الزٌّط وماذا نعرف عنهم ؟!

 من أخبار الزط:



أنهم كانوا قد تكاثروا في البحرين، بالقرب من بلاد الفرس وكان لهم وجود في البطائح بالبصرة من أرض العراق، وأنه يوجد منهم في أرض الحجاز وخاصة بالمدينة المنورة.

ولهؤلاء القوم عادات وتقاليد غريبة وخبيثة، وتذكر مصادر التاريخ أنهم كانوا يأججون الفتن ويذكون نيرانها، في كل موقع ينزلونه، فقد ورد في التاريخ أن أول فتنة شارك فيها الزط كانت في حروب الردة، وقد كان جزء منهم خدماً وعبيداً لدى قبيلة تميم، وكانوا سببا في اثارة الفتنة والقلاقل، وقد شارك الزط في واقعة الجمل سنة 36هـ، وشاركوا ايضا في الحملات العسكرية الداخلية، وفي عهد الخليفة المهدي (158-169هـ) شاركوا في حملة على بلاد الهند.

واشترك الزط في فتنة عبد الله بن الزبير، مما جعل الحجاج يهدم بيوتهم، وقد عمل بعضهم كسجانين.

وقد اتخذ الزط جانب علي بن أبي طالب رضي الله عنه (35 -40هـ) واعتبروا أنفسهم حظفة البيت، وقاتلوا مع عثمان بن حنيف والي المدينة، ومنهم 70 نفراً ادعوا الربوبية في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل أنهم قتلوا، وكان الزط سببا للحرب التي وقعت بين تميم والأزد في حوالي العام (64هـ).[1]

وكان الزط أول من عارض حكم بني أمية، فشاركوا ثورة عبد الله بن الزبير، وشاركوا في ثورة ابن الأشعث سنة 82هـ، ومارس الزط أعمالا من الشغب ضد بني أمية، مما أدى إلى إجلاء جزء منهم إلى سواحل سوريا، وقيل أن قسماً منهم كان قد نزل إلى أنطاكية عام 50هـ، وإليهم تنسب المحلة التي عرفت باسمهم (محلة الزط).

في العام 90هـ تقريبا وفدت جموع من الزط يقدر عددهم بنحو 8000 نسمة، في عهد الوليد بن عبد الملك، قادمين من السند، فنزلوا في واسط، وقد شارك الزط في قمع ثورة زيد بن علي زين العابدين رضي الله عنه، في عهد هشام بن عبد الملك (105 - 125هـ). كما اشترك الزط في الفتنة التي وقعت بين الأخوين المأمون والأمين وكثر عبثهم بانحاء البطيحة بالعراق، وشاركوا بأعمال نهب الطريق وبمعصية السلطان وشكلوا تهديدا على الدولة في بغداد، وأنه في العام 209هـ كان المأمون يحارب عبث الزط وتصكعهم. وفي العام 219 هـ وصلت حملة بقيادة بن عنبسة في عهد المعتصم لقتال الزط، وقتل منهم 300 رجل وأسر 500 آخرين وضرب أعناقهم واستمرت الحملة تتعقبهم عدة شهور، وقيل بأن عدد مشاغبي الزط كان نحو 12 ألفاً، وبعد هزيمتهم أمر المعتصم بنقلهم إلى الشمال قرب التخوم مع الروم، ومكثوا بأطراف الدولة نحو عشرين عاماً أي حتى عام 241هـ/855م ثم بعد ذلك وعلى إثر غارات الروم وأسرهم لأعداد كبيرة من الزط، وبعد هذا التاريخ بدأ الزط يعيشون في العالم البيزنطي وخاصة في أرمينيا، ما يزيد عن 200 سنة.

ثم بدأوا يندرجون مع السلاجقة الأتراك، ودخولهم إلى أوربا ويعيش جزء منهم في اليونان وفي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمجر، ولهم هناك عدة ألقاب وأسماء متقاربة وهم الذين يعرفون بالغجر، ومن عاداتهم وطبعائهم : " الشعوذة والسحر والعرافة، والغناء والرقص والموسيقى، وممارسة الألعاب البهلوانية، وهم لا يعرفون الخجل أو الحياء، وليس لديهم قيم مشرفة ليحافظوا عليها ..الخ"


كان هذا بعضاً من تاريخ الزط قديما، وأما عن تفسير اسمهم أو ما يطلق عليهم من ألقاب أو أماكن وجودهم حاليا، فنقول ما يلي:

1- إن كلمة الزط قيل إنها تعريب كلمة جت وهي طائفة من بلاد ما وراء النهر،  قال في اللسان: الزطّ: جيل أسود من السند اليهم تنسب الثياب الزطية. وقيل: هو معرب «جت» بالهندية، وهم جيل من أهل الهند. وقيل: هم جنس من السودان والهنود، والواحد: زطيّ، مثل الزنج والزنجي والروم والرومي. وقيل: الزط: السبايحة، وهم قوم من السند (كانوا) بالبصرة.[2]

2- الزط: هَذَا الجيل وَلَيْسَ بعربي مَحْض وَقد تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب. قَالَ الشَّاعِر : 

(فَجِئْنَا بحيي وَائِل وبلفها ... وَجَاءَت تَمِيم زطها والأساور)[3]

3- ومن الألقاب والأسماء التي قد تكون تطلق على هذه الفئة أو فئات متقاربة في سلوكها وطباعها وأصولها: " الزط - النًّور - الدوم - اللوري - الكاوليه - والغجر" وينتشر هؤلاء في كافة الاقاليم الجغرافية بنسب متفاوتة ومنهم:

57ألف في الإمارات العربية المتحدة، و30 ألفا في العراق، 40 ألفا في سوريا، و30ألفا في تركيا، 9 آلاف في أفغانستان. وحوالي مليون نسمة في البلقان، وفي أسبانيا نحو مليون ايضا، وفي تشيك واسلوفاكيا نحو نصف مليون. 

وهم وفق التوزيع الجغرافي الحديث عدة جنسيات ومنقسمون حسب البيئة التي يعيشون فيها، فمنهم مسلمون وكثير منهم مسيحية وآخرين يهود وآخرين لا دين لهم.

وأنا كباحث مهتم في دراسة تاريخ الإنسان، أتوقع ووفق ما اطلعت عليه من معلومات وكتابات متعددة، أنهم بالفعل ينحدرون من بلاد السند والهند وبلخ وما وقع من تلك البلاد تحت سيطرة الفتح العربي الإسلامي، مما مكنهم من التنقل في البلاد الإسلامية، وأن القسم الآخر الموجود في أوربا هم من اعقاب الشعوب البدائية في تلك البيئات ممن يعيشون في الجبال والأودية والغابات ونظرا لأن الإنسان يستمد عاداته وتقاليده من نظام معيشته وتكيفه في البيئة نجد أن من يحترف الرعي يتشابه في بعض العادات مع من يحترف نفس حرفته رغم بعد المسافات ومن يعمل في الصيد البدائي كذلك ومن يعمل في الزارعة ايضا، ولذلك كل الاحتمالات تؤخذ في عين الاعتبار فالإنسان كثير التنقل والتغير والتحول من بيئة إلى أخرى ويكتسب العادات واللغات مما يحيط به من المجتمع فهو يؤثر ويتأثر في أن واحد.. فالنظرية تقول أصل الحضارة بداوة.. اي تطور من البداوة إلى الحضارة، وكذلك فكثير من الشعوب البدائية تطورت واتسعت وشكلت ممالك وحضارات، وكثير من الحضارات القوية سقطت وهوت ولم يعد لها وجود.. ومن هنا لا اعتقد بأن الزط كلهم من سلالة عرقية واحدة، وإنما ينحدرون من عدة مناطق جغرافية مختلفة، منها الهند وباكستان وأفغانستان وإيران وكازخستان وقرغيزستان وأوزبكستان ومن أهم المدن الذين ينحدرون منها : سمرقند – بخارى – فرغانة – طشقند – خوارزم – مرو – ترمذ وهي مدن إحتك أهلها بالعرب كثيرا عن طريق الفتوحات..

المراجع:

[1] الزط والأصول الأولى لتاريخ الغجر، عبادة كحيلة، 1994م

[2] جمل من أنساب الأشراف، البلاذري المتوفي سنة 279هـ، ج2، ص228

[3] جمهرة اللغة لان دريد، تحقيق رمزي بعلبكي، طبعة 1987م، ج1، ص129


              

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم