فرعون وقومه في القرآن الكريم

فرعون وقومه في القرآن الكريم
مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - من هو فرعون ومن هم قوم فرعون ؟ وهل فرعون الذي عاصر النبي موسى عليه السلام من الهكسوس؟! وهل الهكسوس من بني إسرائيل؟ وهل فرعون لقب أم إسم ؟! وهل هو اسم عربي أو مستعرب ؟ وهل فرعون موسى هو بالفعل رمسيس الثاني أحد أعظم ملوك الأسرة التاسعة عشر؟!
جاء ذكر فرعون مصر في القرآن الكريم الذي هو المصدر الأول والرئيس للتشريع الإسلامي؛ 
1- لقد جاء ذكر فرعون مصر بنحو 67 مرة، وورد ذكر سيدنا موسى عليه السلام نحو 130 مرة، وورد ذكر إسم مصر 4 مرات، ولما كان أعظم كتاب مقدس في تاريخ العالم، الذي هو كلام الله عز وجل، والذي هو بلسان عربي مبين واضح، والذي هو المصدر الأول في التشريع قد ذكر لنا فرعون ذي الأوتاد وبلد مصر فهذا يعني أنها جزء من تاريخ العرب وحضارتهم وبلدانهم، وجميعهم من عرق واحد وسلالة واحدة..
2- أخبار فرعون التي وردت في القرآن الكريم:
" كان الله سبحانه وتعالى قد أنعم على فرعون وقومه زينة وأموالاً ومدائن وخزائن في الأرض، وكان فرعون ذو الأوتاد والوتد معناها ما يثبت في الأرض وكان له ملك مصر، ولكنهم طغوا وفسدوا وادعى فرعون إنه إلهة قومه وربهم الأعلى والعياذ بالله، فبعث الله سيدنا موسى عليه السلام الذي ولد وترعرع ونشأ بينهم واعتنت امرأة فرعون نفسها بتربية موسى وأخيه هارون إلى فرعون وقومه لينذرهم، ولكن كذب به آل فرعون كمن كان غيرهم كذبوا بالرسل والمعجزات وبآيات الله، واتهموا النبي بالسحر والكذب، وأحضروا السحرة ليواجهوا بهم موسى ، وكان من زمرة فرعون قارون وهامان وجنودهم، فكان قوم آل فرعون مجرمين وظلمة وطغاة يسومون الناس بسوء العذاب ويذبحون الأبناء ويستحيون النساء، وبسبب ذلك، قد عذبهم الله بالقحط والجفاف ونقص الثمرات، ودمر الله بني إسرائيل الذين كانوا يصنعون فرعون وقومه، وأهلكهم ..
ثم أن الله غضب على آل فرعون وأغرقهم بالبحر، بسبب ذنوبهم، وحينما استشعر فرعون بالغرق والموت المحقق أعلن فرعون إيمانه ودخوله في الإسلام ، وأنجى الله القوم المستضعفين من عذاب آل فرعون وجنوده، وكان قوم موسى الذين آمنوا هم فئة قليلة من بني إسرائيل ومن قوم فرعون وكانت زوجة فرعون من المؤمنين، وكان الله سبحانه وتعالى قد ذكر فرعون مع قوم نوح وثمود وعاد وإخوان لوط الذين يشتركون سويا في الطغيان والكفر وتكذيب الرسل والنبيين، وهم من الأقوام الذي أنزل الله عليهم عذابا من السماء فأهلكم.."
3- هذه الأخبار والقصص التي وردت في القرآن الكريم، جاء ذكرها بلسان عربي مبين ليذكر الله بهم، العرب ويقص عليهم من تلك القصص عمن كان قبلهم من سكان هذه الأرض ونرى أن أحداث هؤلاء الأقوام تدور في اقاليم جغرافية واحدة متصلة تنحصر بين نهر النيل وانهار دجلة والفرات، هي نفس البيئة التي ينحدر منها العرب، الذين هم من ذرية نوح عليه السلام ومن ذرية إبراهيم عليه السلام الذي ينحدر من سلالته بني إسرائيل والعرب .. 
4- توضيح وتذكير بدرجة القرابة والعرق بين النبي موسى وآل فرعون :
- في الروايات التاريخية والدينية القديمة هارون أخو موسى، وأن قارون هو قريب للنبي موسى عليه السلام وهو من قومه أي من سلالة بني إسرائيل، وأن فرعون وهامان يترأسان القوم وفي يديهما مقاليد الرياسة والحكم، فهما إذا من نفس السلالة العرقية، وطالما أن هذه الأسماء المذكورة في القرآن الكريم هي أسماء جيمعا، فهنا لا يصح أن يكون اسم فرعون شاذا عن بقية الأسماء الواردة في القرآن كنوح وعاد وثمود وموسى وهامان وقارون وهارون كلها أسماء، إذا فرعون هنا إسم وليس لقب، كما أن هذه الأسماء لا يصح ولا يجوز أن نقول إنها أسماء وألفاظ أعجمية لأن هذا مخالفا للقرآن الكريم نفسه، لأنه نزل بلسان عربي مبين، وهذه الأسماء عربية وهي داخلة في لغة العرب ولسانهم وينطقونها قبل نزول القرآن الكريم عليهم..
- وهذه السلالة هي نفسها السلالة التي عاصرها سيدنا يوسف عليه السلام وهو قبل سيدنا موسى عليه السلام، والدليل والشاهد موجود في القرآن الكريم في قوله تعالى { وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيْمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَ} [الأنعام: 84] أي أنهم جميعا من ذرية سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد كان يوسف قبل موسى بأرض مصر وعمل عند ملكها الذي جاء اسمه في القرآن باسم "العزيز" وقدّر بعض المختصين بهذه الدراسات بأن الفترة الزمنية بين سيدنا يوسف وسيدنا موسى نحو 400 سنة، وأن العزيز كان ملك مصر في عهد يوسف عليه السلام، وأن فرعون كان يملك مصر في عهد النبي موسى عليه السلام، ويوسف ولد في فلسطين ونقله رجال يعملون بالتجارة إلى مصر، ومن قبل يوسف كان في فلسطين سيدنا سليمان عليه السلام، وقبله داود وقبل داود إسحاق وكان يسكن مع والده إبراهيم عليه السلام الذي قدم من العراق، وسكن في الخليل على بعد 35 كيلو متر من القدس، وفيها ولد سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام ورحل إلى مكة لينثر فيها ذريته الشريفة، ومن هنا يعطينا القرآن الكريم صورة واضحة لتلك الأعراق والحضارات القديمة التي ظهرت فيها النبوة والرسل ينذرون الناس حينما يتعاظم ظلمهم وكفرهم وطغيانهم، وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك الأقوام وكيف أهلكم وأنزل عليهم عذابه من السماء، فتلك الحضارات تعود لسلالة بشرية واحدة تمتد ما بين نهري دجلة والفرات في الشرق ونهر النيل في الغرب..
- التاريخ المشترك لتلك الحضارة على أقل تقدير 3700 سنة - 3500 سنة، في هذا التاريخ لم يكن سوى قبائل منتشرة ما بين العراق إلى مصر، وهذه القبائل تنظم علاقاتها الاقتصادية فيما بينهم بواسطة وسائل النقل والمواصلات التي كانت معروفة عندهم في ذلك الزمن، وبينهم نشأت علاقات مختلفة، ومن هذه القبائل والسكان الهكسوس وهم الذين تمكنوا من حكم مصر نحو 200 سنة، والروايات مختلفة حول أصولهم لكن القرآن الكريم لم يذكرهم، وهناك عدة روايات حول أصول الهكسوس ونشأة اسمهم  وتاريخهم، فيقال أن اسمهم هذا معناه؛ حكام البلاد الأجنبية، وقالوا معناه الحكام الرعاة، وقالوا معناه حكام البراري، والشاسو، وملوك الأقاليم، وقيل من العماليق.. كان وجودهم في مصر يرجع لنحو 3500 سنة لكن ليس لاسمهم هذا اي أثر في الروايات الدينية!، وللتفكر في هذا التاريخ نرجع لرواية الفترة الزمنية بين الأنبياء، حيث نجد: بين موسى وعيسى 1500 سنة، وبين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، 600 سنة فهذه 2100 اضافة لتاريخ الاسلام نحو 1440 سنة تكون النتيجة 3540 سنة مر على زمن فرعون مصر، وهنا تطابق ممتاز بين الروايات الدينية والروايات التاريخية والأثرية، ويضاف إلى هذه الفترة 700 سنة بين إبراهيم وموسى تكون النتيجة 4240 سنة من ضمنها تاريخ ظهور اللغة العربية الفصحى، وما دامت هذه الفترات متداخلة فيما بينها، ومتدرجة فهي تعطينا فكرة لا محال من التهرب منها نهائيا، ألا وهي اللغة العربية واللسان العربي هو تطور ونمو حضاري طبيعي لذلك الارث الحضاري والديني للمنطقة الجغرافية والحضارية ككل..
- إذا من هو فرعون؟!
ذكر ابن الأثير المتوفي سنة 606هـ أن فرعون مصر يقال أن اسمه الوليد بن مصعب بن الريان وهو فرعون الذي كان معاصرا لسيدنا موسى عليه السلام، وفرعون لقبه..؟! ولكن هذا هو من ذرية ملك مصر العزيز الذي كان في عهد يوسف عليه السلام وبينهما فترة زمنية تقدر بنحو 400 سنة ..
قلت فرعون اسم وليس لقب وهو قريب جدا من قوم موسى لأن الأنبياء يرسلون إلى أقوامهم، وتاريخه يبعد عن العصر الجاهلي العربي بنحو 2100 سنة، ويبتعد عن عصر الأنباط بنحو 1311 سنة، وفي نفس الفترة الذي كان فيها فرعون يحكم مصر كان في فلسطين ملوك كنعان وحدثت بينهم معارك في تلك الفترة مما يؤكد على وجود مصالح مشتركة وحضارة مشتركة بينهم، فاختلفوا عليها، وقد نذهب بتحليلات أكثر من ذلك لكن ما هو معقول من الناحية التاريخية والحضارية هو ان التاريخ مشترك والعلاقات موجودة، وبطبيعة الحال الأعراق ترتبط ببعضها البعض.. وليس أدل على ذلك من الأسماء التي توحي بقوة على أن لغة هذه الحضارات مشتركة أو ذات جذر مشترك ومن هذه الأسماء التي كانت في فترة زمنية واحدة: قارون، هارون، فرعون، اللطرون، اللجون، حبرون، حولون، النطرون، قلمون، قاسيون، هامان، عمران، وهذه الأسماء في مصر والشام ..
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم