كلمة ديوان وأصل الاشتقاق العربي..
كلمة الديوان في اللغة، أصلها في اللغة العربية، دوان بدون الياء، كما ينطقها البدو بلهجتهم المحلية (دوان).
قال الْجَوْهَرِيُّ: الدِّيوانُ أَصله دِوَّانٌ، فعُوِّض مِنْ إِحدى الْوَاوَيْنِ يَاءٌ لأَنه يُجْمَعُ عَلَى دَواوينَ، وَلَوْ كَانَتِ الْيَاءُ أَصلية لَقَالُوا دَياوين، وَقَدْ دُوِّنت الدَّواوينُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَابْنُ جِنِّي أَنه يُقَالُ دَياوين. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجْمَعهم ديوانُ حافظٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الدَّفْتَرُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ أَسماء الْجَيْشِ وأَهلُ الْعَطَاءِ. وأَول مَنْ دَوَّنَ الدِّيوان عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وَدِيوَانٌ اسم كلب، قَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: أدنُ دونَك أَي اقتربْ، قالَ اللّحْيانيُّ: (و) أَكْثَرُ (مَا يقالُ) فِي كَلامِ العَرَبِ: (هَذَا رَجُلٌ من دُونٍ) ، وَهَذَا شيءٌ مِن دُونٍ أَي حَقِيرٌ ساقِطٌ؛ يقُولُونَها مَعَ مِن؛ وَمِنْه قوْلُهم: لَوْلَا أَنَّك مِن دُونٍ لم تَرْضَ بذا، ورَضِيتَ مِن فلانٍ بأَمْرٍ مِن دُونٍ. (وَلَا يقالُ: رَجُلٌ دُونٌ) لم يَتَكَّلُموا بِهِ، وَقد جَوَّزَه بعضُهم فقالَ: يقالُ: رَجُلُ دُونٌ: ليْسَ بِلَا حق؛ وثوْبٌ دُونٌ: رَدِيءٌ.
أي أن طريقة وأسلوب تدوين أسماء الجنود في دفتر، هي طريقة فارسية فعربت، وليس المقصود من ذلك كلمة "ديوان" نفسها أنها كانت فارسية فعربت، بل هي كلمة عربية الأصل والنشأة، وأصلها من الفعل (دان ) ومعنى دان: خضع وأطاع ودوّن : بتشديد الواو، أخضع وقَيّد الأمر وسجله وكتبه؛ (دَوَّنَ) الدِّيوَان أنشأه وَجمعه والكتب جمعهَا ورتبها، ودُوْن: بالضم ثم السكون : أي بمعنى التحقير ،وبمعنى التقريب؛ فتقول العرب: " دونك الأمر يعني تحت تصرفك، وتقول رجل دوني : أي أنه ليس بلاحق فهو من دون الناس أي أقلهم شأناً، والتدوين بمعنى الكتابة والتقييد، واستدان أي اقترض مبلغاً من المال فصار عليه ديناً إلى أجل، والدين جمعها ديون، والدين "الديانة" جمعها ديانات، والدنو هو الاقتراب.
ودوَّنَ يُدوِّن، تدوينًا، فهو مُدوِّن، والمفعول مُدوَّن
• دوَّن الشَّيءَ: سجَّله، أثبته بالكتابة حفظًا له من الضَّياع "دوَّن وقائعَ/ ذكريات" ° تدوين السُّنَّة: كتابتها بشكل جماعيّ، وكان ذلك على رأس المائة الثانية من الهجرة.
• دوَّن الكتبَ: جمعها ورتّبها.
• دوَّن الدِّيوانَ: أنشأه "عمر بن الخطاب أوّل من دوَّن الدواوين: رتَّب الصُّحفَ يكتب فيها أهل الجنديَّة وأهل العطيَّة والعمَّال وسواهم".
