في أسباب العداوة |
ونأخذ مقتطفات تدل على وجود العداوة وكيف تحدث عنها ممن سبقنا من الأدباء والفقهاء والعلماء والشعراء في ثقافتنا العربية الإسلامية..
فقالت العرب:
كُمُون العداوة في الفؤاد كَكُمُون الجَّمر في الرماد. القريب بعيدٌ بعداوته، والبعيد قريبٌ بمودته.
كم صاحبٍ عاديته في صاحبٍ ... فتصالحا وبقيت في الأعداء
وقال آخر:
إنّ العدوّ وإن أبدى مسالمةً ... إذا رأى فيك يوماً فرصةً وثبا
الأخطل:
إن العداوة تلقاها وإن قدمت ... كالعرّ يكمن حيناً ثم ينتشر
ابن المعتز: لا تأمنن عدوك وإن كان مقهوراً، واحذره، فإن حدّ السيف فيه وإن كان مغموداً. غيره: لا تتعرضن لعدوك في دولته؛ فإنها إذا زالت كفيت مؤونته. نصح الصديق تأديب، ونصح العدو تأنيب. لا تأنسن لعدوك وإن تبسم إليك، ولا تيأسن من صديقك وإن تجهم عليك. كتب مروان إلى بعض الخوارج: إني وإياك كالحجر والزجاجة، إن وقع عليها رضها، وإن وقعت عليه قضها
قيل للشيب بن شيبة: ما بال فلان يعاديك. فقال: لأنه شقيقي في النسب. وجاري في البلد ورفيقي في الصناعة. وقال رجل لآخر: إني أخلص لك المودة. فقال: قد علمت. قال: وكيف علمت وليس معي من الشاهد إلا قولي. قال: لأنك لست بجار قريب. ولا بابن عم نسيب. ولا بمشاكل في صناعة (للثعالبي)..
وقال العرب: "النَّمِيمَةُ أُرْثَةُ العَدَاوَةِ: الأرْثَة والإرَاثُ: اسمٌ لما تُؤَرَّثُ به النار، أي النميمة وقُودُ نارِ العداوة."
" يعالج الجاحظ مسألة الفصل ما بين العداوة والحسد. فيرى الحسد نتيجة النعمة التي اسبغت على المحسود وحرم منها الحاسد. اما العداوة فلها اسباب مباينة. ويرافق العداوة العقل اما الحسد فيخلو منه. والحسد لا يزول الا بزوال المحسود عليه، اما العداوة فتحدث لعلة وتزول بزوالها. والعداوة تضعف مع الزمن بينما يبقى الحسد غضا جديدا. والحسد يرافق الكذب بينما قد تخلو العداوة من الكذب، والحسد يتفشى في اهل العلم اكثر من الجهلة والملوك والسوقة. والحسود جبان بينما العدو اشجع واظهر..
قال عدي بن زيد:
- عداوةُ القربى أشدُ مضاضةً ... على المرءِ من وقعِ الحسامِ المهندِ
قال المتنبي:
ومن العداوةِ ماتينالُكَ نفعُهُ ... ومن الصداقةِ ما يضرُّ ويؤلمُ.
وقال المعري:
- يقولُ لك العقلُ الذي بيَّنَ الهُدى ... إِذا أنتَ لم تدرأْ عدواً فدارهِ
- وقبِّلْ يدَ الجاني الذي لسْتَ واصلاً ... إِلى قطعِها وانظرْ سقوطَ جدارهِ..
قال أبو الفتح البستي:
- لا يستخفنَّ الفتى بعدوِّه ... أبداً وإِن كان العدوُّ ضئيلا
- إِن القذى يؤذي العيونَ قليلُهُ ... ولربما جرحَ البعوضُ الفيلا..
وقال ابن حيوس:
- لن يتركَ الخصمَ الألدَّ مجدولاً ... إِلا امرؤٌ جعلَ الضرابَ جدالا..
وقال شاعر:
- أسدٌ على أعدائِه ... ما إِن يلينُ ولا يهونْ
- فإِذا تمكنَ منهمُ ... فهناكَ أحلمُ مليكونْ..
وقال المتنبي:
- ومن نكدِ الدنيا على الحُرِّ أن يرى ... عَدُواً له مامن صداقتِه بدُّ..
وقال أبو فراس الحمداني:
- لم أؤاخذْكَ بالجفاءِ لآني ... واثقٌ منكَ بالوفاءِ الصحيحِ
- فجميلُ العدوِّ غيرُ جميلٍ ... وقبيحُ الصديقِ غيرُ قبيحِ..
قال أبو دلف:
- أطيبُ الطيباتِ قتلُ الأعادي ... واختيالٌ على متونِ الجيادِ
- ورسولٌ يأتي بوعدٍِ حبيبٍ ... وحبيبٌ يأتي بلا ميعادِ..
وعن إياس بن معاوية: "خرجت في سفر ومعي رجل من الأعراب، فلما كان ببعض المناهل لقيه ابن عم له فتعانقا وتعاتبا، وإلى جانبهما شيخ من الحي يفن فقال لهما: انعما عيشاً، إن المعاتبة تبعث التجني، والتجني يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعث العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة"..
" رَوَى عمرُو بنُ شُعيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَا ذِىِ غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ". رواه أبو داودَ . الغِمْرُ: الحِقْدُ. ولأنَّ العَداوةَ تُورِثَ التُّهْمَةَ. فتَمْنَعُ الشَّهادةَ، كالقَرابَةِ القَريبةِ، وتُخالفِ الصَّداقَةَ؛ فإِنَّ فى شهادَةِ الصَّديقِ لصَديقِه بالزُّورِ نَفْعَ غَيرِه بمَضرَّةِ نَفْسِه، وَبيْعَ آخِرَتِه بدُنيا غيرِه، وشِهادةُ العَدُوِّ على عدُوِّه يَقْصِدُ بها نَفعَ نفسِه، بالتَّشفِّى مِن عَدُوِّه، فافْتَرقا. فإن قيلَ: فلِمَ قَبِلْتُم شَهادةَ المسلمين على الكُفَّارِ مع العَداوَةِ؟ قُلْنا: العَداوَةُ ههُنا دِينِيَّةٌ، والدِّينُ لا يَقْتضِى شَهادةَ الزُّورِ، ولا أن يَترُكَ دِينَه بمُوجِبِ دِينِه.."
وكتب أحد العرب :
وأفظع الأمر أن أولئك كانوا يحاربون وهم يقولون: صدق وإن الكفر خير من النفاق. وإن العداوة أفضل من الخديعة. وإن الصراحة على كل حال عظمة، وإن المراءاة على أي وجه حقارة!..
ووصى أعرابيّ ابنه فقال:
"ابْذُل المودَّة الصادقة تستفدْ إخوانًا، وتتخذ أعوانا، فإن العداوة موجودة عَتِيدَة، والصداقة مُسْتَعْرِزَةً١ بعيدة، جنَّب كرامتك اللئام، فإنهم إن أحسنت إليهم لم يشكروا، وإن نزلتْ شديدة لم يصبِرُوا"..
التسميات :
الأخلاق