الزلازل والبراكين

الزلازل والبراكين

 الحركات التكتونية السريعة 

تتمثل الحركات التكتونية السريعة في الزلازل والبراكين. وتتميز هذه الحركات بأن آثارها تتركز في مناطق صغيرة نسبيًّا من سطح الأرض إذا ما قورنت بالحركات الباطنية البطيئة المتمثلة في الالتواءات والانكسارات.

ويرتبط حدوث الزلازل والبراكين ببعض المناطق التي تتميز بوجود سلاسل جبلية ترجع إلى الحركة الألبية، وتعرف هذه المناطق بالمناطق الضعيفة.

ولكي نتعرف على الحركات التكتونية بشيء من التفصيل فإنه يحسن معالجة كل من الزلازل والبراكين على حدة.

 الزلازل:

الزلازل هي عبارة عن هزات أرضية تتعرض لها القشرة الأرضية في بعض المناطق وتقاس هذه الهزات بجهاز السسموغراف Seismograph ويتعرض العالم يوميًّا للهزات الأرضية لكنها تمر دون أن تحدث أضرارًا تذكر. ويصل متوسط عدد الزلازل التي تحدث أضرارًا أو كوارث ما بين اثنين إلى ثلاثة سنويًّا:

ونتقسم الزلازل من حيث بعد مركزها عن سطح الأرض إلى ثلاثة أنواع:

١- زلزال عادى ولا يزيد عمق مركزه عن سطح الأرض على خمسين كيلو مترًا.

٢- زلزال متوسط ويتراوح عمق مركزه ما بين ٥٠ إلى ٢٥٠ كم.

٣- زلزال عميق ويزيد عمق مركزه على ٢٥٠ كم.

وتنقسم الزلازل من حيث شدتها وفقًا للمقاييس الحديثة إلى اثنتي عشرة درجة ما بين زلازل لا يحسها الإنسان، ولكن أجهزة السسموغراف تسجلها ويقدر عددها بمئات الآلاف من الهزات سنويًّا، وما بين زلازل تسبب كوارث وتحدث دمارًا وتصدعات في قشرة الأرض.

وقد تعرضت مدينة القاهرة وما حولها في ١٦ ربيع الآخر ١٤١٣هـ "١٩٩١/١٠/٢١م" لزلزال بلغت قوته ٥.٩ بمقياس رختر أدى إلى تدمير مئات المنازل وتصديع عشرات الألوف، وقتل ما يقرب من ٧٠٠ شخص إضافة إلى أكثر من ستة الآف جريح، واستمر حدوث الهزات التوابع على مدى أكثر من عشرة أيام، وقد بلغ عدد الزلازل التي حدثت ما بين سنة ١٩٩٠م إلى ٢٠٠٠م أكثر من ٥٠ زلزالاً، وقد بلغ تفاوت شدتها ما بين ٥.٥ و ٧.٦ بمقياس رختر وراح ضحيتها ١٠٥ ألف شخص.



زلزال تركيا وسوريا 2023م

ضرب الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر للزلازل، المنطقة في 04:17 صباحا بالتوقيت المحلي، بينما تحدد مركزه على عمق 17.9 كيلو مترا تحت سطح الأرض في مدينة غازي عنتاب التركية. وبعد حوالي 12 ساعة، ضرب زلزال آخر - بنفس القوة تقريبا - المنطقة على بعد 130 كيلو متر في اتجاه الشمال. وقال سكان من مدينة حلب لوكالة أنباء رويترز إنهم ليس لديهم مأوى سواء لأن منازلهم انهارت أو لأنهم خائفين من المزيد من الزلازل. ووصل عدد القتلى في الزلزال المميت الذي ضرب تركيا إلى أكثر من 3600 شخص مساء (الاثنين6 شباط2023م). في تركيا ، يبلغ عدد ضحايا الزلزال حاليًا 2316 شخصًا، وأصيب 13293 آخرين. وفي سوريا - التي تعرضت لأضرار جسيمة في الزلزال - قُتل ما يقرب من 1300 شخص وأصيب أكثر من 3400. ودمرت آلاف المباني في تركيا ، في أسوأ زلزال تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1939(صحيفة ألـ بي بي سي البريطانية)(منظمة الصحة العالمية)
وأعرب عن خالص التعازي والمواساة إلى إخواننا في سوريا الحبيبة والشقيقة، والجمهورية التركية في ضحايا حادث الزلزال المؤلم الذي أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا والجرحى والدمار الكبير، سائلاً الله عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنهم فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وراجيا من الله العلي القدير الشفاء العاجل للجرحى والمصابين، وأن يحفظ البلاد والعباد اللهم آمين..

