تعريف القَهْوَةُ: الخَمْرُ.. يُقالُ: سُمِّيَت بذلكَ لأنَّها تُقْهِي شارِبَها عَن الطَّعامِ، أَي تَذْهبُ بِشَهْوتِه؛ كَمَا فِي الصِّحاح.
وَفِي التَّهذيبِ: أَي تُشْبِعُه.
قُلْت: هَذَا هُوَ الأصْلُ فِي اللُّغَةِ ثمَّ أُطْلِقَت على مَا يُشْرَبُ الآنَ مِن البُنِّ لثمَرِ شَجَرٍ باليَمَنِ، تقدَّمَ ذِكْرُه فِي النونِ يُقْلَى على النارِ قَلِيلاً ثمَّ يدُقُّ، ويُغْلَى بالماءِ وَقَد سَبَقَ لي فِي خُصُوصِ ذلكَ تَأْلِيفٌ لَطِيفٌ سَمَّيْته تُحْفَة بَني الزَّمن فِي حُكْم قَهْوَةِ اليَمَنِ، وَلَهُم فِي حلِّها وحرمَتِها وطَبائِعِهَا وَخَواصِّها أَقْوالٌ بسَّطت غالِبَها فِيهِ.
(و) القَهْوَةُ: (الشَّبْعَةُ المُحْكَمَةُ) ؛ قيلَ: وَبِه سُمِّيَت الخَمْر قَهْوَةً لأنَّها تشبعُ شارِبَها.
(و) تُطْلَقُ على (اللَّبنِ المَحُضِ) لأنَّه يُدَارُ كَمَا تُدارُ القَهْوَةُ، أَو هُوَ مَقْلوبٌ القَوْهَةَ لبَياضِ لَوْنِهِ؛ وَقد تقدَم. (كالقِهَةِ، كعِدَةٍ) ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ ذاهِبُها واواً، وَقد تقدَّم. [الزبيدي، تاج العروس..، ج39، ص371]
تاريخ القهوة:
وكانت شجرة البن قديما خاصة باليمن، ولكنها نقلت فيما بعد إلى البلاد الأخرى حيث أنبتت فيها.
وقد جربها أول مرة أهل اليمن وعرفوا بعد التجربة خاصيتها النافعة، وأخذوا يستعملونها ويشربونها فتبعهم بعد ذلك أهالى البلاد الأخرى، والقهوة اليوم وسيلة رئيسية لإكرام الضيوف وتحيتهم وقد صدق الأطباء بعد التجربة على خاصية القهوة فى التنبيه والتنشيط وأثرها اللطيف على الأعصاب، وأجود أنواع البن التى تنبت فى بلاد اليمن.[أيوب صبري باشا، موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب، ج5، ص225]، وأول تحية عربان العرب لضيفهم أن يقدموا لهم ثلاثة فناجين قهوة متتالية، ولكن بن هذه القهوة لا بد أن ينضج بعد ورود الضيف ويطحن فى المطحنة ويسوى فى إبريق من الفخار يطلق عليه «جبه نه» وألا تكون القهوة زائدة عن حاجة الضيف وأن يكون فى فم جبه نه ليف. [أيوب صبري باشا، موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب، ج5، ص297]..
- سنة 909هـ فيها توفي الشيخ الصالح العارف بالله تعالى أبو بكر بن عبد الله الشاذلي المعروف بالعيدروس مبتكر القهوة المتّخذة من البنّ المجلوب من اليمن، وكان أصل اتخاذه لها أنه مرّ في سياحته بشجر البن، فاقتات من ثمره حين رآه متروكا مع كثرته، فوجد فيه تجفيفا للدماغ، واجتلابا للسهر، وتنشيطا للعبادة، فاتخذه قوتا وطعاما وشرابا، وأرشد أتباعه إلى ذلك.
ثم انتشرت في اليمن، ثم في بلاد الحجاز، ثم في الشام ومصر، ثم سائر البلاد. واختلف العلماء في أوائل القرن العاشر في القهوة حتّى ذهب إلى تحريمها جماعة، منهم الشيخ شهاب الدّين العيثاوي الشافعي، والقطب بن سلطان الحنفي، والشيخ أحمد بن عبد الحق السّنباطي، تبعا لأبيه، والأكثرون ذهبوا إلى أنها مباحة.
قال النجم الغزّي في «الكواكب السائرة» : وقد انعقد الإجماع بعد من ذكرناه على ذلك وأما ما ينضم إليها من المحرّمات فلا شبهة في تحريمه ولا يتعدّى تحريمه إلى تحريمها حيث هي مباحة في نفسها.
قلت: وقد ذكر أخوه العلّامة الشيخ أبو الطيب الغزّي في مؤلّف له بخصوص القهوة: أن ابتداء ظهورها كان في زمن سليمان بن داود عليهما الصّلاة والسّلام.[ابن العماد الحنلبي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج10، ص57).
- القهوة سنة 945هـ (قال ابن الحنبلي: وكان ممن منع شرب القهوة بحلب على الوجه المحرم القاضي بدر الدّين حسن بن قاضي القضاة جلال الدّين عمر بن محمد الحلبي الشافعي، المعروف بابن النّصيبي، من الدور المراعى في شرب الخمر وغيره، وكنت عنده يوم منع ذلك، فسأل أيشربونها بالدور، فقلت نعم، والدور كما شاع باطل.) [ابن العمادالحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج10، ص439]
القهوة في أوربا : وكانت القهوة آنذاك تنافس النبيذ شراباً. ولا بد أن ميشيليه (المؤرخ الفرنسي ١٧٩٨ - ١٨٧٤) أحب القهوة كثيراً، حيث رأى أن تزايد تدفق البن من شبه الجزيرة العربية والهند وجزيرة البوريون والبحر الكاريبي أسهم في انتعاش الروح الذي ميز عصر الاستنارة. وكانت كل صيدلية تبيع البن حبوباً أو القهوة المعدة للشراب على المنضدة الطويلة بداخلها. وفي ١٧١٥ كان في باريس ٣٠٠ مقهى، وفي ١٧٥٠ زادت إلى ٦٠٠، كما وجد منها عدد مناسب في كل مدينة في الأقاليم وفي مقهى "بروكوب" وكان يسمى أيضاً "كاف الكهف لأنه كان دائماً مظلماً" كان ديدرو ينشر أفكاره، كما كان فولتير يقصد إليه متنكراً ليسمع التعليقات على أحدث رواياته. وكان مثل هذا المقهى منتدى العامة حيث يلعبون الشطرنج أو "الضامة" أو "الدومينو"، وفوق هذا وذاك يتجاذبون أطراف الحديث لأن الناس ازداد شعورهم بالوحدة والوحشة بازدياد السكان في المدن. [ ول ديورانت، قصة الحضارة، ج36، ص75]
عرف العرب شرب القهوة سنة 1436م وكان أول ظهور لها في اليمن، أما في أوربا فكانت في إيطاليا سنة 1580م وفي انجلترا عام 1583م وفي فرنسا سنة 1646م وفي ألمانيا سنة 1673م..
صنع أول دلة نحاسية لاعداد القهوة في سوريا، وقد انتقلت القهوة من العرب إلى الأتراك ثم افريقيا والبلقان، ثم بقية دول العالم..
- فوائد جديدة للقهوة ..
اكتشفت مجموعة علمية كندية أنه خلال عملية تحميص القهوة تظهر فيها مواد خاصة، تمنع تطور أمراض الزهايمر وباركنسون (الشلل الرعاش).
وافاد موقع ScienceDaily بأن مجموعة علماء من جامعة تورونتو ومعهد كريمبل للبحوث، درسوا ثلاثة أنواع مختلفة من القهوة، وهي؛ خفيفة التحميص، والمحمصة جيدا مع الكافيين، والمحمصة من دون الكافيين. واتضح للعلماء بأن النوعين الأخيرين منعا انخفاض القدرات المعرفية المرتبطة بالتقدم بالعمر، والتي ترافق عادة الزهايمر وباركنسون، وهذا يعني بأن المفعول الإيجابي للقهوة ليس للكافيين، بل لمركب آخر ينتج خلال عملية التحميص.
وبعد إجراء التحاليل اللازمة تبين بأن هذا المركب هو فينيلندان phenylindane المضاد للأكسدة الذي يمنع تكون ما يسمى لويحات أميلويد –التليف العصبي الذي يسبب الخرف.
يشار الى ان مركب "phenylindane" هو مركب فريد من نوعه لأنه الوحيد الذي اكتشف في هذه الدراسة، والذي يكبح تراكم (بيتا –أميلويد) و(بروتينات تاو) التي تسبب مرض الزهايمر والشلل الرعاش، حسبما أعلن الباحث دونالد ويفر.[المصدر: روسيا اليوم]