الحريث (بني جابر)

 قبيلة الحريث " بنو جابر" الذين كانوا بسواحل غزة، في القرن السابع الهجري.


قال القلقشندي: أن بنو جابر - (بدري!!) من بلاد غزة، قال الحمداني: هم الحريث. قال: وهم جماعة نهد بن بدران [1]. وقيل فهد بن بدران، وقال القلقشندي في القلائد : أنهم البطن الثامن عشر من جذام: الحريث، بضم الحاء وفتح الراء المهملتين وإسكان المثناة من تحت وثاء مثلثة في الآخر: عرب الساحل الغزاوي، قال الحمداني: غزوا عسقلان أيام الملك الصالح مع بيبرس الجاشنكيز فأقطعهم هناك [2] وقال المغيري  والحريث بطن من جذام كانت منازلهم المرة ببلاد غزة [3]،إلا أن الأمير أبو عثمان الصفدي أمير الفيوم بمصر، والذي عاصر فترة مهمة من فترات الجهاد ضد الفرنجة وكان أميراً على منطقة الفيوم سنة 640هـ ذكر أن بني جابر من بني عجلان من بني عامر ذكرهم في هذه السنة بالفيوم وهم بني جابر أقارب المزاريع، وقال وكانت لبني عامر أيام الأيوبيين حصة في الجهاد قوامها 400 فارس[4] ويعتقد أن حريث المقصود هنا هو "حريش" لكونها متشابهة في المخطوطات وربما وقع فيها تصحيف وتحريف، حيث أن حَرِيش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن بن منصور، وهم جماعةٌ عامتهم بالبصرة ونيسابور، قال ابن خلدون وقد دخلوا الشام وانقرضوا [5] وهذا يوافق نسب بني عجلان فهم من بني كعب بن ربيعة، ويوافق قول الأمير أبو عثمان الصفدي فقد ذكر بني عجلان ضمن تفصيل حصة بني عامر الجهادية حيث ذكر أن حصة بني عجلان 166 فارساً من ضمن الـ 400 ..، وقد ذكر النويري في كتابه أن الحارث بطن  من بني ربيعة بن عامر بن صعصعة.

ولو لاحظنا ما ذكره المؤرخين: أن الحريث بني جابر كانوا بسواحل غزة في القرن السابع الهجري ( وهذا يتفق مع ما ذكره الأمير الصفدي لأنه كان سنة 640هـ أميراً للفيوم، وتقع هذه السنة في منتصف القرن السابع الهجري، بينما ابن خلدون وصفهم في عهده بأنهم انقرضوا بالشام أي أنه لم يعد يسمع باسمهم الحريث هذا، وكانت دراسة ابن خلدون في القرن الثامن الهجري) ومن هنا نرى ترابط تاريخي منطقي، فالقبائل تتمدد وتتوسع بعد مرور قرنا على وجودها، وهذا يعطينا اشارة بأن اسمهم بالفعل قد تغيير، فربما صار اسمهم مثلاً " الجبارات" أو أي لقب آخر في تلك الفترة.. وقد أشار المؤرخ المستشرق الألماني (أوبنهايم) لهذه الجزئية بالذات في كتابه "البدو" حيث ذكر أنه من المحتمل أن اسم الحريث صار فيما بعد الجبارات..

وقد ذكر القلقشندي أن قبيلة الحريث كانت متحالفة مع كلب وبني ربيعة في الشام [6] وذكر السويدي أن بني ربيعة هؤلاء لهم نسباً في بني هلال بن عامر بن صعصعة، ويحتمل أن يكون كلب المقصود هنا هم بني كلاب، وبذلك يكون الحريث هو بالفعل الحريش الذين من بني كعب، لأن المؤرخين ذكروا اندماج بني كعب مع بني كلاب وجزء من بني كلاب اندمجوا مع بني هلال في مناطق متفرقة منها شمال فلسطين، وفي منطقة البحيرة غرب مصر، وفي منطقة برقة في ليبيا..حتى أصبح جميعهم يعرف ببني هلال، والأدلة على ذلك قوية للغاية، ومنها:

1- أن بني هلال وبني كلاب كانوا في حوران شمال فلسطين، وكانت بني كلاب تقيم دولة في حلب تمتد إلى شمال فلسطين في القرن الرابع الهجري، وكان في حوران جبل يعرف بجبل بني هلال، وجاء ذكر لعشيرة اسمها الكلالبة تقيم في حوران في أواخر العهد العثماني.(معجم البلدان للحموي، وعشائر الشام لوصفي زكريا)

2- ذكر ابن خلدون أن بني هلال وبني كلاب كانوا بدو رحل ما بين برقة والاسكندرية يجبون الخراج للسلطان.(تاريخ ابن خلدون، ص5556) وذلك في بداية القرن الثامن الهجري، وقبل ذلك الزمن بقليل ذكرهم المقريزي في السلوك خاضوا حربا متزامنة في سوريا والصعيد ضد المماليك..

3- ذكرت بني كعب في بني عامر وكذلك ايضا في بني سليم، وجميعهم هم أحلاف عرفوا بعرب القيسية، لأنهم ينتمون لجد واحد.. قيس عيلان.( النويري، ج2، ص350)

4- ذكر الحمداني أن عدة قبائل متحالفة مع طيء منهم : بني زغب، والحريث، وبعض بني كلاب، وبني خالد، وبني عقيل وآل الأجود، والجبور وجميع هؤلاء من القبائل القيسية وخاصة من بني عامر بن صعصعة وبني سليم بن منصور، ثم قال الحمداني وعرب بني كلاب قد ظهروا على آل ربيعة، وكانت بني كلاب تخدم الملك الأشرف وتغزو معه بلاد الروم، وقال: " إن بني كلاب أشد العرب بأساً وأكثرهم ناساً،[7] ( العمري، ص178)

5- ذكر الحمداني وفود قبيلة بني عامر بن صعصعة إلى الملك الظاهر بيبرس، وطريقة استقبالهم في مصر، وأنهم كانوا عددا كبيراً (القلقشندي والعمري، والمقريزي، وابن خلدون)

كما أننا لا زلنا حتى اليوم نجد علاقة نسب بين سكان بعض القرى والمواضع الجغرافية الخاصة بتلك القبائل التي كان لها دور فاعل في تاريخ هذه البلاد، فمثلاً مرج بني عامر لا يزال يحمل التسمية التي ارتبطت بقبيلة بني عامر احدى أهم قبائل بني كلاب التي كانت تؤثر في هذه البلاد منذ أول ظهور للدولة الأموية، ووادي الحوارث في السهل الساحلي الفلسطيني وهو منسوب لقبائل متحالفة مع بني كلاب.. وكان آل الفضل يشرفون على قوافل بني عامر بن صعصعة التي تعبر سوريا وفلسطين.. وكذلك حلف عرب أبو كشك فهو من بوادي العرب القيسية واليمنية وخاصة بني هلال وبني زبيد وبني قضاعة، ويذكر أن مرحلة تشتت القبائل وقعت في أواخر العهد المملوكي وبداية العهد العثماني حيث انهارت امارة آل الفضل وإمارة بني عامر في فترة تاريخية متقاربة ما بين 1439م-1591م [8]. 

المراجع والمصادر:

[1] نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب، القلقشندي، الموسوعة الشاملة.

[2] قلائد الجمان في التعريف بعرب الزمان، القلشندي، الموسوعة الشاملة.

[3] المنتخب في معرفة أنساب العرب، المغيري، الموسوعة الشاملة.

[4] تاريخ الفيوم، لأبي عثمان الصفدي، ص14، ص178

[5] معجم قبائل العرب، ص267،ج1، وعجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب ص47

[6] صبح الأعشى في كتابة الإنشا، القلقشندي، ج4، ص203-213.

[7] مسالك الأبصار،العمري ج4، ص159 - ص178

[8] دور إمارة آل الفضل السياسي، المحيميد، ص44

مدن فلسطينية، ص170- 192

البدو، أوبنهايم، ج2، ص97، ج3، ص196

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم