مدينة درنة والفيضان المدمر

مدينة درنة والفيضان المدمر
مَوْسُوعَةُ الْهُلًاْلِيُّ - نقتطف مما ذكر عن درنة في المعاجم القديمة: درنة موقع على الساحلي الليبي غربي طبرق، حدثت فيه موقعة بين العرب والروم سنة 65هـ واستشهد فيها القائد زهير البلوي أمير افريقية، درنة موقع بالمغرب قرب أنطابلس من عمل باجة، ودرنة كانت مشهورة بصيد الأسماك،
وذكر أبو عبيد البكري المتوفي سنة 487هـ " وادي درنة نهر كبير ، وذكر الادريسي المتوفي سنة 560هـ درنة قرية قليل أهلها،  وقال ابن سعيد المغربي المتوفي سنة 685هـ ومن جبال برقة ينزل نهر  درنة ويصب في البحر المالح، ولم أر في جميع بلاد برقه نهراً غيره، وقال عنها كاتب مراكشي توفي في القرن السادس الهجري: "ودرنة بحيرة كبيرة ما بين مدينة باجة، ومدينة طبرقة"، وذكرها ياقوت الحموي المتوفي سنة 626هـ في معجمه:"دَرْنَةُ: موضع بالمغرب قرب انطابلس، قتل فيه زهير بن قيس البلوي وجماعة من المسلمين وقبورهم هناك معروفة، وذلك في سنة ٧٦هـ، وهي من عمل باجة بينها وبين طبرقة..

الموقع الجغرافي لمدينة درنة:

درنة مدينة ليبية ساحلية جبلية تقع على ساحل البحر المتوسط في شمال شرق ليبيا يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط. ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر. كما تعتبر ثاني كبرى مدن الجبل الاخضر بعد مدينة البيضاء ويشطر المدينة مجرى الوادي إلى شطرين وهذا الوادي يسمى وادي درنة وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة في ليبيا، وفي 2011 بلغ سكان مدينة درنة حوالي 80.000 نسمة تقريباً. وهي المركز الإداري لبلدية درنة.

وقد اشتهرت المدينة بموقعها وبأحراشها الجبلية حيث تسقى بمياه عذبة تتدفق إليها عبر قنوات الساقية من نبعين غزيرين أحدهما يعرف باسم عين البلاد، والثاني باسم عين بومنصور وهذا تنحدر مياهه من ربوة عالية إلى مسيل الوادي يسمى الشلال أو شلال بومنصور.

ولقد تغنى شعراء الفصحى وغير الفصحى بجمال درنة وبخضرتها النامية وظلالها الوارفة وبمائها العذب وهوائها العليل، كما أشادوا بكرم أهلها ورقة طباعهم. وتحدّث كتّاب وسياح عرب وأجانب عن أحيائها وآثارها وسماها بعضهم عروس ليبيا ودرة البحر المتوسط.

ترتبط درنة مع بلدة شحات بطريقين، الأول هو الطريق الرئيسي الداخلي المار بالقبة (وهو جزء من الطريق الساحلي الليبي)، والثاني هو الطريق الساحلي المار ببلدة سوسة، ورأس الهلال.

عاصفة دانيال:

أسوأ كارثة فيضان يشهدها العالم والوطن العربي :
في 10 سبتمبر 2023م دخلت عاصفة دانيال شرق ليبيا، وهطلت كميات كبيرة من الأمطار، مما أدى إلى امتلاء سدي درنة (سد أبو منصور، وسد البلاد) الذين يعلوا أحدهما 40 متراً، مما أدى إلى انهيارهما في اليوم التالي، فتدفقت المياه عبر الوادي وجرفت معها خمسة أحياء كاملة من المدينة، وتسبب في وفاة ما لا يقل عن 5,300 شخص (مرشحة للارتفاع)، وانهيار 30 كم من شبكة الطرق فيها..
كما أدى الفيضان المأساوي الكارثي إلى تدمير وتجريف وطمس ما نستبه 20% إلى 15% من أحياء المدينة ومعالمها وبيوتها، وحوالي 8% من جملة السكان هم ضحايا وحوالي 20%  من سكانها تهجروا، وقال شهود عيان أن درنة تقسم إلى عشرة مناطق جغرافية، نجت ثلاثة مناطق فقط من هذا الفيضان المؤلم، وأحياء درنة هي : "الساحل الشرقي، الساحل الغربي، البلاد، باب طبرق، المغار، باب شيحا، الجبيلة، الكوي وبو منصور، الفتايح، وادي امبخ.
وفي هذا المصاب الجلل والمحزن فإني أتقدم ببالغ الحزن والأسى لاخواننا في دولة ليبيا واهالي درنة بالتعزية الحارة لجميع الضحايا رحمهم الله وأسأل الله لهم المغفرة والرحمة وأن يسكنهم فسيح جناته، ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون..

وادي درنة:

 هو وادي نهر في ليبيا يمتد من جبال الجبل الأخضر إلى مدينة درنة الساحلية. مثل العديد من الأودية الأخرى في شمال أفريقيا، وهو مجرى تتجمع فيه مجموعة من السيول القادمة من جنوب درنة من مناطق المخيلي والقيقب والظهر الحمر والقبة والعزيات وتحط مياهها في هذا الوداي، فهو عبارة عن مجرى نهر متقطع لا يحتوي على الماء في معظم مجراه إلا عند هطول الأمطار الغزيرة. ويبلغ طول مجراه 75 كيلومترًا، ويصرف فيه حوض صرف مساحته 575 كيلومترًا مربعًا، وقد شهد هذا الوادي عبر تاريخه عدة فيضانات سابقة ومنها فيضان عام 1941م وفيضان عام 1959م وفيضان عام 1968 و 1969، وفي عام 2011م حدث فيضان آخر، 
لكن بعد هذا الفضيان المؤلم والكارثي أطلق عدد من الكتاب والإعلاميين على هذا الوادي أسماء تعبر عن حجم وآثار هذا الفيضان، ومنها اسم الوادي المخيف، ويوم القيامة، ووادي الأشباح، ووادي الموت..


              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم