عن جذور العرب

 عن جذور العرب نتحدث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين..
نحن كـعرب دائمي البحث والتقصي حول كل كبيرة وصغيرة في تاريخنا وأعماق جذورنا، دائما وأبدا نقول "هل من مزيد" واللهم زدني علماً، واطلاعاً على تاريخنا العميق.. لما فيه من التشويق والاثارة لأن الله فضلنا على سائر الأمم، وجعل فينا خاتم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وجعلنا خلفاء الله في الأرض، وشهداء على الناس، وجعل منا سيوفه في الأرض، وحملنا الأمانة التي لم تستطع الجبال أن تحملها، فكنا خير أمة أخرجت للناس، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، وجعل الله سبحانه وتعالى لغتنا ولساننا العربي لغة هذا الدين ولسانه لا تجوز القراءة إلا به.. فحفظ الله لغتنا وعرقنا وبارك الله في نسلنا وذريتنا.. وجعل الله منا أكثر الأمم تقوى وإيماناً بالله..

ومن أجل ذلك، وغيره مما نعلمه ولا نعلمه، تجدنا دائماً نفكر ونبحث ونستكشف ما أمكن عن أصل عروبتنا ومنبت جذورنا.. وقد رأينا اليوم أن نقتبس أهم ما ذكر حول أصل العرق العربي ومبدأ نشأته.. ووما قيل في ذلك:

1- قيل أن كلمة عرب اشتقت من اسم جدهم يعرب، وهو ايضا مختلف فيه حيث قيل هو ابن قحطان وقيل ابن إسماعيل، والصحيح أن قحطان من ذرية إسماعيل عليه السلام

2- قيل إنما اسم عرب نسبة إلى موطن العرب وهي العربات وهي مكة [1]

3- قيل إن كلمة عرب مشتقة من الفعل يعرب أي يفصح في الحديث، وسموا عرباً لفصاحة حديثهم ولسانهم.

4- قيل إن اسمهم اشتق من كلمة سامية قديمة بمعنى الغرب (أي نسبة للجهة الجغرافية)

5- قيل أن كلمة عرب اشتقت من الكلمة العبرية أرابا والتي معناها الأرض الداكنة والأرض المغطاة بالكلأ

6- قيل أن أقدم نص وردت فيه كلمة عرب هو نص آشوري يعود لعام 853 ق. م أي قبل الدعوة الإسلامية بنحو 1500 سنة، وورد أقدم ذكر عربي لهذا الاسم (عرب) سنة 328م، أي قبل الدعوة الأسلامية بنحو 200 سنة فقط..

7- قيل أن كلمة عرب تعني أرض القفر والجفاف أو بمعنى البداوة، ويعني أن كلمة عرب بمعنى بدو .

فما هو الرأي الراجح في أصل العرب وسبب تسميتهم بهذا الإسم، ومن هو جد العرب عرقاً، أي من الأعراق هم، والاجابة على هذا السؤال نورد باذن الله وفق مصادرنا الشرعية فهي أقوى المصادر على الإطلاق، ومصدرنا الشرعي هو كلام الله سبحانه وتعالى: يقول عز وجل في كتابه القرآن الكريم، الذكر الحكيم وهو عالم الغيب سبحانه وتعالى:

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} [78: الحج] إبراهيم عليه السلام أبو العرب وأبو المسلمين وهو أطلق علينا لقب المسلمين لله، { واتخذ الله ابراهيم خليلاً} [125: النساء] { ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً } [67: آل عمران] وقال تعالى: { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيما } [54: النساء] وقال عز وجل { النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هديناه واجتبينا إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا } [58: سورة مريم] ذرية آدم عليه السلام - وذرية من كان مع نوح - وذرية إبراهيم عليه السلام - ذرية إسرائيل - وممن هداه الله ، وعبادتهم لله السجود له والخشوع. وتقع ذرية العرب ضمن ذرية إبراهيم عليه السلام لأن العرب من عدنان وقحطان هم أولاد سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وهم جميعا كانوا مسلمين وعلى دين أبيهم أبراهيم صلى الله عليه وسلم، وقد اقترن اسمه مع اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قراءة التشهد في كل صلاة " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد".

