أكثر مفاهيم التقوى وضوحاً

أكثر مفاهيم التقوى وضوحاً
مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - كثير من الناس، بل إن عامة الناس يجازفون بإصدار الأحكام على الآخرين، بدون وعي وبعدم تقدير عواقب الأمور، وهذا بسبب عدم تكوين واكتمال الرؤية الأدبية والفقهية بشكل دقيق في أذهانهم وقلوبهم، فتكون نتيجة ذلك ارتكابهم الإثم وظلم الآخرين، وظهور بعض ردات الفعل غير المقبولة في المجتمع، ومن أمثلة ذلك في اعتقادهم أن من يرونه يصلي في المساجد، بأنه شخص تقي! أو صاحب تقوى، وهذا خطأ جسيم، لأن التقوى موقعها باطن القلب ولا يستدل عليها بالصلاة، وإنما بإسلوب الشخص في المعاملة والسلوك والسمعة، ولو كان كل من دخل في المسجد وواظب على الصلوات فيه تقيا وورعاً، لما اكتشفنا من بينهم الخونة والفاسقين والمنافقين واصحاب السيئة الذين اكتشف أمرهم بعد انخراطهم بين المصلين في المساجد، ولكن المكان الوحيد الذي يحتضن التقوى هو القلب وليس الأرجل والأعين ولا تلك الابتسامة ولا غيرها، وما يدل على التقوى هو صدق المعاملة والاخلاص في العمل، فكثير من الناس الذين لم نسمع عنهم ارتكاب المعاصي ولا الفسوق ولا الفجور ولا المحرمات ولا الخيانة ولا الغدر، لم نعتاد على مشاهدتهم في المساجد، لكونهم كانوا يعتزلون البشر ويصلون في بيوتهم ويعبدون الله حق عبادته.. ومن هنا قال أهل العلم والفقه والحكمة:
أن التقوى : ما قرن شيء إلى شيء أفضل من إخلاص إلى تقوى ، و من حلم إلى علم ، و من صدق إلى عمل ، فهي زينة الأخلاق و منبت الفضائل...
ومن معاني التقوى ودلالاتها في القرآن السنة : الكرم  قال تعالى{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم }، ولذلك فإن التعارف بين الشعوب والقبائل العربية من الكرم والكرم جزء من التقوى.. والتقوى مركزها القلب .. 
وكثير ممن يعيشون بيننا ونراهم في المساجد ونعرف أن يواظبون على الصلاة إلا أنهم لا يعيرون احترام الناس اهتماما وليس لديهم رغبة في التعارف الاجتماعي والاخلاقي ونلمس في سلوكهم الكبرياء على الناس وابناء مجتمعهم..
فالتقوى شيء عظيم ومرتبة عليا من مراتب ودرجات الإيمان، ولم يرد بأن أهل التقوى بينهم منافقين وخونة وفاسقين، لأن للتقوى معاني ومفاهيم جليلة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (( التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل )).
فالتقوى: 
 تعني الشيء الكثير ، فالتَّقْوَى: لُغَة الاتقاء وَهُوَ اتِّخَاذ الْوِقَايَة. وَاصْطِلَاحا الِاحْتِرَاز بِطَاعَة الله تَعَالَى عَن عُقُوبَته، أي إتقاء معاصي الله عز وجل ومقرها في القلب، وهي سفينة النجاة يوم القيامة وهي التزام طاعة الله وطاعة رسوله، وهي اتباع نهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته بالتزام ما فرضه الله واجتناب ما حرمه الله. ولا يبلغ الإنسان التقوى إلا بعد أن يدخل الإسلام ويتعلم القرآن وأحكامه ويستعرب لسانه فيزادد تفقهاً في الدين حتى يصير مؤمنا صالحا ثم تقياً فيكون حريصاً كل الحرص على ألا يرتكب معصية كبيرة أو صغيرة ..
ومن البيدهي جدا أن لا تجد أهل التقوى إلا بين العرب والمتعربين ممن تعرب لسانه وتفقه في الدين.. لأن الطريق إلى بلوغ التقوى هو الإسلام ثم لغة الإسلام ثم الإيمان..
ومفهوم التقوى لا ينحصر أبدا لأنه مفهوم واسع وشامل، في الإسلام التقوى هي سفينة النجاة يوم القيامة وهي التزام طاعة الله وطاعة رسوله، وهي سلوك طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وتكون بالتزام ما فرض الله واجتناب ما حرم الله سبحانه وتعالى، إن التقوى هي أداء الواجبات والفرائض واجتناب المحرمات، فمن التزم بها كان من أحباب الله وأحباب النبي صلى الله عليه وسلم..
- مركز التقوى: القلب وهي أعم وأشمل من الايمان والإيمان أشمل من الإسلام..
ومحبة العرب إيمان وهي جزء من التقوى، والتقوى تكون منقوصة إذا كان في القلب بغضاء للعرب، لأن حب العرب من حب نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم..
ومن المفاهيم الخاطئة اعتقاد العامة بأن الصلاة هي التقوى ولذلك هم يرددون ما جاء في الحديث النبوي: " لافرق بين عربي أو أعجمي ...  ولكن هناك فرق كبير، إذا انعدمت التقوى، لأن الفرق مشروط بها .
فما هي التقوى..؟
التقوى كما وصفها علي بن أبي طالب إنّ من أجمل ما قيل في التقوى كلمات للصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ إذ يَصفُ التقوى حينما سأله أحدهم عن التقوى، فأجاب: (هي الخوفُ من الجَليل، والعملُ بما في التنزيل، والاستعدادُ ليوم الرَّحيل) فقد وصف -رضي الله عنه- التقوى على أنّها الخوف من الله تبارك وتعالى، وهذا الخوف يَستلزمُ عبادته سبحانه حقَّ العبادة وحده لا شريك له، والعمل بما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة من أوامر، والابتعاد عما فيهما من نواهٍ وزواجر؛ فما ورد في السنّة من أوامر ونواهي لا تَقلّ في الأهميةِ وفي الاستدلال الشرعي عن الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى يقول عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، ثم يُنهي -رضي الله عنه- وَصفه للتَقوى بالاستعداد ليوم الرحيل، فالإنسانُ راحلٌ عن هذه الدنيا لا مَحالة، والراحلُ لا بُدَّ له أن يتزوّد لرحلته، ومن التقوى أن يتزوّد الإنسان بالطاعات ويكثر من النوافل والعبادة، وكلِّ ما من شأنه أن يُعينه في رحلته.
علامات التقوى :-
للتقوى علاماتٌ كثيرةٌ يتصفُ بها المُتَّقون، ومن أهمّها ما يأتي:
 تعظيم شعائر الله.
 بذل المال في سبيل الله.
 المداومة على ذكر الله.
 ترك المنكرات والابتعاد عنها.
 التواضع وحُبّ الخلوة للتفكُّر.
 الحذر من الانحراف والزّيغ.
 إقامة العدل والبعد عن الظلم.
 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 الإيمان بالغيب. 
إقامة الصلاة. 
اليقين والإيمان التّام بالآخرة.
- الكرم والسخاء وجزيل العطاء  مميزات وخصال لا تجدها إلا عند العرب الأقحاح وأهل الإيمان والتقوى .. وأما المسلم الذي لم يدخل الإيمان إلى قلبه لا يعرف هذا الكرم ..  لأن الله سبحانه وتعالى جعل الكرم خصلة من خصال أهل التقوى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم }
وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ...  ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه )
تصحيح مفاهيم خاطئة للغاية:
من يعتقد أنَّ الإسلام لا يميز ولا يفرق بين العربي والأعجمي ؟ ولا بين عربي وآخر؟ ولا بين مسلم وآخر ؟! ومن يعتقد أن القومية العربية كفر وإلحاد أو عنصرية؟! فهو خاطئ..ومضل عن الحق.. تعال معي لحظة وتمعن رعاك الله..
[ الإسلام بلا عروبة: عوج واعوجاج .. والعربية تصحيح لهذا الإعوجاج].. ولنتمعن ونتفكر فيما يلي:
1- إنّ التقوى إيمان راسخ وهي شرط كبير للتفريق بين هذا وذاك وهذه التقوى درجة عالية من الإيمان لن يبلغها أي أعجمي ولا عربي إلاّ بفهم قوي للإسلام وهذا الفهم لن يصل له أعجمي إلا بعد أن يستعرب ويدخل في عداد العرب لغة ومعيشة وانصهارا وإن وصل لذلك فعلينا ألا نفرق بينه وبين العربي بسبب عرقه واصله أعجمي  وعلينا أن نعتبره واحد مننا مثل الصحابي سلمان الفارسي رضي الله عنه.
قال تعالى :قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. الآية 28 سورة الزمر، أي ان التقوى لن تكون بدون فهم القرآن الكريم بلغته ولسانه العربي المبين الذي لا عوج فيه، أي أن لسان غير عربي فهو أعوج لن يبلغ التقوى، فلعلك تتقي إن شاء الله ..
2- هذه جملة من الآيات القرانية الكريمة :
"لا وجه للمقارنة بين من يمشي مكبا على وجهه ومن يمشي على صراط مستقيم
المكب على وجهه: هو الذي لا يفهم معاني القرآن الكريم ولا يمشي وفق قواعد وأسس هذا الدين الحق ولا يعتمد على الله فهو لا يعرف التقوى ولا يعرف فضل العرب وتفضيلهم على الأمم ولا يعمل وفق أحكام القرآن الكريم التي وردت فيه لتنظيم امور الحياة وعدم تجاوز حدود الله فهذا القرآن الكريم حكما عربيا لا يتبع الأهواء والميول الشخصية بل قرآن منزل من عند الله لا عوج فيه وهو واضح مبين، والمكب على وجهه قد يكون عربيا أو أعجميا، ولكن من يمشي على صراط مستقيم هو شخص شرح الله صدره للإسلام وعرف فضل العرب على سائر الأمم فهو تقي خاشع لله يؤمن بما جاء به هذا الشرع قولا وعملا وهذا لن يبلغ الصراط المستقيم دون أن يفهم لغة القرآن الكريم ومفردات اللغة العربية سواء كان من العرب أو من العجم المتعربين.. لكن من يكون أعجميا يجهل لغة القرآن الكريم فالقرآن لسان عربي ولا يفهم إلا باللسان العربي المبين الذي لا عوج فيه .."
- إذا اتبعت غير العرب فذاك هو العوج بنفسه .. 
قال تعالى:
أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿ 22 ﴾ سورة الملك.
وقال تعالى:
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ﴿ 18 ﴾ سورة السجدة
(المؤمن والفاسق قد يكونان على دين الإسلام، لكن لا يستوون ابدا ..
وقال تعالى:
أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴿ 61 ﴾ سورة القصص
وقال تعالى:
أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴿ 19 ﴾ سورة الرعد
وقال عز وجل :
أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿ 35 ﴾.
وقال عز وجل :
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿ 162 ﴾
سورة آل عمران 
القومية العربية: أصلها مشتق من القوم، ونحن قوم عرب كسلالة فضلها الله على الناس إلى يوم الدين، وكلسان فهو لسان العرب كلام الله إلى يوم الدين، والقرآن الكريم حكما عربيا إلى يوم الدين..
قال تعالى:
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿ 2 ﴾ سورة يوسف 
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ ﴿ 37 ﴾ سورة الرعد
قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿ 28 ﴾ سورة الزمر..
- سؤال مهم.. من هم أهل التقوى..؟
الجواب من القرآن الكريم آية رقم 177 سورة البقرة 
هذه التقوى هي معيار التفضيل بين الأجناس المنتميين للإسلام
فمن هم أهل التقوى وما هي التقوى ( التقوى أعلى درجة في الإيمان )
درجة (1) مسلم درجة (2) مؤمن درجة (3) تقي 
وهذه الدرجات بشكل مختصر وهناك شكلا أوسع من ذلك.. فنكتفي بهذا
لو لاحظنا (وقد يقول قائل لماذا الصوم والحج غير موجودين) لأن الصيام ليس شرطا وكذلك الحج لماذا؟ 
لأن المرض والسفر والفقر قد تكون عائقا مؤقتا أو دائما لتحقيقهما ففيهما رخصة
ولأنه ليس على المريض حرج ..والحج مرهون بمن استطاع إليه سبيلا 
لكن التقي السليم من البديهي أن يصوم وأن يحج إن كان قادرا على ذلك..
الحلول التي نبحث عنها توجد في التقوى .. وهي سر النجاح .. 
يقول الله  سبحانه وتعالى:
 {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) } سورة الطلاق..
وفي ختام هذه المقالة أود أن أذكر القارئ بأن أفضل المساجد هي التي تأسست وبنيت على التقوي، وأن خير زاد المرء المؤمن هو زاد التقوى، ولباس التقوى ذلك خير ، وأن الله أنزل كلمة التقوى على المؤمنين وهم أحق بها وأهلها من غيرهم .. 


              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم