الأخدود الإفريقي - الآسيوي

 

الإخدود الأفريقي - الآسيوي

من التكوينات الجيولوجية التي تنشأ نتيجة حركات الانكسار أو الصدوع في الطبقات الأرضية الصلبة، هو تكون الصدع أو الإخدود الأفريقي - الآسيوي العظيم، وسبب هذا التكوين هو حدوث حركات ضغط قوية في طبقات القشرة الأرضية الصلبة، مما أدى إلى حدوث الصدع أو الانكسار بين الطبقات الصخرية الصلبة ففصلهما عن بعضهما البعض بشكل متوازي مع هبوط ما بينهما مشكلا ما يعرف في الجيولوجيا بالصدع الإخدودي، وهذا الإخدود أو الصدع الكبير هو مثال لحركات الإنكسار التي تحدث في القشرة الأرضية..وتزخر صخور قشرة الأرض بالكثير من الكسور التي تكتنفها في كل الاتجاهات. وتتباين هذه الكسور في أحجامها، فمنها الشقوق والثلوم الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة. ومنها الانكسارات والفوالق الضخمة التي صحبها تزحزح وانتقال في كتل الصخور من موضع لآخر.

يطلق عليه في الجيولوجيا اسم الإخدود الافريقي العظيم - أو الشق السوري الأفريقي - أو حفرة الإنهدام السوري الأفريقي، والوادي المتصدع الكبير، والإخدود الأفريقي الآسيوي لأنه يمتد من شرقي قارة أفريقيا وصولا إلى غربي آسيا، ليشمل جنوبي تركيا تقريبا جنوب جبال طوروس شرق الأناضول مرورا ببلاد الشام والبحر الأحمر ثم وصولا إلى جمهورية زيمبابوي وكينيا وتوجد عدة ظواهر جيولوجية وجغرافية على جوانب هذا الإخدود العظيم منها بدء من قارة آسيا: نهر العاصي، وبحيرة وسهل العمق، ومنخفض سهل الغاب في سوريا، وسهل البقاع اللبناني ووادي التيم، وسهل الحولة وبحيرة طبريا ومرج بيسان، ونهر الأردن وغور الأردن والبحر الميت ووادي عربة شرقي فلسطين وغرب الأردن ثم خليج العقبة فالبحر الأحمر ثم منابع نهر النيل في افريقيا مثل بحيرة فكتوريا وتنجانيقا وبحيرة مالاوي وبحيرة نياسا

طول هذا الإخدود العظيم يصل لأكثر من 6 آلاف كيلومتر، وأما العرض فهو في تباين وتفاوت أقل عرض له في حدود 7 كيلومترات وأقصى اتساع نحو 20 كيلومتر، وأما أقصى وأبعد عمق له فيصل نحو 400 متر تحت مستوى البحر وهي توجد في البحر الميت ..

أهم الظواهر الجيولوجية لهذا الإخدود هي وجود بؤر الزلازل والهزات الأرضية على طول الامتداد الجغرافي لهذا الإخدود، ففي فلسطين الواقعة على الضفة الغربية لهذا الإخدود حدثت العديد من الزلازل ففي الفترة الواقعة ما بين عام 1202م - عام 1995م وقع حوالي 20 زلزال وهزة أرضية، وفي منطقة شرق المتوسط والبحر الأحمر فتشير المواقع المختصة برصد الزلازل بحدوث نحو زلزال أو اثنين بمعدل شبه يومي، كما تم رصد أكثر من 100 هزة أرضية من خلال مرصد الزلازل الأردني خلال الأيام الماضية فقط، وتعرض الأردن خلال القرن الماضي لعدة زلازل، أبرزها زلزال أريحا عام 1927، وحصل فيه دمار كبير وخسائر بالأرواح البشرية وقدرت قوته بـ6.5 درجات، وفي عام 1995 تعرض الأردن لزلزال بالبحر الأحمر وكانت قوته 7.3 درجات، وشعر به سكان خليج العقبة، ولم يسجل خسائر بالأرواح أو الأبنية، وحدث أيضا زلزال في البحر الميت عام 2004 قوته 5 درجات شعر به السكان بالشرق الأوسط، دون خسائر.

كما تعتبر مناطق جنوب السويس وشمال البحر الأحمر وخليج العقبة من المناطق التي تحدث بها مثل هذه الحركات النشطة للهزات الأرضية، وقد وقعت في مصر عدة زلازل ما بين الفترة الواقعة 1068م - 1995م بلغت نحو 7 زلازل، وفي سوريا وتركيا وقع أكثر من 20 زلزال مدمر منذ القرن الثاني عشر الميلادي..

الانكسارات "الفوالق أو الصدوع":-

تعتبر الانكسارات من الظواهر الشائعة في كل أنواع الصخور، وقد يحدث أن تتحرك الكتل الصخرية على طول انكسار حين ينشأ مباشرة أو بعد حدوثه بوقت ما. وأظهر ما تكون الانكسارات وضوحا في الصخور الرسوبية الطباقية، إذ يسهل فيها التعرف على الفوالق وقياس أبعادها.

ويمكن تمييز الانكسارات أيضا في الصخور النارية المندمجة غير الطباقية، خاصة حين تحتوي على عروق من المعادن تتزحزح من مكانها وقد تختفي محليا. ولهذا فإن دراسة الانكسارات في الصخور النارية لها أهميتها الخاصة من الوجهة الاقتصادية غير أهميتها العلمية.

الأهمية الجيولوجية لظواهر الانكسارات تتمثل فيما يلي:-

١- أنها تعتبر بمثابة شواهد لكثير من الأحداث الجيولوجية التي انتابت قسمًا أو آخر من الأرض أثناء تاريخها الجيولوجي الطويل.

٢- على جوانب الفوالق تظهر الطبقات الجيولوجية واضحة بينة، ومن ثم يتمكن الجيولوجي من دراستها وتقييمها.

٣- تمثل الكسور والفوالق مناطق ضعف في تركيب الصخور، ولهذا فهي تفسح المجال لفعل عمليات التعرية والتجوية.

٤- تؤثر الكسور والفوالق في دورة المياه الأرضية، إذ عن طريقها تتسرب المياه إلى جوف قشرة الأرض، وعن طريقها أيضا تتدفق المياه الأرضية إلى ظاهر الأرض.

٥- الظواهر الانكسارية أهميتها الكبرى من الوجهة الاقتصادية، إذ إنها تحمل الكثير من الرواسب المعدنية.

هذا ويمكن أن نميز بين نوعين من الكسور:

النوع الأول: ويسمى المفصل أو الفاصل، وهو الكسر أو الشق الذي يصيب الصخر دون أن يترتب على وجوده حدوث أي زحزحة أو انتقال في الطبقات أو الكتل الصخرية.

النوع الثاني: ويسمى بالفالق أو الصدع أو الانكسار، وفيه تتحرك الطبقات أو الكتل الصخرية وتتزحزح من مكانها على طول سطح الفالق.

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم