وبحسب روايات تراثية قديمة، تنص أن قبيلة بني عامر ، كانت من أوائل العربان الذين سكنوا هذه المنطقة، وكان لهم دوراً في جباية رسم المرور من هذه النقطة، وذلك في مرحلة من مراحل عزهم وقوتهم، ولكن هذه الوظيفة قد انتزعت منهم، حين حل بهم الضعف وتفرقوا على إثر الغزو التركي والمعارك التي وقعت بين الترك والمماليك من جهة، وهجمات الترك على البدو من جهة ثانية والصراع الداخلي من جهة ثالثة، ثم تدهور حركة التجارة فترة من الزمن، ومما يسترعي الانتباه في ذلك ما يلي:
- قطية هذه والواقعة في شمال سيناء قبلة من العريش كانت تابعة للمديرية الشرقية التي نزل بها بني عامر وبني قيس عموما في حوالي العام 109هـ/ 727م وكانوا أول نزلوهم في العهد الأموي بطلب من والي مصر، وتمركزوا في بلبيس قادمين من بادية الشام.
وقطية هي سيدة جليلة من قبيلة بني عامر اسمها: قطية بنت بشر بن عامر ملاعب الأسنة بن مالك بن جعفر بن كلاب [1] وهي أم بشر بن مروان بن الحكم الأموي، وقال فيها عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الحكم، شعرا: قطية كالتمثال أَحْسَن نقشه ... وأم أبان كالشراب المبرد.[2] كما أن أخوه عبد العزير بن مراون بن الحكم الأموي، أمه كلبية من قضاعة، كما ذكر النويري بأن قطية بن زيد بن سعد من بني القين بن جسر، كان سيد قضاعة في آخر الجاهلية وأول الإسلام[3]، ولا يخفى على أحد بأن بني القين كانت من البطون القضاعية التي تولت أمور مهمة في تلك الحقبة ببلاد الشام والحجاز، حيث كانت فيما سبق مع سليح القضاعية التي كانت في جنوب بلاد الشام تجبي الرسوم من الطرق التجارية قبل حربهم مع الغساسنة[4]، ومن المهم ذكره هنا بأن كلب القضاعية وبني عامر بن صعصعة كانتا في الشام يدا واحدة، حيث أن بينهما صلة أنساب من جهة الأمهات ولهما علاقة وطيدة بالحكم الأموي، وذكر الحموي قطية في القرن السادس الهجري، وقال سكانها يعيشون في بيوت من جريد النخل وعندهم سمك كثير[5]، وفيها أصحاب السلطان لوزن مقرر على المجتاز بهم[6] وذلك في القرن الثامن الهجري، وقد ذكر ابن بطوطة في رحلته أنه مر بقطية هذه سنة 1338م، وكانت عبارة عن نقطة تفتيش حدودية[7] بين مصر وبلاد الشام، وأخبرنا المقريزي بأن السلطان الناصر بن قلاوون سنة 720هـ/1338م قد جعل مكس قطية (رسم) لضعفاء الأجناد ممن قطع خبزه، فجعل لكل منهم في السنة ثلاثة آلاف درهم[8]، وهذا يدل بصدق على أن قطية كانت مكاناً لجباية أموال المرور التي تحصل من المسافرين الذين يجتازونها من وإلى مصر، ولكن لستُ أدري في أي وقت بالضبط كانت هنا قبيلة بني عامر، ومع ذلك فقد ورد بأنها كانت موجودة في هذه الديار قبل القبائل المعروفة اليوم، ويستدل على ذلك لما ورد في كتاب سيناء الموقع والتاريخ، بأن قطية منزل قبيلة السماعنة منذ القدم[9]، وهي كما ذكرنا قبيلة قضاعية كانت قبيلة بني عامر حليفة لها وفق ما جاء في روايات أبناءها، ويعود الوجود القضاعي بأرض مصر إلى العصر الجاهلي أي قبل الإسلام وذلك بفضل ما تمتعت به القبائل القحطانية بحركة تجارية نشطة وعلاقات واسعة في المحور النشيط الواقع حول منطقة العقبة حيث تتوزع الطرق الفرعية إلى الشام ومصر، ارتباطاً بالحجاز ومكة وجنوب الجزيرة العربية، وكانت جذام وقضاعة وعامر بن صعصعة وبني قيس أكثر عرب الشام، ومن الجدير ذكره أن عرب السماعنة قيسيو النزعة أي أنهم كانوا ينتمون للقيسية، وكان لهم وجود في جبل القيسية الذي هو جبل الخليل.
[1] (نسب قريش، الزبيري المتوفي سنة 236هـ، ص161)
[2] (جُمل من أنساب الأشراف، البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) ج6، ص308
[3] ( نهاية الإرب في فنون الأدب، النويري،ج2 ص369)
[4] ( أمثال العرب، للمفضل الضبي، ص54)
[5] ( معجم البلدان، الحموي، م4، ص378)
[6] ( مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، البغدادي،ج3،ص1111)
[7] (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ج1، ص23).
[8] ( المواعظ والاعتبار، المقريزي، ص113)
[9] ( سيناء الموقع والتاريخ، عبده مباشر واسلام توفيق، ص24)
التسميات :
جغرافيا