الفن القرطاجي

(صورة تعبيرية)
أسس الفينيقيون الوافدون من مدينة صور اللبنانية ومدينة حيفا الفلسطينية عام 814 ق.م عبر البحر المتوسط إلى سواحل افريقيا الشمالية الغربية، بقرب مدينة تونس الحالية "دولة قرطاجة" التي ظلت تتبع نهج الحياة الذي ارتسمه الأسلاف من الحضارة الفينيقية، ومع القرن السادس ق.م أنشأت قرطاجة مراكز تجارية هامة على سواحل البحر المتوسط، وامتد نفوذها إلى سردينيا ومالطة وجزر البليار وغربي جزيرة صقلية، واشتد خطرها لتعاظم قوتها وسطوتها، وكان الفينيقيون أسياد البحر المتوسط ورواده في عهدهم، مما حذا بروما لتتحدى هذا التوسع الفينيقي وتصطدم مع قرطاجة في القرن الثالث ق.م واندلعت الحرب بينهما التي أطلق عليها اسم الحروب البونية وفي نهاية المطاف سقطت قرطاجة عام 146م ق.م.
وقد تأثر القرطاجيون بفنهم ونحتهم بالإبداعات المصرية والقبرصية واليونانية وذلك بفضل احتراف كثرتهم للتجارة والتنقل، ونلمس هذه التأثيرات في آثارهم ونقوشهم وأدواتهم وأسلحتهم وأثاثهم التراثي وكثير من التشكيلات الفنية الفخارية والزجاجية والعاجية والحلي وغيرها من تلك الفنون والآثار التي عرفت بالفن القرطاجي..
وإهتم البونيون بالأدب والفنون التي شملت عدة ميادين منها النحت والنقش وسبك المجوهرات كما اعتنوا بالموسيقى . يعتبر فن العمارة عريقا ذا جذور كنعانية من حيث الشكل الشطرنجي المتعامد للمدينة جلبه الفينيقيون من الشرق ومن أبرز مايدل على ذلك مخطط مدينة كركوان بالوطن القبلي . تتكون المدينة البونية من فضاء يحيط به سور مثل سور قرطاج وهي أسوار عريضة تتعدى المترين كسور كركوان تتخلله أبراج ومدارج ومساكن  ومن مكونات العمارة السكنية انتشر البيت الموسط كنمط معماري شرقي متأثر بالفن الإغريقي الهلنستي خاصة في زخرفة الأروقة والسواري والأعمدة . كما تأثر المعمار بالفن المصري في شكل الزخارف الجصية البديعة المقورة والمجوفة التي تزين جدران الغرف .
أدرك الزخرف والنحت مستوى رفيعا مع الاهتمام بزخرفة الأوعية الفخارية والبرنز وعجين الزجاج وقد ازدانت بألوان زاهية  وأشكال هندسية ونباتية وحيوانية مع انجاز التماثيل والأقنعة الطينية . أدرك فن النحت في كل المدن البونيقية مستوى راقيا انسجمت فيه الجذور الكنعانية مع الإغريقية والمصرية وغيرها ومن أبرزها توابيت محلاة بصور آدمية من رخام .
أيضا نجد سبك الحلي والمجوهرات كالخواتم والأخراص والأسورة جمعت بين بريق الذهب وروعة الأحجار الكريمة كالزمرد والفيروز والياقوت ... إكتست بعدا فنيا جماليا وعقائديا ..
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم