المغارات والكهوف

المغارات والكهوف
مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - نقرأ في هذه المقالة موضوعات تعريفية حول الكهوف والمغارات التي اشتهرت في تاريخ الحضارة البشرية بسب معين سواء كان سبباً دينياً، أو سبباً أثرياً وسياحياً، أو سبباً اجتماعياً، وهذه الكهوف والمغارات مختلفة من حيث التنوع والوصف والمواقع والفترات التاريخية، ولكن من المعلوم في التاريخ أن نحت المغارات أو الكهوف سواء بفعل الكائنات الحية أو بفعل عوامل الطبيعية فإنها كانت من ضمن الأماكن القديمة التي لجأ إليها الإنسان للسكن والمعيشة..
ولنبدأ نطالع هذه العناوين والتعريفات، ولكل باحث ودارس ومتابع فيما بعد القراءة من تكوين فكرة ما أو استنتاج موضوع معين، يمكن له أن يخوض فيه، ويمكن استخدام ذلك في انتاج كتب ومعاجم واطالس علمية وأدبية متنوعة الأهداف؛

1- الكهوف المقدسة: 

توجد في جزيرة كريت، حيث تعد أماكن مقدسة في حضارة مينوسية بجزيرة كريت، ويتفق معظم العلماء على أن الكهوف المقدسة كانت تستخدم من قبل المينويين للطقوس الدينية، والبعض الآخر للدفن. حيث تحتوي على تماثيل بشرية من الطين.

2- غار حراء، 

هو الغار الذي كان يختلي فيه رسول الله محمد ﷺ، قبل البعثة ونزول القرآن عليه بواسطة المَلَك جبريل، وهو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة على النبي. وغار حراء يقع في شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات في أعلى «جبل النور» أو «جبل الإسلام»، على ارتفاع 634 متراً، ولايتسع إلا لأربعة أو خمسة أشخاص فقط. يبعد مسافة 4 كم عن المسجد الحرام. وغار حراء هو فجوة في الجبل بابها نحو الشمال، طولها أربعة أذرع وعرضها ذراع وثلاثة أرباع، ويمكن لخمسة أشخاص فقط الجلوس فيها في آن واحد. والداخل لغار حراء يكون متجهًا نحو الكعبة كما ويمكن للواقف على الجبل أن يرى مكة المكرمة والكعبة (بعد إنشاء الطابق الثاني للحرم لم يعد ممكناً رؤيتها)، وأول آيات القرآن الكريم نزولًا كانت فيه مبتدئةً الوحي بآية: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١﴾ [العلق:1] من سورة العلق. 

3- غار ثور 

يقع في الجهة الشمالية من جبل ثور جنوب مكة المكرمة، وعلى بعد نحو أربعة كيلو مترات في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام. وهو الغار الذي أوى إليه النبي محمد ﷺ وأبو بكر الصديق وهما في طريقهما إلى المدينة المنورة في رحلة الهجرة النبوية، فدخلا فيه حتى إذا هدأ طلب قريش لهما تابعا طريقهما. يبلغ ارتفاعه 760 متراً عن سطح البحر.

4- كهف الرقيم، 

هو الكهف الذي رقد فيه الفتية المؤمنون الفارون بدينهم من الملك المضطهد دقيانوس. تعددت الآراء وتباينت حول موقع الكهف الذي رقد به الفتية، وبالنظر إلى الدلائل التاريخية والأثرية واستنادا إلى ما ذكر في القرآن يرجح الباحثون أن يكون كهف أهل الكهف هو كهف الرقيم الواقع في قرية الرجيب على بعد 7 كيلو متر شرق العاصمة الأردنية عمان، على بعد 4 كم شرق مبنى التلفزيون الأردني وعلى بعد 1.5 كم شرق منطقة أبو علندا.

5- مغارات مقدسة عند النصارى

1- مغارة الميلاد ببيت لحم - فلسطين: هو تمثيل خاص، لا سيما خلال موسم عيد الميلاد، من التحف الفنية التي تمثل مكان وقصة ميلاد يسوع. ودرجت العادة عند المسيحيين ان يبنوا بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح مغارة في البيوت والكنائس والمدارس والمستشفيات ومراكز التسوق خلال موسم عيد الميلاد، يعتبر تقليد المغارة أقدم من شجرة عيد الميلاد تاريخيًا، إذ كان تصوير مشاهد ولادة يسوع منتشرًا في روما خلال القرن العاشر، وكان القديس فرنسيس الأسيزي قد قام عام 1223 بتشييد مغارة حيّة، أي وضع رجلاً وامرأة لتمثيل مريم ويوسف وطفلاً لتمثيل يسوع مع بقرة وحمار المستمدين من نبؤة أشعياء حول المسيح، وانتشرت بعد مغارة القديس فرنسيس هذا التقليد في أوروبا ومنه إلى مختلف أنحاء العالم، وهي تمثل حدث الميلاد. ولاحقًا تم إضافة في تقليد المغارة المجوس الثلاثة والرعاة.
2- مغارة الصلاة جبل الزيتون: يقع جبل الزيتون أو قرية الطور والتسمية قديمة جداً من قبل أيام يسوع، وأصلها «طور زيتا» أي جبل الزيتون حيث طور بمعنى جبل؛ إلى الشرق من البلدة القديمة في القدس.
3- مغارة الجلجلة في جبل الزيتون

6- مغارات أخرى:

1- مغارة الدم تقع على جبل قاسيون بالقرب من مدينة دمشق، أعلى المغارة على سفح الجبل يوجد بقعة من الصخر يختلف لون حجارتها عن باقي حجارة الجبل بلون وردي، وقد زار المغارة العديد من الرحالة القدماء والباحثين، مثل أبو حامد الغرناطي، وابن جبير، وابن بطوطة، وابن طولون، أنشئ على المغارة مسجد صغير الحجم منذ ما يزيد ستة قرون وأعيد تجديده وترميمه عدة مرات كما ورد في اللوحات التي تؤرخ ذلك وموجودة ضمن حرم المسجد، وإلى جانب المبنى خزان قديم للماء يملأ تلقائياً عند هطول الأمطار، وفيه بُني مسجد كهف جبريل على يد أبو الفرج محمد بن عبد الله بن المُعلَّم عام 370 هـ حيث رأى الملك جبريل في المنام ومعه أمر من اللّٰه تعالى بأن يبني المسجد، الطريق إلى مغارة الدم وعر يتخلله بقايا درج أنشئ في عهود سابقة ويستغرق تقريباً ساعة من الزمن صعوداً ابتداءً من جامع الشيخ عبد الغني النابلسي بمنطقة ركن الدين بدمشق.
2- مغارة جعيتا تعتبر من أشهر كهوف ومغارات لبنان، وهي عبارة عن مغارة ذات تجاويف وشعاب ضيقة، وردهات وهياكل وقاعات نحتتها الطبيعة، وتسربت إليها المياه الكلسية من مرتفعات لبنان لتشكل مع مرور الزمن عالماً من القباب والمنحوتات والأشكال والتكوينات العجيبة. يعتبرها اللبنانيون جوهرة السياحة اللبنانية، وقد توالى على اكتشافها عبر التاريخ رواد أجانب ومغامرون لبنانيون، تقع مغارة جعيتا بوادي نهر الكلب التابع لقضاء كسروان وهي على بعد نحو 20 كلم شمال بيروت، وتتكون من طبقتين، الطبقة أو المغارة العليا والمغارة السفلى.
3- مغارة الزحلان في قضاء الضنية، هي عبارة عن مغارة طبيعية تحتوي على الكثير من الردهات والتجاويف والشعاب الضيقة والواسعة والهياكل والقاعات التي نحتتها الطبيعة وتحولت إلى سراديب أفقية وعمودية تتخللها المياه العذبة والمشبعة بالكلس. يقدر عمرها بملايين السنين وتتميز هذه المغارة بأنها عالم من القناطر والعقود والقباب المزخرفة بالمنحوتات والأشكال والتكوينات الطبيعية العجيبة
4- كهف أو مغارة سليمان، وكانت تُسمى في الماضي مغارة الكتان، هي مقلع للحجر الجيري الملكي تحت الأرض يمتد مساحته عشرين دونما، يمتد على طول خمسة مربعات سكنية تحت الحي الإسلامي في البلدة القديمة في القدس. حفّرت على مدى عدة آلاف من السنين وهي من بقايا أكبر مقلع للحجر في القدس، تمتد من مغارة إرميا وقبر الحديقة إلى أسوار المدينة القديمة، وللكهف له أهمية تاريخية كبيرة في الماسونية، يقع مدخل الكهف أسفل سور المدينة القديمة، بين باب العامود وباب الساهرة، على بعد 150مترا إلى الشرق من الأول. بعد مدخله الضيق ينحدر الكهف إلى فجوة تشبه القاعة بطول 90 مترا، وتتساقط عبر سقفها قطرات الماء.
5- مغارة بني عاد هي مغارة طبيعية تتواجد ببلدية عين فزة بولاية تلمسان في غرب الجزائر، هذه التحفة الربانية بمواصفاتها العالمية ونفائسها المزدهية وكنوزها الأثرية، التي تتوّج ناصية عاصمة الزيانيين، وهو ما خلب مخيالات مؤرخين مشاهير من قامة عبد الرحمن بن خلدون وابن أبي زرع، وشعراء بوزن ابن خفاجة، وابن الخميس.مغارة بني عاد تراث طبيعي يزاوج بين الإبهار والدهشة تقع 57 مترا تحت سطح الأرض، وتمتد على طول 700 متر ولها درجة حرارة ثابتة طوال العام (بحدود 13 درجة). وتعتبر أول مكتشيفها قبائل الأمازيغ الذين استوطنوا الجزائر.
6- مغارة عين الذّهب هي من أكثر المغارات المكتشفة في تونس إمتدادا إلى حدّ الآن، بطول يناهز 3000 متر، إذ لا تتجاوزها في تونس إلا مغارة المينة التي يتجاوز طولها 3200متر. تقع في جبل السّرج في وسط الجمهوريّة التّونسيّة الّذي يعتبر خامس جبال البلاد ارتفاعا، وحلقة من سلسلة الظّهير التّونسي وهي تسمية سلسلة جبال الأطلس في جزئها التّونسي.
7- مغارة هرقل هي مغارة تقع في مدينة طنجة بشمال المغرب. تمتد المغارة على مسافة ثلاثين مترا في بطن الجبل، ونسجت حول المغارة عشرات الأساطير التي تعود معظمها إلى الثقافة الإغريقية. لكن علماء الآثار يشكون من إهمال هذا الأثر التاريخي مما أدى إلى إغلاق الجزء الأكبر من المغارة وكاد ينتهي بها إلى الانهيار الكامل.

7- كهوف سياحية: 

وتنتشر في عدد من بلدان العالم كهوف جميلة تقع في جوف الأرض، وتمتاز بمناظرها الطبيعية الخلابة وتلازم الأحجار والمياه داخلها؛ مما يجعلها قبلة للسائحين والراغبين في اكتشاف خفايا الطبيعة وأسرارها.
وأوضحت الكاتبة باولا فراوليخ في مقال بمجلة نيوزويك الأميركية أن الطبيعة البدائية للكهوف تمتلك جاذبية خاصة، وقالت إنها تتمتع بسر غامض. قبل أن تستعرض أجملها وأشهرها:
1- كهف الماموث (الولايات المتحدة)
هو أطول كهف في العالم، ويقع تحت وادي النهر الأخضر، ويبلغ طول ممراته 643 كيلومترا، إلا أنه لم يكتشف بشكل كامل بعد. ويمثل الكهف موطنا للعديد من الحيوانات التي تعيش تحت الأرض، مثل الأسماك التي لا تمتلك عيونا، وسلمندرات الكهوف، وقريدس الكهف الأبيض.
الإمبراطور الروماني تيبيريوس كان يستخدم الكهف الأزرق بإيطاليا  للسباحة (مواقع التواصل)
الإمبراطور الروماني تيبيريوس كان يستخدم الكهف الأزرق بإيطاليا  للسباحة (مواقع التواصل)
2- الكهف الأزرق (إيطاليا)
يتجاوز طول هذا الكهف ستين مترا وعرضه 25 مترا، وكان الإمبراطور الروماني تيبيريوس يستخدمه سابقا للسباحة.
ويمثل الضوء الذي ينساب إليه من الفتحة الصغيرة في الخارج وانعكاسه على المياه الصافية ثم انكساره لبلوغ القاع الرملية بعمق يتجاوز 149 مترا؛ مصدر توهجه الفريد باللون الأزرق.
3- مغارة الشموع (فلسطين)
تعرف هذه المغارة باسم محمية مغارة سوريك الطبيعية، وتعد مرجعا مهما لتاريخ المناخ في منطقة البحر الأبيض المتوسط من خلال الأعمدة الهابطة ذات الكثافة العالية المكتشفة في الكهف.
4- الكهف الكريستالي (جزر برمودا)
تعد زيارة هذا الكهف تجربة سحرية تحت الأرض تشكلت في العصر الحديث، غير أن البشر وجدوها منذ نحو مئة عام فقط، ويشع سقفها بالبلورات الكريستالية والحجارة الكلسية، وتقبع بحيرة تحت مياهه العذبة والمالحة التي يتجاوز عمقها 18 مترا.
5- كهف الكريستال (المكسيك)
أوضحت الكاتبة أن هذا الكهف يبدو مثل ملاذ "سوبرمان"، ويحتوي على عدد كبير من الكريستالات الطبيعية التي عُثر عليها، ويصل طول بعضها إلى 11.8 متراـ وبسمك 3.9 أمتار.
ورغم جمال هذه التحفة الطبيعية، فإن اكتشافها كان محدودا للغاية بسبب العديد من الصعوبات اللوجستية، مثل ارتفاع الحرارة بسبب تواجده على فتحة بركانية وسد البلورات الكريستالية للممرات.
6- كهف فينغال (أسكتلندا)
يقع هذا الكهف داخل جزيرة غير مأهولة في أسكتلندا في أرخبيل الجزر الداخلية، ويتكون بشكل رئيسي من أعمدة صخور البازلت النارية سداسية الشكل، التي تشكلت بفعل تدفق الحمم في العصر الباليوسيني.
واشتهر الكهف بعد أن ورد اسمه في إحدى قصائد القرن 18 وظهوره في العديد من الأعمال الفنية والأدبية لعدة قرون.
7- كهوف وايتومو المتوهجة (نيوزيلندا)
تشكل نظام كهوف وايتومو منذ ثلاثين مليون سنة، وتشتمل على العديد من الجوانب الفريدة، مثل منطقة حجرية ضخمة تحت الأرض تعرف باسم "الكاتدرائية".
ويمثل غلوورم غروتو أبرز كهوف المنطقة، ويمكن لزواره السير داخل نهره الذي ينساب تحت الأرض، والاستمتاع بالديدان اللماعة التي تزين سقفه كما لو أنها نجوم براقة.
8- كهف شاندونغ (فيتنام)
يعد هذا الكهف الأكبر في العالم، بارتفاعه الذي يتجاوز 198 مترا وطوله البالغ 6.5 كيلومتر، إلى جانب الأعمدة الصاعدة التي يصل طول بعضها إلى 69.7 مترا.
وعثر على هذا الكهف رجل فيتنامي سنة 1991 قبل أن ينال شهرته العالمية سنة 2009.
9- كهف سكوكجان (سلوفينيا)
يندرج هذا الكهف ضمن قائمة منظمة اليونسكو للمواقع الأثرية، ويضم أحد أكبر الممرات في العالم، ويمثل موطنا للبشر منذ عصور ما قبل التاريخ، ويجمع العديد على أن هذا الكهف هو أحد أجمل الكهوف في العالم، ويضم بين ممراته صواعد وهوابط تجعل الزائر يشعر كما لو أنه في فيلم خيال علمي.
10-كهوف الرخام (تشيلي)
تقع هذه الكهوف المعزولة في بحيرة كاريرا العامة في قلب منطقة باتاغونيا في تشيلي، ولا يمكن الوصول إليها سوى باستخدام القوارب.
وتعكس أعمدة سوداء وبيضاء ألوان المياه ذات اللونين الأزرق السماوي والفيزوري للبحيرة التي تتغير حسب فصول السنة.
11- كهف قصبة المزمار (الصين)
يقع هذا الكهف شمال مدينة غويلين، ويعرف باسم "قصر الفنون الطبيعية"، ويزخر بالنقوش التي تعود إلى عهد سلالة تانغ الحاكمة.
12- كهف سكافتافيل الجليدي (إيسلندا)
أفادت الكاتبة بأن الكهوف الجليدية تعد ظاهرة طبيعية في إيسلندا، وقالت إنها تشبه في شكلها كهوف فيلم "فروزين" الشهير.
وتشهد هذه الكهوف تغييرات كثيرة، حيث يذوب الثلج في الصيف كاشفا عن ممرات جديدة، وتتجمد في الشتاء، وتحتوي بعض ممراتها على جدران رفيعة للغاية بشكل يمكن الزائرين من مشاهدة الشلالات المتجمدة تحت الأرض من خلال الجليد.
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم