الفرق بين الإسلام والإيمان

 

من هو المسلم ومن هو المؤمن سؤال في غاية الأهمية، تعالوا بنا نتعرف على الفروقات الأساسية بين كل منهما، أن للدين ثلاث مراتب: أولها الإسلام، وأوسطها الإيمان، وأعلاها الإحسان، ومن وصل إلى العليا، فقد وصل إلى التي قبلها، فالمحسن مؤمن مسلم، والمؤمن مسلم، وأما المسلم فلا يلزم أن يكون مؤمنا.

وهذا التفصيل الذي أخرجه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل جاء به القرآن، فجعل الأمة على هذه الأصناف الثلاثة، فقال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [سورة فاطر آية: ٣٢]

فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه، والمقتصد هو المؤمن المطلق الذي أدى الواجب وترك المحرم، والسابق بالخيرات هو المحسن الذي عبد الله كأنه يراه.

الأركان مختلفة بين الإسلام والإيمان:

1- أركان الإسلام، في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً".

2- أركان الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى.

ليس المسلم هو المؤمن:

في قوله تعالى" { قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ} [الحجرات:14]

وفي قوله تعالى: { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ (36)} [الذاريات: 36]

إذا كل مؤمن مسلم وليس العكس:

أما عن إطلاق كلمة مسلم ومؤمن فإن الْمُسْلِمَ قَدْ يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي بَعْضِهَا وَالْمُؤْمِنُ مُسْلِمٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَكُلُّ مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً، فدائرة الإسلام تتسع لعدد من الناس أكثر مما تتسع له دائرة الإيمان فاسم المؤمن المطلق يقع على من قام بالدين كله ظاهراً وباطناً واسم المسلم يقع على كل من نطق بالشهادتين ولم يظهر منها ما ينقضهما.

المسلم يكون لله والمؤمن يكون بالله : يعني المؤمن حاز الأولى والثانية معا

{رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ}[البقرة:128]

{وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ أُو۟لَٰٓئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:162]

ولذلك يعرف الإسلام بأنه: الاستسلام لله تعالى، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، والبراءة من أهله، أما الإيمان مركبًا في حقيقته من قول وعمل واعتقاد، فيكون معنى الإسلام: الانقياد الناشئ عن الإذعان والاستسلام، كما هو ظاهر من التعريف، والإيمان: التصديق القلبى الذي يلزم الإتيان بفعل الطاعات وترك المحظورات.

فالإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة، إذا الإيمان التصديق مثبتاً بالقول والعمل، يعني تصديقُ القلبِ، فهو علمُ القلبِ وعملُه، والإسلام فعل ما فرض على الإنسان أن يفعله.

المؤمنون إخوة، والمسلم أخو المسلم

في قوله تعالى" {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10]

نلاحظ أن المؤمنون إخوة وردت في القرآن الكريم، المصدر الأول للتشريع، وأن المسلم أخو المسلم وردت في السنة النبوية العطرة المصدر الثاني للتشريع، ولكن لم يرد أن المؤمن أخو المسلم لا في القرآن ولا في السنة، فيكون الفرق بينهما بأن إخوة المؤمن للمؤمن هي جزء من العقيدة الإيمانية والإصلاح بينهما فرض، وإخوة المسلم للمسلم هي جزء من قواعد الأخلاق الإسلامية العامة..

الإسلام والإيمان والولاية..

فـالمسلم الموحد بلسانه، والمؤمن المصدق بقلبه (الإيمان في القلب)

وفي الحديث عن أبو هُرَيْرَةَ رفعه: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ)). للترمذي والنسائي وقال حديث حسن صحيح

وأن المسلم من أسلم نفسه من عذاب الله، والمؤمن من أمن نفسه من ذلك..

التقوى أين تكون في المسلم أم المؤمن:

1- نلاحظ أن العمل الصالح دائماً مرتبط بالمؤمن كما في قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ} البقرة:82..

2- نلاحظ أن من صفات المؤمن في السنة النبوية: الكرم، والكلام الطيب والحسن والخير، والمحبة في الله، ولا يؤذي أحد، ويرفع الأذى عن الناس، ومن صفات المؤمن الوفاء والإخلاص والصدق والأمانة والإحسان والقناعة والرضى والإيمان بالقدر خيره وشره، ولذلك فالمؤمن من أهل التقوى..والتقوى في أهل الإيمان..