و(الدِّيوَان) الدفتر يكْتب فِيهِ أَسمَاء الْجَيْش وَأهل الْعَطاء والكتبة ومكانهم ومجموع شعر شَاعِر وكل كتاب (جمعها) دواوين، و(الدوان) هو مكان يجتمع فيه أهل الرأي والمشورة من القبيلة وكبار القوم، ويسمى أيضاً الشق من الشقة، ويسمى مقعد الرجال، ويسمى المجلس أيضاً.
وديوان الشعر: صحيفة تجمع ما دونه الشاعر من قصائد متعددة.
فالدوان في تراث العرب وعاداتهم: هو مجلس لكبار القوم يتناقشون فيه قضاياهم وأمورهم، ولذلك فله خصوصية وصفات لا بد منها:
1- أن يكون صاحب الدوان من وجهاء وكرماء العرب وزعمائهم: وبطبيعة الحال الزعامة والكرم أمران لا ينفصلان لأن الزعامة بحاجة للكرم والكرم بحاجة للزعامة، والزعماء رجال إن قالوا فعلوا وأن عاهدوا أوفوا وأمنوا، ولذلك هم أصحاب قرارات فعلية قادرين على حماية قرارتهم، ولذلك قالوا : دوان وبكرج مليان .. تعبير عن الزعامة والكرم..
2- الدوان: مجلس مرموق بين العرب لشرف في أصحابه وأهله، فيكون الدوان دائما في أبناء الشيوخ وأحفادهم ومن ورث عنهم الشرف وعلو الهمة والشموخ..
3- رجال الدوان: هم كبار العائلات والأسر أو العشائر، يجتمعون فيه لحل قضاياهم وترتيب أمورهم اليومية، ولا يحق ولا يجوز أن يكون بينهم ممن أخلوا بقضايا الشرف مثل البواقين والخونة والزناة والمعاتيه والديوثين، فالدوان في حد ذاته مجلس تأديبي ومقعد لشرفاء القوم.
4- استقلالية الدوان: الدوان مجلس مستقل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، أي أن الدوان وصاحبه ورجاله غير موالين لأي جهة خارجية مهما كانت، بل إن على أي جهة أخرى احترام رأي الدوان وقراراته.
5- موقع الدوان: من الشروط الضرورية لموقع الدوان، أن يكون في موقع قريب من مضارب القبيلة حتى يتمكن من الإشراف على شئون القبيلة ومتابعة أمورها في كافة المجالات.
6- ساعات العمل: الدوان مجلس مفتوح، يعمل على مدار الساعة، في حالة كونه مشرفاً بالفعل على قبيلة كبيرة متماسكة ومنظمة كما كان في سابق العهد، وأما إن كان الأمر نسبيا نوعا ما، فيتطلب ذلك أن يكون مشرعا بابه بعد عصر كل يوم.
7- مصروفات الدوان: هي تعاونية مقسمة على كبار القبيلة بالفطرة، حيث كان رجال القبيلة قديما، كل يشارك في دعم ما يلزم للدوان من تلقاء نفسه وبشكل دوري مستمر.
الدوان بين الماضي والحاضر: صحيح إن كل شيء جميل في عادات العرب القديمة قد فقدناها في الوقت الحاضر، إلا ما رحم ربي؛ لقد كان قديما أجمل جلسات السمر والحديث والتي تنم عن محبة وألفة حقيقية وطيبة قلب منتشرة لدى معظم العرب والبلدان، ولم ينغصها شيء البتة، وكان معظم الرجال دائمي التفقد لبعضهم البعض، وحريصون كل الحرص على معاونة الكل والاطمئنان على الجميع، كما كان الجميع يحرص على اظهار محاسن الأخلاق والتفاخر بها، ويحذر الجميع من اقتراف المساوئ والعيوب.
وكانت هداياهم القديمة المتبادلة بينهم من بيئتهم الطبيعية ومن مقتنياتهم؛ حيث كانوا يقدمون القَوَد قي الأفراح والمناسبات الاحتفالية مثل: الغنم والإبل والدقيق والأرز والسكر، ومن القماش الحرير والقطن والمخمل "القطيفة" والجوخ والثوبيت ..الخ، وفي أوقات الحزن كانوا يقدمون بذور القهوة.