ومن خلال الآيات الكريمة السابقة، يفهم فهما واضحا أن العرب هم أبناء سيدنا إبراهيم ومن ذريته وعلى دينه، وهم من صلب ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام، والله عز وجل ذكر أن من عبادتهم السجود لله وأن إبراهيم خليل الله سماهم من قبل المسلمين، ولا توجد عبادة فيها سجود لله اليوم إلا الإسلام، وهو الدين المقبول عند الله، وذكر الله سبحانه وتعالى أن سيدنا إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانياً وإنما كان حنيفا مسلما ولم يكن من المشركين، والله سبحانه وتعالى لم يقسم العرب إلى أقسام أو طبقات ولم يشير القرآن الكريم إلى جنس العرب إلا من خلال اسم الأعراب، وأما كلمة عرب فقد وردت في القرآن الكريم دلالة على اللغة واللسان، حيث وردت (11) مرة مضافة إلى القرآن ومنها : { قرآناً عربيا - حكما عربيا - لسان عربي مبين } وأما كلمة الأعراب فهي الكلمة الوحيدة التي أشارت إلى العرق في قوله عز وجل : { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب } [120: التوبة] أي أن الأعراب من أهل المدينة وما حولهم، حيث قال الله سبحانه { ومن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة } [101: التوبة] مرة قدم أهل المدينة على الأعراب ومرة قدم الأعراب على أهل المدينة، وقد وردت كلمة الأعراب في القرآن الكريم (10) مرات وذكر الله سبحانه وتعالى أن منهم منافقون ومنهم مؤمنون وهو شرح لحالة السكان جميعا في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة الإسلامية، ومنهم من يتخلف عن الجهاد ويراد بهذه الكلمة سكان المدينة وما حولها من العرب.

وعليه فإن العرب والأعراب كلمة واحدة وعرق واحد، لسانهم ولغتهم العربية، كما ورد أيضا في القرآن الكريم كلمة بدو مرة واحدة في سورة يوسف، قال تعالى : { وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿ 100 ﴾} [ سورة يوسف] وتشير كلمة البدو في هذه الآية إلى المكان الذي كان يسكن فيه آل يوسف عليه السلام.

ومن هنا فإن العرب كجنس هم عرق من ذرية إبراهيم عليه السلام، وكلسان ولغة فلسانهم هو العربية، وليس هناك دليل شرعي في القرآن الكريم ولا الحديث الشريف ما يثبت صحة كتابات وأقوال أهل التوراة والأنجيل من أن العرب نسبة إلى يعرب "اسم شخص، ولا نسبة لاسم مكان، بل نسبة إلى اللسان الذين تحدثوا به ونزل القرآن الكريم بهذا اللسان العربي المبين.

ومن الجدير ذكره في هذا المجال، ما ذكره مؤرخ الإسلام ابن كثير المتوفي سنة 774هـ، حيث قيل أن أول من تكلم بالعربية هود عليه السلام وقيل نوح عليه السلام، قيل بل هو آدم عليه السلام[2]، وقيل إن إسماعيل عليه السلام كان أول من تحدث العربية الفصحى، وإذا ما تتبعنا سلالة العرب فيمكننا أن نقر ونعترف بأن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو من ذرية نوح عليه السلام. وولد سيدنا إبراهيم في أرض الكلدانيين (أرض بابل) في العراق، وقيل ولد إبراهيم عليه السلام في غوطة دمشق، في جبل قاسيون، وقيل خرج إبراهيم عليه السلام من أرض الكلدانيين "كلدان" إلى أرض الكنعانيين " كنعان" ونزلوا حران ومات فيها أبو إبراهيم عليه السلام، وارتحل إبراهيم إلى أرض كنعان قاصدا بيت المقدس[3]، ومن المسلم به أن سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام ولد في أرض كنعان - (وكنعان ليس من حام كما يعقتد البعض خطأ.. بل هو من سام وذلك لأن الكنعانيين هم أحفاد العمالقة) -  قبل أن ينتقل إلى أرض مكة التي كانت صحراء لا حياة فيها، وكانت بيت المقدس أرض مباركة تنبت فيها الحنطة والزيتون والتين والعنب وبها أنهار وعيون وفيها المراعي الوفيرة. ومن هنا نخلص إلى أن موطن وولادة سيدنا إسماعيل في مساكن قومه القدماء ما بين أرض العراق والشام وهي أرض كلدان وكنعان وهم من أعقاب العرب العماليق أو العرب طبقة العرب العاربة كما يسميها بعض المؤرخين، وربما هم نفس السلالة العرقية التي ينتمنى لها قحطان الأولى على رأي السابقين، ونلاحظ هنا تقارب لغوي في أسمائها مما يعطينا صورة قوية حول وحدة لسانهم اللغوي فالأسماء على وزن واحد: كلدان - كنعان - قحطان  - مديان  - عدنان وغيرها ويشابهها أسماء كثيرة موجودة في أنحاء البلاد العربية مثل:  لبنان، معان، عمان، حران، حوران، نجران وجيزان وعجمان، وبيسان وعسقلان وجولان وربما فلسطين هي فلوستان، وسوريا هي من سوريان، وكذلك ايضا مناطق جغرافية متقاربة مثل اليونان والرومان والبلقان ومن الأسماء التي وردت في القرآن الكريم: " لقمان، عمران، سليمان، هامان، وقارون وهارون وفرعون" فلا بد من وجود صلة وثيقة بين تلك السلالات القديمة ولغاتهم ، مع جذور السلالة العرقية للعرب فهي امتداد طبيعي لهم.

وقال المؤرخ طقوش:" إذا جاز لنا أن نوافق الإخباريين بتقسيم العرب إلى طبقة بائدة وطبقة باقية، إلا أننا لا نجد مبررا في إطلاق وصف عرب خُلّص على قسم من العرب وغير خُلّص على قسم آخر، وبخاصة أن جميع المصادر ترجع أصل العرب بشقيهم البائدة والباقية إلى سام بن نوح عليه السلام، ولم يفرق القرآن الكريم بين العرب في طبقاتهم، ولم يرد في الشعر الجاهلي ما يشير إلى تقسيم العرب قحطانية وعدنانية سوى أبيات قيلت في التفاخر بقحطان وعدنان، ثم إن هذا الشعر لا يرقى إلى عصر الجاهلية الأولى، لأن معظمه قيل قبيل الإسلام، كما أن علماء الأجناس لم يلاحظوا فروقاً جسمانية بين القحطانين والعدنانيين، ولم يظهر هذا الانقسام في حياة النبي ولا خلال عصر صدر الإسلام، والخلفاء الراشدين، وإنما برز في العصر الأموي" [4].

هذا ويرجع مصادر ذلك إلى كتابات اعتمدت على التوارة وهذا من الواجب الشرعي الإسلامي لا يجوز، فقد أخبرنا إسلامنا أن تلك الكتب زيفت وانتهت صلاحيتها.. وكان قرآننا هو آخر الكتب السماوية وهو الدين المقبول عند الله، فكيف بنا نحن العرب مادة الإسلام أن نعتمد على مصادر زائفة ونحن نمتلك كتابا محفوظا وخالداً... وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم الرسل والأنبياء أجمعين..

المراجع:

[1] تاريخ العرب قبل الإسلام، إ.د محمد طقوش، الطبعة الأولى 2009م، ص25-27

[2] البداية والنهاية لابن كثير، ص86

[3] البداية والنهاية، المرجع السابق، ص 95

[4] تاريخ العرب قبل الإسلام، مرجع سابق، ص31

[5] القرآن الكريم

أكمل القراءة والثقافة ( من هم أجداد العرب

 

              

2 تعليقات

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم