم عرض للقمر، وكشف للاختلاف القمري الثالث المعروف بالاختلاف في الوقت الحاضر، والذي قيل إن تيخو براهه اهتدى إليه في سنة ١٦٠١ م لأول مرة.
المرجع// كتاب حضارة العرب - لـ غوستاف لوبون، ترجمة: عادل زعيتر، مؤسسة هنداوي للنشر والثقافة القاهرة - مصر ، ٢٠١٢ م.
من مراصد علم الفلك
1- مرصد الشمالية: أسسه الخليفة العباسي المأمون في بغداد سنة 829م، وألحقه ببيت الحكمة وجعل عليه الفلكي سند بن علي، ومن إنجازاته حساب قطر الأرض بدقة متناهية، واصدار جداول حسابية لمواقع الكواكب والنجوم.
2- مرصد مراغة: تأسس عام 1259م في مدينة مراغة ببلاد فارس، وبني على أيدي علماء الفلك نصير الدين الطوسي، ومحي الدين المغربي، وعلي نجم الدين الإسطرلابي، ومن أهم انجازاته تصحيح النموذج البطلمي في مركزية الأرض، وإعداد سجلات رصد تتضمن حسابات دقيقة.
3- مرصد أولوغ بيك: بناه الأمير أولوغ بيك في مدينة سمرقند سنة 1424م وهو مكون من ثلاثة طوابق، وصمم ليكون على هيئة دائرة موازية للأرض بقطر 46 مترا وارتفاع 30 مترا، وضم المرصد آلة سدس هائلة بطول 60 متراً، ومن انجازاته تحديد مواقع 992 نجماً، وقياس طول السنة الشمسية بدقة فائقة.
4- مرصد القطامية: تأسس سنة 1905م على هضبة المقطم على ارتفاع 476مترا فوق سطح البحر، ويقع شرقي القاهرة بمرآة قطرها 185سنتيمترا ، ويحتل مرتبة خاصة لكونه مطلا على قبة السماء في النصف الشمالي، ومن أهم انجازاته أتاح مجالا للرؤية لا تتوفر عند المراصد الأوربية بسبب موقعه..
5- مرصد قبة السيار: هو الأول من نوعه في تاريخ الحضارة الإسلامية، بناه الخليفة المأمون فوق هامة جبل قاسيون في سوريا سنة 831م وكان مكفولا بميزانية ضخمة مدفوعة من خزينة الدولة، ومدعما بأحدث آلات الرصد، ومن انجازاته أوجد جداول فلكية مبنية على أرصاد حديثة للشمس والقمر..