هذه قصة بنت سعيد بن المسيب جدها لأمها الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه، وها هي قصة زواجها من حرملة ابن أبي وداعة،[ كثير بن المطلب بن وداعة واسمه الحارث بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب* بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر **
حدثنا عمر بن أحمد ابن عثمان قال : حدثنا عبدالله سليمان بن الاشعب قال : حدثنا أحمد بن حرملة عن ابن وهب قال : حدثنا عمي عبدالله بن وهب عن عطاف بن خالد عن ابن حرملة ابن أبي وداعة قال :
كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً ، فلما جئته قال : أين كنت ؟!
قال : توفيت أهلي فاشتغلت بها .
فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها ؟
قال : ثم أردت أن أقوم ، فقال : هل استحدثت امرأة ؟؟
فقلت : يرحمك الله ، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة ؟؟!
فقال : أنا .
فقلت : أوتفعل ؟
قال : نعم .
ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين ـ أو قال : ثلاثة ـ قال : فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح ، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن استدين ، فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي ، واسترحت ، وكنت وحدي صائماً فقدمت عشائي أفطر كان خبزاً وزيتاً ، فإذا بآت يقرع ،
فقلت : من هذا ؟
قال : سعيد .
قال : فأفكرت في كل انسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد ، فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب ، فظنت أنه قد بدا له فقلت : يا أبا محمد ، ألا أرسلت إلي فآتيك ؟!
قال : لأنت أحق أن تؤتى .
قال : قلت : فما تأمر ؟
قال : إنك كنت رجلاً عزباً فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذه امرأتك .
فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء ، فاستوثقت من الباب ثم قدمتها إلى القصعة التي فيها الزيت والخبز فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت إلى السطح ، فرميت الجيران ، فجاؤوني ، فقالوا : ما شأنك ؟
قلت : ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة ؟
فقالوا : سعيد بن المسيب زوجك ؟
قلت : نعم ، وها هي في الدار .
قال : فنزلوا هم إليها وبلغ أمي فجاءت ، وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاية أيام .
قال : فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها ، فإذا هي من أجمل الناس ، وإذا هي أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم بحق الزوج . قال : فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه ، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيداً وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس ، فلما لم يبق غيري ، قال : ما حال ذلك الإنسان ؟ قلت : خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو . قال : إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم .
قال عبدالله بن سليمان : وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها عبدالملك بن مروان لابنه الوليد بن عبدالملك حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبدالملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف .
قال عبدالله : وابن أبي وداعة هذا هو كثير بن المطلب بن أبي وداعة.
[ المصدر: ملتقى أهل الحيث]
(*) جمهرة أنساب العرب، لابن حزم الأندلسي
(**) معجم قبائل العرب
التسميات :
الرواية