النيران في تراث العرب

النار في القرآن الكريم: قال الله تعالى {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} صدق الله العظيم.. [ البقرة:17]

وقد وردت كلمة النار بهذا اللفظ في القرآن الكريم بنحو 139 مرة، بينما وردت الجنة 144مرة، وهناك أسماء أخرى للنار في القرآن الكريم؛ أعاذنا الله وإياكم منها؛ وهذه الأسماء وهي: الهاوية، واللَّظى، والحُطمة، والجحيم، وجهنَّم، وسَقر، والسَّعير، وسِجِّين.

فالنار: مثلها مثل أي مخلوق من مخلوقات الله، سبحانه وتعالى، خلقها الله كما خلق الأرض والسماوات والماء، وخلق الله من هذه النار، أكثر المخلوقات عداوة للإنسان، وهي الجن والشياطين؛ أعاذنا الله وإياكم منهم ومن ذراريهم.

فالنار نعمة ونقمة، نعمة من نعم الله حيث نستخدمها في إعداد ما يلزمنا من طعام وعتاد وسلاح وبناء وأثاث ونستأنس بها في الظلمات والبراري والأسفار ونستدفئ بها في ليالي البرد القارسة، ونقمة حينما نستخدمها بشكل خاطئ، وهي من أشد المخلوقات خطراً على الإنسان والمخلوقات الأخرى كذلك، أو على البيئة برمتها.

كان العرب ومنذ بدء حياتهم ومعيشتهم، يعتبرون نار الحطب، الوقود الرئيسي والأساسي والذي لا بد من وجوده، وكانوا يعتمدون على الحطب حتى يكونوا قادرين بشكل مستمر على ايقاد النار، لاعداد ما يلزمهم عليها، ولتكون هذه النار علامة ارسال وإعلام وقت وجود الضيف ووقت النجدة ووقت الحرب ووقت الفرح والحزن، وفي الأعياد والمناسبات.. إلخ، ولذلك تعارف العرب فيما بينهم على تقسيم هذه الإشارات حتى صاروا يعرفون اشارة هذه النار وعلامتها التي تدل عليه، ومن هذه النيران الشهيرة عندهم وفي تراثهم:

♨️أولاً أسماء نيران العرب حسب الغرض أو الهدف الذي أوقدت لأجله:

1- نار القرى: (نار الضيافة)

وتوقد من أجل اعداد طعام الضيوف وعابري السبيل، ويفتخر العرب دائما بأنهم أهل كرم، ومواقد نيرانهم التي يطهى عليها طعام الضيوف لا تنطفئ أبداً، حتى أنه من عوايدهم أن تكون نار الشق والديوان وبيت الرجل دائما مشتعلة يراها كل من يزور بيوتهم أو يمر بالقرب منها، كما أنهم كانوا يعاقبون البواقين والهماميل بمنعهم ايقاد النار.

2- نار الحرب:

وهي عبارة عن إشارة بالاستعداد والنفير 

3- نار الوسم:

وهي نار لتجهيز أداة الوسم التي يسم بها العرب ابلهم ودوابهم

4- نار المزدلفة:

وتوقد في موسم الحج ليراها من دفع من عرفة

5- نار التحالف:

ويطرح فيها الملح والكبريت وتعقد بجوارها التحالفات القبلية

6- نار الفرح (الأعراس)

وتوقد كاعلان ودعوة عامة للقبيلة أو الحي، حيث تقام الدحية وسباق الهجن والخيل مدة ليالي الفرح وتكون بالفرد 3 أو 5 أو 7 أيام وهكذا، وهناك أنواع أخرى لها عدة أسماء حسب الغرض الذي أوقدت لأجله وهي مشهورة منذ العصور القديمة

ومن المسميات أيضاً: نار الغدر - نار السلامة - نار الطرد - نار الأهبة - نار الأسد - نار السليم - نار الفداء - نار الاستمطار - نار الحرتين - نار السعالى - نار الحباحب - نار اليراعة - نار الحلفى - نار الزحف - نار العرفج - نار الشرف.

وقد استخدم العرب النار: في العلاج من بعض الأمراض مثل الأمراض التي تعالج بالكي، وكذلك في القضاء العشائري والكشف عن الجرائم أيضاً مثل "البشعة".

🔥 ثانياً: أنواع النيران من حيث الشكل:

يمكن أن نميز ثلاثة أنواع رئيسية من النيران كما يلي:

1. النار الهرمية:

وهي على شكل الهرم، وتكون ذات لهب مرتفع وحرارة مرتفعة وسريعة الاشتعال وسريعة الانتهاء، وهي من نيران القوافل والإعلام والحروب لأنها ترى من بعيد.

2. النار المتقاطعة:

وتكون أعوادها متقاطعة مع بعضها وشكلها تقريبا رباعي، ونارها قوية وسريعة، وهي من نيران الطهي

3. النار النجمية:

وهي على شكل نجمة متعددة الرؤوس، وتكون ذات حرارة متوسطة هادئة نوعا ما، وهي من نيران الحراس وتصلح للتدفئة والطهي.

ثالثاً: أجزاء النار:

" الشرارة، والحرارة، واللهب، والدُّخان، والجمر، والرماد والفحم". وحتى تشتعل النار فلابد من وجود ثلاثة عناصر وهي: الحرارة والوقود والأكسجين، وهذه العناصر الثلاثة مجتمعة تعمل على إشعال اللهب، ولكي يتم إطفائها فلابد من إزالة عنصر من هذه العناصر، ولذلك يستخدم الماء في عمليات الإطفاء.

وأما ألوان اللهب فهي تعبر عن شدة ودرجة قوة النار: اللون الأزرق قوية، واللون الأحمر أقل قوة، واللون الأصفر وهو أضعف درجة، وكذلك للدخان الناتج عن الاحتراق ألوان تعبر عن عملية الاحتراق ونوعها وشدتها، مثل الدخان المائل للأزرق والدخان الأسود والدخان الأبيض وهو أضعف الأدخنة ويعبر عن حالة ضعف واخماد اللهب.

وفي الختام / أتمنى لي لكم الهداية والطمأنينة والمغفرة والنجاة من نيران الدنيا والآخرة، ونسأل الله حسن الخاتمة اللهم آمين.

مراجع/

1)كتاب بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، الألوسي البغدادي.

2)كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي.

3) كتاب نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب، الأندلسي.

4) الأنترنت

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم