دومة الجندل:


كانت دومة الجندل: سوقا كبيراً ينزله العرب في أول يوم من ربيع الأول، فيقيمون أسواقها بالبيع والشراء، والأخذ والعطاء، وتستمر هذه السوق لمدة شهر، يأتيته عرب كثر من الشام والعراق والحجاز، وأكثر العرب النازلون هناك هم من بني عامر بن صعصعة وبني هلال بن عامر وبني كلب ووبرة وعذرة وعرب سليم وطيء.
وهي قرى بين الشام والمدينة قرب جبلي طيء، بينها وبين دمشق سبع مراحل، في جنوب بلاد الشام، وهي مساكن قبلية كنانة من كلب[1] بن وبرة القضاعية، التي تتفرع منها بني عامر بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن رفيدة بن ثور بن كلب، ومن قبيلة كلب العرينات[2] وجاء في تاريخ نجد بأن العرينات بطن من قحطان وحلفاء لبني عامر بن صعصعة[3]،والشرارات وهم إلى اليوم وقد ذكرهم بعض الباحثين من عرب هتيم بسيناء[4]، وهذا خطأ لم يرد في أي من كتب الأنساب ولا النسابين إلا في كتاب نعوم بشارة نقولا شقير لبناني الأصل ومن جاء بعده وأخذ عنه، وكتاب نعوم شقير والذي تم في حدود عام 1906م لا يصح مرجعاً لعلم النسب لأنه لم يكن عالماً ولا باحثاً فيها ولم يدون اسمه في طبقات النسابين وإنما كان يعمل لدى الإنجليز وكلف بدراسة سيناء لإعداد تقريرا استخباراتيا عنها بسبب الخلاف القائم بين انجلترا والدولة العثمانية حول الحدود الشرقية، والشرارت بحسب ما هو مشهور من قبيلة كلب من قضاعة وهم يحترفون صيد الأسماك مثلهم في ذلك مثل قبيلة بني عامر، وقد كان لهذه المنطقة صلة وثيقة ببلاد العرب شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، حيث تقطعها طرق القوافل ذهاباً وإياباً، وتعتبر دومة الجندل مركزاً قضاعياً متقدماً، حيث كانت بها سوق تجارية تنزله العرب أول يوم من ربيع الاول فيقيمون أسواقها بالبيع والشراء والأخذ والعطاء فيعشرهم رؤساء آل بدر في دومة الجندل وربما غلب على السوق بنو كلب فيعشرهم بعض رؤساء كلب فتقوم سوقهم الى آخر الشهر ثم ينتقلون الى سوق آخر[5]، وكانت قبيلة كلب بن وبرة في دومة الجندل وكذلك في بادية السماوة بين الكوفة والشام حتى جاء الإسلام، وبعد ذلك أخذت تتقدم نحو بلاد الشام، وشكلت هذه القبيلة فيما بعد العمود الفقري لقوات الجيش الأموي في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وظهر منهم عدد كبير من القادة والزعماء الذين ترأسوا قبائل قحطان في بلاد الشام والعراق، وتحالف مع بني كلب عدد كبير من قبائل العرب منهم القحطاني ومنهم العدناني على السواء، وارتبطت فيما بينها بعامل التزاوج والمصاهرة فتداخلت الأنساب بينهم، ولعل أهم هذه الأحلاف ما قدم تاريخه وعظم نسبه بالمصاهرة وثبتت جذوره بالمجاورة، ومن أمثلة ذلك : تداخل بني عامر بن عوف مع بعض بني عامر بن صعصعة حسبما جاء في أمهات الكتب، وعلى أية حال كانت بني عامر بن عوف وبنو كنانة أشهر قبائل بني كلب في العهد الأموي وبداية العهد العباسي، وفي سنوات لاحقة انصهرت معهم قبائل أخرى، وأهمها بنو خفاجة وبني هلال وبني سليم، وهناك جزء من هذه القبائل أعان القرامطة في حركتهم ليس حباً فيهم، ولكن انتقاماً لأعمال الفاطميين، وسيأتي بيان ذلك.

[1] ( معجم البلدان، الحموي، م2، ص487)
[2] ( مؤتلف القبائل ومختلفها، لابن حبيب، ص37)
[3] ( تاريخ نجد، الألوسي، ط4، 2005، ص93)
[4] ( سيناء الموقع والتاريخ، ص24-27)[ المعلومة أخذت عن كتاب تاريخ سيناء لنعوم شقير]
[5] ( نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، القلقشندي، ص408، نسخة word)
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم