حلف المحاش

حلف المحاش

قال ابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب
" بنو ضنة بن سعد بن هذيم"
ولد ضنة بن سعد هذيم: تميم، وغنم، وقطيعة، وعوذ، بطون، ويقال إن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، رهط عقيل بن علفة، والحارث بن ظالم، هو يربوع بن تميم بن ضنة بن سعد هذيم. والله أعلم.[ ص447]
عقيل بن علفة هذا ورد ذكره في قصة، بأنه كان قد ضرب رجل من بني سلامان وهم من عذرة حلفاء لبني حن، فعلى إثر ذلك، قام بني حن بالقبض على عقيل بن علفة هذا، وانتقموا من فعلته [ مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ج17، ص127)، لستُ ادري نسب عقيل هذا، إلا أنني أرجح أن الجميع مرتبطون نسباً أو حلفاً، لكن بني سلامان هو ابن سعد بن زيد ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة [ الإصابة في تمييز الصحابة، العسقلاني، م1، ص323]
 وذكر باحنّــان وكانوا يعرفون ببني ضنة في القرن السابع الهجري (جواهرالأحقاف ج 2 ص 222) وهم آل عمرو وآل مسعود ، وينقسم آل عمرو إلى : آل يماني ، آل سعيد ، آل عبدالشيخ ، آل مرساف ، آل سلمة ، آل قصير ، آل الركيز ، آل عثمان ، آل عمرو بن عيسى ، آل دحنان ، آل سعد ، آل السماح ، بيت خفر ، البواقي. وينقسم آل مسعود إلى : آل فلوقة ، العوران ، الحمارسة ، آل على بن أحمد ، آل شيبان، آل شملان ، الفرامصة ، آل زيدان ، آل محمد ، آل بلهندي ، آل عبودة ، آل الهيج"(جواهرالأحقاف، ج 2 ص 223) .
وعلى ذلك فإن نسب تميم هؤلاء قد وقع فيه التباس مع غيرهم، فالراجح أنهم في بني سعد هذيم ، وهم حلفاء بني عذرة بن سعد هذيم ( الأنساب، للصحاري، كما يلي: تميم بن ضنة بن سعد هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة، ويقال أن في قضاعة ضنتان وهما ضنة بني سعد، وضنة بني عذرة وكلتيهما من بني سعد هذيم، وقال الوزير المغربي في الايناس:
 " ضِنَّة " : في قُضاعة: ضِنَّة بن سعد بن زيد بن ليث ابن سُود بن أسْلَم بن الحافي بن قُضاعة.
وكان لتميم بن ضنَّة ابن اسمه: يربوع، من امرأة من بَليّ، فمات عنها فتزوجها بعده غَيْظ بن مُرَّة بن عوف بن سعد بن ذُبيان، فذهبت بيربوع، فانتسب إلى غَيْظ بن مرَّة، فلذلك قال النَّابغة الذُبياني يخاطب يزيد بن سنان بن أبي حارثة المُرِّيّ، في قصة قد استقصينا ذكرها في كتاب " أدب الخواصِّ " :
ولحقتُ بالنَّسَب الَّذي عَيَّرْتَني ... وتركتُ أصلك يا يزيد ذَمِيما
حَدِبَتْ عَليَّ بُطونُ ضِنَّة كلُّها ... إنْ ظَالماً منهم وإنْ مظلوما
وفيها أيضا: ضَنَّة بن عبد بن كبير بن عُذْرَة بن سعد هُذَيم، منهم: بنت عُذرة. وفيهم أخوة قصيّ بن كلاب بن مرَّة بن كعب ابن لؤيّ بن غالب، وفيهم: جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن الخَيَبرِيّ ابن ضُبيان. وهو ضَبِيس بن حُنّ بن ربيعة بن حَرَام بن ضنَّة. انتهى.
والأبيات السابقة للنابغة الذبياني وردت في ديوانه، يقول فيها:
جمع محاشك يا يزيد, فإنني
أعددت يربوعاً لكم وتميما
ولحقت بالنسب الذي عيرتني,
وتركت أصلك, يا يزيد, ذميما
عيرتني نسب الكرام, وإنما
فخر المفاخر أن يعد كريما
حدبت على بطون ضنة كلها,
إن ظالماً فيهم, وإن مظلوما
لولا بنو عوف بن بهثة أصبحت,
بالنعف, أم بني أبيك عقيما..
وفي ذلك يقول ضيف :
ونجد يزيد بن سنان أخي هرم بن سنان يطلق زوجه، وكانت ابنة النابغة، ويثير على عشيرتها يربوع عشيرتي خصيلة ونُشْبة، عاقدًا بينهما حلفًا سمي حلف المحاش، وما يزال بيربوع حتى يجليها عن ديارها إلى ديار بني عذرة، وفي ذلك يقول النابغة:
جَمِّع مِحاشَكَ يا يَزيدُ فَإِنَّني ... أَعدَدتُ يَربوعًا لَكُم وَتَميما
حَدِبَت عَلَيَّ بُطونُ ضِنَّةَ كُلِّها ... إِن ظالِمًا فيهِم وَإِن مَظلومًا
فلم تكن عشائر ذبيان على صفاء دائمًا؛ بل كثيرًا ما كانت تتحارب وتتقاتل ويعتزل بعضها بعضًا، وقد تترك عشيرة منازلها إلى منازل جيرانها، وكانت ذبيان كغيرها من قبائل غطفان تعبد في الجاهلية العزى وتتخذ لها كعبة تحج إليها، وتقدم لها النذر والقرابين، وقد هدمها خالد بن الوليد بأمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم. ومعنى ذلك أن ذبيان ظلت على وثنيتها حتى دخلت في الإسلام الحنيف.[ تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي، ج1، ص268]
ويذكر أن بني يربوع قد نزلت ديار عذرة، فأنجدتها عذرة وأفسحت لها في ديارها ومراعيها، ووقفت معها ضد نشبة بن مرة وغيظ بن مرة اللتين تحالفتا ضد يربوع.
 بني ضنة العذرية القضاعية، ومنهم متواجدين في وادي رخية بحضرموت ومنهم كذلك في شرق حضرموت وخصوصاً تريم وما حولها ولضنة ذكر طويل في تاريخ حضرموت الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري ...في كتاب تاريخ حضرموت لشنبل المتوفي سنة 902هـ
ومن المعروف أن إسم (بني ضنة) هو لقبيلتين الأولى (تميمية عدنانية) والثانية (قضاعية قحطانية)، لكن من خلال الربط وموطن قبيلة بني ضنة القضاعية القريب من مواطن قبيلة نهد القديمة (شرقي تهامة) ، فلا مجال للشك أن القبيلة المقصودة هي تلك القضاعية لا العدنانية، إذا ما تجاهلنا الرأي القائل بأن (كل) قبائل حضرموت قحطانية النسب ولا يوجد قبيلة عدنانية فيها.
لكن عوف بن بهثة: هو  عوف بن بهثة بن عبد الله بن غطفان بن سعد، وهناك اسم مشابه وهو عوف بن بهثة بن سليم، وبني ضنة أيضاً في بني عامر بن صعصعة منهم ضنة بن عبد الله بن نمير بن عامر، وقيل ضنة في بني أسد بن خزيمة، وضنة في الأزد، وهناك اسم ضبة في إلياس بن مضر، وضبة في قريش، وضبة في هذيل ولوحظ وجود خطأ في كتابة الاسم فمرة ضنة ومرة ضبة ..وعذرة المار ذكرها أيضاً ففيها في قضاعة عذرة بن سعد وعذرة أخرى في بني كلب وثالثة عذرة في بني غطفان، وففي الاسماء وقعت أخطاء لا تعد ولا تحصى ..
المحاش:
كملة المحاش بمعنى الحاشية، قوله جمع محاشك يا يزيد كأنه يقول جمع حاشيتك يا يزيد، وفي اللغة : قَالَ اللَّيْثُ المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ مِنَ الحَوْشِ وَهُمْ قَوْمٌ لَفِيفٌ أُشَابَةٌ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي المَحاشِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما فتحُه الميمَ وجَعْلُه إِيّاه مَفْعَلًا مِنَ الحَوْشِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالصَّوَابُ المِحَاشُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدةَ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ جَمِّعْ مِحَاشَك، بِكَسْرِ الْمِيمِ، جَعَلُوهُ مِنْ مَحَشته أَي أَحْرَقته لا مِنَ الحَوْشِ، وَقَدْ فُسِّرَ فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ أَنهم يَتَحَالَفُونَ عِنْدَ النَّارِ؛ وأَما المَحَاشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، فَهُوَ أَثاث الْبَيْتِ، وأَصله مِنَ الحَوْشِ وَهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وَضَمُّهُ.(لسان العرب، ابن منظور، ج6، ص292)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِنْ الحَشْوِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي المِحَاشِ إِنه مِنَ الحَشْوِ غَلَطٌ قَبِيحٌ، وإِنما هُوَ مِنَ المَحْش وَهُوَ الحَرْقُ، وَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي فَصْلِ مَحَشَ فَقَالَ: المِحاشُ قَوْمٌ اجْتَمَعُوا مِنْ قَبَائِلَ وتحالَفُوا عِنْدَ النَّارِ (لسان العرب، ابن منظور، ج14، ص181)
قال د.جواد علي: وقد ذكر أهل الأخبار حلفًا سموه: "حلف المحرقين"، وزعموا أن المتحالفين تحالفوا عند نار حتى أمحشوا أي: احترقوا, وأن يزيد بن أبي حارثة بن سنان, وهو أخو هرم بن سنان الذي مدحه زهير، يمحش المحاش، وهم بنو خصيلة بن مرة وبنو نشبة بن غيظ بن مرة على بني يربوع بن غيظ بن مرة رهط النابغة، فتحالفوا على بني يربوع على النار، فسموا المحاشّ بتحالفهم على النار. وزعموا أن المحاش القوم يجتمعون من قبائل شتى، فيتحالفون عند النار. (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، د.جواد علي، ج7، ص380).
قال في معجم قبائل العرب: المحاش بطنان من بني عذرة (معجم قبائل العرب، كحالة، ج3، ص1045)
وجاء في لسان العرب، حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمِحَاشُ، بِالْكَسْرِ: القومُ يَجْتَمِعُونَ مِنْ قَبَائِلَ يُحالِفُون غيرَهم مِنَ الحِلْف عِنْدَ النَّارِ؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
جَمِّعْ مِحاشَك يَا يَزِيدُ، فإِنني ... أَعْدَدْتُ يَرْبوعاً لكمْ، وتَمِيما
وَقِيلَ: يَعْنِي صِرْمةَ وَسَهْمًا ومالِكاً بَنِي مُرَّة بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيض وَضَبَّةَ بْنَ سَعْدٍ لأَنهم تَحَالَفُوا بِالنَّارِ، فسُمُّوا المِحاشَ. (لسان العرب، ابن منظور، ج6، ص344)..
إقرأ أيضاً... حلف تنوخ وحلف صحار..
              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم