مذبحة عربان ابن خصيب وتشتيتهم

عربان ابن خصيب:
(ابن خصيب) نسبة إلى اسم حاكم أو والي هذه المنطقة في زمن سالف، وأما المقصود بعربان ابن خصيب هو سكان المنطقة البدو التي تُعرف منطقتهم باسم منية ابن خصيب، والعربان هنا هم البدو من قبائل العرب الذين كانوا يقطنون فيها، وهم عرب جلهم من القيسية المضرية وخصاصة من هوازن بن منصور وسليم بن منصور، ومن هوازن بن منصور قبائل ذات شهرة في تلك النواحي: وهم بني عامر وبني كلاب وبني هلال وبني خفاجة ونمير وعقيل وجعفر، ومن سليم بن منصور قبائل ذات شهرة في تلك النواحي ومنهم بني عوف وبني مالك وبني هيب وبني سنان وغيرهم .. 
هم عرب المنيا حاليا، وهي مدينة مصرية تُلقب باسم عروس الصعيد، تقع في مصر الوسطى على الضفة الغربية لنهر النيل، ومدينة المنيا مركز المحافظة التي إدارياً إلى 9 مراكز إدارية تضم 9 مدن و57 وحدة محلية قروية و346 قرية و1429 عزبة ونجع، بالإضافة إلى مدينة المنيا الجديدة.
وأهم المراكز: مغاغة- بني مزار- مطاي- سمالوط- مدينة المنيا- أبو قرقاص- ملوي- دير مواس- العدوة..
وقبائل عربان المنية قديما، من عرب القيسية وجلهم من قبيلة هوازن وبني عامر بن صعصعة وبني سليم..
وفي الوقت الحالي فإن عربان وقبائل المنية هم:
" الجوازي، الفوايد، الجلالات، الحسون، الفرجان، العبيد، اسعيط، العرفه، التراهنه، اولاد سليمان، الحضيرات، الحوته، العريبات، الخويلدات، امشيط، القذاذفه، الاشراف، الفواخر، المعازة، الحويطات، امطير، الربايع، العوازم، الجهمة، الحبون، العبيدات، الموالك، محارب، الجبالية، المشارقه، الدرسة، البراعصة، الاواجلة، المجابرة، والقبائل:  العمايم، الورفله، هوارة، اولادعلي، السمالوس، العواقير، الفواتير، اولاد الشيخ، المغاربة، اولاد وافي، القطعان، الهماملة، الجميعات، المقارحه المزاريع

أصل الحكاية:
في عهد ولاية محمد سعيد باشا ( من 24 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863 م) رفض عربان منية ابن خصيب التحاق أولادهم في صفوف العسكر ورفضوا مبدأ تجنيدهم من أساسه رفضاَ تاما، وقالوا بأنهم وعيالهم متعهدون بخفارة الدروب والجبال منذ ولاية محمد علي باشا الكبير إلى هذا العهد، فلا يصح إدخال أولادنا في مصاف العسكر..فألح عليهم الوالي محمد سعيد باشا فأصروا على رفضهم، وكانوا قبل ذلك عونا للوالي عباس باشا الذي كان يحرضهم على قتال أولاد علي، فأمر الوالي محمد سعيد باشا عامله مدير منية ابن خصيب بأنه لا يتهاون معهم في هذا الامر وشدد عليه، وحصلت مناقشات ومشاورات بينهم وبين مدير منية ابن خصيب، وبعد مهلة من المشاورات أبلغوا رأيهم النهائي بالرفض القاطع وحصنوا أنفسهم بالجبل الشرقي، ووصل الخبر للوالي محمد سعيد باشا، فاستشاط غضبا فأصدر أمره للعسكر بالرحيل إلى منية ابن خصيب وبني سويف، فسار إليهم العسكر وقاتلوهم أياماً كثيرة وتتبعهم الجنود في كل مكان وقتلوا منهم خلقاً كثيراً بلا رحمة أو شفقة وسبوا نسائهم وأولادهم وبناتهم وأحضروهم إلى الفيوم وبني سويف وأعطوهم للناس كالإماء والعبيد، وقبضوا على كبارهم ووجهائهم وأودعوهم في السجون، وكبسوا بيوتهم وصادروا متاعهم وكل ما يجدوه يأخذوه، وكان عربان منية ابن خصيب في سابق عهدهم أصحاب كلمة عظيمة وصولة كبيرة ومهابة بين الناس، فشتت الوالي محمد سعيد باشا شملهم ومزقهم شر ممزق وضربهم بالمدفعية وأفحش في قتلهم وخرب منازلهم وشرد كثير منهم إلى بلاد الشام وبلاد الحجاز، واختفى بقيتهم بين القرى والكفور ولبسوا زي الفلاحين وتكلموا بلهجة أهل القرى وتركوا لهجتهم البدوية، اختفوا تماما عن الأنظار والاخبار، وكان الرجل منهم قبل ذلك يأنف من مخلاطة الفلاحين والقرويين ويتعبر ذلك عارا وذلاً، ولكن بعد هذه الأحداث صار الكبير منهم لا يرى السلامة والنجاة إلا باللجوء لبيوت الفلاحين..
(ص 145-146 من كتاب الكافي في تاريخ مصر، الجزء الرابع، لـ ميخائيل، مكتبة مدبولي)

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم