السلات البشرية في العالم وأنسابها

يقول الله سبحانه وتعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [ الروم: 22]
تنقسم السلالات البشرية في العالم إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي القوقازية والمغولية والزنجية وتضم كل واحدة منها مجموعة من السلالات الفرعية على النحو التالي:
  1. السلالة القوقازية: وتشكل 50 % من عدد السكان في العالم وتشمل: حوض البحر المتوسط ومن ضمنهم العرب في شبه الجزيرة العربية وغرب آسيا و قارة أوربا و شمال القارة الافريقية، ومن أهم خصائصهم بشرة بيضاء إلى قمحية ضاربة للحمرة أحيانا، والشعر متموج والشفاه رفيعة والأنف الطويل وضيق ومقوس والعيون زرقاء إلى بني غامق، وتنتشر فيهم صفة الصلع والشيب المبكر ويقول كارلتون أن السلالة الشقراء في اووربا لا يزيد عمرها عن 10 آلاف سنة [1]
  2. السلالة المغولية: وتشكل 40% من عدد السكان في العالم وتشمل شرق والجنوب الشرقي من آسيا، لتضم الصين واليابان ومنغوليا ومنهم الهنود الحمر، ومن أهم خصائصهم البشرة الصفراء والعيون المنحرفة الضيقة والشعر المسترسل أسود اللون في جذوره حمرة ولا يشيب شعرهم إلا إذا طعنوا في السن ولا يصيبهم الصلع والأنف القصير والمفلطح والمعكوف.
  3. السلالية الزنجية: وتشكل 10% من جملة سكان العالم، وكانت سلالتهم تتركز في وسط القارة الافريقية حول الدائرة الاستوائية، وينقسمون إلى زنوج السودان والبانتو والنيليون والأقزام والبوشمن والهوتنتوت والاستراليون الأصليون وقبائل الفدا جنوب شرق الهند، ومن أهم خصائصهم البشرة السوداء الداكنة والشعر المتجعد والشفاه الغليظة والأنف العريض.
أنساب السلات البشرية في العالم:
كانت قارات العالم متصلة ببعضها قبل الطوفان العظيم، الذي وقع في عهد سيدنا نوح عليه السلام، ثم وبعد انتهاء الطوفان أمر الله الأرض أن تتشكل وتستقر على ما هي عليه الآن ولله حكمة في ذلك سبحانه وتعالى، فكان سكان الأرض من بعد الطوفان كلهم من ذرية من كان بالسفينة من الناجون مع نوح حتى الطيور والحيوانات، وجعل الله ذلك آية للناس لعلهم يتفكرون، وأمرهم عز وجل أن ينتشروا في الأرض ويسعون في مناكبها حيث قال عز وجل:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك: 15] وكلمة مناكب جمع منكب وتعني كل موضع ارتفع عن الأرض، وكذلك هي طرقها وفجاجها وجوانبها فهي كلمة شاملة كاملة جامعة وذلك بعد أن جعل الله الأرض ذلولا للبشر، وكلمة الذلول تعني الطريق الممهدة سهلة الاجتياز وذلك لأنها كانت صعبة قبل ذلك فسبحان الله العظيم.
فمن هنا سار الناس في مناكب الأرض الذلول يبحثون عن رزقهم فيها، فهم جماعات من الذكور والإناث، ليعيشوا حياة جديدة متوزعة في مناكب الأرض وفجاجها وطرقاتها الجديدة وهضابها ومرتفعاتها التي تشكلت بعد الطوفان ولم يروها من قبله.
فبعد الطوفان تنوع مناخ الأرض وتنوعت درجة حرارته بعد ان كانت واحدة ومناخها واحد قبل الطوفان، ولذلك بدأت تظهر تغييرات فسيولوجية على كل جماعة من البشر اختاروا منكبا من مناكب الأرض ليعيشوا فيه.
فكان أجداد البشر الجدد بعد الطوفان مختلفون عما كان قبله:
قبل الطوفان كانت لغتهم واحدة ولونهم واحد وبيئتهم واحدة  ومناخهم واحد، لكن بدأ التغيير يطرأ على هذه الجماعات بعد توزعهم في الأرض وانتشارهم فيه، حيث استقرت كل جماعة في مكان ما من مناكب الأرض لتتغير أجسامها ولهجاتها ولغاتها، حيث أخذ هذا التغير يتكون في الأجنة في بطون أمهاتهم نتيجة تغير أحوال المناخ وطبيعة الغذاء، فلا تعود كل سلالة من هذه السلالات إلى جد واحد بعينه لأنهم لم يكونوا ثلاثة أشخاص فقط لنقول سام وحام ويافث بل انهم انتشروا فوق الأرض جماعات متعددة كلهم كانوا لونا واحدا، ولكن الحقيقة هي :
أن سكنت كل جماعة في بيئة معينة فتكاثرت فيها وبدأ التغير الفسيولوجي يظهر في مواليدهم بعد فترة معينة من الزمن لتعرضهم لظروف بيئة خاصة ففي المناخ البارد ظهرت السلالة البيضاء وفي المناخ الحار ظهرت السلالة السوداء وفي المناخ المعتدل ظهرت السلالة المعتدلة ما بين البياض والسواد ومن هنا تعددت السلالات البشرية وهذه ارادة الله سبحانه وتعالى جعلها سببا في تعدد ألوان الناس واختلاف ألسنتهم، وفضل بعضهم على بعض فكان خير الأمور أوسطها وهم العرب ففضلهم على غيرهم في كل شيء ولله الأرض من قبل ومن بعد وله في خلقه شئون.
نسب سكان الأرض إلى أبناء نوح ( سام ويافث وحام ) لا يعني أنهم ثلاثة ألوان أو ثلاثة سلات مختلفة، لكن ربما كل مجموعة بشرية تنسب لرجل منهم استوطنت منطقة معينة فترة من الزمن ثم بدأت تظهر عليها فيما بعد اختلاف فسيولوجي لينتقل للأجيال بالوارثة، وقد ذكر النسابة الصحاري[2] رواية في ذلك أحببت أن أنقلها فقال :
عن حام بن نوح:
وروى الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما رَقَدَ نوحٌ في السفينة انكشفت عورَتُه فنظرَ إليها أهلُ السفينة فاستحبوا أن يَسْتُرًوه ولم يَجترئ عليه أحدٌ بذلك لمكانه من الله عزّ وجلّ، فنظر إليه أبنُه حام فضَحِك ولم يَسْتُره، فلما نظر إليه سام قام وسَتَرَه عليه ثيابه، فأوحى الله إلى نوح بذلك، فقال نوح لحام: يا حام نظرت إلى عُرَّانا فلم تَسْتُرني وقد بدت عورتي إلى الناس؟! كَشَفَ الله عَوْرَتَك وعَوْرَة وَلَدك من بَعْدِك. وجعلهم عُرَاةً يكونون ما بقى منهم أحد. وأذلهم لَوَلَدِ سام، وجعل الله المُلْكَ والنبوة في ولد سام إلى يوم القيامة. فاستجابَ اللهُ له فلم يَجْعَل مِن ولد حام ولا يافث نَبيَّاً، ولا يجعله إلى يوم القيامة.
وعن سام بن نوح :
ونزل بنو سام المَجْدل سُرّة الأرض وهو وسطها الحَرَمُ وما حوله. وهو بين المَقْدِس والنِّيل ودجْلَة والفُرات وسَيَّحان وجَيَّحان وفيشوُن، وذلك ما بين فيشون شرقي النيل، وما بين مَنْخَر ريح الجنوب إلى منحر الشمال، وما بين ساتيل ما البحر، وما بين اليمن والشام، واليمن كله وحَضَرَمَوْت إلى عمان إلى البحرين إلى عدن وبيرين ووَبَار، والدُّو، والدَّهْناء. وكانت أخصب بلاد العرب. لأن نوحا عليه السلام كان قد قَسَّم الأرض في حياته بين أولاده الثلاثة سام وحام ويافث، فكان أولاد سام ينزلون هذه البلاد، وجعل الله فيهم النُّبُوّة والكتاب والجمال والأدمة والبيَاض فيهم.
وعن يافث بن نوح:

ومن ولد يافث بن نوح ملوك الأعاجم كلها من الترك والخزر وغيرهم، والفرس الذين آخر من مَلِكِ منهم يَزْدَ جْرد بن شَهْريَار ابن أبْرَوِيز، ونسبه ينتهي إلى جومر بن يافث بن نوح قال ويقال أن قوما من ولد لاوذ بن سام ابن نوح وغيره من اخواته نزعوا إلى جوهر هذا بن يافث فدخلهم جومر هذا في نعمته ومُلْكَه. وأن منهم ماذي بن يافث وهو الذي تنْسَب إليه السُّيوف الماذَية، قال: وهو الذي يقال إن كيرش الماذوي من وَلَدِه. قال ونزل بنو يافث الصفون مجرى الشمال، والصَبَا وأخلى الله أرضهم، فاشتد بَرْدَها، وأخلى الله سَمَاءَهم فليس يجري فوقهم شيء من النجوم السبعة الجارية، لأنهم صاروا تحت بِنَات نَعشْ والجَدْي. والفَرْقَدَيْن. وابْتُلُوا بالطاعون، فجعل الله فيهم الحُمْرَة والَّشقْرَة، وعِظَم الوجه وصِغَرَ العينين.( الأنساب، الصحاري، الموسوعة الشاملة)

المراجع
[1] السلالات البشرية الحالية، كارلتون وادوارد، ترجمة الدكتور محمد غلاب، 1975م
[2] الأنساب، للصحاري، الموسوعة الشاملة

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم