تطور وسم الإبل عند القبيلة



تطور شكل الوسم من الأصول إلى الفروع.. في بعض قبائل بني عامر

من مميزات وخصائص القبائل العربية ما تتخذه من شعارات ورموز ووسوم وعلامات منذ القدم ومنها على سبيل المثال:

الرمز أو الشعار (كالسيف والنخلة والصقر والنسر والهلال ....الخ)والوسم والذي تسم به القبيلة دوابها وخاصة الإبل وهناك أسماء عديدة للوسوم سنرى منها بعد قليل عدة أسماء، ومنها وسوم بني هلال وبني عامر : ومن أسماؤها الهلال والمقرون والربابة والمربع والعرقاة...الخ

ومما ورد إلينا عن مسميات وسوم العرب قديما: مثل العلاط والخباط والبذح والمحجن والخطاف والمشط والخطام والمحلق واللحاظ واللهاز والحزة والجرفة والقرعة والقرمة والترعيل والأقبالة والإدبارة والخرق والشرق والصيعرية والظبي، وكانت هذه الوسوم قبل القرن الثالث الهجري، وهذه التي نسميها وسوم قديمة، وأما ما ظهر بعد ذلك في القرن الثالث الهجري وحتى يومنا هذا نسميها الوسوم الحديثة نسبيا مقارنة بتلك، إلا أنها جميعها وسوم لها تاريخها وتطورها التراثي والثقافي ..

أما الوشم وهو خاص بالنساء المتزوجات وهو عبارة عن نقوش ورموز، والراية وهي من عدة ألوان شكلت فيما بعد ألوان الاعلام والرايات التي تتخذها الدول العربية حالياً، واللباس او الزي  وكان يتميز كل قوم بلباس له مميزات خاصة ويمثل معظم الأزياء التي نراها اليوم في التراث العربي ..

فللوسم أي وسم كان، لا بد من أن له تاريخه الخاص، هذا التاريخ يستجيب بالطبع للعوامل التي تؤثر عليه، ولذلك لا بد أن يكون للوسم تطور تاريخي معين، مثله في ذلك مثل القبيلة نفسها فهي تتطور من حيث العدد الديموغرافي والكم الثقافي والكم التراثي وكذلك الزحف والتوسع بناءا على التزايد والنمو والتفرع والتقابل في الأنساب،ولذلك لها توزيعاتها الجغرافية، ومن هنا فإن الوسم يتطور ويتغير شكله.

فتتنوع وسوم الابل والانعام من شكل لآخر بالتزامن مع نمو الفروع من الأصول، لأن الفصيلة فرع من الفخذ والفخذ تتفرع من البطن والبطن تتفرع من العمارة والعمارة تفرع من القبيلة والقبيلة تتفرع من الشعب أي أن الشعب هو عدد من القبائل، والقبيلة المعمرة تتفرع إلى عمارات أدانها الفصيلة، ثم تنمو بمرور الزمن فتصبح قبيلة لوحدها وهكذا.

فيكون تطور الوسم من خلال تفرع وسم الإبل إلى قمسين رئيسيين:

1) الوسم الأصلي، سلطان السمة (سمة الجد) وهو الوسم الأصلي للقبيلة، أو هي العلامة الرئيسية للقبيلة الام، وهو أيضا مرتبط بما سبقه من وسوم أصلية سابقة للقبيلة هذه منذ بدايتها، أو بالأحرى مرتبط بتاريخ الوسم نفسه، فلابد للوسم من نشأة أو عوامل أدت لنشوئه وتكوينه وبروزه، ولا بد أن يكون تكاثر أعداد الإبل وتكاثر القبائل وازدحامها في مناطق الرعي سببا وراء قيام كل قبيلة بوسم إبلها حتى يتم التعرف عليها في حالة التيه والضياع أو الفقدان.

2) الشاهد/ العزيلة: وأصلها من كملة العزل، وهو الوسم الفرعي أو العلامة الفرعية التي تميز بها كل قسم من القبيلة عن إبل الفروع الأخرى.. والعزيلة تسمى عند أهل الخليج والشام " الشاهد" وفي ليبيا تسمى العزيلة، وفي السودان وتشاد تسمى " الفرزة"، ويضع كل شخص على إبله الوسم الرئيس، ثم يضع وسم فرعه "العزيلة" وإن شاء وضع علامة خاصة به.

والسمة الرئيسية للقبيلة قد تكون علامة وحدة مثل حلقة أو تكون علامتين اثنتين.. وتعدد الأشكال والرسوم من مثلث ودائرة ومربع وقطع مستقيمة وخطوط مائلة أو متقاطعة وأشكال أخرى متعددة متعارف عليها عند القوم.

وهكذا الوسم الأصل تتفرع منه وسوم أخرى، وفق ما يراه القوم حفظا وتمييزا لممتلكاتهم عن البطون الأخرى والمثال التالي يوضح تطور وسوم قبائل من بني عامر منذ عام ( 70هـ - 900 هـ ):

اذا للوسم عائلة خاصة به، وله تاريخ خاص به أيضاً، ويستخدم في علم الأنساب لمعرفة أصول القبائل العربية ومواضع هجراتها وتنقلاتها.

المطرق وهو بهذا الشكل (\ ) أو ( / )

ويبدو أن المطرق هذا من أقدم الوسوم عند العرب، وهو من الوسوم الواسعة الانتشار حاليًّا، قال اللُّغَويون: «نَعْجة مَطْرُوقة وهي التي تُوسَم بالنار على وَسَط أُذُنها من ظاهر، فذلك الطِّراق، وإِنما هو خطّ أَبيض بنارٍ كأَنما هو جادّة، وقد طَرَقْناها نَطْرُقها طَرْقاً، والمِيسَمُ الذي في موضع الطِّراق له حُروف صِغار»

ووسم المطرق أقصر من وسم العمود، والمطرقة في الأصل عصا قصيرة، و«الطريقة» عمود قصير، وكذلك الخط في الشيء . وعند العرب المتأخرين يطلقون على العصا المستقيمة تماماً مطرقاً ، ولعلّ المطرق في القديم هو ما يعرف بوسم «الخباط» فهو يحمل نفس وصف المطرق، فبعض القبائل الآن تطلق عليه لفظ «المِخْبَاط» و»المِخْبَط»، وهي العصا الرفيعة المتخذة للخبط، أي الضرب، والفرق بين المطرق والمخبط أن عصا المطرق أسمك وأقوى من عصا المخبط.

واعتبرت العصا بشكل عام - في عديد من الثقافات - أداة من أدوات السحر والسلاح، ويبدو أن العصا كانت ذات أهمية كبيرة لدى الأوائل؛ لتعدد استخداماتها، إذ قال عزّ وجل: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى﴾، [طه: 17، 18].

وعصا المطرق تستخدم رمزاً للظفر والقوة، والضرب، والحكمة، والوقار عند العرب، وكان خطباؤهم يتكئون عليها في خطبهم ، وضربوا بالعصا الأمثال، حتى إنهم رمزوا إلى الفرقة والاختلاف، بشق العصا، ووصفوا الرجل الضعيف بأنه (ضعيف العصا)، وقالوا للحسن السياسة بأنه (ليّن العصا)، وإلى الرجل العنيف في رعي الإبل بأنه صُلب العصا، ولعلّ تعدد رموزها راجع إلى تعدد استخداماتها.

وسم الحنية والهلال والمشعاب من وسوم قبائل بني عامر في شبه الجزيرة العربية، اضافة إلى وسم العرقاة والمقرون والمربع والمغزل وهو وسم حديث، على شكل عصا المغزل، اكتسب اسمه من ذلك، والوسم عبارة عن مطرقين متعامدين، يأتي المغزل في الفخذ والرقبة، وغيرها، ويأتي مغزلين، فيقال له «المغازل». عادةً ما يكون رأسا المغزلين متقابلين مختلفين في الاتجاه، وقد يعبر هذا الوسم عن رموز العصا؛ لأن المغزل في الأصل عصا.

أما وسم العرقاة/ العراقي (الصليب): وسم قديم، ما زال مستخدمًا، ويسمى أيضًا بالصليب لشكله، وهو خشبتان متقاطعتان في المنتصف توضعان على فوهة الدلو لسحب الماء ، ويبدو أنّ العرقاة ترمز إلى الحياة لعلاقتها بالدلو.

وسم(المغيزل أو المغزل) وهو من الوسوم الحديثة نسبياً، أي أنه من التطورات التي طرأت على تاريخ الوسوم عند العرب وربما هو منبثق عن المطرق ( \ ) حيث اضيف له علامة (العزيلة) فأصبح يأخذ شكل آخر ومسمى آخر.

والمغزل هو أداة خشبية تستخدم في غزل الصوف، وهو مشهور عند أهل البادية منذ القدم حيث يتم نسج قطع للأثاث مثل بيوتهم وفراشهم وأغطيتهم وملابسهم وأدوات الزينة التي تعلق في خيامهم وفوق خيولهم وإبلهم ..إلخ.

 ويرمز له بالشكل التالي (T) ويستخدم هذا الوسم قديما لوسم الابل به. (انظر الشكل المرفق في المقالة)

ووجد أن هذا الوسم المغزل أو المغيزل بكثرة في القبائل العدنانية القيسية والمضرية ومنها :

وسم البل (الابل) في قبائل عتيبة الهوازنية:

وهم اخوة قبائل بني عامر وبني سليم وبني هلال،، وجد هذا الوسم في مناطق متعددة في شبه الجزيرة العربية والشام، كما وجد هذ الوسم ايضا في العديد من القبائل التي كان لها علاقة مؤكدة مع قبيلة عتيبة في زمن حكم بني عامر في شرق الجزيرة العربية وخصوصا منطقة الاحساء..

وممن يسم المغزل على رقبة الجمل نذكر على سبيل المثال:

- المصابحة من بني ثور من الزكور من قبيلة بني سبيع بني عامر

- الجهوم من الزكور

- ال عاتب من سبيع 

الجهران - الشهمة من القريشات - آل بليدان من الجمالين من بني عمر

الحقبان من قبيلة العجمان - ابن لامي الجبلي من علوي 

الهويملات من بني عبدالله - والعفسه من واصل من بني بريه

الهدريس من قبيلة شمر، والحناتيش والدغمان والجذعان والجلاعيد من الدهامشه وبعض بطون الجبور من قبيلة عنزة

الرواجح من البقوم: وسمهم المغزل على فخذ الجمل، و الجنبه من البقوم: المغزل على الفخذ الايمن. 

والحناتيش. الحزمان والدلابحة والكراشمة والحماميد والغضابين والعوازم من قبيلة عتيبة الهوازنية..

وبني عامر والأشراف وبني سليم وبني هلال بن عامر بن صعصعة

ومن بني عامر: بني سبيع ومنهم بني ثور ومنهم الزكور ومنهم المصابحة والجهوم ووسمهم المغزل

وآل عاتب من السودة من الزكور ووسمهم المغزل(T)

والجهران من الفراعنة من الزكور ووسمهم المغزل

والشهمة من القريشات من الزكور ووسمهم المغزل

وآل بليدان من الجمالين من العمور ووسمهم المغزل

ابن لامي الجبلي من علوي من مطير ووسمهم المغزل

الهويملات من بني عبد الله من مطير ووسمهم المغزل

والعوازم من بني كلاب من بني عامر ووسمهم العرقاة (+)

و بني عامر الهلالية ووسمهم المغيزل والثاني اسمه الربابة (لاحظ الشكل المرفق)

والملالحة ووسمهم الربابة والثاني المربع 

العفسه من واصل من بني بريه ووسمهم المغزل

الهدريس من قبيلة شمر ووسمهم المغزل

الحناتيش والدغمان والجذعان والجلاعيد من الدهامشه وبعض بطون الجبور، ووسمهم المغزل

الحناتيش، الحزمان والدلابحةوالكراشمة والحماميد والغضابين والعوازم من الروقة من قبيلة 

عتيبة ووسمهم المغزل.

الحباب من برقا من عتيبة ووسمهم المغزل

ال صبيح ومنهم الظهيرات من بني خالد ووسمهم المغزل

أل خوران من المجاذمة من بني سليم ووسمهم المغزل

الأجاودة من الغوانم من بني سليم ووسمهم المغزل

ذوي حطاب من بني الحارث ووسمهم المغزل

ذوي غانم من بني الحارث ووسمهم المغزل

آل زيد من قبيلة الأشراف ووسمهم المغيزل.

المراجع..


1) كتاب الإبل، للأصمعي المتوفي سنة 216هـ

2) وسوم الابل في الجزيرة العربية حاضره وباديه ... للمؤلف / مساعد فهد نزال السعدوني المطيري.

3) المقابلات الشخصية 

4) الموسوعة الشاملة

5) الشبكة العنكبوتية

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم