مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - الحدود الشرعية: فهي حد القتل قصاصا، والقتل للردة، وحد الحرابة، وحد الزنا، وحد اللواط، وحد القذف، وحد السكر، وحد القصاص في الأطراف، والتعزير متروك لاجتهاد الحاكم.
ما هي الحدود: وقد عرف الفقهاء الحد، بأنه عقوبة مقدرة حقاً للًّه تعالى - فمتى علم الحاكم بمجرم استحق عقوبة الحد، فإنه يجب عليه التنفيذ. ولا يملك العفو عنه.
الحد في اللغة: المنع، ولذا سمي البواب حداداً لمنعه الناس عند الدخول، وسميت العقوبات حدوداً، لكونها مانعة من ارتكاب أسبابها، وحدود الله: محارمه؛ لأنها ممنوعة، بدليل قوله تعالى: {تلك حدود الله فلا تقربوها} [البقرة:١٨٧/ ٢] وحدود الله أيضاً: أحكامه أي ما حده وقدره، فلا يجوز أن يتعداه الإنسان، وسميت حدوداً؛ لأنها تمنع عن التخطي إلى ما وراءها، بدليل قوله تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها} [البقرة:٢٢٩/ ٢].
والحد في الشرع في اصطلاح الحنفية: عقوبة مقدرة واجبة حقاً لله تعالى، فلا يسمى التعزير حداً؛ لأنه ليس بمقدر، ولا يسمى القصاص أيضاً حداً؛ لأنه وإن كان مقدراً، لكنه حق العباد، فيجري فيه العفو والصلح، وسميت هذه العقوبات حدوداً؛ لأنها تمنع من الوقوع في مثل الذنب.
والحد في اصطلاح الجمهور غير الحنفية: عقوبة مقدرة شرعاً، سواء أكانت حقاً لله أم للعبد.
وفيما يلي التفصيل:
1- في حد القتل قصاصا قول الباري جل ذكره: {يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَليْكُمْ القِصَاصُ فِي القَتْلى الحُرُّ بِالحُرِّ} الآية [البقرة: ١٧٨] .
2- في حد الردة قوله صلى الله عليه وسلم: “ من بدل دينه فاقتلوه” .
3- في حد الحرابة قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:٣٣] .
4- في حد الزنا غير المحصن قول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَليَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ المُؤْمِنِينَ} [النور:٢] .
وفي حد الزنا في حالة الإحصان القتل رجما، ودليله حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف “ .
5- في حد اللواط وهو إتيان الذكر الذكر القتل لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به “.
6- في حد القذف وهو اتهام المسلم أو المسلمة ورميه بالفاحشة: الجلد ثمانين جلدة قال تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلدَةً وَلا تَقْبَلُوا لهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلئِكَ هُمْ الفَاسِقُونَ} [النور:٤] .
7- في حد السكر: الجلد أربعين جلدة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال: “ اضربوه” قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف قال القوم: أخزاك الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:“لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان” وفي رواية أبي لهيعة عند أبي داود: ثم قال صلى الله عليه وسلم بعد ضربه:“بكتوه “ فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله ما خشيت الله وما استحييت من رسول الله، ثم أرسلوه، وقال في آخره:“ولكن قولوا اللهم اغفر له اللهم ارحمه” .
وفي رواية عبد الرحمن بن أزهر: “ ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترابا من الأرض فرمى به في وجهه” .
8- وفي حد القصاص في الأطراف قول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَليْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لهُ وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَل اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [المائدة:٤٥] .
9- وأما التعزير فهو متروك لاجتهاد الإمام وتقديره، ومن الأدلة عليه حديث أبي بردة الأنصاري قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “ لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله” .
ويكون التعزيز بالضرب وقد يكون بالقتل، وقد يكون بتغريم المال ومنه الغرامات التي يضعها الإمام على مخالفي أنظمة المرور في عصرنا كما يقطعون إشارة المرور فيتسببون في ازهاق الأرواح.
ومن المعلوم أن إقامة الحدود الشرعية إنما هي من اختصاصات السلطان فليس لآحاد الناس القيام بذلك، ولابد قبل إقامة الحد الشرعي من إثبات التهمة بالطرق الشرعية التي يسلكها القاضي فلا تجوز شهادة رجل واحد في حد من حدود الله تعالى قال ابن القيم رحمه الله: “صح عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: لو رأيت رجلا على حد من حدود الله تعالى لم آخذه حتى يكون معي شاهد غيري، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أرأيت لو رأيت رجلا قتل أو شرب أو زنا؟ قال: شهادتك شهادة رجل. فقال له عمر: صدقت” .
- المراجع/
- الفقه على المذاهب الأربعة
- أساليب الدعوة
- الفقه الإسلامي وأدلته
التسميات :
الأخلاق