[أسباب حدوث الزلازل]

تحدث الزلازل بسبب الاضطرابات التكتونية. وقد أوضحت الدراسات الحديثة أن هناك نوعين رئيسيين من الزلازل هما:

١- الزلازل الصدعية:

وهي الزلازل الناشئة عن الحركات الصدعية في القشرة الأرضية، حيث تنزلق الطبقات وتتحرك على طول أسطح الصدوع. ومن أمثلة هذه الزلازل ما حدث في مقاطعة شتاتونغ في الصين سنة ١٨٥٢م حيث تصدعت القشرة الأرضية وحوّل نهر هوانجهو مجراه الأدنى إلى هذا الصدع، وبذلك انتقل مصبه إلى الشمال من مصبه القديم بنحو ٤٥٠ كيلو مترًا.

٢- الزلازل البركانية Volcanic Earthquakes:

يرتبط هذا النوع من الزلازل بالثورانات البركانية حينما تندفع المواد البركانية بقوة بين طبقات الصخور فتسبب زلازل تتميز بأن بؤرتها قريبة من سطح الأرض، ويقتصر الشعور بهذه الزلازل على مناطق محدودة من سطح الأرض، ولعل أشهر زلزال بركاني هو ذلك الذى حدث في جزيرة كراكتوا بإندونسيا عندما انفجر البركان المعروف باسم تلك الجزيرة في شهر أغسطس سنة ١٨٨٣م. ولقد أدت الزلازل الناجمة عن ذلك الانفجار إلى اختفاء ثلاثة أرباع الجزيرة وإلى زوال جزيرة أخرى مجاورة من حيز الوجود، ومما يذكر أن أصوات الانفجار سمعت في دائرة زاد نصف قطرها على ثلاثة آلاف كيلو متر.

[آثار الزلازل]

يقتصر تأثير الزلازل على مناطق معينة من القشرة الأرضية هي مناطق الضعف "شكل ٤١". ويمكن القول: إنه لا يمر يوم دون حدوث زلزال، لكن هذه الزلازل لا نشعر بها كلها بل تسجلها أجهزة السسموغراف. ولكن يحدث ما بين الحين والحين زلزال قوي يؤدي إلى آثار مدمرة يمكن تلخيصها على النحو التالي:

١-تدمير المباني:

تؤدي الزلازل العنيفة التي تحدث في مناطق العمران والمدن إلى حدوث التخريب والتدمير كما حدث في بعض المدن مثل مدينة أغادير بالمغرب سنة ١٩٦٠م حيث دمر الزلزال معظم المدينة وقتل ما لا يقل عن عشرين ألفًا من سكانها، ومدينة أسكوبلي في يوغسلافيا في يوليو سنة ١٩٦٣م حيث دمرت المدينة وقتل حوالي ١٢٠٠ شخص، ومدينة مانغوا في نيكارغوا، حيث دمر معظم المدينة وقتل خمسة آلاف شخص على الأقل في ديسمبر سنة ١٩٧٢م. وكذلك كل من مدينة بوخارست عاصمة رومانيا سنة ١٩٧٧م، ومدينة الأصنام بالجزائر في أكتوبر سنة ١٩٨٠م كما سنرى فيما بعد، ولقد حدث زلزال في المنطقة المجاورة لمدينة نابولي بإيطاليا في نهاية شهر نوفمبر من العام نفسه، ونتج عن ذلك تدمير كثير من القرى والمدن المجاورة، وعلى سبيل المثال دمر أكثر من ٨٠% من مباني مدينة سنت انجلو دي لمبارد الجبلية وقتل فيها أكثر من ألف شخص آنذاك.

٢- حدوث الحرائق:

حينما تتعرض مناطق العمران لهزات عنيفة وتدمير، فإنه غالبًا ما تحدث الحرائق التي تتسبب في خسائر تفوق الخسائر المباشرة التي تنجم عن الزلازل. ومن أمثلة ذلك الزلزال الذي تعرضت لها طوكيو سنة ١٩٢٣م حيث أدى إلى اشتعال النيران وساعد على انتشارها هبوب الرياح مما أدى إلى حرق نصف منازل المدينة في أقل من ٢٠ ساعة فقط بعد حدوث الزلزال.

٣- تغيير معالم السطح:

تؤدي الزلازل العنيفة إلى حدوث تصدعات في القشرة الأرضية وهبوط بعض المناطق وطغيان مياه البحر عليها كما حدث في خليج ساغامي Sagami سنة ١٩٢٣م في اليابان؛ حيث هبطت أجزاء من الأرض تصل مساحاتها إلى بضعة آلاف من الأميال المربعة، وتكونت في بعض الأجزاء الهابطة بحيرات وذلك في ولايتي ميسوري وتنسي.

ومن أمثلة الزلازل التي تنشأ عنها الصدوع والشقوق ذلك الزلزال الذي تعرضت له جمايكا سنة ١٦٩٢م حيث أدى هذا الزلزال العنيف إلى تكوين أكثر من ٣٠٠ شق، وابتلعت الأرض كثيرًا من المباني والسكان. ونتيجة لهذا الزلزال العنيف هبط ميناء رويال Port Royal تحت سطح الأرض إلى عمق زاد على خمسة عشر مترًا.

وفي دراسة أجراها ماليت Mallet أخصائي الزلازل عن أهم الزلازل التي أصابت كوكب الأرض خرج بأنه قد حدث ٥٨ زلزالًا قبل ميلاد المسيح في مدة ١٧٠٠ سنة وكان من بينها أربعة زلازل عنيفة، منها زلزال رودس سنة ٢٢٤ ق. م الذي أطاح بتمثالها النحاسي المشهور والذي كان ارتفاعه ١٠٥ أقدام.

ومن ميلاد المسيح إلى أواخر القرن التاسع حدث ١٩٧ زلزالاً بلغ عدد العنيف منها خمسة عشر، ومن القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر حدثت ٢٨٠٤ هزات حوالي مائة منها عنيفة. ومن بداية القرن التاسع عشر حتى منتصفه حدثت ٣٠٢٤ هزة.

ولا شك أن الزلازل التي أحصيت قبل الميلاد أقل مما حدث فعلاً بكثير، ويرجع ذلك إلى عدم وجود وسائل اتصال بين أجزاء العالم آنذاك وعدم وجود أجهزة لقياس تلك الهزات.

وقد أعلنت هيئة الأبحاث الجيولوجية الأمريكية سنة ١٩٧٩م أن عدد ضحايا الزلازل في العالم ١٩٧٨بلغ ١٥١٩٥ شخصاً، وأن عدد الزلازل المهمة. بلغ في نفس العام ٥٢ زلزالاً، بينما كان العدد سنة ١٩٧٧م ٣٦ زلزالاً. وأضافت الهيئة أن أكثر زلزال من حيث عدد الضحايا سنة ١٩٧٧م هو زلزال جنوبي إيران في شهر سبتمبر من العام نفسه حيث راح ضحيته حوالي ١٥ ألف شخص. ولعل زلزال الصين سنة ١٩٧٦م هو من أهم الزلازل التي عرفها العالم حيث راح ضحيته أكثر من ٦٠٠ ألف شخص. ومما يذكر أن عدد الزلازل سنة ١٩٧٨م بلغ حوالي ستة آلاف هزة أرضية١.

وقد تؤدي الزلازل إلى ارتفاع بعض المناطق كما حدث سنة ١٨٩٩ في خليج ياكوتات بولاية ألاسكا حيث ارتفعت بعض المناطق الساحلية إلى أكثر من عشرة أمتار.

أمواج البحر الزلزالية تسونامي Tsunami

إن أسباب الزلازل متعددة ولكن دعنا نأخذ واحداً منها وهو الناجم عن حركة الصفائح التكتونية التي أشرنا إليها سابقاً. إن الزلازل التي تنتج عن انزلاق هذه الصفائح فوق بعضها البعض لا تكاد تذكر من حيث شدتها، ولكن الزلازل التي لها شأن كبير من حيث جبروتها وعنفوانها هي التي تحدث نتيجة لتقابل أطراف أو جوانب صفيحتين تكتونيتين أو أكثر وحدوث ضغوط في اتجاهات متضادة. وهنا يزداد الضغط الذي غالبًا ما ينتهي بزالزال. وعندما يحدث زلزال من هذا النوع في قاع المحيط سرعان ما يستجيب سطح الماء لحركة الصفائح التي في أسفله ويهتز الماء بشدة، وتنشأ موجة أو عدة أمواج عاتية تحرك كميات كبيرة من الماء من مكانها وترمي بها إلى أماكن بعيدة، ومما يذكر أنه في ٢٨ مارس سنة ١٩٦٤م أصابت تسونامي الجزء الجنوبي من ألاسكا، ونشرت الدمار في تلك المنطقة، وحتى المناطق البعيدة في كاليفورنيا لم تسلم من شر تلك الأمواج التي وصل ارتفاعها في بعض الأماكن إلى خمسين قدمًا فوق سطح البحر١.

[التوزيع الجغرافي للزلزال]

تقتصر المناطق التي تتعرض بكثرة للزلازل على نطاقات الضعف من القشرة الأرضية، وهي مناطق الالتواءات والصدوع الحديثة. ويمكن تمييز منطقتين تكثر بهما الزلازل بصفة خاصة على النحو التالي:

١- نطاق حلقة النار Ring of Fire: يمتد هذا النطاق حول سواحل المحيط الهادي الشرقية والغربية وكذلك في الجزر التي تقع شرقي استراليا "شكل ٤٢". وأول من أطلق تعبير حلقة النار هو العالم جولي joly. وتتميز مناطق حلقة النار بأنها مناطق ضعف لم تستقر بعد، ويستأثر هذا النطاق بأكثر من ٦٠% من عدد الزلازل التي تتعرض لها قشرة الأرض كل عام.

٢- نطاق البحر المتوسط: ويتمثل في مناطق الالتواءات الألبية الحديثة حيث يقدر متوسط عدد الزلازل في هذا النطاق بنحو ٢٠% من مجموع الزلازل التي تتعرض لها الأرض.

٣- نطاق جزر الهند الغربية-الصين: ويتمثل هذا النطاق في محور عام يمتد من الشرق إلى الغرب، يبدأ من جزر الهند الغربية ويمتد شرقًا إلى جزر الرأس الأخضر وغربي أفريقيا وجبال أطلس وشمالي البرتغال ويواصل امتداده في شرق أوروبا وآسيا الصغرى والهيمالايا ثم إندونيسيا والصين. ويتعرض هذا النطاق لنحو ٢٠% من جملة ما يحدث من زلازل في القشرة الأرضية.

وهناك نطاقات أخرى أقل أهمية يمتد أحدها في وسط المحيط الأطلسي حيث توجد سلسلة وسط المحيط. ونطاق آخر في شرق أفريقيا حيث يوجد الأخدود الأفريقي العظيم.

 البراكين:

عندما تجد المواد المنصهرة منفذًا إلى سطح الأرض فإنها تخرج وتتخذ أشكالًا مختلفة منها البركان، وهو عبارة عن مخروط من المواد المنصهرة التي بردت وتجمدت حول الفوهة التي انبثقت منها هذه المواد، وهناك غطاءات اللافا Lava Sheets حيث تخرج المواد المنصهرة من شقوق أرضية وتنساب فوق مساحات كبيرة. وعندما تزيد هذه الانسيابات البركانية ويزداد سمكها فإنها تكون هضاباً بركانية Volcanic Plateaus ومن أمثلة الانسيابات البركانية تكوينات الحرات أو "الحرار" في المملكة العربية السعودية..

- أجزاء البركان:

يرتبط ذكر البراكين بالشكل المخروطي الذي هو في حقيقته ليس إلا تراكم المواد المنصهرة، ورغم اختلاف المخروطات البركانية في أشكالها وأحجامها إلا أنها عمومًا تشترك جميعها في أنها تتكون من:

-الفوهة البركانية Volcanic Crater: وهي الفتحة التي تنبثق منها المصهورات والمواد البركانية الأخرى، وتمثل الفوهة قمة البركان ويتفاوت اتساع فوهة البركان من عدة أمتار إلى عدة آلاف من الأمتار، ولبعض البراكين أكثر من فوهة يتخذ بعضها مكانه على جوانب المخروط البركاني. وإذا كانت فوهة البركان على هيئة حوض كبير ذى جوانب شديدة الانحدار على هيئة حوائط أو جدران فإنها تعرف باسم الكالديرا Caldera.

- المخروط البركاني Volcanic Cone: وهو عبارة عن كمية المواد المنصهرة التي انبثقت من باطن الأرض عن طريق القصبة البركانية ثم خرجت من الفوهة وتراكمت حولها. وقد يكون للبركان مخروطات جانبية صغيرة فيصبح في هذه الحالة مخروطًا مركبًا Composite. وتتفاوت المخروطات البركانية في أحجامها، فبعضها لا يتجاوز ارتفاعه مائة متر، وبعضها الآخر يزيد على ستة آلاف متر، كما هي الحال في جبل كلمنجارو في كينيا الذي يمثل أعلى جبل في القارة الأفريقية.

٢- أنماط النشاط البركاني:

تتباين البراكين من حيث نشاطها، فبعضها قديم انتهى نشاطه ولم يبق منه سوى بعض أجزاء من قصبته البركانية ومخروطه، وبعضها حديث في مرحلة نشاط وثوران. وعمومًا تقسم البراكين إلى:

- البراكين النشطة Active Volcanoes: وهي عبارة عن براكين تتمتع بالثوران أو مظاهره من خروج الغازات في أية لحظة. وعدد البراكين النشيطة في العالم ٨٥٠ بركانًا ومن أشهرها بركان سترمبولي Stramboli قرب جزيرة صقلية. ونتيجة لكثرة ثوران هذا البركان فقد أصبح يعرف بمنار البحر المتوسط وقد ثار هذا البركان ١٩٩٩م. ومن البراكين النشيطة التي ثارت في الفلبين بركان ميون Mayon الذي ثار سنة ١٩٩٩م و٢٠٠١م ووصل ارتفاع حممه ودخانه إلى أكثر من كيلو متر، وبركان بناتوبو Pinatubo. وفي كوستاريكا ثارت خمسة براكين ١٩٩٢م، منها بركان إيرازو Irazu الذي يصل ارتفاع مخروطه إلى أكثر من ١١ ألف قدم، وقد زاد عدد البراكين التي ثارت ١٩٩٩م على ٢٤ بركاناً.

- البراكين الهاجعة Dormant Volcanoes: وتتميز هذه البراكين بأنها تتوقف عن الثوران لفترة وكأنها فترة رقاد أو هجوع ثم تبدو عليها بعد ذلك مظاهر النشاط البركاني. ومن نماذج هذه البراكين بركان إتنا Etna بجزيرة صقلية.

ولقد كان بركان سانت هيلانه في ولاية واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية في عداد البراكين الهاجعة حتى اليوم الثامن عشر من شهر مايو سنة ١٩٨٠م. وما إن جاء ذلك اليوم إلا وهذا البركان يدوي في آفاق تلك الولاية معلنًا أنه قد بدأ في مزاولة ثورانه من جديد. ولم تأت نهاية ذلك العام إلا وبركان سانت هيلانه قد ثار أكثر من ست مرات، وثار هذا البركان مرة أخرى ١٩٩١م.

٣- أسباب الثوران البركاني:

ينشأ الثوران البركاني نتيجة لواحد أو أكثر من العوامل التكتونية مثل الانكسارات أو الصدوع، والالتواءات. وينشأ عادة عن مثل هذه

-البراكين الخامدة Extinct Volcanoes: وهي عبارة عن بقايا مخروطات بركانية انتهى نشاطها منذ أزمنة طويلة ولم يبق منها سوى أجزاء من مخروطاتها أو قصباتها البركانية الصلبة والتي تمكنت من مقاومة عوامل التعرية.

والواقع العملي أن بعض البراكين التي نطلق عليها هاجعة أو خامدة قد تثور وتجدد نشاطها إذا ما حدث نشاط باطني في مناطق وجودها. وفي الغالب يكون ثوران هذه البراكين فجأة وبدون سابق إنذار.

الحركات زيادة الضغط على المواد المنصهرة الموجودة في باطن الأرض، لذا فإن هذه المواد تتلمس نقاط الضعف في القشرة الأرضية لتندفع منها إلى سطح الأرض. ويساعد على تحديد مناطق البراكين نوع الصخور وتركيبها. وتتحكم في الثوران البركاني عادة مجموعة من العوامل مثل مقدار الضغوط التي تتعرض لها المواد المنصهرة، وكمية الغازات المضغوطة في المصهورات البركانية وطبيعة التركيب الكيميائي لمواد اللافا.

٤- المواد البركانية:

تنقسم المواد التي تدفع بها البراكين إلى:

- الغازات البركانية:

يقدر حجم المواد الغازية التي تخرج من فوهة البراكين بنحو ٥% من حجم المواد البركانية، ومعظم هذه المواد الغازية عبارة عن بخار ماء "ما بين ٧٠ إلى ٩٠%" ولهذا يحدث أحيانًا سقوط أمطار غزيرة فوق المناطق التي تتعرض لثوران بركاني، ومن الغازات الأخرى الأيدروجين الذي يرى مشتعلًا فوق الفوهة عقب خروجه نتيجة لاختلاطه بالأوكسجين، ومن الغازات الأخرى ثاني أكسيد الكربون، والنتروجين. وتزيد درجة حرارة الغازات عند خروجها من فوهات البراكين على ١٠٠ ْمئوية.

وقد تختلط الغازات عند خروجها بالغبار والرماد البركاني فتشكل سحابات سوداء كثيفة شديدة الحرارة، وتعرف هذه الظاهرة باسم "السحابة البيلينية" Pelan Cloud نسبة إلى بركان بليه Pelee في البحر الكاريبي الذي نجم عن ثورانه سنة ١٩٠٢ سحابة قتلت ثلاثين ألفًا من البشر في مدينة سانت بير St. Pierre التي تقع بعيدًا عن هذا البركان بنحو ثمانية كيلو مترات.

- اللافا Lava:

وهي عبارة عن المصهورات السائلة التي تخرج من فوهة البركان أو من الشقوق، وتزيد حرارة اللافا عند خروجها غالبًا على ١٠٠ ْم، وقد تكون هذه اللافا حامضية إذا زادت نسبة السليكا في تركيبها، أما إذا قلت نسبة السليكا فإنها تصبح قاعدية.

وتتميز اللافا الحامضية بأنها ثقيلة ولزجة، أما اللافا القاعدية فأكثر سيولة مما يتيح لها اتساعًا في انتشارها، كما تتميز بارتفاع حرارتها عند انبثاقها من فوهة البراكين. وتأخذ سطوح اللافا بعد انبثاقها أشكالًا متباينة، فقد تكون على هيئة كتل، وقد يتجعد السطح فتصبح على هيئة حبال متجاورة.

-المقذوفات البركانية:

إلى جانب الغازات واللافا السائلة تندفع بعض المقذوفات الصلبة من فوهات البراكين مثل البريشيا البركانية Volcanic Breccia وهي عبارة عن مفتتات صخرية دمجت في كتل بعد اختلاطها باللافا.

-القنابل البركانية Volcanic Bombs:

بعضها صغير مثل الجمرات Cinders، أو الحصى البركاني Lapilli. ويتحكم حجم هذه القنابل في قوى اندفاعها، وقد تكون القذائف البركانية على هيئة رماد بركاني Volcanic Ashes، وتغطي مناطق واسعة عقب انبثاقها، ويظل ذلك الرماد معلقًا في الهواء بسبب خفته كما حدث بالنسبة لبركان كراكتوا سنة ١٨٨٣م والذي ظل الغبار البركاني الناجم عنه عالقًا في الجو لمدة سنة. وأحيانًا تتشكل بعض المخروطات من الغبار والرماد البركاني، ومن الأمثلة على ذلك بركان مونت نوفو Monte Nuovo الذي يزيد ارتفاعه على مائة متر.

المرجع // كتاب المدخل إلى علم الجغرافيا والبيئة، محمد محمود محمدين، 1422هـ

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم