شبه الجزيرة العربية قبل الطوفان

حينما نتناول دراسة وتأمل التاريخ بعيداً عن النظريات الجيولوجية والجغرافية..

شبه الجزيرة العربية، أرض العرب وقبل تكوين البحر الأحمر والمتوسط والمحيط الهندي، كانت كتلة من اليابسة تتوسط الكرة الأرضية، متصلة بهضبة الهند وبلاد العجم ومتصلة بهضبة الأناضول وبلاد الشام، ومتصلة بهضبة أثيوبيا وبلاد الحبشة، فلا فواصل مائية تفصل جزيرة العرب عما يتصل بها من يابسة.

أي أن بلاد العرب قبل تزحزح الكتل القارية وقبل تكون البحار والمحيطات، وربما كان قبل حدوث الطوفان، هي بلاد تتوسط مجموعة من الهضاب والمرتفعات التي تنحدر فوقها عدد من المجاري المائية، ولا بد آنذاك بمناخ مختلف تماماً، إذ أن توزيع وشكل اليابس الحالي وتداخل المسطحات المائية أحدث بالطبع تغيراً في مناخها، فجعل موسم سقوط الأمطار شتاءا في الشمال وصيفاً في الجنوب، وأدى إلى تباين في درجات الحرارة واختلاف في الضغط الجوي واتجاه الرياح، وبالطبع فإن تغيير المناخ يتأثر بشكل اليابس والماء، فعندما كانت بلاد العرب قبل زحزحة اليابس، ذات مناخ واحد، وتشر بعض الدراسات ( الأثرية) إلى وجود أثر لنباتات قديمة في وسط الصحاري العربية..

ولو قمنا بتصور الكتلة الأرضية لبلاد العرب بحسب ما وصفناه آنفاً، فربما وجدنا البيت العتيق مكة المشرفة والمسجد الأقصى في خط واحد، ينصفان الكرة الأرضية قبل الزحزحة إلى قسمين متساوين، يشكلان الدرب الأول لأول بشري على وجه الأرض، وهي ربما الطريق الذي سار فيها سيدنا آدم عليه السلام.
وهذا الأمر أو التصور ربما هو الذي جعل الرومان القدماء يرسمون القدس في وسط الكرة الأرضية، وهل كان المسجد الأقصى والكعبة المشرفة متجوارتان أي في موقع واحد، ثم حدث تمتد واتساع في الأرض فأبعدهما عن بعضهما إلى هذه المسافة، هذا أمر غير مستبعد لأن الله على كل شيء قدير.
ويجب علينا ألا نستبعد أو نستثني كلام الله المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو القول الحق المبين، وهو قول الله الذي خلق هذا الكون وأبدعه فلا يأتي أحد بمثله، ولا يستطع مخلوق أن يفسر قول الله جملة وتفصيلاً بشكل شامل كامل، فما زال العالم في جهل وضلال مما يعلمه الله، وما زال كلام الله معجزة باقية إلى نهاية الكون، ولذلك فمن غير المستبعد أن تكون بلاد العرب قبل الطوفان بشكل مختلف عما هي بعد الطوفان.
وقد قال الله تعالى:
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ۖ مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الأعراف 168)
وتشير هذه الآية إلى أن الله قطع الناس أمماً في الأرض، وهذا دليل على أن زحزحة الأرض حدث بعد الطوفان ففصلت الناس أمماً موزعين في قطع من الأراضي.
وقال تعالى :  حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ (يونس 24)
وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [ الرعد ﴿٣﴾]
وقال سبحانه: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (طه 53)
وتلك آيات الله ومهما أوتينا من علم، فلن نستطع أن نفسر كلام الله هذا كله، لن نقدر على ذلك، إلا أننا قد نتوصل لمعلومة بسيطة من خلال تلك الآيات الكريمة وهي أن الله قطع الناس أمما، وغيَّر الله الأرض وشكلها والناس فوقها وهم ينظرون فأخذت الأرض زخرفها أي شكلها الجغرافي والجيولوجي وما شابه، وأن الله سبحانه مد الأرض أي أن الله غيّر الأرض فتغيرت معاملها وامتداداتها بشكل مختلف عما كانت عليه قبل الطوفان العظيم.
والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير
استكمال وتوضيح البلاد العربية القديمة ..👉

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم