قافلة الغرب التي جمركتها عرب القيسية


القافلة التي جمركها عرب القيسية هي قافلة الغرب وتعرف باسم قافلة فزان، القادمة إلى القاهرة، وهي تبعد مسافة 40 يوماً عن القاهرة بسير القوافل، وهي من القوافل التي تخضع لولاية طرابلس الغرب.
وتتعرض هذه القافلة عند اقترابها من مصر لفرض أتاوة عليها من قبل قبيلة أولاد علي القيسية من عرب سليم وبني هلال، حينما تكون المسافة ما بين أربعة أو خمسة أيام، وإلا تتعرض للنهب، ومن عوايد هذه القافلة التجارية أن تجلب لمصر البلح المكبوس (العجوة) والملابس والقماش وغالبه من الصوف والقبعات الحمراء التي تسمى الطرابيش والمعاطف المصنوعة من الصوف الأبيض وتسمى البرنس ومنها تصدر أغنام جيدة وتقدم هدايا للأكابر من العلماء والأمراء والملوك، وقد أهديت من هذه الأغنام لأولاد السلطان عبد الحميد، وتعود هذه القافلة من مصر محملة بقماش الكتان وحبوب الأرز التي تجلبها معها في العودة.
وكانت قوافل فزان التجارية تجلب لمصر ما بين 1000 و 1200 قنطار من تراب الذهب كل عام، وتعتمد مصر على هذه القوافل في تمويل تجارة الشرق من التوابل والحرير والأقمشة القطنية الملونة والبن.
وذكر علماء الحملة الفرنسية على مصر أن قبيلة أولاد علي تمكنوا من نهب قافلتين اثنتين قرب ولاية البحيرة (1)، وتعتبر قبائل أولاد علي من أهم قبائل العرب المسيطرة على الأراضي الواقعة غرب مصر حتى برقة وطرابلس، وكثيراً ما تقوم هذه القبيلة بالتربص للقوافل القادمة من الغرب (2)
وكانت فزان تحت نفوذ بني خطاب الذين أقاموا فيها دولة، بعد أن هاجروا إليها قادمين من برقة، وهم قوم من قبيلة هوارة بحسب ما ذكره المؤرخ ابن خلدون في تاريخه، وقضى على دولتهم الأمير قراقوش الناصري الأيوبي، كما كان في فزان قوم من بني سليم وهم بني سليمان بن ذياب بن مالك، وبني رياح من بني هلال، وقال الحموي عن فزان: ولاية واسعة بين الفيّوم وطرابلس الغرب، وهو في الإقليم الأول، وعرضه إحدى وعشرون درجة، بها نخل كثير وتمر كثير، ومدينتها زويلة السّودان، والغالب على ألوان أهلها السّواد.
وقال أحد علماء الحملة الفرنسية عن هذه الضرائب التي تفرضها القبائل العربية، إن هذا في حقيقة الأمر يتفق كثيراً مع نظام الضرائب عند بقية الأمم، أليست لنا نحن أيضاً قوانين صارمة بهذا الخصوص، وقال إن القافلة التي لا تدفع هذه المكوس قد تتعرض لخسائر كبيرة فتهاجم من قبل البدو ويؤخذ أفرادها عبيدا أو يشتتون في الصحراء (3)
ومنذ أن دخلت قبيلة بني عامر بن صعصعة بلاد الشمال الافريقي، أصبحت قبائل العرب تفرض كامل سيطرتها على حركة التجارة الإسلامية البرية والبحرية، وكانت قبائل بني هلال وبني كلاب وبني سليم وبني فزارة ومعهم بني هوارة ولواتة، تتناوب على ادارة تلك النواحي، وتقوم بجمع الضرائب والمكوس (جباية الرسوم) لصالح سلطان البلاد، فقد ذكر ابن خلدون أمراء العرب في تونس وبرقة والبحيرة والفيوم وكان غالبيتهم من بني عامر وخاصة بني هلال وبني خفاجة وبني كلاب تحديدا، ومن بني سليم، ومن بني هوارة، وذكر ابن خلدون في تاريخه المسمى كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في الصفحة رقم 1556 قال:
إن بني هلال وبني كلاب (وهما من قبائل بني عامر) كانوا يجبون الضرائب للسلطان، وبينهم حروب وفتن، وهم ما بين برقة والاسكندرية..
وقد ذكرنا أسماء العديد منهم، وللتذكير فقط هنا نورد بعض الأسماء:
الأمير سلام بن محمد بن سليمان الخفاجي العامري شيخ العرب في الصعيد
الأمير أبو ذئب السلمي شيخ بني جعفر في برقة من عرب بني سليم الذين منهم قبائل أولاد علي
الأمير بدر بن سلام ابن التركية أمير عربان البحيرة
الأمير عطالله بن عمر بن عزاز بن مقدم من بني سليم أمير العرب في برقة
ومن أمراء بني هلال في بلاد المغرب العربي منذ القرن الخامس الهجري نذكر
الأمير موسى بن يحيى الصنبري
الأمير مَسْعُود بن سُلْطَان بن زِمَام الذوادي الهلالي
الأمير عُثْمَان بن نصر الهلالي
الأمير  شبل بن موسى بن محمد بن مسعود
الأمير أبويحي بن احمد بن عامر الرياحي شيخ أولاد محرز
الأمير عطية بن سليمان الرياحي شيخ أولاد سباع.
الأمير يحي بن يحي الرياحي شيخ أولاد عساكر
الأمير حسن بن سلامة الرياحي شيخ أولاد عطية
الأمير الفقيه عبد الله بن محمد بن الأزرق الرياحي
الأمير حصين بن سباع الرياحي الهلالي 


---------------------
(1) ص253 وصف مصر- الحياة الاقتصادية، جيرار، ترجمة الشايب، 1978
(2) ص91، العربان ودورهم في المجتمع المصري، د. إيمان محمد عبد المنعم، 1997م
(3) ص298، وصف مصر - العرب في ريف مصر وصحراواتها، علماء الحملة الفرنسية، ترجمة الشايب، 1980م

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم