اقتفاء آثار القوافل العربية


تقطع القافلة المسافة الممتدة من القاهرة وحتى مدينة العقبة في نحو 9- 10 أيام.

وكالات - أ ش أ
قال عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الآثار، إن “درب الحج المصري القديم عبر سيناء إلى مكة المكرمة لم يكن قاصراً على خدمة حجاج مصر في ذهابهم وعودتهم، وإنما كان يخدم حجاج المغرب العربي والأندلس وغرب إفريقيا”.

وأوضح ريحان، أن “طريق الحج استخدم منذ بداية العصر الإسلامي، وتميز بوجود ثلاث مراحل زمنية الأولى من الفتح الإسلامى حتى أواخر حكم الفاطميين، والثانية من أواخر حكم الفاطميين حتى أوائل حكم المماليك، والثالثة من أوائل حكم المماليك حتى عام (1303هـ / 1885م) حين تحول للطريق البحري وتزايدت أهمية الدرب خاصة مع قيام دولة سلاطين المماليك.

وأضاف أن الجزء الخاص بطريق الحاج بسيناء ينقسم لثلاث مراحل تتقارب في مسافاتها إلى حد كبير، فالأولى من بداية الطريق ببركة الحاج عند العاصمة وحتى عجرود وطولها 150كم، والثانية من عجرود إلى نخل بوسط سيناء وطولها 150كم، والثالثة من نخل إلى عقبة أيلة وطولها 200كم، وكانت تقطع كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث فى نحو ثلاثة أيام بالسير بقوافل الحجيج.

وتابع الخبير الأثري: “أول طريق يعبره حجاج مصر والمغرب العربي كان «قوص - عيذاب» من عام 450 إلى 665 هـ الموافق 1058- 1266م، حيث كان يخرج الحجاج من القاهرة قبل شهر رمضان ثم يسيرون لقوص 640 كم من القاهرة، وبعدها يقطعون 160كم إلى عيذاب أو القصير ويظلوا شهرين في انتظار الفلايك التي تحملهم عبر البحر الأحمر إلى جدة”.

واستطرد قائلا إن “شجرة الدر ارتادت درب الحج المصري القديم عبر سيناء عام (645 هـ / 1247 م)، واعتبرت أول مرتاد لهذا الطريق الذي صار الطريق الرئيسى للحجاج، وبعدها كسا الظاهر بيبرس الكعبة المشرفة وعمل لها مفتاحاً ثم أخرج قافلة الحج فى البر عبر سيناء عام (666 هـ / 1267 م)، فقل اتخاذ الحجاج لطريق عيذاب واستمر هذا الطريق كطريق تجاري حتى بطل عام (760 هـ / 1359 م)، وعلى الرغم من استتباب الأمن منذ حكم الأيوبيين، إلا أن درب الحاج المصرى قد أصبح طريقاً حربياً فى فترة الحروب الصليبية، مما أبقى على طريق قوص - عيذاب مساراً للحج”.[1]

وأشار إلى أن القاهرة فى الفترة الزمنية الثالثة لطريق الحج أصبحت مجمعًا حضريًّا كبيرًا يضم إلى جانب القاهرة المعزية قلعة الجبل والفسطاط وجملة من نواحى ظوهر القاهرة، ومن ثم أصبحت صحراء الريدانية، أرض مكشوفة غير عامرة العباسية حاليًّا، هى بداية الطريق نحو بركة الحاج، وكان الركب ينزل بها قبل المسير إلى البركة وكان بها سوق عظيمة يقضى فيها الحجاج يومين أو 3 قبل بدء الرحلة، ويتزود منها الحجاج بكل احتياجاتهم، والمسافة بينهما 22 كيلومترًا تُقطَع بسير القوافل فى 5 ساعات، ومن عجرود يمر الحجاج على 24 عامودًا حجريًّا ارتفاعها 2 متر، عبارة عن أعلام منصوبة للحجاج حتى لا يضلوا الطريق، ومن بركة الحاج إلى عجرود 130 كيلومترًا وتبعد 20 كيلومترًا شمال غرب مدينة السويس، ومن ثم فقد كانت بعض قوافل الحجاج تذهب إلى السويس قبل الدخول إلى سيناء طلبًا للماء، وقد قدَّر المؤرخون أحد مواكب الحاج بـ80 ألف راحلة دون الدواب الأخرى.
ولفت عبدالرحيم، إلى أن الطريق بملا بسيناء عبر بئر مبعوق ومنه إلى قلعة نخل بوسط سيناء، وفى نخل قرر السلطان الغورى إنشاء خان، ونفذ ذلك خاير بك المعمار أحد المقدمين سنة 915 هـ، 1509 م، وكان الخان ضيقًا فوُسِّعَ سنة 959 هـ، 1551 م، ونُصِب بقلعة نخل فى فترة الحج سوق وأفران خبز، وكانت ترد لهذا السوق جماعات من أهل سيناء، وبذلك يتوفر للحجاج جملة خدمات من حيث الإقامة فى خان فى ظل حماية الحراس وتوفير الماء العذب الكافى من الآبار وفى الفساقى وحراسة الموكب من قبائل سيناء، وكان يصل إلى نخل فى فترة الحج قوافل تجارية تجلب سلع الشام التى تلزم الحجاج.

وأضاف أن من قلعة نخل يسير ركب الحجاج إلى بئر التمد، ومنها إلى دبة البغلة التى تحوى علامة هامة تحدد معالم هذا الطريق وهى نقش السلطان الغورى الذى يحوى نصوص قرآنية ورنك خاص بالسلطان ونقش خاص بتعميره لهذا الطريق، ومنها إلى سطح العقبة ومنها إلى عقبة أيلة، وتستغرق الرحلة من بركة الحاج حتى قلعة العقبة 9 أيام يتجه بعدها الحجاج للأراضى الحجازية بمحاذاة البحر الأحمر للجنوب إلى حقل مدين وينبع وبدر ورابغ وبطن مر، ومنها إلى مكة المكرمة.[2]..

المصادر



              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم