لماذا الحمام رمز السلام

لماذا الحمام رمز السلام
طائر الحمام استخدم في نقل الرسائل، فكان هذا الطائر الأليف أول من حمل رسائل الحرب والسلام، وكان هذا الطائر أول من دلَّ نوح عليه السلام والناجين معه ممن في السفينة إلى بر الأمان لترسو بطمأنينة، يوم الطوفان العظيم؛ هذا الطائر الأليف والمحب للإنسان، يشتهر بهدوئه الطبيعي، واحتجاجه السلمي ضد زملائه فهو ليس من الطيور العنيفة في القتال التي تريق الدم وتسبب الجروح، لأنه يغلب على طبعه الهدوء والحنان حيث يشترك الذكر والانثى معا في بناء عشه وحضانة بيضه بالتناوب وتربية صغاره حتى تكبر وتطير، كما أن الحمام من الطيور المخلصة للمكان الذي تعيش فيه وتتربى في كنفه، كما أنه من الطيور التي لا تتغذى إلا على بذور المحاصيل والأشجار والنباتات، فهو ايضا طائر نظيف لا يأكل القاذورات ولا الحشرات، ولذلك كله كانت الحمامة رمزا للسلام وهي تستحق ذلك..
قال القلقشندي: "وقد اختلف في الحمام في أصل اللغة؛ فنقل الأزهريّ «٢» عن الشافعيّ رضي الله عنه أن الحمام يطلق على كل ما عبّ وهدر وإن تفرقت أسماؤه، فيدخل فيه الحمام، واليمام، والدّباسيّ، والقماري، والفواخت وغيرها. وذهب الأصمعيّ «٣» إلى أن الحمام يطلق على كل ذات طوق كالفواخت والقماريّ وأشباهها. ونقل أبو عبيد عن الكسائيّ «٤» سماعا منه أن الحمام هو الذي لا يألف البيوت، وأن اليمام هو الذي يألف البيوت؛ لكن الذي غلب عليه إطلاق الحمام هذا النوع المخصوص المعروف.."
ثم هو على قسمين:
أحدهما ما ليس له اهتداء في الطيران من المسافة البعيدة.
والثاني ما له اهتداء، ويعرف بالحمام الهدي، وقد اعتنى الناس بشأنه في القديم والحديث، واهتم بأمره الخلفاء؛ كالمهديّ ثالث خلفاء بني العباس، والواثق، والناصر؛ وتنافس فيه رؤساء الناس بالعراق، لا سيما بالبصرة.."

الحمامة والحنين

ومن رموز الشوق والحنين الحمامة، ورمزية الحمامة كما وقعت في ضروب الشعر العربي، متعددة الجوانب كثيرة الأصول والفروع. ذلك بأن الحمامة رمز للمأوى ورمز للورد ورمز للنظر ورمز للخصوبة والأنوثة والوداعة ثم هي رمز للحزن والشوق والصبابة والبكاء ثم هي رمز للألفة للمشهور من تألف الحمام. وقد نعلم ما تلهج به العامة من نوح الحمام. ومن شعراء العصر أحسبه مُهاجرًا لُبنانيًا من يقول:

يا عروس الروض يا ذات الجناح ... يا حمامة

سافري مصحوبة عند الصباح ... بالسلامة

الحمامة وبكاء العشاق

أكثر ما ذكرت العرب الحمامة في باب التشبيه بسرعتها، وهذا وثيق الصلة برمزيتي الأصلين النوحي واليمامي، وما يتعلق بهما من معاني السقيا والنجاء والرجاء وخفة الحركة ورشاقتها وبعد مرمى النظر، وفي باب الرثاء وهذا هديلي الأصل..

فمن أمثلة ما قالته العرب في باب السرعة، بيت لبيد في المعلقة:

ترقى وتطعن في العنان وتتقي ... ورد الحمامة إذ أجد حمامها

وقوله في أخرى:

كأن سراعها مُتواترات ... حمام وارد قبل الحمام

حمامة نوح عليه السلام

قال الجاحظ في الحيوان على لسان صاحب الحمام  «أما العرب والأعراب والشعراء فقد أطبقوا على أن الحمامة هي التي كانت دليل نوح ورائده، وهي التي استجعلت عليه الطوق الذي في عنقها، وعند ذلك أعطاها الله تعالى تلك الحلية، ومنحها تلك الزينة بدعاء نوح عليه السلام، حين رجعت إليه ومعها من الكرم ما معها، وفي رجليها من الطين والحمأة ما برجليها، فعوضت من ذلك الطين خضاب الرجلين، ومن حسن الدلالة والطاعة طوق العنق».

حمامة الغار:

ومن المرويات في السيرة والتاريخ، تلك الحمامة الوحشية "البرية" التي أقامت عشها على فم الغار الذي لجأ إليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، إلا أن بعض الشيوخ من علماء الحديث والعقيدة ينفون ذلك ..

أسماء لخيول عربية قديمة:

 - (الحمامة) : فرس إياس بن قَبيصة الطائي.

 - (الحمامة) : فرس عباية بن شكس.

 - (الحمامة) : فرس قُراد بن يزيد من بني ربيعة بن قشير.

 - (الحمامة الصغرى) : فرس طليحة بن خويلد الأسديّ..

كتب 

1- طوق الحمامة أو طوق الحمامة في الألفة والألاف هو كتابٌ لابن حزم الأندلسي (توفي سنة 456هـ)

2- أطواق الحمامة في حمل الصحابة على السلامة، تأليف المؤيد العلوي "المؤيد باللَّه (توفي سنة ٧٤٥هـ) 

في الأمثال القديمة والحديثة:

1- النَّاسُ يَمَامَةٌ

اليمامة: طائر مثل الحمامة. وهي التي تألف البيوت، يعني أرْفُقْ بهم ولاَ تنفرهم.

2-  صَقْرٌ يَلوذُ حَمَامُهُ بِالْعَوْسِجِ.

يضرب للرجل المهيب. وخصَّ العوسج لأنه متداخل الأغصان يَلُوذ به الطير خوفا من الجوارح..

3- أشْجَى مِنْ حَمَامَةٍ.

يجوز أن يكون من شَجِىَ يَشْجَى شَجًى، أي حَزِنَ، ومن شَجَا يَشْجُو إذا أحْزَنَ.

4-  أَخْرَقُ مِنْ حَمَامَةٍ.

لأنها لا تُحْكِم عُشَّها، وذلك أنها ربما جاءت إلى الغصن من الشجرة فتبني عليه عشها في الموضع الذي تذهب به الريح وتجيء، فَبَيْضُها أضْيَعُ شيء، وما ينكسر منه أكثر مما يسلم..

في الصيد وقت الإحرام على من في الحرم

[ باب الحمام الأهلي]

 - قال عطاء: الحمامة الشامية ليس يصيد.

وكان مالك: يكره ذبحه للمحرم، الوحشي وغير ذلك.

وقال أصحاب الرأي: إن الحمام أصله كله صيد، فلا ينبغي للمحرم أن يذبحه.

وقد روينا عن عطاء أنه قال: في الحمام الشامي ثمنه.

والله أعلم بالصحيح من قوليه.

[ باب من أخذ حمامة ليخلص ما في رجليها فماتت]

قال أبو بكر: كان عطاء يقول: لاشيء على من أخذ حمامة ليخلص ما في رجليها فتموت.

وقال قتادة: عليه الجزاء.

وقال الشافعي: يحتمل ما قال عطاء، ولو قال لرجل: هو ضامن، كان وجهاً محتملاً.

قال أبو بكر: لا شيء عليه.

"  لو أخذ حمامة في الحِلِّ، أو قتلها فهلك فرخها في الحرم، ضمن الفَرْخَ؛ لأنه أهلكه بَقَطْع من يَتَعَهَّده عنه، فأشبه ما لو رَمَى من الحِلِّ إلى الحَرِم، ولا يضمن الحَمَامة؛ لأنها مَأخوذة الحِلِّ، وعلى عكسه لو أخذ الحمامة من الحرم أو قتلها فهلك فَرْخها في الحِلِّ ضمن الحمامة والفَرْخَ جَمِيعاً، أما الحمامة فلأنها مأخوذة من الحَرَمِ وأما الفرخ فكما لو رمى من الحرم إلى الحِلِّ، ولما جَمَعَ صَاحِبُ الكِتَاب بين الطرفين اقتصر في الحكم على ما يشتركان فيه وهو ضمان الفرخ، وسكت عن ضَمَانِ الحمامة."

• الشافعي [هق ٩٩٩٩] أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء أن غلاما من قريش قتل حمامة من حمام مكة فأمر ابن عباس أن يفدى عنه بشاة. الأزرقي [٢/ ١٣٤] حدثني جدي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن غلاما من قريش قتل حمامة من حمام الحرم قال ابن عباس: فيه شاة. 

"(هق) , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ جَعَلَ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ فِي كُلِّ حَمَامَةٍ شَاةً. صححه الألباني في الإرواء تحت حديث: ١٠٥٦..

في أسماء الرجال والقبائل والمواضع

- ابْنَ الْحَمَامَةِ: هُوَ هَوْذَةُ رَجُلٌ مِنْ سُلَيْمٍ؛ هو حبيب بْن حمامة السلمي، وقيل حمامة الأسلمي..

- ابن حمامة: هو عمر بن إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن بجاد بن موسى بن سعد بن ابى وقاص الزهري..

- حمامة بن زيري بن عطية ملك فاس.

- بنو حمامة بن محمد..

- حمامة بن المعز بن عطية..

- حمامة بن مظهر ..

- بنى حمامة من أزد عمان..

- الحمام: بطن من الحيوات، من زوبع، من شمر الطائية. ينقسم الى الأفخاذ الآتية: المحمود، الحميدي، الحامد، الجعدان، الجنديل، المحمد، الفارس، الحماد، العواد، العودة، العساف، والبكر..

- بلال ابن حَمَامَة المؤذِّن، من بني عفراء..

- حمامة: رملة معروفة أو أكمة، وقيل ماء، قال: أما الفؤاد فلن يزال موكلا ... بهوى حُمامة أو بريا العافر..

حمام على لفظ جمع حمامة: بلد لبنى طريف بن عمرو بن قعين من أسد..

حمامة على لفظ الطائر: ماء لبنى سعد بن بكر بن هوازن..، قال يعقوب: حمامة: ماء يختصم فيه بنو ثعلبة بن عمرو بن ذبيان وبنو سليم..وقال ابن دريد: حمامة: روضة معروفة، أو أكمة..

- حمامة قرية من قرى عسقلان في فلسطين، تقع على ساحل البحر..

أنواع الحمام:

للحمام أنواع وأسماء كثيرة جدا، ومنها الحمام البري أو الوحشي والحمام البلدي أو الأهلي أو الأليف، وله صور وألوان وأشكال وأحجام متعددة، وقد تم تصنيف الحمام لنحو 5 فصائل فرعية، تتوزع إلى42 طرازا، وتضم أكثر من 300 نوعا..

ومن أشهر أنواع وأسماء الحمام: حمام الزاجل، والحمام البلدي، والحمام الملك "الكنج" وحمام القلاب، والحمام المالطي، والحمام المولد، والحمام الجبلي والحمام الحلبي، والحمام الريحاني والحمام الهزاز، وحمام بخاري، والحمام البلجيكي، والحمام الهنغاري، والحمام الشامي، والحمام المصري، والحمام القزاز، وحمام الزينة، وأما الحمام البري ويسمى أحياناً الجمام واليمام والقمري ومنه الأحمر والرمادي والأرقط والأبيض والمطوق يعيش الحمام البري في مناطق متعددة منها ما هو قريب من المنازل ومنها ما يعيش في الغابات والحدائق ومنها ما يعيش في الجبال ويختلف الحمام البري أو الوحشي عن الحمام الأليف في أن الحمام البري متقارب في حجمه، بينما الحمام الأليف متباين في حجمه فمنه الصغير ومنه الكبير ومنه القصير ومنه الطويل..

أنساب الحمام:

فيما ذكره الجاحظ في كتاب الحيوان: "وقال صاحب الحمام: للحمام مجاهيل، ومعروفات، وخارجيّات، ومنسوبات.

والذي يشتمل عليه دواوين أصحب الحمام أكثر من كتب النّسب التي تضاف إلى ابن الكلبيّ، والشّرقيّ بن القطاميّ، وأبي اليقظان، وأبي عبيدة النحويّ، بل إلى دغفل ابن حنظلة، وابن لسان الحمّرة، بل إلى صحار العبديّ. وإلى أبي السّطّاح اللّخميّ، بل إلى النّخّار العذريّ، وصبح الطائيّ، بل إلى مثجور بن غيلان الضّبيّ، وإلى سطيح الذئبيّ، بل ابن شريّة الجرهميّ، وإلى زيد بن الكيّس النّمريّ؛ وإلى كلّ نسّابة راوية، وكلّ متفنن علّامة.

ووصف الهذيل المازنيّ، مثنّى بن زهير وحفظه لأنساب الحمام. فقال: والله لهو أنسب من سعيد بن المسيّب، وقتادة بن دعامة للنّاس، بل هو أنسب من أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه! لقد دخلت على رجل أعرف بالأمّهات المنجبات من سحيم ابن حفص، وأعرف بما دخلها من الهجنة والإقراف، من يونس بن حبيب.

وذكر القلقشندي: " كان عند أهل البصرة دفاتر لأنساب الحمام، كأنساب العرب، وكان العلماء الكبار لا يمتنعون من الاتجار والمنافسة به"، وذكروا أن حمام الرسائل كان يسمى المنسوب، ويقال أن المهدي كان يكتب أنساب الحمام، وكان عبد الله بن المختار العلوي قد عُين كاتباً لشرائج الحمام ولم يزل على ذلك إلى أيام المستعصم بالله وقد ضبط أنسابها في الدساتير، وقد حافظ عليه الخلفاء الفاطميون بمصر، وبالغوا حتّى أفردوا له ديوانا وجرائد بأنساب الحمام. وقد اعتنى بعض المصنفين بأمره؛ حتّى صنّف فيه أبو الحسن بن ملاعب القوّاس البغداديّ كتابا للناصر لدين الله العباسي..

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم