 |
| الروايات في التاريخ |
الرواية التاريخية: هي نقل وسرد الأخبار والأحداث والوقائع والسِّير التاريخية القديمة، والإخبار والإعلام عنها بصور النقل والسرد المختلفة شفهياً أو كتابياً.. وتعدد طرق الإخبار والنقل والسرد منذ فجر التاريخ..
وإن أقدم من كتب روايات التاريخ ودون الأخبار والسير عند العرب هم: عروة ابن الزبير المتوفي عام 93هـ، وأبان بن عثمان المتوفي سنة 105هـ ووهب ابن منبه المتوفي عام 110هـ ثم انتهى إلى علم السير والمغازي إلى رجلين وهما محمد بن إسحاق المتوفي عام 152هـ وقد اختصر سيرته ابن هشام المتوفي عام 218هـ ومختصره هذا هو الذي بأيدي الناس اليوم، ثم محمد بن الواقدي المتوفي عام 207هـ، وكثير من روايته مضمن في كتاب الطبقات الكبير لابن سعد المتوفي سنة 230هـ ونقل أخبار الأمم القديمة كعب الأحبار المتوفي عام 34هـ وعبيد بن شرية المتوفي حوالي عام 70هـ ووهب بن منبه المتوفي عام 110هـ ..
وهنا نلاحظ من خلال تاريخ العالم أن العرب هم أول من دون ووثق الروايات التاريخية الكبيرة، مثل روايات أيام العرب وحروبهم وأشعارهم وسيرهم، والسيرة النبوية الشريفة، وسير الخلفاء والقادة والحديث، وكذلك سير القبائل العربية مثل السيرة الهلالية الشهيرة.. ثم أخذت الرواية التاريخية تتطور أدبياً فكان كتاب رواية زنوبيا سنة 1871م للكاتب سليم البستاني، والكاتب المؤرخ جرجي زيدان (1861م - 1914م) وهو من رواد الروايات التاريخية، وكذلك علي الجارم (1881م- 1949)، ومحمد فريد أبو حديد (1893-1966م) والذي كتب رواية "الملك الضليل" و"المهلهل سيد ربيعة" و" زنوبيا ملكة تدمر" ومحمد سعيد العريان (1905-1964م) الذي اقتصر على تاريخ مصر الإسلامي، وخاصة عهد الأيوبيين والمماليك في روايته "قطر الندي" و"شجرة الدر" و"على باب زويلة" وعلي أحمد باكثير (1910-1965م) الذي اتجه إلى التاريخ الإسلامي في أوطانه المتعددة فكتب رواية "واإسلاماه" و"الثائر الأحمر" و"سيرة شجاع"، وبعد ذلك ظهرت روايات نجيب محفوظ التي جسدت لمحات من التاريخ الفرعوني في ثلاثة من أعماله هي "عبث الأقدار" سنة 1939م و"رادويس" سنة 1943م، و"كفاح طيبة" سنة 1944م وقد شكلت هذه الروايات الثلاث تقدماً ملحوظاً في نهضة الرواية التاريخية..
أما الروايات التاريخية الأدبية الأوربية فقيل أن نشأتها ظهرت في مطلع القرن التاسع عشر، أي بعد انهيار نابليون، حيث ظهرت رواية سكوت "ويفرلي" سنة 1814م، وكانت رواية "قلعة أو ترانتو" هي أشهر رواية تاريخية في القرن الثامن عشر، وهناك من ينسب الرواية التاريخية الحديثة للكاتب الأمريكي ستيفن كرين صاحب رواية "شارة الشجاعة الحمراء"، في حين يرى باحثون ودارسون أخرون أنها بدأت على يد الكاتب الروسي ليو تولستوي (1828-1910م) ومحورها عن غزو نابليون لروسيا..
وتعرف الروايات التاريخية الأدبية: بأنها واحد من أكثر الأنواع الأدبية ثراءً سردياً. حيث تحتوي على مستوى عالٍ من التفاصيل التاريخية الدقيقة مع مزيج من الشخصيات الحية التي تبث الروح في الأحداث التاريخية. فحتى لو لم تكن مغرماً بالتاريخ نفسه، فهناك شيء في التاريخ الخيالي يجعله ببساطة لا يقاوم في نظر أي قارئ. في هذا المقال نستعرض سوياً أفضل الروايات التاريخية على مر العصور.
ويمكننا أن نسرد هنا سريعاً: أشهر الروايات التاريخية التي تتناول وقائع وأحداث معينة في حقبة محددة
الرواية العربية، الرواية الأندلسية، الرواية اللاتينية، الرواية الإسلامية، الرواية النصرانية، الرواية الفرنجية، الرواية الكنسية، (الرواية الفرنجية الكنسية)الرواية الإسبانية..هذه الروايات تسرد وتتحدث عن مجموعة من الأحداث وقعت في الأندلس والتي هي اليوم أسبانيا والبرتغال وما حولهما.. تكون هذه الروايات مختلفة فيما بينها حول حدث معينة أي أن لكل رواية سردها الخاص بها عن الأحداث..كذلك الحال بالنسبة للقضايا التاريخية الأخرى مثل قضية فلسطين فهناك الرواية التاريخية العربية الفلسطينية وهناك رواية أخرى للأطراف المضادة كل له سرد خاص وحقائق تاريخية تشكل سلسلة الرواية.. ومن أشهر الروايات في التاريخ الإسباني، رواية اسمها " إيزابيلا صاحبة القميص العتيق" تتحدث عن مجموعة من الأحداث التي وقعت في نهاية الوجود الإسلامي في الأندلس..
ومن أشهر الروايات الأدبية في تاريخ الأدب العالمي ما يلي:
- ثلاثية غرناطة: هي ثلاثية للكاتبة رضوى عاشور وتتكون من ثلاثة روايات هم: غرناطة ومريمة والرحيل، تصور الرواية ما وقع بغرناطة من أحدث بعد سقوط الخلافة الإسلامية في الأندلس وقد ترجمت الرواية إلى اللغة الإنجليزية وحقق مبيعات ضخمة.
- اللص والكلاب: يصنفها النقاد على أنها ثاني أفضل رواية لنجيب محفوظ بعد (الثلاثية)، وقد فضلت أن أضيفها للقائمة بدلاً من الثلاثية نظراً لطول الأخيرة فقط. تصور الرواية البطل (سعيد مهران) يخرج من السجن بعد 4 سنوات قضاها هناك بسبب ارتكابه جريمة سرقة، وأثناء سجنه طلبت منه زوجته (نبوية) الطلاق ليكتشف بعد ذلك أن هذا الطلب كان بتشجيع من صديقه (عليش) ليزوجها هو لنفسه، ومن هنا تبدأ رحلته في الانتقام..
- رواية أرض السواد سنة 1999 بقلم عبد الرحمن منيف وهي تتماشى مع فترة محددة من تاريخ العراق الحديث، تنحصر في الربع الأول من القرن التاسع عشر..
- موسم الهجرة الى الشمال: واحدة من أهم وأشهر الروايات العربية للكاتب السوداني الطيب صالح وهي واحدة من أفضل 100 رواية عربية في القرن العشرين ونالت شهرة واستحساناً كبيراً من القراء حتى أنها تحولت إلى فيلم سينمائي.
- البحث عن الزمن المفقود – مارسيل بروست 1908م: رواية مارسيل بروست "البحث عن الزمن المفقود" هي الرواية الأطول في العالم، تصل عدد كلماتها إلى 1.2 مليون كلمة. نُشرت الرواية خلال أربعة عشر عاما في سبعة مجلدات، واعتُبرت واحدة من الروايات العظيمة..
- عوليس – جيمس جويس 1922م: يعتبر الكثيرون رواية الكاتب الأيرلندي جيمس جويس عوليس أو يوليسيس تحديا حقيقيا للقارئ وواحدة من أصعب الأعمال الأدبية للقراءة..
- دون كيشوت – ميغيل دي ثيربانتس 1615م: يعتبر بعض النقاد رواية دون كيشوت أو دون كيخوتي للأديب الأسباني ميغيل دي ثيربانتس أول عمل روائي في العصر الحديث.
- الإخوة كارامازوف – فيودور دوستويفسكي 1880م: تقريبا معظم أعمال الأديب الروسي فيودور دوستويفسكي صُنّفت ضمن قوائم أفضل وأهم الأعمال الأدبية وأكثرها حساسية وعبقرية، خصوصا رائعتيه "الإخوة كارامازوف" و"الجريمة والعقاب". تُرجمت أعماله إلى كل اللغات واقتُبست كثيرا في السينما والدراما، وكان لها تأثير كبير على فرويد الذي كان يقول إن كل فكرة خطرت له في علم النفس قد سبقه لها دوستويفسكي.
- الحرب والسلام – ليو تولستوي 1867م: رواية ضخمة للكاتب الروسي العظيم ليو تولستوي لدرجة أنك قد لا تستطيع أن تقرأها ممسكا بها وأنت جالس على السرير. هذه الرواية الطويلة للغاية يمكن اعتبارها بمنزلة مسائلة وفحص مثير للتاريخ. يجسد تولستوي في "الحرب والسلام" مجموعة من الشخصيات الأكثر واقعية التي يمكن أن تقرأها في حياتك. كذلك فإن روايته "أنا كارنينا" تصدّرت أيضا الكثير من قوائم أفضل الأعمال الأدبية وينصح بها النقاد كبداية ممتعة وممتازة لقراءة الأعمال الكلاسيكية للمبتدئين. واعتبرها وليام فوكنر الرواية الأعظم الوحيدة في التاريخ على الإطلاق.
- إلى المنارة – فيرجينيا وولف 1927م: تُعبّر فيرجينيا وولف بالكلمات عن الإثارة والألم والجمال والرعب فيما أسمته العصر الحديث. استلهمت وولف كثيرا من بروست وجيمس جويس وكانت تبحث بشكل مستمر عن طرق جديدة في التعبير تناسب تعقيدات الوعي الحديث، وكانت من أوائل كُتّاب تيار الوعي. تعتمد معظم رواياتها على التأمل الفلسفي الخالي من الأحداث والحوارات. وتُعدّ روايتها "إلى المنارة" النسخة الخيالية لنشأة عائلة وولف.
- الصخب والعنف – وليام فوكنر 1929م: تتميز هذه الرواية للأديب الأميركي ويليان فوكنر بأنها عمل أدبي ليس من السهل هضمه وله مستويات مختلفة للوعي وشخصياته مركبة ومعقدة. يرى النقاد أن العنف المكثف في هذه الرواية كان هدفه نبذ العنف. زمن هذه الرواية ليس زمنا تقليديا مما جعل سارتر يقول: "ما الذي جعل فوكنر يجزّئ الزمن في روايته ويمزج هذه الأجزاء بلا ترتيب، ولماذا كانت أول نافذة تفتح على العالم الروائي فيها مروية على لسان شخص معتوه؟.
- المحاكمة – فرانز كافكا 1925م: كافكا هو أحد أعظم الكتاب التشيك. الكثير من أعماله ذُكرت في قوائم أفضل الأعمال الأدبية خصوصا "المحاكمة" التي كتبها في ليلة واحدة فقط. من المعروف أن عوالم كافكا ليست سارّة أبدا، بل تشبه في الكثير من الأحيان كوابيس لا يمكن الفرار منها. ربما ساهم تأثر كافكا بقسوة أبيه واستبداده والرعب النفسي الذي سببه له وعدم قدرة أمه الضعيفة من حماية ابنها منه في خلق عوالمه الكابوسية.
- مئة عام من العزلة – جابريل جارسيا ماركيز 1967م: قال عنها وليام كندي في مراجعات الكتب التي تنشر في صحيفة نيويورك تايمز: "أول عمل أدبي رفيع منذ سفر التكوين والذي يجب أن يقرأه الجنس البشري بأكمله". وقال عنها الشاعر بابلو نيرودا إنها أفضل تجلٍّ للغة الإسبانية منذ أن كتب ثيربانتش دون كيشوت. تقع أحداث الرواية على مدار ستة أجيال في قرية خيالية تُدعى ماكندو، الرواية مليئة بالأحداث الغريبة والسحرية.
- الأعمال المختارة – أنطون تشيخوف
يُعدّ الكاتب والطبيب الروسي أنطون تشيخوف واحدا من أفضل كُتّاب القصة القصيرة وأهم روادها في التاريخ، وهو أيضا كاتب مسرحي كبير. مارس الأدب والطب طوال حياته، وكان يقول إن الطب زوجتي والأدب عشيقتي. الأعمال المختارة لتشيخوف هو مجلد لمجموعة من القصص التي وُضعت على قوائم الأكثر مبيعا في العالم.
أسماء وألقاب نقدية للرواية حسب اصدار الأحكام عليها:
الرواية الضعيفة، الرواية القوية، الرواية القديمة، الرواية الحديثة، الرواية الصحيحة، الرواية المشهورة، الرواية التاريخية، الرواية العلمية، الرواية الأصلية، الرواية المزيفة وهكذا..
إن الروايات التاريخية لابد لها أن ترتكز على هذه الشروط حتى تكتسب معناها الحقيقي:
1- أن تعتمد على أحداث وقعت في حقبة تاريخية محددة.
2- أن تسرد الحقائق التاريخية سردا تسلسلياً وفق زمن حدوثه.
3- أن يتم سرد الحقائق بإسلوب أدبي دون المساس بمجريات الأحداث والوقائع..
4- ربط السرد بين الماضي والحاضر..
5- اظهار الفرق بوضوح بين وجهة نظر الروائي وبين المعلومات المروية والمنقولة..
6- أن تكون الأحداث هي العمود الفقري للرواية..
مراجع تم الاستعانة بها:
1- الرواية التاريخية، د. نضال الشمالي، الأردن، 2006م.
2- الرواية التاريخية، جورج لوكاش، ترجمة د. صالح الكاظم، 1986م
3- علم التاريخ، الأستاذ هرنشو، ترجمة عبد الحميد العبادي، 1937م
4- الرواية التاريخية في بلاد الشام في العصر الأموي، د. حسن عطوان، 1986م.
5- موقع المكتبة الشاملة موقع بحث الكتروني في الكتب
6- موقع الجزيرة نت- 2022
7- ويكيبديا الموسوعة الحرة..