3- نستخلص من الشرع والسنة النبوية العطره والفقه الإسلامي أن تولي أمور الأمة لا تكون إلا في أهل الإيمان وليس فيمن كان مسلماً فقط..

ويتضح ذلك في قوله تعالى: {لَّا يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِى شَىْءٍ} آل عمران:28..

وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَٰهَدُوا۟ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوٓا۟ أُو۟لَٰٓئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَلَمْ يُهَاجِرُوا۟ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَىْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا۟ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍۭ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَٰقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} الأنفال:72..

تعريف الولاية:

الْوِلاَيَةُ بِالْكَسْرِ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْوَلْيِ، وَهُوَ الْقُرْبُ. يُقَال: وَلِيَهُ وَلْيًا، أَيْ دَنَا مِنْهُ. وَأَوْلَيْتُهُ إِيَّاهُ: أَدْنَيْتَهُ مِنْهُ. وَوَلِيَ الأَْمْرَ: إِذَا قَامَ بِهِ، وَتَوَلَّى الأَْمْرَ؛ أَيْ تَقَلَّدَهُ، وَتَوَلَّى فُلاَنًا: اتَّخَذَهُ وَلِيًّا.

وَالْوَلِيُّ - فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ - مِنْ وَلِيَهُ: إِذَا قَامَ بِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا}[البقرة:257]

وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ فِي حَقِّ الْمُطِيعِ. وَمِنْهُ قِيل: الْمُؤْمِنُ وَلِيُّ اللَّهِ. وَالْمَصْدَرُ الْوِلاَيَةُ. وَكَذَلِكَ تَأْتِي بِمَعْنَى السَّلْطَنَةِ، وَمِنْهُ قِيل: الْعِلْمُ مِنْ أَشْرَفِ الْوِلاَيَاتِ، يَأْتِي إِلَيْهِ الْوَرَى وَلاَ يَأْتِي، أَمَّا الْوَلاَيَةُ - بِالْفَتْحِ - فَتَعْنِي النُّصْرَةَ وَالْمَحَبَّةَ.

وَقَال ابْنُ فَارِسٍ: وَكُلٌّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ آخَرَ فَهُوَ وَلِيُّهُ. وَمِنْهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَوَلِيُّ الْقَتِيل وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِهِمْ وَالْمُتَصَرِّفُ فِي أَمْرِهِمْ. وَوَالِي الْبَلَدِ: وَهُوَ نَاظِرُ أُمُورِ أَهْلِهِ الَّذِي يَلِي الْقَوْمَ بِالتَّدْبِيرِ وَالأَْمْرِ وَالنَّهْيِ.

وَالْوِلاَيَةُ اصْطِلاَحًا: اسْتَعْمَل جُل الْفُقَهَاءِ كَلِمَةَ الْوِلاَيَةِ بِمَعْنَى تَنْفِيذِ الْقَوْل عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى فَتَشْمَل الإِْمَامَةَ الْعُظْمَى وَالْخُطَّةَ كَالْقَضَاءِ، وَالْحِسْبَةِ وَالْمَظَالِمِ وَالشُّرَطَةِ وَنَحْوِهَا..إلخ [الموسوعة الفقهية الكويتية، ج45، 135]..

سؤال /من المؤمن ومن المسلم، وما الفرق بينهما؟

جواب/المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة- التاريخ 1423هـ

الإيمان قول وعمل، فيشمل قول القلب وهو التصديق، وعمل القلب وهي العبادات القلبية كالتوكل على الله، ومحبته، وخشيته، ورجائه، وقول اللسان وعمل الجوارح، والإسلام، هو: الاستسلام والخضوع لله -تعالى- وحده، ومقام الإيمان أعلى وأخص من مقام الإسلام، وذلك عند اقترانهما كما في آية: "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" [الحجرات:١٤] فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً، وأما إذا افترقا فيكون الإيمان متضمناً للإسلام، كما أن الإسلام متضمن الإيمان، والله أعلم.

هذا وبالله التوفيق والسداد..

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم