الفقر وما قيل فيه عند العرب

 


تعريف الفقر: ليس الفقر هو الزهد وليس الفقر هو الجوع، وإنما الفقر : هو نقص في مقدرات الإنسان لا تفي بمتطلبات حياته العادية، وأما الجوع فله أسبابه وعوامله التي قد تكون طبيعية مثل الكوارث البيئية وقد تكون كارثة سياسية مثل الحروب وقد تكون مرضية نتيجة مرض مزمن وإلى غير ذلك. وأما الزهد فهو الاقلاع عن ملذات الحياة بشكل عام .. ومن هنا فإن للفقر مقاييس معينة تبعاً للعوامل الاقتصادية والاجتماعية..

فالفقر: هو العوز والحاجة .. وقيل الفقير من له مال ما دون النصاب أي غير ما يبلغ نصابا، أي قدر مائتي درهم أو قيمتها فصاعدا فاضلا عن حاجته الأصلية، سواء كان ناميا أو لا وهو الصحيح. فالصّحة والاكتساب لا يمنعان من دفع الصدقة إليه كما في الاختيار. والمسكين من لا شيء له من المال وعنه أي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنّ الفقير من يسأل والمسكين من لا يسأل وهو قول الشافعي رحمة الله عليه.

فاللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر، اللهم آمين..ونعوذ بك اللهم من العوز والفقر وقهر الرجال، اللهم آمين ..

الفقر .. له أنواع وهي ثلاثة رئيسية 

1) الفقر الاضطراي: هو فقر طارئ ينتج عن أسباب مؤقتة، ويتطلب الصبر والمثابرة 

2) الفقر الاختياري: باختيار الشخص لذلك، وهو راض ومقتنع واعتاد على العيش فيه.

3) الفقر الحقيقي: وهو الفقر الناتج عن أسباب حقيقية لامناص منها. وهو من المصائب.

ومن تقسيمات الفقر: (الفقر المطلق، والفقر المدقع، وفقر الرفاهية) 

تعامل الناس مع الفقر مختلف بين إنسان وآخر:

1) من الناس من يُكثر الشكوى والشكاية من ظروف معيشته وعوامل فقره وقلة حيلته، وقد قيل: "إن الشكوى لغير الله مذلة"

2) من الناس من يكافح بصمت ضد أسباب فقره، ولا يشتكي لأحد من معارفه وغير معارفه، فليجأ دائما وأبداً إلى الله، وهو غير محتاج للخلق مادام في رعاية الخالق..

3) ومن الناس من يبيع ويرمي ويتخلص من القيم والأخلاق، فيتوسل للآخرين بكل الطرق، بحجة الفقر ..والعياذ بالله..

الفقر، والاستعاذة منه؛ في السنة النبوية..

وقد ورد في السنة ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلِّمه أمته، وهو الاستعاذة بالله تعالى من الفقر؛ لما له من أثر على النفس، والأسرة، والمجتمع.

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ " فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ، فَقَالَ أَبِي: أَيْ بُنَيَّ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: عَنْكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ. رواه النسائي (1347) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ) .

أقوال العرب والحكماء في الفقر:

1) الفقر في الأوطان غربة

2) والفقر في النفس لا في المال نعرفه

3) ما هو فقير غير ذليل العقل 

4) الفقر ما هو عيب 

5) فلان وجهه وجه فقر

6) الفقر في البر ولا الغنى في البحر

7) زينة الفقر العفة، وزينة الغنى الحمد

8) لا فقر كالجهل، ولا غنى كالعقل، ولا ميراث كالأدب.

9) وقيل: " لو كان الفقر رجلاً لقتلته" وهي من أقوال علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. والله أعلم.

10) صيت الغنى ولا صيت الفقر

11) الغني يا كثر زواره والفقير ما حد يدق بابه ../ الفقير يجري وراء الرغيف والرغيف يجري قدامه../ الفقير ان ركب على الجمل، يعضه الكلب../ الفقر كابس والرزق حابس../ نهار الفقير قصير../ وما بعد الضيق غير الفرج.. الخ

أسباب الفقر: (عامة وخاصة)

1- عدم اتباع منهج العقيدة الإسلامية في العبادة والمعاملات وأنظمة الحياة.

2- سوء التصرف والإسراف وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة. 

3- الحروب والكوارث.

4- انهيار الأخلاق في الأسرة أو المجتمع.

مصطلحات الفقر في اللهجة المحلية:  في اشارة إلى الرجل الفقير..

" ملظّي - هبيان - مستوي - على الجنط - على الحديدة - على الصفر - على البلاطة - طفران - قحطان - معثر - ماكل وحل - تعيس - مسكين - ما حيلته - ناتف - منتوف - مزنوق - حاله واقف - مفلس - مطقر .."

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم