التصحيف والتحريف في الأسماء والأنساب

التصحيف والتحريف في الأسماء والأنساب
من الأسماء العربية ما هو متشابهه أو متقارب في الشكل والرسم، أو متطابق، لأن العرب بيئتهم واحدة، وهذه الأسماء يحدث لها في كثير من الأحيان الخطأ الإملائي، أو الخطأ التشخيصي، أو الخطأ في الاعتقاد والظن، فيقع الكاتب أو الناقل أو الباحث في التباس وخلط بين هذا وذاك، وأما الأسماء المتطابقة فهي كثيرة مع اختلاف مؤكد في أنسابها، ولذلك يجب توخي الحذر والدقة مع الاطلاع على أكبر قدر ممكن من المصادر والتدوينات والروايات من أجل التمكن من التفريق بينهما، ولذلك أضع هنا بعض الأمثلة التي توضح الصورة الحقيقية لهذه الأسماء والأنساب، واكتشاف الأخطاء المختلفة منها..

وتتمثل هذه الأسماء التي اخترتها في الشكل أو النموذج التالي: رياح بن ربيعة، رزاح بن ربيعة، دراج بن ربيعة، ورزاح بن عدي ودراج بن عدي، وهناك صور متشابهة لهذه الأنماط بحروف أخرى تم مناقشة بعضها في مواضع أخرى، أذكرها لكم مع أخطائها كما وجدناها : مثل (حرام وحزام وجذام، كثير وكبير وبكر، والهزم وهذيم وحذيم وحذيفة وحنيفة وجذيمة وخزيمة، وهتيم وهيثم، وجسر وجزء، وقيس وبهيس وضبيس وعبس وقين، وبعجة وبهجة وبهثة وجهمة وتغلب وثعلب، وحاتم وغانم وسمور وسمول، وكلاب وكلب وكليب، وفايد وقايد وعايد وصياد ومياد، وعائذ وعائد ونهد وفهد وهند، وصباح ورماح وصياح، وعنترة وعنزة وعذرة وخدرة وقدرة وعروة وفروة، ضبة وضنة، مضر ونصر، ومناة ومناف، وربيعة ورضيعة وضبيعة وعوف وعون وربان وريان وزبان ومهاجر ومعاصر ومهاصر وغير ذلك من كلمات وأسماء متعددة)

رزاح ورياح ودراج في الأنساب :

رزاح: 

رزاح بن عدي بن سهم بن مَازِن بن الْحَارِث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حَارِثَة بن عمرو مزيقياء..

رزاح بن عدي بن كَعْب بن لؤَي بن فهر(قريش) بن مالك  بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان..

رزاح بن ربيعَة العذري، فِي الْجَاهِلِيَّة.(رزاح بن ربيعة بن حرام بن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة)..

رزاح بن ربيعة بن مراح(حرام) بن (ضنة) بن عبيد بن كبير بن عذرة القضاعي. شاعر جاهلي قديم ينتمي إلى قبيلة نهد القضاعية..

رُزاح بن ربيعة: بطن من عذرة ابن زيد، من كلب، من القحطانية، وهم: بنو رزاح بن ربيعة بن حزام بن ضنّة بن عبد بن كثير بن عذرة بن ابن زيد. من قراهم نطاع احدى قرى البحرين. (نهاية الأرب للقلقشندي مخطوط ق ١١٤- ١)..

رياح:

رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور..

رياح بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ابن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور ابن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان..

رياح بن ربيعة بن عوف بن هلال بن شمخ بن فزارة..

رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّة..

رياح بن عَبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر..

دراج: 

دراج بن عدي، رياح بن عبد الله بن قرط بن دراج بن عدي،  بنو عدي: بطن من لوي بن غالب من العدنانية، وهم بنو عدي بن كعب بن مرة، كان له من اولد رزاح وعويج، فمن بني رزاح امير المؤمنين عمر ابن الخطاب ..

بني عامر بن دراج آل ربيعة، ومنازلهم مع قومهم في بادية الشام.

دراج بن العنبس بن وهبان بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب  بن فهر بن مالك.

ربيعة بن دَرَّاج بن العنبس من بني جمح..(أسر يَوْم بدر)..[أنساب الأشراف، البلاذري، ج10، ص268]

ربيعة بن دراج في بني مخزوم، قال أبو زرعة: وَرَبِيعَةُ بْنُ دَرَّاجٍ، وَزِيَادٌ، مولى آل دراج، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ نَسَبَ رَبِيعَةَ بْنَ دَرَّاجٍ فِي بَنِي مَخْزُومٍ. [تاريخ أبو زرعة الدمشقي، ص640]..

وحرام بن دَرَّاج.

حَرَام بن دراج وقيل: حزام بن دراج وقيل: ربيعة بن دراج [المؤتلف والمختلف للدارقطني، ج2، ص574]..

الأخطاء تنمو وتتطور مع مرور الزمن التاريخي، تقع هذه الأخطاء لأسباب عديدة، الأسماء سابقة الذكر، وجدت في الكتب والمؤلفات التاريخية والاجتماعية الحديثة بشكل واسع..

أمثلة أخرى، لأخطاء النسب يقع بسبب التفسير والفهم الخاطئ للاسم:

- أبو مسعود البدري: لم يشهد بدرا، بل نزل فيها، فنسب إليها.

- يزيد الفقير: لم يكن فقيرا، وإنما أصيب في فَقَار ظهره.

- خالد الحَذَّاء: لم يكن حَذَّاء، وإنما كان يجالس الحَذَّائين..

-(التيمي) وليس من بنى تيم ولكنه جاورهم.

- (الحربي) هناك من لم يكن اصلا من قبيلة حرب، ولكنه تلقب بذلك لاختصاصه في الأعمال الحربية.

- من نسب إلى أمه: مثل: معاذ، ومعوذ، وعوذ؛ بنو عفراء، وأبوهم الحارث، ومثل: بلال بن حمامة، وأبوه رباح، ومحمد بن الحنفية. أبوه علي بن أبي طالب.

- من نسب إلى جدته: العليا أو الدنيا، مثل: يعلى بن منية، ومنية أم أبيه، وأبوه أمية، وبشير بن الخصاصية، وهي أم الثالث من أجداده، وأبوه معبد.

- من نسب إلى جده: مثل: "أبي عبيدة بن الجراح" اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح، وأحمد بن حنبل، هو أحمد بن محمد بن حنبل.

- من نسب إلى أجنبي لسبب: مثل: المقداد بن عمرو الكندي، يقال له: المقداد بن الأسود؛ لأنه كان في حجر الأسود بن عبد يغوث، فتبناه.[تيسير الحديث، محمود الطحان، ص272]

[التصحيف والتحريف] [من كتاب بحوث في المصطلح للفحل، ماهر الفحل، ص264]

التصحيف والتحريف من الأمور الطارئة الَّتِيْ تقع في الْحَدِيْث سنداً أو متناً عِنْدَ بعض الرُّوَاة، وَهُوَ من الأمور المؤدية إلى الاختلاف في الْحَدِيْث. فيحصل لبعض الرُّوَاة أوهام تقع في السند أَوْ في الْمَتْن بتغيير النقط أو الشكل أو الحروف.

وهذا النوع من الخطأ يسمى عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ بـ (التصحيف والتحريف) .

والتصحيف هُوَ: تغيير في نقط الحروف أو حركاتها مع بقاء صورة الخط .

والتحريف: هُوَ العدول بالشيء عن جهته، وحرَّف الكلام تحريفاً عدل بِهِ عن جهته، وَقَدْ يَكُوْن بالزيادة فِيْهِ، أو النقص مِنْهُ، وَقَدْ يَكُوْن بتبديل بعض كلماته، وَقَدْ يَكُوْن بجعله عَلَى غَيْر المراد مِنْهُ؛ فالتحريف أعم من التصحيف .

ولابد من الإشارة إلى أن المتقدمين كانوا يطلقون المصحف والمحرف جميعاً عَلَى شيء واحد، ولكن الحافظ ابن حجر جعلهما شيئين وخالف بينهما، فَقَدْ قَالَ: ((إن كانت المخالفة بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق فإن كَانَ ذَلِكَ بالنسبة إلى النقط فالمصحف، وإن كَانَ بالنسبة إلى الشكل فالمحرّف)) .

وعلى هَذَا فالتصحيف هُوَ الَّذِيْ يَكُوْن في النقط؛ أي في الحروف المتشابهة الَّتِيْ تختلف في قراءتها مثل: الباء والتاء والثاء، والجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة، والدال المهملة والذال المعجمة، والراء والزاي.

ومعرفة هَذَا الفن من فنون علم الْحَدِيْث لَهُ أهمية كبيرة؛ وذلك لما فِيْهِ من تنقية الأحاديث النبوية مِمَّا شابها في بعض الألفاظ سواء كَانَ في متونها أم في رجال أسانيدها.

وعندما كثر التصحيف والتحريف بَيْنَ الناس شرع الحفاظ من أهل الْحَدِيْث بتصنيف كتب: (التصحيف والتحريف) وكتب (المؤتلف والمختلف) ، وهذا الفن فن جليل لما يحتاج إِلَيْهِ من الدقة والفهم واليقظة، وَلَمْ ينهض بِهِ إلا الحفاظ الحاذقون قَالَ: ابن الصَّلاَحِ: ((هَذَا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ)) .

والسبب في وقوع التصحيف والإكثار مِنْهُ إنما يحصل غالباً للآخذ من الصحف وبطون الكتب، دون تلق للحديث عن أستاذ من ذوي الاختصاص؛ لِذَلِكَ حذر أئمة الْحَدِيْث من عمل هَذَا شأنه، قَالَ سعيد بن عَبْد العزيز التنوخي : 

((لا تحملوا العلم عن صحفي، ولا تأخذوا القرآن من مصحفي)) 

قال د. جواد علي: "أصل التصحيف أن يأخذ الرجل اللفظ من قراءته في صحيفة، ولم يكن سمعه من الرجال فيغيره عن الصواب. وقد وقع فيه جماعة من الأجلاء من أئمة اللغة وأئمة الحديث، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل: من يعرى من الخطأ والتصحيف؟!

قال ابن دُرَيد: صحف الخليل بن أحمد، فقال: يوم بغاث بالغين المعجمة، وإنما هو بالمهملة. أورده ابن الجوزي. وهو شيء لا يمكن وقوعه من الخليل، صاحب العلم الغزير بأحوال العرب، وقد يكون من فعل النساخ، إن صح كلام ابن الجوزي، فنسب التصحيف إلى الخليل.

وسببه الخط، أما لتشابه الحروف، وإما بسبب عدم وجود الحركات..[ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج17، ص272]

محاولات معالجة وتصحيح الأسماء في علم الأنساب:

-(مختلف [أسماء] القبائل ومؤتلفها) لمحمد بن حبيب البغدادي (- ٢٤٥)..

عبد الغنى بن سعيد الأزدي المصري (٣٣٢- ٤٠٩) ألف فيه كتابه في مشتبه النسبة وهو ضرب خاص من هذا الفن.

الحافظ محمد بن طاهر المقدسي (٤٤٨- ٥٠٧) كتاب (الأنساب ٢٠ المتفقة في الخط المتماثلة في النقط)..

ومن أقدم كتب التصحيف والتحريف ما صنعه أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري ٢٩٣-٣٨٢ وقد طبع نحو نصفه بمصر سنة ١٣٢٦ ثم طبع كاملا بتحقيق الأستاذ عبد العزيز أحمد سنة ١٣٨٣. وما صنعه الحافظ علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة ٣٨٥ ذكره ابن الصلاح والنووي وابن حجر والسيوطي.

ومما يصح أن يجعل بين كتب التصحيف والتحريف كتاب التنبيهات على أغاليط الرواة، لعلي بن حمزة البصري المتوفى سنة ٣٧٥ وإن كان لم يسم كتابه بما يدل على ذلك.

تاريخه: وتاريخ التصحيف والتحريف قديم جدًّا، وقد وقع فيه جماعة من الفضلاء من أئمة اللغة وأئمة الحديث حتى قال الإمام أحمد بن حنبل: "ومن يعرى من الخطأ والتصحيف". [تحقيق النصوص ونشرها، عبد السلام هارون، ص64]..

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم