معرفة النسب القريب فرض

﴿
﷽﴾
" إنّ معرفة صلة النسب القريبة للإنسان العربي المسلم، هي فرض وواجب حتى يكون بعيداً كل البعد عن المحرمات، التي تغضب الله، وتهلك الحرث والنسل، وتؤدي إلى النار، وعليه فإن هناك أمور في غاية الأهمية، يجب على الإنسان الالمام بها ومعرفتها معرفة يقينية، والبعد عن المشتبهات وكل أمر فيه شك، فليس هناك أفضل وأنجع من اليقين، ففيه راحة البال والطمأنينة والبركة أيضاً"
ولهذا النسب تاريخ قريب، هذا التاريخ إن كان فيه الكثير من المجهول والغامض، فينبغي تقصيه إن كان بالامكان وبقدر المستطاع، والبناء عليه بشرط ألا يكون ذلك مدخلاً من مداخل الفتنة والفضيحة، لأن الستر فرض فمن ستر مؤمنا في الدنيا ستره الله في الآخرة، والفتنة نائمة لعن الله من ايقظها، فالنسب وتاريخه ينبغي أن يعمل ويساعد على جمع القلوب وترسيخ الألفة والمحبة والتعاون على البر والتقوى، ويساعد في بناء وتأسيس المجتمع السليم والصالح.

الأمور التي يجب أن نعرفها في النسب :

(المحرمات عليك من النكاح) وتنقسم إلى قسمين 1- تحريم مؤبد مدى الحياة، 2- وتحريم مؤقت 
 قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:23}
- الأمهات: الأم محرمة حرمة مؤبدة، وهل هناك من يجهل أمه؟!، فالأم التي حملتك بين أحشائها والأم التي أرضعت، للأسف هناك البعض من الرجال لا يعرفون أمهاتهم للأسف الشديد وهم ممن ولدوا سفاحاً، ويعرفون باللقطاء وهم لا يعرفون أبائهم ولا إخوانهم، يعني هم لا يعرفون نسبهم، لأنهم ولدوا بطريقة الحرام، وقد يعيشون تحت رعاية مؤسسات خاصة، أو عاشوا في بيوت تحت بند التبني، وأحياناً تحت بند التستر خوفاً من الفضيحة والعار، ولكن الخوف من الله خشية غضبه وعقابه أولى، وستر المؤمن واجب، ولكن ليس على حساب حفظ الأنساب والجهل بالمحارم.
ولكن حتى في مجتمعنا العربي بشكل عام قد سمعنا في وسائل الإعلام قصصا لا يتقبلها المنطق العقلي ولا يتحملها انسان شريف، وحسبنا الله ونعم الوكيل، على كل مسؤول ساهم بنقل ثقافة المجتمعات الفاسدة واقحمها في بلاد العرب والإسلام، إلا أن ابن الأصل يبقى أصيلا ولا يهتز أبداً بثقافة الغرب والفاسدين.
وفي حالات خاصة: قد يعيش شخصا منذ طفولته في كنف والده، ولظروف خاصة كانت أمه مطلقة مثلا حينما كان رضيعاً، وحرمه أبوه من العيش معها أو حتى معرفتها والتعرف عليها وقد يكبر هذا الشخص وهو لا يعرفها، وهنا فمن الواجب معرفتها حتى وان كانت من العاصيات والفاسدات، ولكن طاعتها مشروطة في أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق حتى ولو كان ولي الامر.
- ابنتك: حافظ الإسلام حفاظا قويا وشديدا على طهارة النسل وشرفه، فحرم الزنا حتى يتم ضبط النسب والبقاء على سلامة النسل والذرية، وجعل للمرأة عدة في حالة طلاقها أو في حالة وفاة زوجها عنها، وهذه العدة للحفاظ على سلامة النسب وتحديده ليعرف كل رجل ذريته من الأولاد والبنات ويعرف كل اخ أخته وهكذا، لأن البنت محرمة حرمة مؤبدة، فعدة المرأة المطلقة غير الحامل أن تحيض ثلاثة مرات يعني أن يأتيها الحيض وتطهر منه مرة ومرة ومرة ممكن ثلاثة أشهر كالعادة، وممكن أكثر من ذلك فمن النساء من يتأخر الحيض لعدة أشهر فالعدة هنا مرتبطة بعدد مرات حدوث الدورة الشهرية "الحيض"، وعدة المرأة التي لا تحيض ثلاثة أشهر، وعدة المرأة المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام "130 يوما" فلا يحل لكل امرأة أن تتزوج قبل أن تنقضي فترة العدة، وذلك من أجل حفظ الأنساب.
- الإخوة والأخوات: يجب أن يعرف الإنسان جميع إخوانه سواء كانوا أشقاء أو اخوة له من الأم، أو اخوة له من الأب، وسواء كانوا اخوته بطريقة شرعية أو اخوة له بطريقة غير شرعية " والعياذ بالله"، فربما أراد شخص الزواج من فتاة، أو فتاة أرادت الزواج من فتى، لكن أبوه أو أبوها، رفضا هذا الزواج دون الافصاح عن سبب مقنع، فهنا على الابن أو الابنة الالتزام وقبول الرفض والانصياع له، فطاعة أوامر الوالدين في غير معصية الله فرض على الإنسان.
- الإخوة في الرضاعة: أخوك أو أختك في الرضاعة، لأنه يحرم عليك أن تتزوج أختك في الرضاعة، فهي محرمة عليك كأختك من أبيك أو أمك.
- أبناء وبنات الأخ: ابنة أخوك، فأنت لها العم وهي بمثابة ابنتك فهي حرام عليك، كما أنها من صلات رحمك، فتأثم على قطع صلة الرحم بها، فهي من الأقربين لك، وزيارتها والاطمئنان عليها واجب.
أبناء وبنات الأخت: وأنت لهم الخال، والخال والد، فهم من المحرمات حرمة مؤبدة، ويسري على جميع ما ذكرنا الكلام السابق.
- العمة: عمتك أخت أبوك هي من صلة رحمك، ومن ذوي القربى وزيارة وصلة الرحم واجب وفرض، والعمة محرمة حرمة مؤبدة عليك، ومن هنا يجب أن يعرف الإنسان عماته فهي من النسب الواجب معرفته.
- الخالة: أخت أمك، وهي من صلة الرحم، ومن المحرمات حرمة مؤبدة، وزيارتها والاطمئنان عليها واجب وفرض.
- أمهاتكم في الرضاعة:
ويجب ألا يجهل الإنسان أمه في الرضاعة، فهي محرمة حرمة مؤبدة وحالها هنا حال الأم.
- وأمهات نسائكم: يعني جدة أولادك، حماتك، ومن يسميها العمة، فهي محرمة عليك حرمة مؤبدة، وهي من صلة الرحم.
- الربيبة وجمعها الربائب: وهي بنت الزوجة من زوج سابق، فقد يتزوج الرجل بإمرأة مطلقة كانت متزوجة في السابق ولها بنت أو بنات، فتكون بنتها محرمة على هذا الرجل حرمة مؤبدة، سواء كانت هذه البنت تعيش مع أمها في بيت هذا الرجل، أو في بيت أبيها.
- جميع النساء الذين يرتبطن معك في سلسلة النسب هن محرمات عليك حرمة مؤبدة، مثلاً عمة عمتك، وخالة خالتك، وأم أمك جدتك، وأم أبيك "جدتك" وابنة بنت الأخ، وابنة ابنتك وهكذا.
يعني حرم الله سبحانه وتعالى على الرجل 
1- سبعا بالنسب من الأصول والفروع، مثل الأمهات، ويدخل فيهنّ الجدات، وإن علون من قبل الأمّ أو الأب، والبنات: ويدخل فيهنّ بنات البنات، وبنات الأولاد، وإن سفلن، والعمّات: ويدخل فيهنّ جميع أخوات الأب الشقيقات وغير الشقيقات، وكذلك جميع أخوات أجدادك، وإن علون، والخالات: ويدخل فيهنّ جميع أخوات الأم الشقيقات، وغيرهنّ، وكذلك جميع أخوات الجدات، وإن علون، سواء أكنّ جدات من الأب أم من الأم، والأخوات: سواء أكنّ من قبل الأب والأم، أو من قبل أحدهما، وبنات الأخ، وبنات الأخت، ويدخل فيهنّ بناتهنّ، وإن سفلن، وجملة ذلك: أنه يحرم على الرجل أصوله، وفروعه، وفروع أول أصوله، وأول فرع من كل أصل بعده: وفروع أول أصوله، هن: الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأخوات، وأول فرع من كل أصل بعده، هنّ: العمّات، والخالات، وإن علون.
2- سبعا بالمصاهرة: وحرّم كذلك سبعًا بالسبب: اثنتين بالرضاع، وأربعًا بالمصاهرة، والسابعة المحصنات، وهنّ ذوات الأزواج، والمحرمات بالرضاع، هنّ المذكورات في قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، وجملة ذلك: أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتثبت حرمة الرضاع بشرطين: الأول: أن يكون في الحولين- الثاني: أن يوجد خمس رضعات معلومات.

وأما المحرمات بالمصاهرة، فقوله: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ).

وجملة ذلك: أن كل من عقد النكاح على امرأة، تحرم على الناكح أمهاتها، وجداتها، وإن علون، من الرضاعة، والنسب؛ بسبب العقد نفسه.

وتحرم كذلك الربيبة، إن كان قد دخل بأمّها، والربيبة هي بنت امرأة الرجل، وسميت ربيبة؛ لتربيته إياها، قال تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)، أي: جامعتموهن، (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي: إن لم تكونوا دخلتم بهن - وقد عقدتم عليهنّ من قبل -، فيحل لكم نكاح بنات من عقدتم عليهنّ، ولم تدخلوا بهنّ.

ويدخل في الربائب بنات الزوجة، وبنات أولادها، وإن سفلن من الرضاع، والنسب بالشرط السابق، وهو أن يكون قد دخل بالأم، ومما يحرم كذلك زوجات الأبناء (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ)، فحليلة الابن، وهي زوجته، حرام على أبيه، ومما يحرم بالمصاهرة كذلك، زوجة الأب، والجد، وإن علا، فتحرم على الولد، وولد الولد بنفس العقد، سواء أكان الأب من الرضاع، أم من النسب؛ لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [النساء:23].

ويحرم الجمع بين الأختين، كما نصت على ذلك الآية الكريمة.

وألحقت السنة المتواترة بذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، ووقع الإجماع على ذلك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها. رواه الجماعة.

وحيثما حرم الجمع بين امرأتين، فطلق من كانت في عصمته طلاقًا بتًّا، أو رجعيًّا، وانتهت عدتها، جاز الزواج ممن حرمت عليه بسببها، إذا لم يكن ثَمّ مانع آخر، وكذا إذا ماتت.

ويحرم الزواج كذلك بالمرأة الملاعنة، وهي التي رماها زوجها بالزنى، وشهد على ذلك أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، وشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتشهد هي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فيفرق بينهما إلى الأبد، ولا يحل له نكاحها.

وفي الحديث الشريف: " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ وَمَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ " ومعنى ( الأثر ) : الأجل والعمر.

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم