بدو الصحراء ونظامهم الغذائي:
من المشهور عن صفاتهم الجسمية,, نحافة الأجسام وخفتها,, وهو ما يسمى اليوم "الجسم المثالي"، لأن طعام البدو القدماء كان عبارة عن: غذاء أوجدته صحرائهم التي تحضنهم بحنان وعطف,, فالقليل من ألبان الماعز والإبل التي لا تتغذى هي الأخرى على أشياء مصنوعة وإنما مما تعطيه لها هذه البيئة النظيفة من الأعشاب التي هي أيضاً صحية وطبية وعلاجية، ثم القليل من اللحم البعيد كل البعد عن الهرمونات والأدوية التي نعرفها اليوم، ثم القليل من ثمرات النخيل تلك الشجرة المباركة التي أقرب ما تكون هي الأخرى للإنسان، ورفيقته في الصحراء، ثم أيضاً القليل من ثمرات فواكههم التي ترافقهم في صحراواتهم أو على هوامشها مثل التين والتين الشوكي والرمان والعنب والتوت والجميز، فأي غذاء أطيب من هذا، وأي نظام غذائي في العالم أفضل منه,, وأما الجزء الثاني من غذائهم فكان طبخ بعض النباتات العشبية الموسمية مثل الخبيزة والحميض أو الحمصيص في الشتاء والقثاء في الصيف,, لم يكن أهل البادية القدماء يأكلون الخبز إلا نادراً، حتى أن طريقة الحصول عليه في البداية كانت صعبة ونادرة، ولذلك لم يكن الخبز طعامهم الرئيسي كما هو اليوم ولا الأرز، إلاّ أنهم كانوا يحصلون على الشعير فيجعلون منه خبزا وليس في كل صحرائهم ولكن في بعض الأجزاء منها.
حتى أن الماء عندهم قليل، ونادرا ما يشربون الماء أو يستخدمونه، فهم يعوضونه بشرب اللبن والحليب في الغالب، ولم يعرفون شراب القهوة والشاي الذي يعتبر اليوم جزء من تراثهم، فهو جزء من التراث بالفعل، لكن ليس من التراث القديم، وإنما هو من تراث العصر الوسيط، فأما في عصورهم القديمة لم يكن يستخدمون السكر في نظامهم الغذائي ولا أي نوع من أنواع المعجنات والحلوى، ولا المشروبات المحلّاة بالسكر، ولا حتى الطعام المملح، فهم بعيدون كل البعد عن السكر والملح، وإن كانوا قد عرفوا أهمية الملح قديما في حفظ بعض الأطعمة، إلا أنهم نادرا ما يستخدمونها لأنفسهم، بل كان طعامهم طبيعي ومقتطف من البيئة على طبيعته دون أي تصنيع أو اضافة، وكان البدو يعرفون أهمية بعض النباتات العشبية فيجعلون منها شرابا لهم كوقاية وحماية للجسم ويشربونه بدلاً من الماء، لأن هذه المشروبات تجهز في الماء المغلي، والماء المغلي يصبح معقماً بعد الغلي فيقتل الطفيليات والبكتريا.
قواعد صحية؛
إذا فالقواعد الصحية التي تضمن للإنسان حياة سليمة تتمثل في:
1) التقليل من السعرات الحرارية: والسعرات الحرارية الكبيرة الضارة بالصحة غير موجودة في نظام البدو الغذائي، لأن السعرات الحرارية موجودة في الخبز والنشويات والحلويات والدهون واللحوم الحمراء والبيض، وليست هذه الأطعمة مطروحة بشكل رئيس في النظام الغذائي لأهل الصحراء، فالبعض منها كان غذائاً نادرا، فليس كما اليوم يعتمد الناس على الخبز كطعام رئيسي، ولم يكن أهل البادية يأكلون من هذه الاطعمة سوى الحليب فهو يرفع السعرات الحرارية ولكن لا تعمل على زيادة أوزانهم بفعل حركتهم الدائمة في أعماق الصحراء، وقلة عدد الوجبات الغذائية في اليوم الواحد ففي الغالب هي وجبة واحدة رئيسية، وقلة تناولهم لمثل هذه السعرات الحرارية والتي أثبت الطب الحديث أن ارتفاع السعرات الحرارية يؤدي إلى الأمراض وتبكير الشيخوخة وتقصير مدى العمر.
2) القاعدة الثانية توازن فيتامين د في الجسم: وهذا الفيتامين يلعب دورا أساسيا في صحة الإنسان، لارتباطه بمنظومة المناعة، وتعتبر حياة الصحراء ونظام أهلها الغذائي بيئة مثالية لتوازن فيتامين د في الجسم، لتعرض سكانها لكمية مناسبة وكافية لأشعة الشمس، ولتناولهم أطعمة غنية أيضا بهذا الفيتامين مثل الجبن والزبدة والبيض، ويعمل فيتامين د على تقوية العظام والأسنان وجهاز المناعة وقوة الجسم والبنية.
3) منع تراكم الكولسترول في الجسم: وهذا يتعلق بصحة الإنسان بشكل مباشر، حيث أن البدوي في بيئته الصحراوية يتناول بشكل مستمر ثمار الصحراء الطيبة مثل الرومان والتين والعنب والجميز والتوت وكلها تعمل على تحسين صحة القلب والدورة الدموية وتخفض مستوى الكولسترول وتعزز جهاز المناعة.
4) منع الإصابة بالسكري: لم يعرف أهل البادية قديما أمراض العصر الحالية الشائعة مثل مرض السكري، وذلك بسبب بيئتهم الصحية وتناولهم المستمر لشراب خاص كانوا يعدونه مطهرا للأمعاء والجهاز الهضمي مثل شراب البابونج والميرمية والشيح والعاقول وووالخ، ويتناولونها بشكلها الطبيعي دون اضافات أخرى لأنهم كما ذكرنا لا يتناولون السكر ولا الحلوى، وأخيرا أقر الخبراء بأن شرب الشاي الأخضر بصورة منتظمة يعمل على التقليل من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.
5) مبادئ غذانية صحية؛
عرف أهل الصحراء التوازن في تناول الطعام، وعرفوا بعض المبادئ والقوانين ومنها عدم تناول طعام السمك مع البيض أو اللبن مع السمك، ولا شرب الماء بعد الجماع، ولا شرب الحليب قبل الاستحمام، ولا أكل السمك قبل النوم، ولا شرب الماء بعد التعب والجهد، ولا الإكثار من تناول اللحم والدهون بشكل عام، ولا الإفراط في تناول الطعام، وعرفوا الأعشاب الطبية التي تساعد على الوقاية والعلاج فأكلوا الجمار (قلب النخل) وعرفوا الزنجبيل والثوم والبابونج والشيح، وفوائد عسل النحل، وفوائد الرطب وزيت الزيتون، والقثاء وخبز الشعير، واستخدموا البخور والحنظل في العلاج وكذلك حليب الإبل، وكانوا صادقين في قوانينهم ومبادئهم الصحية والغذائية.
تأثير هذا النظام على صحة أهل البادية؛
في الغالب وبحسب ما استنتجناه من مقتطفات الرحالة والباحثين والمؤرخين بأن سكان البادية القدماء، معمرين فهم يعيشون بصحة جيدة حتى 90 - 110 عاماً بالمتوسط ، وقد شوهد بعض البدو يخوضون الحروب بضراوة ويحرثون الأرض بنشاط وحركة دؤوبة وهم فوق سن 90 عاماً، ويتبارزون مع الشباب بكل جرأة.. وهم ايضا في هذا السن من العمر، فوق 90 سنة يركبون الإبل والخيل ويذهبون للصيد والسفر، ويحفظون الشيء الكثير من القصص والحكايات والقصايد والحكم، فهم ايضا يتميزون بعقلية ذهنية سليمة وقوية ..
وكثير جدا منهم يتميزون بسلامة النظر والبصر، وصحة الأسنان واعتدال القامة، لأن أجسامهم مثالية، ويأتي اهل الريف في المرتبة الثانية بعد أهل البادية.