السلام ممكن، ولكن بثمن

غرس وتحقيق وزرع السلام في أي بلد في العالم، هو أمر ممكن وهو ليس أمر غريب ولا مستحيل، ما دام الجميع لديه نية العيش كمجموعة من البشر مع بعضها البعض ضمن سلوك بشري آدمي مبني على المنفعة والفائدة والرقي، فالسلام ممكن وهو ليس خيانة كما يسميها البعض وليس غريب ولا عيب، ولكن للوصول إلى هذا السلام، فلابد من ثمن باهظ يجب أن يدفع من أجل الوصول إليه، وهذا الثمن هو التنازل المطلوب من قبل المتخاصمين، نعم لا يحدث السلام بدون تنازل عن فكرة، عن رؤية، عن أمرٌ ما، من شأنه تقريب وجهات النظر، لجذب السلام إليهم، وجعله أمرٌ قريب من التنفيذ، ليس هناك مسلم ولا كافر ولا حتى مشرك، يكره السلام ولا يريده، الكل يريد السلام، ولكن السبب في استمرار حالات الصراع هو التعنت والعناد والاعتماد على مبدأ القوة والارتكاز عليها مع الاستهتار والاستهانة بمطالب الخصم لضعف حيلته وقوته، فهذه هي الكارثة الحقيقية والخطر الفادح عند البشر، فحينما تموت وتنتهي هذه النظرة الاستعلائية السلبية، وينوي المتخاصمين بنية صادقة وصافية على دفع ثمن السلام من أجل تحقيقه فهو في هذه الحالة ممكن، نعم بكل تأكيد وثقة هو ممكن.
ولأجل السلام في العالم نضع هذا المقال، الذي يحمل أفكارنا في مدونة القافلة الفلسطينية.

أسس وقواعد ومبادئ فكرة السلام:

  1. الإيمان المطلق، بأن السلام أو السلم هو مهم جداً للحياة الإنسانية أو الآدمية أو البشرية، وهو من أول خصائصها.
  2. الاستعداد التام والصادق على دفع الثمن المناسب لاحلال السلام وتنفيذه.
  3. الاعتراف بالذنب، هي قاعدة أساسية لكل بشري خلوق واعي مثقف، لأن الاعتراف بالذنب هي العلامة الدالة على الإصلاح، وهي العلامة الدالة أيضاً على احترام حقوق وآراء الآخرين.
  4. القناعة بالرزق والأرض والحدود بأنها فانية زائلة وهي من زينة الدنيا للإنسان، وأن زينة الحياة الآخرة هي الأمل المنشود والهدف المقصود والطمع الممدود.
  5. الاستسلام لله وقدره وقضاؤه والامتثال لأوامره، على قاعدة بني آدم خليفة الله في أرضه، فعليه بالعدل والإحسان، لأن الظلم حرمه الله على نفسه وجعله بين الناس محرماً، وبذلك فإن السلام أو السلم يشمل جميع قيم العدالة في داخل المجتمع وفي خارجه، ليعم كافة شعوب العالم، وهذه من مهمات الرسالات الدينية جمعاء.

مفهوم السلام:

السلام هو اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه الذي سلم من العيوب والنقائص ووصفه بالسلام أبلغ في ذلك من وصفه بالسالم، ومن موجبات وصفه بذلك سلامة خلقه من ظلمه لهم ، فسلم سبحانه من إرادة الظلم والشر والعبث وخلاف الحكمة ومن التسمية به ومن فعله ومن نسبته إليه ، فهو السلام من صفات النقص وأفعال النقص وأسماء النقص المسلم لخلقه من الظلم ؛ ولهذا وصف سبحانه ليلة القدر بأنها سلام والجنة بأنها دار السلام وتحية أهلها السلام وأثنى على أوليائه بالقول السلام كل ذلك السالم من العيوب[1]

معاني كلمة السلام:

السلام ورد في القرآن الكريم على معانٍ : [2]

  1. منها السلامة
  2. ومنها التحية، وقد يأتي بمعنى التحية محضًا ،وقد يأتي بمعنى السلامة محضًا ،وقد يأتي مترددًا بين المعنيين كقوله تعالى: «ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا» ؛ فإنه يحتمل التحية والسلامة وقوله تعالى : Ra bracket.png سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ Aya-58.png La bracket.png [يس:58]
  3. ومنها أنه اسم من أسماء الله
  4. الإسلام ، من ذلك قوله سبحانه: «يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام»[المائدة:16]
  5. الثناء الحسن ،من ذلك قوله سبحانه: Ra bracket.png سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ Aya-79.png La bracket.png [ الصفات:79]، قال ابن كثير: مفسِّر لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن، أنه يُسلَّم عليه في جميع الطوائف والأمم؛ ونحو ذلك قوله تعالى: Ra bracket.png سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ Aya-109.png La bracket.png[ الصافات:109] ، قال الشوكاني: السلام: الثناء الجميل. وقد يراد بالسلام في هاتين الآيتين ونحوهما: السلامة من الآفات والشرور، وهو قول في تفسير الآيتين ونحوهما.
  6. الخير ، ومن ذلك قوله تعالى: Ra bracket.png وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا Aya-63.png La bracket.png [ الفرقان: 63] ، قال الطبري: إذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول، أجابوهم بالمعروف من القول، والسداد من الخطاب. وقال مجاهد: قالوا سداداً من القول؛ ونحو هذا قوله سبحانه: «فاصفح عنهم وقل سلام»، قال ابن كثير: لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيء، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلاً وقولاً.

أمثلة إسلامية لمفهوم السلام:

  1.  وثيقة المدينة النبوية في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: وفيها أسس النبي صلى الله عليه وسلم أول مجتمع إسلامي مدني، آخى فيه بين المهاجرون والأنصار، ووثق عرى التعاون المدني مع المجتمع - سكان المدينة - على أساس العدل والمساواة والتعاون، فكان هذا أول دستور في الإسلام.
  2. صلح الحديبية في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
  3. العهدة العمرية أثناء فتح بيت المقدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

================
[1]،[2] ويكيبيديا الموسوعة الحرة


              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم